الفراعنة الجُدد… إصلاحات أيه يا راكل

 أمين عمر

يبدو إن عقار الياسمين التونسي، قد أستطاع أن يفك شيفرة التحنيط ، فنهض الفراعنة رمسيس وتوت خنع آمون، تاركين للسواح الإستمتاع برؤية مقابرهم ، معجزاتهم  “الأهرامات “، وأخذوا يهرولون مع “الغلابة” في شوارع مصر “أم الدنيا”، يرفضون استمرار عملية تحنيط الرؤوساء، يرفضون فراعنة جُدد، فلا فراعنة بعد الفراعنة إلا الغلابة.

 

في الوقت الذي يهتف الشعب المصري في الشارع “يا مبارك قوم من النوم ….

النهاردا آخر يوم”، الرئيس المصري يتحدث مرتبكاً، راجياً الشعب قبول إصلاحاته القادمة، منها إستقالة الحكومة وكأنه يقول “سيبولي الكرسي و خودو كل حاكة ” ، وكأنه يهدي القتيل، كفناً جميلاً.

في كتابه، الأمير ، الأشهر سياسياً في العالم ، ينصح ميكافيلي، الحكام: قد يسامحك الشعب إذا قتلت أباه  ولكنه لن يسامحك إذا سرقت ماله.

وهذا ما يحدث في بلاد الجياع والقمع، المجازر وروائح الدم لم تحركهم كما حركتهم ذرات الطحين.

قد لا يكون شعور الأغنياء موحداً ، ولكن بالتأكيد إن مشاعر الفقراء والجياع متحدة في مواضع عدة، منها ظهور أعراض مشابهة عليهم، كتقلص المعدة وشحوب الوجه ، وأول ما يفكر به الفقراء ويحتاجوه هو الرغيف، ورحلة بلوغ الرغيف تمر بالقضاء على مسببات الحاجة والجوع وهي السلطات والأنظمة التي تسرق الحرية والأموال والهواء.

في السويس بدأت شرارة الغضب، وأول ما يطالب به المنتفضين، الثوار، هو رحيل مبارك وحكومته.

ما يتأمله ويطلبه الشعب المصري هو حق طبيعي لهم، وهو رغيف معجون بماء الحرية، والذي سيأتي معه بالديمقراطية والأمن، و سيحُسن مستوى دخل الفرد.

مقومات ثورات 2011 لا تحتاج الى الكثير من الأسس لبنيانها، فغياب الرغيف والحرية يعتبران وقوداً كافيا لتفجير الثورة .
السؤال إن مقومات الثورات الجديدة متوفرة في اغلب بلدان الشرق فهل الثورة ستنتقل من دولة لدولة دون أدنى اعتبار للحواجز والحدود، لأنها تمتلك فيزا العبور- الجوع والحرمان – و تنتقل مع الهواء كنوع جديد للإنفلونزا جديرة بلقب إنفلونزا الحرية تنتقل من بلدٍ لبلد.

 

عند سقوط صنم بن علي ، زادت سوريا من مخصصات المازوت للشعب السوري، والشعب السوري كما هو معروف ينقصه كل شيء، عدا المازوت، فالشتاء على وشك الرحيل ولم تسقط الأمطار إلا نادراً، فهل سيستخدم السوريين المازوت لإحراق أنفسهم لتكرار حالات البوعززين، وماذا سيحدث في سوريا عندما يتفسخ هيكل مبارك قبل أن يتحنط ، هل سيستقبل الشعب السوري إنفلونزا الحرية أم سيرضون بنظرية “السكوت مقابل المازوت”.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…