نوروز ونداء الواجب

محمد سعيد آلوجي

أجد نفسي وأنا أودع في الغربة عيداً آخر من أعيادنا القومية “نوروز” لأرجع مندفعاً دون كلل أو ملل نحو عمل المزيد مما يعزز لي ما أستطيع أن أسترد به حقوقي المغتصبة مني بشكل لا شرعي، من أولئك الذين يكونوا قد فرضوا من أنفسهم علينا وعلى وطننا حكاماً عن طريق انقلابات عسكرية.

ومنها حقي في العودة إلى وطني بكل حرية كيف ومتى ما أشاء.

من دون قيود أو معوقات، أو الحد من حريتي الشخصية.

حتى أستطيع أن أشبع حواسي منه وأتمتع بما أكون قد تركته ورائي.
أرى بأن أرجع إلى ما أكون قد أوجبته علي من مهام لعلي أستطيع أن أفضح استغلال أولئك لثروات بلدي وتسخيرها لهم، وجعلها في خدمة أهدافهم الدنيئة، وفتح أبواب الارتزاق للسماسرة أو البسطاء من أبناء شعبنا عليها حتى يجعلوا منهم عبيداً فيتمتع أولئك الحكام بما يُردده ثلة العبيد على مسامعهم من تراتيل عبوديتهم.

والتي تقول “بالروح بالدم ..

“.

أجد نفسي مندفعا للعمل من أجل استرداد تلك الحقوق التي تكون قد أقرتها لي كل الشرائع السماوية والقوانين والمعاهدات الدولية ولأهلي ووطني الذي أكون قد غادرته مُكرهاً منذ أكثر من ربع قرن من الزمان حتى وإن كنتُ قد حصلت على جنسية بلدي الثاني.

الذي أعيش فيه بكل حرية.

أجد نفسي وأنا أودع في الغربة عيدي أكثر تصميماً على العمل كي ألتقي بحرية بمن يكون قد بقي ممن أحببته في يوم من الأيام على قيد الحياة،.

كي أستعيد ذكرياتي معهم، وأستمتع بالجلوس بالقرب منهم.

من دون أن أنسى أبدا ما حرمني أولئك الحكام منه أبداً ألا هو حريتي، وقد حرموني حتى من حضور مراسيم دفن والدي ووالدتي وأخي الأكبر ووو، وسأظل أعمل حتى آخر لحظة لأحصل على حقوقي منهم بأي شكل من الأشكال.

فما ضاع حق وراءه مطالب، ولن تُسترجع الحقوق لا بالتمني ولا بالاستجداء، وإنما بالعمل الجاد والمتزن..

أودع نوروزي هذا في عامي هذا.

لأكون قد ودعت به ستاً وعشرين نوروزاً، وأنا بعيد عن كل ما أكون قد تركته ورائي مكرها.

فأعود لأتفاعل مع كل ما سوف يساعدني على استرجاع حقوقي ضمن حدود إمكاناتي المتاحة دونما مواربة ..وفي فرصة فريدة من نوعها وعلى أثر اتصال لي بالصوت والصورة مع صديق ورفيق سابق لي لأول مرة منذ ستة وعشرين عاماً من الانقطاع.

استطعت أن أسترجع معه بعضاً من ذكرياتنا، والتي مازالت ذاكرتي تذخر بالكثير الكثير منها، وتمنينا على أثر ذلك أن يتمكن شبابنا أيضاً من تحطيم ما قد فرضه علينا نظام البعث السوري اقتداءً بما يكون قد حققه شباب ثورتي تونس، ومصر.

ومن يسير على خطاهم من شباب لبيبا، واليمن، والحبل على الجرار…

وفي النهاية تمنيت له ولشعبنا أن يتمتعوا هذه السنة بعيدهم القومي “نوروز” من دون أية مشاكل.

حيث تاريخنا يزخر بالكثير منها.

وإن كنت على يقين بأن الأمن السوري لن يعكر عليهم صفوتهم في هذه السنة كما تعمدوا في الأعوام السابقة.

لأن البعث أصبح يرتعد من أعماقه خوفاً من أن يرتد عليهم أبناء شعبنا ليقلبوها عليهم ثورة شعبية عارمة تهز الأرض من تحت أقدامهم..

