سوريا .. وضرورات المرحلة

  افتتاحية صوت الكورد *
بقلم هيئة التحرير

الأزمات المتعددة التي يعيشها الإنسان السوري ـ أيا كان انتماؤه القومي أو المذهبي أو الديني ـ جراء السياسات الخاطئة المرتكزة على القبضة الأمنية في الجوانب الحياتية كافة وفي مقدمتها السياسة الاقتصادية التي آلت بالبلاد إلى الهاوية,مما جعل الأمر مفزعا ومهددا لأمن المواطن,  ليعيش أبناء هذا الوطن غرباء في بلدهم، وليجعل حياتهم الاقتصادية مرهونة بسياسات محددة تنذر بكثير من التردي، وارتفاع بمعدلات قياسية لمن هم دون خط الفقر.

وتقذف بهم الحاجة إلى خارج مناطق سكناهم ،وتبرز بوضوح  نظام التجمعات العشوائية في أطراف المدن الكبيرة والعاصمة تحديدا بكل تداعياتها اجتماعية والاقتصادية  ألخ.
إن سوريا بكونها بلدا محوريا في المنطقة معطلة الطاقات لم تعد بمنء عن عاصفة التغيير التي بدأت تجتاح المنطقة ،في ظل ما سبق الإشارة إليه واضح في سوية العيش وانتشار البطالة التي باتت تقارب الـ 60% و المتزامن مع الارتفاعات الجنونية لأسعار السلع الأساسية المحتكرة في أيدي رجالات الأعمال والجشعين..

والمتلاعبين بقوت الشعب ، يضاف إليها معاناتها اليومية لصنوف القهر والقمع ومنع حرية الرأي والتعبير و تمرير القرارات والمشاريع العنصرية الهادفة للتفريق  بين أبناء البلد منذ ما يقارب النصف قرن وذلك بفعل الهيمنة و الإقصاء واحتكار القرار السياسي،و الذي فرض قانون الطوارئ على أبناء سورية منذ 1963, وسيطرة الحزب الواحد على مقدرات البلاد والمفاصل الرئيسية في مؤسسات الدولة والمجتمع لتحد بذلك الماكينة الحياتية للبلاد من العمل ، وممهدة السبيل للفساد والإثراء الفاحش على حساب لقمة عيش الفئات والشرائح المسحوقة من الشعب السوري كوردا وعربا وأقليات قومية ودينية .وهو الأمر الذي يضع الشعب السوري بكافة أطيافه السياسية والمجتمعية والعلمية أمام مسؤوليات تاريخية جسام يأتي في مقدمتها السعي الجاد لتوحيد خطاب الشارع السوري وتمتين أواصر الوحدة الوطنية دون أي نوع من الإقصاء أو التهميش أو نفي الآخر كضمانة رئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتأمين الحقوق المشروعة في القوانين والأعراف الدولية لكافة أبناء المجتمع السوري بغض النظر عن انتمائه القومي أو المذهبي أو الديني ، وتثبيت ذلك في القالب الدستوري الذي يقره أبناء سورية عن محض إرادتهم ودون إكراه أو إلزام من أية جهة داخلية كانت أم خارجية وتحت أية ذريعة، تحقيقا لقاعدة الوطن للجميع والكل سواسية أمام القانون.

.


لتنعم كل مكونات الشعب السوري وأطيافه الأثنية والمذهبية بشراكة إستراتيجية ووطنية فاعلة، توطد دعائم المجتمع المدني وتسعى إلى رخائه, ومحاربة كل أشكال التكبيل والحصر ، ليتمكن من صياغة قراره السياسي في عمل جماعي متقدم .

* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا – العدد (357) شباط 2011

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…