حزب آزادي يجمد عضويته في الجبهة الديمقراطية الكردية

 بيان توضيحي حول أسباب تجميد عضوية حزبنا في الجبهة الديمقراطية الكردية

لا شك أن الشارع الكردي بات على معرفة تامة بدواعي وأسباب انطلاقة آزادي، حيث الخروج من حالة التشتت والتشرذم، والرد على مقومات المشاريع التي تهدف إلى زرع الشقاق في البيت الكردي، إضافة إلى ما يحاك في المطابخ الشوفينية من سياسات ومشاريع بحق الكرد، لا يمكن ردعه والتغلب عليه إلا من خلال إعادة النظر في جملة من الممارسات والسلوكيات، وكذلك الأداء السياسي الحزبي الكردي، ولا نغالي إن قلنا بأن كل ذلك، إضافة إلى المصلحة الوطنية والقومية،

وما شكلتها انتفاضة شعبنا في الثاني عشر من آذار من نقلة نوعية في الوعي الكردي، بحكم إحساس الإنسان الكردي بأنه مستهدف من قبل الثقافة الاقصائية في مجرى التغييرات التي تتبلور في المنطقة، قد شكل دافعاً وركيزة لانطلاقة آزادي كحزب سياسي، يحدوه الأمل في أن يؤسس لمرحلة وخطاب سياسي يجسد عبرها ومن خلاله مقومات الرؤية الكردية في فهم وتفهم ما هو مطلوب من استحقاقات
وحيث أن الشعار المبني على قاعدة « الديمقراطية للبلاد والاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد » والذي جسده المشروع الوحدوي في بيان الانطلاقة، قد عبر بوضوح عن رؤية آزادي في الجانبين الوطني والقومي، وشرح كذلك هوية هذا الوليد من أنه ينتمي إلى قضية أرض وشعب، تم تجزئته بموجب الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وإلى الحاضنة السورية كوطن ينبغي أن يكون لكل مكوناته، من حيث الوجود والحقوق والواجبات، دون استلاب أو اقصاء أو احتكار سواء للوطن أو للسلطة، وبالتالي النضال من أجل تحقيق ذلك الشعار عبر الوسائل النضالية السلمية، وبكل أشكاله، من تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ..

إلخ .

لاحظنا مدى الفتور الذي أبداه غالبية القوى الكردية حين الإعلان، وإن كنا نعي حقيقة أن الإعلان عن مثل هكذا خطوة وحدوية ستشكل ضربةً موجعة سواء للمشاريع التي تهدف النيل من الوجود القومي الكردي، أو للذهنية التي تحتضن عوامل التشرذم والانشقاق في صفوف الحركة الكردية، ولكن كان الأمل يحدونا في أن تتفهم مجمل القوى الوطنية والكردية، بأن خطوة آزادي هي بمعزل عن مواجهة من هم شركاءنا في النضال، بل هي خدمة حقيقية تصب في مجال الارتقاء النضالي ليس إلا ..

والكل يدرك أيضاً بأن بيان الإعلان قد تضمن فقرة تؤكد على استمرار آزادي العمل في إطار الجبهة الديمقراطية الكردية، كإطار جامع لبعض الفعاليات والتوجهات، حيث أن الحاجة النضالية، وبحكم حالة التشتت، تقتضي العمل تحت سقف سياسي، يمهد الطريق أمام تقاطعات سياسية وتنظيمية، من شأنها توحيد الآليات وتنظيم الفعاليات، ولكن شريطة الالتزام بالقضايا التي انبثقت من أجلها، والانسجام مع مسوغات وجودها ..