وفي سابقة غير معهودة على الإطلاق بادرت بعض السلطات السورية في المنطقة إلى إرسال آلياتها لتمهد لشعبنا ساحات احتفالاتهم.

هذا وقد شارك محافظ الحسكة وبرفقته وفد كبير ولأول مرة في احتفالات نوروز ليتبعهم فريق من “تلفزيون دنيا” لتغطية لقاءاتهم مع ممثلي بعض المقربين من الأحزاب الكردية ضمن تلك الاحتفالات..

هنا نريد أن نذكر من قادوا حملة رفع مليون علم.

“سموه وقتها بالعلم الوطني”، والذي لم يكن هو علم استقلال سوريا، وإنما هو ذلك العلم الذي قتل الكثير من أبناء شعبنا تحت ظله.

كما أريد أن أقول لهم بأنهم قد خسروا ما راهنوا به على شعبنا أمام أسيادهم الذين اضطروا لأول مرة في تاريخهم أن يحضروا مراسيم احتفالات نوروز والعلم القومي الكردي يرفرف على ساحات تلك الاحتفالات.

كما أود أن أنبههم بأنهم لا يمثلوا أي جانب إصلاح في أي حزب كردي، وإنما يمثلون رمز المساومة على قضيتنا، وأن كانوا في غفلة من أمرهم أثناء رفع تلك الأعلام القومية باستطاعتهم أن يمتعوا أنظارهم بمناظر صورها التي تكون قد نشرت في المواقع الكردية..

وإذ اهنأ أبناء شعبنا الكردي بعيدهم القومي هذا الذي نكون قد ودعوناه في هذه السنة بخير وسلامة.

أود أن أذكرهم بما يجري لشركائنا في الوطن من أهالي حوران الصامدة، وبأبطالها الميامين.

كما أرى بأن أنحني لشهدائها الأبرار، وأقول فيهم بأن مثواكم الجنة بإذن الله ..

كما أود أن أُأكد هنا للجميع بأن شعبنا الكردي شعب حي ووفي يكره الضيم ولن ينخدع بالنفاق البعثي أبداً.

ولسوف لن ينسوا شهداء انتفاضتهم المباركة في 2004 ولا شهداء نورونا في 2008 ، و2009 ، كما لن ينسوا شهدائنا من مجندي الخدمة الإلزامية لشعبنا والذين يكونوا قد فقدوا حياتهم الواحد تلو الآخر بأيدي مجهولين.

كما وأنهم لن ينسوا لا معتقلينا الذين تعج بهم أقبية ومعتقلات النظام الشوفيني، ولا الهجرة المليونية القسرية لأبناء جلتهم إلى حزام الفقر حول المدن الداخلية السورية بسبب المراسيم والقوانين الاستثنائية التي تخص بها شعبنا الكردي فقط ، ولا كل ما تسبب لهم به النظام البعثي أو غيره من مآس.

كالإحصاء الاستثنائي، والحزام العربي والتعريب، والتغيير الديموغرافي لمناطقنا وووو..

وما انتهكت به حقوقهم القومية والوطنية ولسوف لن يضيعوا أية فرصة مواتية ليثورا من خلالها على النظام البعث القمعي …كما لن ننسى لنا حقنا في العودة إلى الوطن مقرونة بكامل الحرية..

أخيراً أود أن أتوجه إلى كل من يمثل أحزابنا الكردية دون استثناء بأن يسارعوا إلى إحداث حوارات مكثفة فيما بينهم دون انقطاع حتى يتوصلوا في أقرب فرصة ممكنة إلى تحديد أساسيات شعبنا القومية والوطنية المعروفة لدى الجميع.

وأن يعلنوها على الملأ من دون أي خوف حتى يغلقوا الباب أمام كل من يخطر بباله أن يساوم على حقوقنا بأي شكل من الأشكال.

وليحددوا موقفاً واضحاً وصريحاً مؤيداً لمطالب أبطال حوران النشامة.

ثم  يتوجهوا بعدها نحو المعارضة السورية بكل مكوناتها دون استثناء كي يتفقوا على استراتيجيات وتكتيكات عدة لما هم عليه، ولما يخص الثورة السورية، ولما بعدها قبل فوات الأوان..

فإن التغير آت لا محال..

محمد سعيد آلوجي
24.03.2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…