ماذا لو كان القذافي يحكم ..؟

  د.

صالح بكر الطيار *

 كان حاكم اسبانيا الجنرال فرانكو على فراش الموت عندما سمع هتافات حول قصره ، فسأل عن مصدر الأصوات فقيل له انه الشعب الأسباني وقد جاء ليودعك ، فرد فرانكو بقوله : لماذا يودعني ، وإلى اين هو ذاهب ؟.

هذا هو حال العقيد معمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 42 سنة والذي يبدو انه مستعد لإبادة شعبه من اجل البقاء في السلطة .

والغريب ان معمر القذافي أعتبر نفسه في خطابه الذي القاه مؤخراً انه لا يحكم وليس له اي دور في تشكيلة السلطة وإلا لكان تنحى سريعاً ، موضحاً ان دوره يقتصر على انه ” قائد وموجه للثورة ومرشد لها ” وأن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه من خلال اللجان الشعبية دون ان ينسى ان ” مجد ” ليبيا يعود اليه ، وبفضله .
ولو فرضنا صحة هذا الأدعاء فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هو لماذا اذاً يقف القذافي ضد شعبه ، ويحرض المرتزقة وبعض الأعوان على ابادته لطالما ان هذا الشعب يثور على نفسه من اجل التغيير .


وإذا كان القذافي لا يحكم ، فمن اين جاء الدور المناط بأبنائه الذين يتعاطون مع الشعب الليبي وكأنه من مقتنياتهم وممتلكاتهم ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فكيف اباح لنفسه توريط الشعب الليبي بمتفجرات لوكربي ومقهى ” لا بيل ” ، او كيف يسمح لنفسه بإقتطاع 2.8 مليار دولار من اموال الشعب الليبي ليدفعها كتعويضات الى المتضررين من هذين العملين التخريبيين ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فمن سمح له بمحاولة بناء ترسانة نووية فاشلة سرعان ما تخلى عنها بعد ان كلفت الدولة 4 مليارات دولار ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فكيف أمر بإنشاء ” النهر الصناعي العظيم ” الذي كلف المليارات دون ادنى فائدة منه ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فبإسم مَن تأمر على المملكة العربية السعودية وخطط لإغتيال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فلماذا ورط الشعب الليبي في فضيحة الدم الفاسد ومع رافق ذلك من احتجاز للممرضات البلغاريات ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فبإسم مَن خاض حرباً ضد تشاد ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فبإسم مَن يشارك في المؤتمرات العربية والأقليمية والدولية ، ويعقد الصفقات ، ويوقع على الإتفاقيات ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فبإسم مَن يعين نفسه ملك ملوك افريقيا ويصرف على قبائلها وعشائرها وحكامها وأنظمتها ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فبإسم من انشأ الأتحاد الأفريقي وعين نفسه مسؤولاً عليه ، وتبنى كل تكاليفه ومصاريفه ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فكيف يقطع العلاقات الدبلوماسية مع سويسرا من اجل عمل طائش قام به احد ابنائه ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فكيف يكون هو السبب في الحصار الذي فرضه الغرب لسنوات طويلة على ليبيا ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فمن أين اتى بثروته وثروة ابنائه التي قُدرت بأكثر من مائة مليار دولار ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فكيف نجح بتجويع الشعب الليبي وافقاره وتركه اسير معاناة البطالة والمرض ؟
وإذا كان القذافي لا يحكم فمن اين اتى بالمرتزقة التي تبيد ابناء عمر المختار الأحرار ؟
إذا كان كل هذا والقذافي لا يحكم ، فكيف ستكون عليه الأحوال لو كان يحكم ؟؟؟؟

*  رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…