بعد خراب البصرة أم خراب درعا ؟!

سيامند ابراهيم
 
إذا كانت مقولة “الصحافي شاهد عصره” صحيحة؟ فهي التي تحثنا على المشاركة الفعلية في كتابة شيء من واجبنا المهني ومن الأمانة المقدسة التي حملنا فيها اليراع وندافع عن بعض ما يجري من حوادث مؤسفة تجاه شعبنا ووطننا ونقيم ونسطر هذه الأحداث الجسام  التي تجري على مرمى حجر أمام أعيننا في كل قرية وقصبة من وطننا هذا؟ وقد أصابت هذه الجروح كبد الشعب وباتت الهوة عميقة بين الشعب والسلطات؟!

لكن يحز علينا أن نرى السفينة السورية أصبحت بمثابة (تايتنك) التي اصطدمت بجبل جليدي كبير, وها هي سفينتنا السورية تصطدم بجبال من القضايا الساخنة وأين الحل؟!!
لذا فمن الواجب علينا أن نخط بأقلامنا بعض الحبر على جروح هذه المظالم ونقول كفى استهتاراً بمصير الوطن والشعب؟1 وإلى أين تسيرون بالسفينة السورية نحو الأنواء  بحيث تؤدي بالجميع إلى الهاوية التي لا تحمد عقباها, ولا أحد يدري ويستطيع أن يعرف أين ستتوقف الأمور؟  وبالتأكيد نحو المجهول الخرب لا سمح الله؟
 هل استدركت السلطات السورية لصوت العقل والضمير وهي تبتعد مئات الخطوات نحو الوراء وهي لاتزال على موقفها الرافض لإجراء أية إصلاحات حقيقة في هذا الوطن الجميل؟!
وتناست القيادة السورية أن تسو نامي استيقاظ المارد الشبابي سيصيب سوريا عاجلاً أم آجلاً وها هو قد بدأ؟ لكن ماذا فعلوا وماذا قررت السلطات السورية في حل مختلف القضايا الأساسية في الوطن لاشيء, وعود معسولة وكلام منمق, وهكذا بدأ الانفجار الدرعاوي الذي شرب من نسغ اليرموك الهائج, ومن صوت امرؤ ألقيس عندما رأى حوران بجمال خضارها وبهائها فقال:
 فَلمَّا بَدَتْ حَوْرانُ في الآل دُونَهم … نَظَرتَ فلم تَنْظُر بعينَيْك مَنْظَرا.
 
نعم بدأت شرارة الاحتجاجات السلمية من درعا عاصمة حوران القديمة وكما بدأت بتوأمها الأخت الأولى مدينة القامشلي الحبيبة  سنة 2004 وكانت أيام هزت سوريا والعالم أيضاً.

لكن أمام ما جرى من تنكيل وقمع رهيب فنقول من قلب جريح ماذا عملنا ولماذا هذا التعنيف والقسوة تجاه أبناء الوطن؟! وكما قالت بثينة شعبان أن حق التظاهر مشروع في كل دول العالم وهذا حق دولي للشعوب لكي تطالب بتقويم الاعوجاج والظلم الذي يصيب أبناء الوطن من مختلف السياسات وفي نظرة أولية ونحن نتساءل كيف قيم المسؤلين السوريين الوضع السوري العام والكردي بشكل خاص وهل وجدت السلطات السورية من حل شامل لمسألة (قانون الطوارئ, الأحكام العرفية, الإحصاء الاستثنائي البغيض في الجزيرة, حرية التعبير والصحافة, الاعتراف القانوني بالشعب الكردي الذي يشكل القومية الثانية في البلاد لكن وأسفاه على كل هذه البساطة في تقييم شؤون الوطن وهو يهتز من المحيط إلى الخليج, من المغرب إلى ليبيا, مصر, البحرين سوريا, التي لم تدرك قيادتها إلى الآن الهزات العنيفة التي زلزلت الأرض التونسية والمصرية والحبل على الجرار في سوريا التي ستصيبها شرارة الانتفاضة آجلاً أم عاجلاً وذلك أمام هذه الرتوش من المساحيق التجميلة والوعود الخجولة التي أطلقتها السيدة (بثينة شعبان) في المؤتمر الصحفي الذي عقدته أمس أمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية وفيها بدت متشنجة وعصبية أمام بعض الأسئلة المنطقية التي سألها الصحفيون, وأطلق الوعود بشكل مطاطي ومبهم ولم تتطرق إلى القضايا الأساسية التي تهم أبناء الوطن الواحد؟!
أين كنت أيتها السلطة السورية في إصدار مثل هذه القرارات المعسولة متى بعد خراب البصرة؟!  عفو اً بعد خراب درعا, وخراب الوطن وفساد كبار مسئوليه و يجمع خبراء السوريين من الاقتصاديين أن ستون بالمائة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر؟!  والوطن يمسح دموع الشهداء وهم يقتلون بدم بارد و لامحاسبة ولا من هم يحزنون ؟1
كم أتألم على على التنكيل بمدينة درعا أجل هذه المدينة التي “سماها البيزنطيين   أنستاسيوس الأول في 506 م”  ونسي العالم منذ القدم اسم هذه المدينة ولم أنسى أنا أيضاً هذا البلاد الرائعة التي زرتها قرية قرية وتناولت خبز التنور مع أهلها الطيبين و قرأت لفطحلها أبو تمام الشاعر الكبير, والإمام النووي الذي زرت قبره, وإلى ملعب نادي الشعلة أيام الدوري السوري الذي كنت أركض خلف نادي الجهاد القامشلاوي, ونستمتع بمحبة أهل حوران للجهاد الأنيق, وكيف أنسى الأخوة في اذرع وخبب من مسيحيين ومسلمين يعيشون جنباً إلى جنب بأخوة حقيقة ومحبة زائدة ولا تستطيع التمييز بينهم .
ماذا جرى لكم يا أصدقائي من عائلة (الكراد) الكبيرة, وغيرهم من رفاق الجامعة .
لكن يا سادة نحن لسنا نعيش في الزمن المنسي في الكهوف نحن في زمن الفضائيات والموبايل والانترنت الذي يهز الضمائر والعالم في ثوان وطوبى لك يا أسانج الشهير الذي عبر موقعك الوثائقي فضحت الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية والعربية وغيرها وبات كل شيء مكشوف للخلق في المعمورة ويبان يعرف ويكشف الخيط الأبيض من الأسود بثوان, ونسوا أن الكون صار قرية كونية صغيرة, والسؤال هل سيتغير العقل العروبي السلطوي؟ أم سنراجع أنفسنا ونكون متواضعين وغير عنجهيين في تقييم الأمور وحل قضايا الوطن الأساسية (الخبز, الحرية, العدالة, الاعتراف  بالشريك الآخر في الوطن) وهنا عند جهينة الخبر اليقين”

siyamendbrahim@gmail.com

دمشق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…