اسئلة في عناية الاحزاب الكردية في سورية ..

كاوى

تتابع الانتفاضات الشعبية الاخيرة في سورية فرض على الواقع السياسي في الداخل السوري تحولات جذرية في النهج السياسي وتسارع هذه الاحداث افرز مجموعة كبيرة من التحولات للحراك السياسي على المستوين التكتيكي والاستراتيجي كنتيجة منطقية لحتمية الارتباط الوثيق بالتغيرات التي حدثت في الخارطة الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط .

مما حدى بكافة حركات المعارضة الموجودة في هذه المنطقة بتحويل سياساتها وبرامجها الاعلامية والخطابية الى ما يتماشى مع هذا الواقع الجديد وذلك بما يرضي جمهور هذه الاحزاب والحركات من الكوادر المنتظمة ضمن الهياكل العاملة من جهة .

ومن جهة اخرى كحل (اسعافي) للحفاظ على القاعدة الجماهيرية وضمان الاستمرارية التمثيلية الادبية لا التنظيمية لهذه الاحزاب والحركات
وذلك باعتبار ان الاساس في قيام هذه الثورات المتلاحقة هي الجماهير المنتفضة لأجل كرامتها ورغبة الاكيدة في العيش بحرية ضمن مجتمع عالمي لم يعد يتقبل بشكل من الاشكال استمرار وجود الدكتاتوريات بكافة اصنافها بدءا من استبداد السلطات الحاكمة واستثارها بكافة نوحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول ومرورا بتسلط القيادات الحزبية على الجمهور الحزبي المنتظم اولا وعلى الداعمين لهذه الاحزاب من خارج التنظيمات الادارية لها ووصولا حتى الى التسلط الاجتماعي الموجود في ثقافة المجتمع الشرقي كدكتاتورية الاب او الاخ الاكبر ..
من هنا نركز على ما قامت به الاحزاب والحركات والتيارات السياسية المعارضة خارج سورية وداخلها عامة والاحزاب الكردية في سورية خاصة وما تقوم به من اجراءات على برامجها وسياساتها وخطابها المطلبي والاعلامي وذلك منذ بدء هذه الثورات والتحركات الشعبية لفترة تمتد لحوالي اربعة اشهر .
بالنظر الى الواقع السياسي الجديد في منطقة الشرق الاوسط يمكن تقسيم حركات المعارضة المنتظمة ضمن الاحزاب والتيارات الى ثلاثة اقسام رئيسة وهي .
اولا : حركات واحزاب حافظت على نمطها الكلاسيكي في الطرح السياسي لمطالبها دون اجراء اي تعديل او تغير لتظهر جمودها وعدم مرونتها للأحداث الجارية وظلت ملتزمة بالنهج التي رسمته لنفسها منذ اواسط القرن الماضي وبالتالي اثبتت عدم قدرتها على مواكبة النفس الثوري وجو التغيير السائد فسقطت سياسيا بعد ان برهنت على كونها اشبه بحجارة غير نفوذة وغير متعاطية مع الواقع
ثانيا : حركات واحزاب حاولت ركوب الموجة الثورية السائدة والظهور بمظهر القائد والمحرك للثورة مع انها لم تحرك ساكنا في كل الاحداث الجارية بل وكانت في الكثير من الاحيان تتبنى اراء وطروحات ازدواجية فهي في الواقع الاعلامي تتبنى الثورة من حيث الشكل وتختلف مع المضمون والتنظيم اما في الخفاء فتلجا الى التفاوض من النظام وكأنها صاحبة الثورة وتثبت قدرتها على كبح جماح الشعب من خلال تسويقها لبعض الافكار العاطفية لا السياسية للشباب الثائر ناسية او متناسية انها دخلت الفخ الذي نصب لها وفقدت مصداقيتها ومن كلا الجانبين الثوري والرسمي وهذه الحركات هي الاخطر على الثورات الشبابية
ثالثا : حركات وتيارات سياسية وشبابية استطاعت ان تنظم نفسها ضمن الحدث وتصبح جزء فعال فيه وهذه الحركات اما هي وليدة الحدث نفسه او تكتلات تجمعت من انشقاقات حدثت في النوعين السابقين للأحزاب انف الذكر عنهم بعد ان تبين للعديد من كوادرها زيق الادعاءات التي كانت ولا تزال تطالب بها .