وحين قررنا القيام بمسيرات سلمية في كل من قامشلو وكوبانية، كرد عملي على ما تمارسه السلطة من سياسات شوفينية واضطهاد قومي بحق الشعب الكردي، ولإيصال رسالة إلى مؤتمر حزب البعث، كونه كان على وشك الانعقاد، وكذلك استنكاراً لاغتيال الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي، كانت المفاجأة بالنسبة لنا ليست ممارسات السلطة ومواجهتها القمعية للمسيرة، أو الترتيب لاجتماع (جرمز) بتاريخ 4/5/2005 من قبل بعض الأوساط، الذي هدف إلى تقويض قرارنا ومواجهة المسيرة، ومهد الطريق لاتهامنا والأخوة في يكيتي بأننا نشكل التيار المتطرف في الحركة الكردية، بقدر المواقف المتشنجة التي أبداها الإطارين الكرديين – التحالف والجبهة – بعد اجتماع قامشلو بتاريخ 6/6/2005، وبحضور البعض من أطراف اجتماع جرمز، وإدانتهما للخطوة النضالية التي أقدمنا عليها، هذا الاجتماع الذي كرس محاربة توجهات حزبنا وأدائه النضالي، في الوقت الذي كنا نأمل من (الكل الكردي) مساندة خطوتنا، والوقوف إلى جانب خيارات شعبنا، بعيداً عن التفكير الحزبي الضيق، واتهام أية خطوة نضالية إذا ما خرجت عن المألوف الحزبي المتوارث بالتطرف، مع أننا لسنا في وارد دفع تلك التهمة عن أنفسنا بقدر قناعتنا بأنه لا وجود للتطرف في الحركة الكردية، كونها سليمة الأداء وديمقراطية التوجه، وإن اختلفت أشكال النضال ..

وعلى الأساس ذاته – تهمة التطرف – جاءت محاولة البعض لتحييدنا عن مناقشات المشاريع التي طرحتها القوى العربية من بيان مشترك ووثيقة إعلان دمشق، واللتان شكلتا – حسب وجهة نظرنا – مأزقاً حقيقاً في الجانبين السياسي والمعرفي، وعلى المستويين القومي والوطني، بالنسبة للأطر والقوى التي أعلنتها ..

وكل ذلك يجري دون أن تأخذ الجبهة في اعتباراتها بأننا كحزب نشكل طرفاً من أطرافه، وأننا كنا قد طرحنا عليهم فكرة القيام بالمسيرات قبل الإعلان عنها التزاماً منا بأخلاقيات العمل المشترك في الإطار الجبهوي..

وبعد الإعلان عن وثيقة ( إعلان دمشق ) وقراءتنا للوضع بأنه يتجه نحو احتواء القضية الكردية كقضية أرض وشعب في إطار المواطنة، وما لمسناه من نفس التوجه في اللقاءات التي جمعت بعض القوى الوطنية في حلب، جاءت مبادرتنا بتاريخ 17/11/2005، التي كانت تهدف إلى : « 1- توحيد الموقف الكردي، وتوحيد الخطاب السياسي الكردي، حول القضايا الراهنة .

2- وضع آلية عمل موضوعية تخدم الموقف الكردي والخطاب الكردي، وتساهم في تعزيزهما وتطويرهما .

3- صياغة وثيقة سياسية كردية تتضمن الرؤية الكردية الموحدة لقضية الشعب الكردي القومية وللمسائل الديمقراطية والوطنية في البلاد.

4- توفير المناخ الإيجابي، وإيجاد الأرضية المناسبة للبدء في حوارات جادة، من أجل إنجاز إطار كردي شامل لمواكبة التطورات ».

والتي – المبادرة – لم تلق الاهتمام من قبل الإطارين الجامعين، واقتصر الحضور في اجتماع قامشلو على حزب يكيتي والحزب الديمقراطي الكردي السوري والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) «الحليف» وحزبنا..

وفي اجتماع اللجنة المركزية الذي انعقد بعد اجتماع قامشلو المنعقد في 24/11/2006 مباشرة، كان قرارنا بتفعيل وتعزيز دورنا ضمن إطار الجبهة، مع أن حلفاؤنا في الجبهة كانوا يروجون لقرارهم بتجميد أو تجاهل وضعنا في الإطار، وقد جاء قرارنا كتأكيد منا على مصداقيتنا تجاه مبادرتنا، وإيماناً منا بأن هذه الخطوة إذا ما أريد لها أن تتكلل بالنجاح، فلا بد من أن نرتقي بالإطار الجبهوي، وذلك بغية الارتقاء النضالي بآليات العمل السياسي الكردي، كوننا – كنا وما زلنا – على قناعة بأننا لسنا الوحيدين في الساحة، ولسنا الوحيدين في رسم السياسة الكردية، بل هناك من يشاركنا في قراءاته للمستقبل، وكل بحسب حجمه وموقعه ومواقفه ..

