مصر توقظ روح الحرية .. العصيان المدني كسر للخوف وايقاظ الكرامة

  مروة كريدية

لغة العنف والقمع التي سادت طيلة عقود طويلة في ظل انظمة فاسدة مارست شتى انواع “العنف المنظم ” ضد كرامة الانسان وانسانيته حالت بيننا وبين رؤية لغة أخرى وهي لغة  “العصيان المدني السلمي” الذي على حقيقته يزلزل عروش الطغاة .

ونشهد اليوم ولادة “ثورات سلمية لاعنفية ” جعلت الانظمة في مأزق “أخلاقي” يندى له الجبين في وقتٍ وجدت الشعوب نفسها بفطرية انسانية جامعة  امام “استراتيجية ” اعتراض فاعلة  من اجل العدالة  تضفي على وجود الانسان معنى وتعيد للفرد كرامته وتوقظ فيه  روح الحرية .
وفي ظل تضارب المصالح والرؤى للدول والقوى السياسية والاقليمية في المنطقة انتفض “منطق الانسانية ” في مصر بوجه الظلم والممارسات اللاخلاقية والجرمية التي تمثلت باطلاق النار الحي على المتظاهرين المسالمين والاعتداء الصارخ على الاعلاميين واعتقالهم وترحيلهم، وممارسة شتى انواع الارهاب و”البلطجة المنظمة ” لعل اشدها ايلاما تمثلت بدهس المواطنين بسيارات تابعة للأمن .
وفيما يحاول المحللون على اختلاف شرائحهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والدينية تحليل ما سوف تؤول اليه الامور في مصر وتونس ، تبدي ادارات الدول الاوروبية والغربية قلقا تجاه مايحدث كونها ترى مصالحها على “محك عسير” جعلها ترتبك في مواقفها لأنها على الرغم من دعهما المفترض والمعلن لمسيرة الديموقراطيات في العالم فإنها تبدي قلقا من بروز “قوى” تدخل البرلمانات العربية وتعمل على عرقلة مشاريعها ومصالحها في المنطقة  .
كذلك بعض الليبراليين العرب الذين ارتبكت خطاباتهم الداعمة للحرية بالخوف من بروز “قوى اسلامية شمولية ” وهو طالما ما جعلته “الانظمة العربية “السيف المسلط بوجه كل تغيير وجعلته مبررا لممارسة شتى انواع الظلم والعدوان وفرض قوانيين الطوارئ عشرات الاعوام !
نعم ما يحصل الآن ان المتظاهرون في وادٍ والانظمة العربية في وادٍ،  والدول الغربية والامم المتحدة في واد تبحث فيه عن آلية تضمن لها مصالحها في المنطقة قبل كل شيئ.


نعم …المتظاهرون اليوم اشد اصراراً وصلابة  لانهم كسروا حاجز “الخوف” الذي طالما تلاعبت به اجهزة الدولة والمخابرات التابعة لها عبر ايهام “الليبراليين” من شعبها بان “البعبع الاسلامي” سيعيدهم الى القرون الوسطى، كما كسر المواطنون حاجز الخوف من الاطماع ” الخارجية ” ….

فلا اليساريون خائفون من تيار اليمين  ولا الاسلاميون خائفون من الملحدين ولا الشيوعيون قلقون من الرأسماليين ! لقد سقط حاجز الخوف من “الآخر” وعلت كلمة الانسان وحقوقه الآدمية فقط مطالبة “نظام البلطجة ” بالرحيل !
ان جدار “الخوف المزيف” سقط امام كرامة الانسان وحريته وسقط معه الجانب الابتزازي التي تضمنته الدعايات الايديولوجية للدولة ، لان العصيان المدني اللاعنفي هو شريعة الانسان وهو اكبر بما لا يقاس بشريعة “البلطجة ” و “والقوة الغاشمة ” انه يوقظ روح الكرامة التي تؤمّن حماية افضل مما يؤمنه جيشٌ مدجج بالسلاح، انه الارادة والشجاعة لمواجهة الموت دون من اجل كرامة الانسان ودون رغبة في الانتقام .

كلمة أخيرة … سواء سقط “مبارك ” كشخص أم لم يسقط ….

بيد ان عظمة ما حققه “التظاهر السلمي ” والعصيان المدني يكمن في انه ادى الى انهيار “اسطورة الزعماء” برمتها   ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي كله حيث لم يبق لأي حاكم عربي “رهبة ” في النفوس لا سيما اذا تمادت غطرسته و تعاظمت انتهاكاته لحقوق الانسان .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…