وهذه الحركات هي التي يتم التعويل عليها لقيادة الثورة وتنظيمها ووضعها في الاطار المناسب للمطالب المحقة للشعب الكردي في سورية .
ومن هنا نصل الى السياسة التي تمارسها الاحزاب الكردية في سورية بدءا من لحظة انطلاق شرارة الثورة في تونس ومرورها عبر العديد من الدول ووصولها الى سورية ودخولها الى الاسبوع الثالث فالسؤال الملح الذي يطرحه الشباب الكرد المطالب بالثورة في سورية اين دور هذه الاحزاب من العملية الجارية في سورية ؟؟ واين القنوات السياسة لهذه الاحزاب ؟؟ (ان كانت تملك اصلا مثل هذه القنوات !!) ولماذا ظل الخطاب السياسي والاعلامي والمطلبي هو نفسه منذ تأسيس هذه الاحزاب ؟؟ الا تدرك القيادات السياسية لهذه الاحزاب ان الواقع السياسي في سورية والمنطقة مختلف عما كان عليه حتى قبل اربعة اشهر وهذا يفرض رفع سقف المطلب الكردي في سورية باعتباره شعب يعيش على ارض وطنه وباعتباره جزء اصيل من سورية .

فإما ان نكون جزء من الثورة السورية الشاملة ونتكاتف مع اخوتنا في درعا واللاذقية وحمص ودمشق ودير الزور وكل المدن والقرى السورية واما ان نعود الى الوراء الى اكثر من خمسين سنة ونعود للوقوع في نفس الخطأ التاريخي في التعامل مع الامتدادات الثورية العالمية .

فما معنى ان الاحزاب الكردية في سورية اصبحت الان صاحبة الحق (من نظر النظام السوري) ومطالبها كلها تستجاب وهي مدعوة للجلوس والتفاوض مباشرة من راس النظام السوري الم تكن هذه الاحزاب نفسها منذ عشرات السنين ومنذ عام 2004 لا بل قبل اربعة اشهر !! .

الم تكن هذه الاحزاب نفسها من تطلب الجلوس الى المحافظ كحد اعلى وكانت تقبل بالرفض السريع والمخزي !! .

ماذا جرى ؟؟ وماذا اختلف ؟؟ ام ان هذه الاحزاب تحاول ركوب موجة التغيير بما يحقق لها الظهور بمظهر البطل والقائد ؟؟ ما الذي قدمته حتى هذه اللحظة ؟؟ ام اننا بصدد افراز نوع جديد من الدكتاتورية الحزبية في منطقة كردستان سورية (وان كانت موجودة سابقا ولكن ليس بهذا الوضوح ) فما جرى في الاول من نيسان 2011 يكشف هذه النوايا غير المبررة نهائيا فما الفائدة من التعاون مع النظام السوري لواد الثورة في القامشلي من مهدها بحجة التخوف من العنف الممكن حدوثه في هذه المدينة وغيرها من المناطق الكردية .

الا يعلم قيادات الاحزاب الكردية ان الحصول على المطالب يتطلب بذل الغالي والنفيس ؟؟ الا يعلمون ان الخسارة الكبرى تكمن في تخلي الشارع عن قياداته ؟؟!! الا يتم قراءة الشارع بتمعن ووعي سياسي اكبر وربط كل ما يحصل في سورية والشرق الاوسط ككل واحد بدل من انتظار الوعود الفردية والجزئية والتي اثبتت زيفها وكذبها على مر السنين ؟؟
وهكذا نصل الى الطرح الاكثر خطورة امام هذه الاحزاب فالخيار الان هو اما ان تكون مع النظام او مع الثورة والشعب (المؤامرة من نظر النظام نفسه) حيث لا توجد اية مناطق وسطى تسمح لحرية التحرك لا للأحزاب ولا لغير الاحزاب والشعب قال كلمته وكذلك النظام فان كانت حربا فمرحبا بها .

وبالتالي اما ان تكون الاحزاب جزء من الثورة وادوات فعالة فيها جماهيريا وسياسيا واعلاميا او جزء من الأدوات المعادية لها وهذا ما يريد النظام الوصول اليه من شق وحدة الصف الكردي فهل سنصل قريبا الى شعار ينادي بان الشعب الكردي يريد اسقاط احزابه وننسى مطالبنا الاساسية في سورية ام ان الاحزاب ستعود الى صف الشعب الكردي

القامشلي 2-4-2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…