تركيا و العد التنازلي نحو إنتهاء مدة الهدنة

دلشا يوسف
 
     لم يبقَ سوى اسبوعين أو أقل على قدوم شهر آذار، حيث إنتهاء مدة الهدنة التي أعلنها حزب العمال الكوردستاني من جانب واحد، بغرض المساهمة في دفع المرحلة و إفساح المجال أمام الحكومة التركية و مؤسسات الدولة للوصول إلى حل للقضية الكوردية أوحتى إعطاء بصيص أمل  بالتفاوض على إيجاد سبل للحل.

    و لكن يبدو من التصريحات الأخيرة  لعبد الله أوجلان زعيم الحزب وقادة الحزب البارزين، و كذلك من خلال الأحداث الأخيرة في المناطق الكوردية و التي دبت فيها الحراك بعد إنتصار الثورة الشعبية على الحكومة في مصر،
 و كذلك من خلال نار الإحتجاجات التي تأججت بين النشطاء الكورد و قوى الأمن في غالبية المدن الكوردية، بهدف التنديد بالمؤامرة الدولية في ذكراها الثالثة عشرة والتي طالت عبد الله أوجلان و ألقي القبض عليه إثر ذلك و من ثم محاكمته و الحكم عليه بالسجن المؤبد و المصادف ل (15) شباط، و كأن إبرة  المؤشر تبتعد شئيا فشئيا عن النقطة المركزية للهدنة و بدأت تأخذ منحى آخر، حتى قبل إنتهاء مدة الهدنة المقررة في شهر آذار.

    هذه المؤشرات الأولية التي تنبئ بدخول تركيا مرحلة عصيبة  من جديد، أثارت قلق و مخاوف شرائح واسعة من المجتمع التركي، و في مقدمتهم كتاب العمود في الصحف التركية.
   و في سبيل الإفصاح عن مخاوفه بهذا الشأن، يُذِّكر  الكاتب ( جودت آشكن) في مقال له منشور في صحيفة راديكال بالتصريحات الأخيرة ل ( مراد قريلان) القيادي البارز في حزب العمال الكوردستاني  نقلا عن وكالة أنباء الفرات، حيث يذكر أن مراد قريلان نوّه في تصريحه، أن التنظيم سيعمل على تقييم فترة الهدنة، قبل قدوم شهر آذار بقوله: ” سوف ننهي تقييمنا للوضع في نهاية الأسبوع القادم”.
و يضيف قريلان :
”  لقد بقي أسبوعين على بداية شهر آذار.

سوف نرى ما إذا كانت الحكومة ستبادر بالتقدم بخطوة جدذية تعزز ثقتنا أم لا.

رغم أنه يبدو لنا أن إمكانية تحقيق ذلك بات ضعيفا.

إن موقف حزب العدالة و التنمية الحاكم و الذي لم يبدِ أي خطوة جدية بهذا الصدد حتى الآن، يوضّح لنا منحى التطورات المتوقعة في شهر آذار.”
   وكذا ينقل الكاتب عبارة أخرى لقريلان يقول فيها:
” يستعد الجيش التركي للقيام بحملات عسكرية، وقد لا تدخل الحملات حيز التنفيذ فوراً، و لكن هناك توّجهات واضحة بهذا الشأن”.
و ينوّه قريلان في حديثه أن أوجلان ايضا سيقيّم مرحلة الهدنة من جانبه و يضيف قائلا:
” يبدوا لنا أن السياسات التي تتبعها حكومة حزب العدالة و التنمية ستعرقلالمرحلة”.

إلى ماذا تشير التطورات إذاً؟

   يتابع الكاتب جودت آشكن مقاله معربا عن قلقه تجاه سير الأحداث و المؤشرات الأولية و التي قد تسفر عن إنهاء الهدنة و البدء بمرحلة الحملات العسكرية من الطرفين من جديد، إعتماداً على ما إستخلصه من تصريحات مراد قريلان من جهة و تصريحات عبد الله أوجلان من جهة أخرى، لافتاً النظر إلى خيبة الأمل التي أصابت مؤيدي الحزب لعدم إثمار مرحلة الهدنة بعد طول إنتظار و التي صبرّهم بها أوجلان بقوله:” يمكن حدوث تطورات مثمرة حتى شهر كانون الثاني”.
   و يؤكد الكاتب من جانبه على أهمية تصريحات قريلان التي أوحت له، بأن قيادة حزب العمال الكوردستاني في قنديل لم تعد تتأمل أية خطوة إيجابية من ناحية الحكومة التركية بعد هذه المرحلة و إنهم ينتظرون وصول تقييم  من طرف زعيمهم عن طريق محاميه بشأن مرحلة الهدنة هذه، و إنهم سيتحركون على ضوء هذه التوجيهات .
   و كان قد أشار أوجلان من جهته في تصريحات سابقة له، انه سينسحب من الوسط ، ما لم تخطوا الحكومة خطوات إيجابية نحو إيجاد حلول ترضيهم بشأن القضية الكوردية لحين شهر آذار.
    و يختم الكاتب جودت آشكن مقاله منوّها للخطر القادم، حيث يتّوقع أن يقوم حزب العمال الكوردستاني بحملة أخيرة قبل الإنتخابات النيابية و المزمع إجراؤها شهر حزيران القادم،لإستخدامه كورقة ضاغطة ضد أنقرة، تدفعها لإيجاد حلول ترضي الطرف الكوردي و تطمأنه.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   منذ 2011، فتحت تركيا أبوابها للسوريين، ليس دعماً لهم، بل لاستغلال نزوحهم، على أكثر من صعيد، متوهمةً أن سقوط النظام لن يطول. استقبلت الأيدي العاملة، بأجور جد زهيدة، و استغلتهم عبر أساليب مشينة، واستفادت من ضخّ المساعدات الدولية الممنوحة للسوريين، بينما اضطر رجال الأعمال إلى نقل مصانعهم إلى هناك، لاستمرار معيشتهم وديمومة حياتهم، ما عزّز الاقتصاد…

في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…

ماهين شيخاني كان يكبرنا سناً ومحل احترام وتقدير لدينا جميعاً وفي المؤتمر (……) كان بيني وبينه وسادة، لمحته ينظر لوجوه المؤتمرين، هامسته : هل أكملت جدول الانتخاب ..؟. أجاب: مازال قائمتي بحاجة الى بعض المرشحين ..؟!. وضعت ورقتي المليئة بالأسماء التي انتخبتهم حسب قناعتي بهم على الوسادة أمامه، تفضل ..؟. نظر أليَّ باستغراب، رغم ثقته بي ووضع…

صلاح بدرالدين   منذ عدة أعوام ولم تنفك وسائل اعلام أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – ب ي د و انكسي – تنشر تباعا عن تدخل وسطاء دوليين لتقريب الطرفين عن بعضهما البعض ، والاشراف على ابرام اتفاقية كردية – كردية ، وانهاء عقود من حالة الانقسام في الصف الكردي السوري !!، من دون توضيح أسس ، وبنود ذلك الاتفاق…