فريد سعدون
لك، أيها القلب الذي تكشف أمي عن ولادته في الدغل الشمالي لحدود النقمة، أحمل عويل بنات آوى الرخيم في كيزان السراخس، وأنثرها كلماتٍ على قامة الألم الدفين، ضريح الطريدة، وللصياد أترك عتمة الليل، فإن قبس الضحكة الأولى لميلاد المشيئة النورانية، صكوكه محفوظة في رحم أمي، سأقول لك يالْمجللة بسنابل التخوم المقدسة، إن فرسان الخلافة ترجلوا هاهنا، فكان الحجّاج وكان الخوارج، وكان مغزلك يسرد عن جحافل العبث، يقيناً يتموج على لهاث الحكاية: أن الربَّ يدبّرُ شؤون الحكمة المفقودة، ولا بدَّ للأثافي أن تخبرك عن الطلل المنسوج بظلِّ الخرافة
وكيف اندسَّ الحزن؟ بأناقته المبهرجة، إلى مائدتك، كوَخْطِ خريف متثاقل، يفاجئ العمر بوخز الرحيل، وكيف تهيأت المسافاتُ – من لدن الجهات المكتظة بالغبار – لمراسيم النهب؟ ها يتقدم الدمُ الأثيلُ ليقتفي أُجاجَ إثمه، ينقِّبُ عن إفْكٍ آسن كدّر صفحته، ويمتاح لجّـةً ترى فيها عوجاً وأمْتا، فيرتدُّ على آثاره أسفاً قصصا، يتحسس خيبة الأيام السالفة، ليغرق في التيه، متقنعاً بوشاح الاندحار، يلم أثيث تجهّمه بين يدي البأساء والضراء، ويتبتل ليله في بطن المحنة، عسى طلاسم المكان تنحر له قصيدة من بخور البراءة، في مجمر الإله.
أيها المبتدأ بقلم العزة، تحمل صليبك في غسق التاريخ، وتمشي الهوينى كالْوجْي الوحلِ فوق عصير المغفرة، تستأذن البرْحَ أن يمسح عنك درن الخطّائين، فتوقد العفة المبرورة في هزيع المظلمة، هاأنت يالدم المبتّك بطيش الاستعلاء، تتسلق كاللبلاب فورة الطين، وترخي ضفائرك المجدولة من نعمة القدر، تثعّباً في يوم ذي مشـأمة، فتنفر القطا في مهب عذريتك، وتلوذ بك ابتسامة تائهة، أضاعت عشها في جلبة المدرج، وانحدار الكرة في جوف الهاوية، لتعانق دفأك الهادئ ، فتخبئها تحت مئزرك، وتسرح حنينها مع سرب قضى شتاءه في سهول المسغبة، وآن له التلذذ بمغان الشمال، فقد أينعت ظلال الأصفاد، وأورقت تلكم البيادر فاكهة وأباً، كم تتشبث بك ، وأنت القاني، دوائرُ من قوس قزح، أهو الشوق إلى ملمسك الرهيف ، أم تقود إليك الحراب أطياف السماء؟ وتبعث عشتار ربيعها النائم، فتوقظ في براري رحمتك الحزن المسهّد – ليلة الأمس في آذار- من أجراس تؤذن بمخاض المدينة، أيها الدم الموتور، أي سفر كان الفجيعة، وأي جرح كان اقتناص الفريسة؟ تأتي مدججاً بشهوة الانعتاق، تتفرّس أثر الرسول، وتفك رموز الألواح، لعلك تقرأ في التاريخ الآبق حيثيات الدسيسة.
وهاأنت تتربع على أثافي الحزن، كقبّرة تنفخ أبواق الذهول من نجيعك الذي يلون مغزل أمي بلون التوت البري، كما كنت أمضغه في دغلك، يالشمال المفتون بهبوب الجندرمة ومهربي التبغ، ألا فلتقيّد نهمك المتدفق، كي تغفو الابتسامة في سلة من عشق المساء، وتتدحرج الكرة مسيل دم مارق، نافورة حزن، يمسح عن مدينتي تدليس الرواة، ألا لك المجد في السماء.
أيها المبتدأ بقلم العزة، تحمل صليبك في غسق التاريخ، وتمشي الهوينى كالْوجْي الوحلِ فوق عصير المغفرة، تستأذن البرْحَ أن يمسح عنك درن الخطّائين، فتوقد العفة المبرورة في هزيع المظلمة، هاأنت يالدم المبتّك بطيش الاستعلاء، تتسلق كاللبلاب فورة الطين، وترخي ضفائرك المجدولة من نعمة القدر، تثعّباً في يوم ذي مشـأمة، فتنفر القطا في مهب عذريتك، وتلوذ بك ابتسامة تائهة، أضاعت عشها في جلبة المدرج، وانحدار الكرة في جوف الهاوية، لتعانق دفأك الهادئ ، فتخبئها تحت مئزرك، وتسرح حنينها مع سرب قضى شتاءه في سهول المسغبة، وآن له التلذذ بمغان الشمال، فقد أينعت ظلال الأصفاد، وأورقت تلكم البيادر فاكهة وأباً، كم تتشبث بك ، وأنت القاني، دوائرُ من قوس قزح، أهو الشوق إلى ملمسك الرهيف ، أم تقود إليك الحراب أطياف السماء؟ وتبعث عشتار ربيعها النائم، فتوقظ في براري رحمتك الحزن المسهّد – ليلة الأمس في آذار- من أجراس تؤذن بمخاض المدينة، أيها الدم الموتور، أي سفر كان الفجيعة، وأي جرح كان اقتناص الفريسة؟ تأتي مدججاً بشهوة الانعتاق، تتفرّس أثر الرسول، وتفك رموز الألواح، لعلك تقرأ في التاريخ الآبق حيثيات الدسيسة.
وهاأنت تتربع على أثافي الحزن، كقبّرة تنفخ أبواق الذهول من نجيعك الذي يلون مغزل أمي بلون التوت البري، كما كنت أمضغه في دغلك، يالشمال المفتون بهبوب الجندرمة ومهربي التبغ، ألا فلتقيّد نهمك المتدفق، كي تغفو الابتسامة في سلة من عشق المساء، وتتدحرج الكرة مسيل دم مارق، نافورة حزن، يمسح عن مدينتي تدليس الرواة، ألا لك المجد في السماء.