الحركة الكردية في سورية وأزمة الديمقراطية

إبراهيم خليل

تعاني الحركة الكردية في سورية منذ بدايات نشأتها من أزمة عميقة ألا وهي أزمة غياب الحريات الفردية وغياب الديمقراطية الحقيقية, مع العلم إن جميع الأحزاب تحمل لقب الديمقراطية على تنوعها, وعلى ما يبدو إن الحركة الكردية في سورية تأثرت تأثيرا عميقاً بالوضع الداخلي في سورية حيث غياب الديمقراطية والحريات  في المجتمع السوري ككل وكان لهذا الغياب أسباب عديدة منها داخلية أي بما يتعلق بالجسم التنظيمي للحركة كالمركزية التي اعتمدتها جميع الأحزاب في أنظمتها الداخلية والافتقار إلى الكوادر الواعية لمفهوم الديمقراطية والحرية وفي حال وجود البعض من هذه الكوادر يتم عزلهم واستبعادهم وتهميشهم من قبل بعض المتنفذين في هذه الأحزاب وهناك أسباب خارجية كضرورات العمل السري وغياب الديمقراطية في البلاد وغياب منظمات المجتمع المدني
ظاهرة غياب الديمقراطية في الساحة السياسية الكردية إلى ظهور آفات سياسية مستشرية في جسم الحركة ومنها على سبيل المثال لا الحصر الانقسامات المتوالية في صفوف الحركة والتي على ما يبدوا لا نهاية لها طالما بقي الحال على ما هو عليه وهذه الانقسامات أدت بدورها إلى فقدان الجماهير الثقة بهذه الأحزاب وأصبحت الرؤية المستقبلية لدى هذه الجماهير متشائمة بالمستقبل ومع الأسف إن كثيراً من قيادات هذه الحركة وكوادرها على علم تام بهذا المرض الذي ينهش فيها فان أحدا ً لم يجرؤ على إيجاد العلاج المناسب ألا وهو البدء وحالا بالقيام ببعض الخطوات الإصلاحية ونشر ثقافة الديمقراطية وإيجاد الكوادر الحزبية المناسبة لنشر هكذا ثقافة.


 لقد عانت الحركة الكردية دائماً من قمع الرأي الأخر وكان هذا القمع غالباً ما يؤدي إلى التطرف في الآراء وخلق أفكار مشوهة بعيدة عن الواقع ومن كل ذلك نستنتج إن منهج طرح الآراء الجريئة والآراء المضادة لها يخلق صورة لمجتمع مفتوح على الرأي والرأي
 الأخر وبذلك فقط يتاح لها الانتقال من طرح المشكلات والعقبات التي تعترض طريق نضالها إلى محاولات حلها وتجاوزها لان النقد وحرية الرأي هما الكفيلان بفوز الحل الأقدر والرأي الأرجح شريطة أن يتم ذلك في عملية ديمقراطية بعيدة عن التطرف والسجالات العقيمة التي شابت معظم الحياة السياسية الكردية.
 إن تمسكنا بمبدأ أن لا احد معصوم عن الخطأ مما يعني أن احد منا لا يمكنه الزعم بامتلاك الحقائق المطلقة ليصب الحركة في داخل إطارها ويقود الآخرين كالقطيع .
 إن الإفساح في كل مجالات الحياة السياسية للرأي والرأي الأخر يستلزم منا التحرك وبشكل فوري وفعال نحو الديمقراطية والتعددية الفكرية والإصلاح السياسي والسير باتجاه أحزاب مفتوحة على قواعدها وجماهيرها ومجتمعها فهي سلاحنا الأقوى في مواجهة
 المشاريع الشوفينية التي تحاك ضد شعبنا وهي السلاح الوحيد القادر على إحقاق الحقوق القومية المشروعة لشعبنا الكردي في سوريا .
                                                                  
 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…