الإصلاح ضرورة وطنية ملحة

  صوت الأكراد *

رغم الدعوات الكثيرة التي أطلقها العديد من القوى والشخصيات الوطنية في سوريا ، مطالبةً السلطات السورية بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عاجلة كمخرج لتفادي بلادنا من أية أزمات متوقعة كالتي تعيشها أغلب الدول في المنطقة …

فعلى عكس التوقعات لم يتم إصدار أي عفو عن السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير بل ما تزال السلطات تقوم باعتقالات تعسفية بحق المواطنين السوريين على اختلاف مشاربهم وإصدار أحكام قاسية بحقهم .

وعلى الصعيد الاقتصادي فما تقوم به السلطات بات مكشوفاً للجميع فإصدار مراسيم قاضية بتخفيض نسب الرسوم الجمركية على بعض المواد (الحليب المجفف – البن المحمص– الشاي– الأرز– الموز) أو تخفيض رسم الإنفاق الاستهلاكي للزيوت والسمون النباتية والحيوانية أو تلك التي تمس الشركات في سوريا أو تعديل تسعيرة الدقيقة لمكالمة الموبايل إلى 6 ليرات سورية ..

فكلها لا تغني من فقر ولا تسمن من جوع , فهكذا إجراءات تعتبر غير مجدية مع غلاء الأسعار بشكل خيالي وتدني أجور العمل …
وحتى موضوع توزيع المعونة الاجتماعية على الأسر المحتاجة في سوريا جاءت مشوّهة من حيث كونها جاءت وفق رؤى عنصرية فهي لم تشمل الأكراد المجردين من الجنسية, مع العلم أنهم أشدّ فئات المجتمع السوري عوزاً للمعونة كونهم محرومون من حق العمل أصلاً وكذلك حق التملك , كما أن أسماء الكثيرين من المستحقين الفعليين لم ترد في القوائم , بالإضافة إلى توزيع الأسماء الواردة على فئات المعونة لم يستند أصلاً على أسس موضوعية, وفي كل الأحوال لن تؤثر هذه المبالغ الضئيلة في تحسين معيشة مواطن معدوم يحتاج إلى الغذاء والمحروقات واللبس والسكن …
إنّ إنقاذ البلاد من أية ملمات قد تحدق بها لا بدّ من موقف وطني شجاع من الجميع  … نعم العواصف التي تهب على المنطقة بإمكاننا أن نكون في حَلٍّ منها إذا ما آمنا بأن سوريا بلدٌ للجميع بعربه وكرده وآشورييه وسريانه وأرمنه ….

لذا فإننا نرى أن الانطلاق في الحل بيد السلطات, وهي المسؤولة عما ستؤول إليه الأوضاع أولاً وأخيراً سواءً سلباً أو إيجاباً, لذلك فان الواجب الوطني يستدعي أن تقدم على بعض الخطوات الملموسة والفورية لترميم جسور الثقة بينها وبين الشعب, ويمكن إجمال تلك الخطوات بما يلي :
إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير – إلغاء قانون الأحكام العرفية وحالة الطوارئ في البلاد – الحد من تدخل الأجهزة الأمنية في كل شاردة وواردة ومنعها من الاعتقالات التعسفية – إيقاف العمل بالمحاكم الاستثنائية – إجراء انتخابات تشريعية وفق أسس ديمقراطية ونزيه في البلاد – العمل على التحسين الملموس للأوضاع المعيشية من خلال رفع الأجور والمرتبات وتخفيض أسعار المواد الاستهلاكية الغذائية والصناعية وأسعار المحروقات والعمل على توفير فرص عمل حقيقية للعاطلين – إطلاق حرية الإعلام و الصحافة  وفق قانون ديمقراطي – إقرار قانون عصري للأحزاب – البدء بحوار وطني وديمقراطي عام – أما بالنسبة للقضية الكردية في سوريا فبالإضافة إلى ما سبق فلابد من المباشرة بإلغاء نتائج الإحصاء الاستثنائي الجائر للعام 1962م وما ترتب على ذلك من نتائج كارثية وتعويض المتضررين , وإلغاء المرسوم التشريعي رقم 49, والدخول في حوار مباشر مع الحركة الوطنية الكردية في سوريا لإيجاد حل عادل وديمقراطي للقضية الكردية في سوريا , التي هي قضية وطنية بامتياز .

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (436) شباط 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…