كلمة الرئيس وخيبة الأمل

حسين عيسو

كلمة الرئيس بشار الأسد أصابتنا بخيبة أمل كبيرة , بعد التوقعات والآمال التي بنيناها على تلك الكلمة , متوقعين أن سبب تأخيرها هي أن قرارات هامة خاصة بحياة هذا الشعب وكرامته ستصدر , لكن وللأسف يبدو أننا كنا مخطئين جدا بهذا الخصوص .

أول تساؤل لدي ولابد من قوله , هو كيف يقبل الرئيس الشاب أن يتحول مجلس الشعب الى مجموعة مهوسين – من هوسة – كيف وافق على أن يتحول هؤلاء الذين يعتبرهم ممثلين للشعب , الى مهرجين وهو الذي أقام في بريطانيا أعواما طويلة كما أعلم ,
 هل هناك أعضاء في مجلس شعبها أو عمومها أو لورداتها هرجوا للوزير الأول أو حتى لملكة بريطانيا العظمى , من الذي قال أن المناداة بالحرية لسوريا سبّب الفتنة , اذا ماذا يريدنا أن نكون , هل يريدنا سيادة الرئيس عبيدا , وهو يعلم أن العبيد لا يرجى منهم شيء , سيادة الرئيس نحن لسنا عبيدا واذا كانت المجموعة المحيطة بكم في مجلس الشعب حاولت القيام بهذا الدور , فالشعب السوري ليس كذلك , والتاريخ يشهد على ذلك , هل يعلم سيادة الرئيس أن هذا الشعب الذي أخبروه عن طائفيته , هو نفس الشعب الذي أعطى المسلمون فيه أحد مقاعدهم الى مسيحي بروتستانتي – فارس الخوري – حين أراد المحتل الفرنسي عام 1932 حرمانه من الترشيح بحجة أن ليس هناك مقاعد للبروتستانت , هل يمكن أن يتحول هذا الشعب الى طائفي ؟ , بماذا طالب شباب درعا واللاذقية وغيرها من المدن السورية ؟ هل نادوا بغير الحرية , وهل رفعوا في أيديهم سوى أعلام سوريا , وقلوبهم تنبض بحب سوريا , هل يعلم سيادة الرئيس ان من اتهم شهداء درعا واللاذقية بأنهم كانوا أدوات لمؤامرات خارجية , هم أنفسهم الذين قتلوا الشباب الكرد في القامشلي وباقي المدن السورية عام 2004 ثم اتهموهم بأنهم متآمرون وانفصاليون ونهبوا محلات الكرد التجارية , في شراكة واضحة مع البلطجية واللصوص , صحيح أن الرئيس برأ الكرد من تلك التهمة , لكنه لم يتخذ أي إجراء قانوني ضد القوى الأمنية ولصوصهم , ولعدم مساءلتهم عن تلك الجرائم , نراهم اليوم يكررون نفس تلك الأفعال ضد أبناء درعا وغيرها من المدن السورية, ويستخدمون نفس التهم , وغدا سيعيثون الفساد في كل مكان من سوريا , وحينها سيكون أوان الإصلاح قد فات , بعد أن يكون الدمار قد حل بهذا البلد الجميل , ان من يثير الفتن والنعرات الاثنية والطائفية اليوم , هم المستفيدون من بقاء الحال على ما هو عليه , وهم جاهزون لفعل أي شيء في سبيل تحقيق مصالحهم الأنانية .

     كنا نراقب الثورتين التونسية والمصرية , ورأينا كيف أن ما يسمى بالقوى الأمنية ورجالات الأحزاب الحاكمة ومجالس الشعب والشورى , كيف تركوا باخرة السلطة قبل الغرق وانضموا من جديد الى الثوار , ان هؤلاء لا يهمهم شيء ولا يفهمون سوى مصالحهم الخاصة , هل يمكن الاعتماد على أمثال هؤلاء , ان خدمة مصالح سوريا ومستقبلها هو بالاعتماد على أولئك الشرفاء الذين قالوا “لا” وقدموا حياتهم ضريبة لذلك , وليس من أطلقوا الهوسات في مجلس الشعب , كلنا يتذكر أنهم أنفسهم من كانوا يصفقون لخدام , ويوم هروبه وجهوا له أشنع التهم والشتائم !.
أقول لرئيسنا الشاب وهو طبيب العيون , أتمنى أن تنظر في عيون مستشاريك لتعرف حقيقتهم , ويومها ستعلم أن كل ما ينقل إليك غير صحيح , ومعاناة الشعب لم تعد تحتمل , أحب بلدي , ومع أني أتكلم من الداخل السوري …..أكرر , أتمنى أن يسمع الرئيس هتافات الناس وما يرددونه فهم الصادقون .

  

الحسكة في : 31 آذار 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقطات من المسافة صفر: يقف عند باب منزله في الشيخ مقصود، ذات صباح أسود، وهو يحدق في الجدران التي شهدت تفاصيل حياته. على هذا الحائط علّق صورة عائلته الصغيرة، وعلى ذاك الركن كانت أول خطوات طفله. كل شيء هنا يروي حكاية وجوده، لكن اللحظة الآن تعني الفقد. جمع بضع” حاجيات” في حقيبة مهترئة، نظراته ممتلئة بالحزن، وكأنها تقول…

عبدالرحمن كلو يبدو أن منطقة الشرق الأوسط أمام معادلة توازنية جديدة وخارطة علاقات أساسها أنقاض المشروع الشيعي العقائدي المهزوم. ويمكن تسمية المرحلة على أنها مرحلة ما بعد هزيمة دولة ولاية الفقيه. فحرب غزة التي أشعلتها إيران نيرانها أشعلت المنطقة برمتها، ولم تنتهِ بصفقة أو صفقات كما توقع البعض، إذ خابت كل التوقعات والمراهنات بما في ذلك مراهنات البيت…

قهرمان مرعان آغا تقع موصل على خط العرض 36.35 على إمتداد إحداثيات موقع حلب 36.20 بالنسبة للحدود السياسية التركية جنوباً ، والنظر إلى الخريطة تفيد إنها تقع على خط نظري واحد و تعتبر تركيا هذه المساحات مجالها الحيوي منذ تشكلها كدولة إشكالية سواء من حيث الجغرافيا أو السكان وتتذرع بحماية بأمنها القومي و ضرورة رسم منطقة آمنة لها ، لكنها…

إبراهيم اليوسف إلى أين نحن ذاهبون؟ في الحرب الغامضة! ها نحن نقف على حافة التحول المباغت أو داخل لجته، في عالم يغمره الغموض والخداع، في مواجهة أحداث تُحاك خيوطها في غرف مغلقة لا يدخلها إلا قلة قليلة. هذا الزمن، بملامحه الغامضة، رغم توافر أسباب وضوح حبة الرمل في قيعان البحار، ما يجعلنا شهودًا على مأساة متكررة…