وقد أردنا لذلك القرار أن يكون حياً وقابل للتفاعل، حيث ناشدنا الرفاق في الحزب قراءة القرار من خلال المصلحة القومية وليست من زاوية الأنا الحزبية، وذلك بحكم الرؤية التي كانت تسيطر على جسم الحزب بأن الآليات المتوارثة في العمل السياسي الحزبي، وخاصةً في الإطارين الجامعين، لا تمتلك مقومات احتواء ما يجري على الساحة من تغييرات، ولا تمتلك كذلك قدرة التفاعل مع الاستحقاق القومي الكردي ..

ولكن ومع شديد الأسف فإن حلفاءنا لم يتجاوبوا أو يتعاملوا مع قرارنا بموضوعية سياسية، وإنما كان الواضح من جانبهم هو محاولة تعطيل دورنا أو احتواء مواقفنا ..

وحين تم مناقشة المشروع الذي خولنا كتابتها اجتماع قامشلو في الإطار الجبهوي في أول اجتماع له، وما اتفق عليه الجبهة على أن يكون المشروع متبنياً من قبل الإطار، تفاءلنا خيراً وحاولنا الاستمرار في السياق ذاته، دون أن نفكر لحظةً واحدة بأن هناك من يحاول استغلال اللحظة ليروج لبعض الشائعات، والتي هي على شاكلة أن حزب آزادي بقرار تفعيل وضعه ضمن الجبهة، قد أصبح من الموقعين على إعلان دمشق، أو أن يذهب آخرون – كرد فعل – في الاتجاهات التي تسيء ليس لحزبنا، وإنما للخطوة الوحدوية التي أنجزناها، ومع ذلك آثرنا الاستمرار، لأن الهدف من وجهة نظرنا كان أسمى من كل تلك الإشاعات، ونحن ننتظر الرد على مشروعنا المقدم للمناقشة، إلى أن جاء بعد شهور من الصبر وبحلة لا صلة له بما كنا نبتغيه، خاصة الفقرات المتعلقة منه ببعض الحقائق، علاوةً على إحساسنا بأننا شكلنا بقرارنا – تفعيل وتعزيز دورنا ضمن الإطار الجبهوي– ضيفاً ثقيلاً على الإطار، خاصةً وأن العديد من الاجتماعات التي كنا ندعوا إليها إما لم تنجز، أو نكون آخر العالمين بمواعيد انعقادها، هذا إذا لم تكن قد عقدت وقررت وتم إبلاغنا بما تم الإقرار فيها ..

إننا، وانطلاقاً من إيماننا بحرية الرأي واحترام الرأي الآخر مهما كان شكله ومحتواه، ودرءً لأي إشكال قد يعترض بعض التفاهمات الموجودة داخل الحركة الكردية، وحرصاً على مواقفنا من الاستهلاك أو التشويه أو الخلط أو الضياع ضمن سياقات العمل الجبهوي، الذي يريد لتلك المواقف التهميش والتجاهل والإقصاء، قررنا تجميد عضويتنا في إطار الجبهة الديمقراطية الكردية، مع تأكيدنا على أن قرارنا هذا لا يشكل لا من قريب أو من بعيد إعلاناً لقطيعة بيننا وبين حلفائنا وشركائنا في العمل السياسي، بل سنكون على أتم الاستعداد للمشاركة مع غيرنا – كائناً من يكون – في أية خطوة أو عمل أو موقف من شأنه خدمة قضايانا الوطنية منها أو القومية، كما نود أن نتوجه إلى المعنيين بهذا القرار، التعامل معه من منطلق احترام الخصوصية السياسية، وحرية الرأي في قراءة الواقع والمستقبل، وليس من باب المواجهة أو الدخول في صراعات جانبية وهامشية .

 

اللجنة المركزية لحزب آزادي الكردي في سوريا

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…