الآن ومع انتشار مد الانتفاضات الشعبية إلى سوريا وقيام الشعب السوري برفع صوته والمطالبة بالحرية والكرامة، ورفض الذل والهوان الذي يلحق به جراء الممارسات التي يتعرض لها، والدعوة إلى سوريا ديمقراطية تتميز بالانفتاح وقبول الآخر، سوريا من دون حالة طوارئ فيها إعلام حر ومنابر للتعبير عن الرأي وقانون لتنظيم الأحزاب والجمعيات والمؤسسات، سوريا ذات مكونات وغنى تاريخي عريق يجد كل مكون تعبيره فيها، سوريا ذات دستور ديمقراطي جديد يعترف باللغات والثقافات الأخرى، وطن يجمع شمل الجميع تحت سقفه، وطن مشترك يحس الجميع فيه بالأمان والاستقرار، ومع وجود شعب كردي محروم من هويته وثقافته ولغته، شعب يتعرض للاعتقالات والممارسات اللاإنسانية، شعب يتم إنكار وجوده بكل معنى الكلمة، سلبت منه أراضيه وفرضت عليه لغة غير لغته، وأسماء غير أسماءه، وثقافة غير ثقافته، هذا الشعب يتعرض للتهجير والتجويع والبطالة في ظل كل تلك الممنوعات، لم يجد بداً سوى أن يقوم بالمطالبة بحقه في أن يحيا كما تحيى الشعوب الأخرى بحرية وسلام.
أراد الشعب السوري أن يقنع نفسه بأن يستبشر خيراً من نبأ عزم السيدة بثينة شعبان المستشارة السياسية لرئيس الجمهورية عن الإفصاح عن خطة للإصلاح سيقوم بها النظام من خلال مؤتمر صحفي ستعقده، لكنها أكدت على الحقيقة التي كانت متوقعة في الأساس حول كون النظام لم يأخذ العبرة من تجربة أسلافه الحكام، بل على العكس تماماً رغم اعترافها بوجود قضايا تنتظر الحل إلا أنها وبالنيابة عن النظام طرحت جملة من الدراسات المستقبلية التي تفتقر إلى الجدية والتكامل، حيث أنها أثبتت أن الترقيع ومحاولات تخفيف وطأة الغضب الشعبي والمماطلة والتأجيل وأخذ المواضيع ببساطة وكأن هذا الشعب ناقم من أجل بعض النقود أو أنه سيرضى بالفتات الذي يقدمونه له، مع العلم أن هذا الشعب عندما يطلق شعاراته فإنه وقبل كل شيء يطالب بالحرية والكرامة.
لم نجد في أجندة الإدارة السورية أية مشاريع أو خطط تتعلق بالشعب الكردي وقضيته، فناهيكم عن أخذها موضوع الإصلاحات الشكلية المستقبلية بشكل بسيط وعدم التحدث عن تغيير في المواد الأساسية في الدستور بدءاً من الاسم العروبي لسوريا مروراً بالحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع وصولاً إلى جميع الدساتير والقوانين الجائرة والظالمة، فإنها لم تقدم ما يقنع الرأي العام الكردي وما يثبت جدية رؤى ومشاريع هذه الإدارة، فإصرارهم على إنكار وجود الشعب الكردي وعدم تقديم ضمانات دستورية واستمرار القمع والمنع والاكتفاء بالنظر إلى القضية الكردية من منظار إعادة حق المواطنة السورية أو تعديل بعض المراسيم الجائرة السابقة لن يقنع الشعب الكردي بل أنه يزيده تمسكاً بمطالبه ومواقفه ويشجعه على تصعيد نضاله الديمقراطي المشروع للمطالبة برفع التمييز العنصري الممارس بحقه والاعتراف بوجوده وهويته وقبول التعليم بلغته وتداولها وإزالة جميع الضغوطات وسياسات التشويه والمنع التي تتعرض لها ثقافته، إلى جانب ضرورة توفير شروط الحياة الديمقراطية الحرة والكريمة للشعب الكردي ولعموم الشعب السوري.
(PYD)