تركيا عند حافة الخطر

دلشا يوسف

مع إقتراب موعد الإنتخابات التشريعية العامة المزمع إجراؤها في حزيران القادم، تضيق الخناق حول عنق الحكومة التركية برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.

فقد بقي أقل من شهر و نصف الشهر على إقتراب إنتهاء مدة الهدنة التي أعلنها زعيم حزب العمال الكوردستاني عبد الله أوجلان، كآخر موعد لإنسحابه من الوساطة في ردع الحزب من البدء بعملياته العسكرية من جديد، و ذلك بهدف تمهيد الجو من أجل نجاح عملية المحادثات الجارية بين مؤسسات الدولة و عبد الله أوجلان في موقعه بسجن إمرالي.
    وكما يتضح من كافة المؤشرات أنه و في  حال فشل المفاوضات و المحادثات بين الدولة و أوجلان، و عدم الوصول إلى إتفاق رسمي واضح بشأن مطاليب الكورد، سوف يُدق ناقوس الخطر من جديد.

و يبدو أن هذه المرة لن تكون كسابقاتها، لأن عبد الله أوجلان حذّر جميع الأطراف و لمرات عديدة خلال تصريحاته في الفترة الماضية، أنه سينسحب من الوسط و لن يتدخل في أي قرار يتخذه حزب العمال الكوردستاني، و هذا يعني صعوبة التحكم و السيطرة على سير الأحداث المنتظرة.

و يمكننا أن نستشف من تصريحات أوجلان الأخيرة خلال لقاءاته مع محاميه، أنه بدأ يشعر بالقلق من أن الدولة تحاول إستدراجه و الإيقاع به و بحزبه و القضية الكوردية، من خلال إطالة أمد المحادثات كما حدث في الأعوام السابقة على حد قوله، دون إعلان أي مبادرة رسمية من جهة الدولة و الحكومة بشأن حل القضية الكوردية في الوقت المحدد.

و بالأخص أن فترة الهدنة التي ستنتهي في آذار القادم شارف على الإنتهاء.

و لم يتوانى كتاب العمود في الصحف التركية في إبداء رأيهم و قلقهم أيضا حول التطورات الجارية بهذا الشأن، حيث نشر (جودت آشكن) كاتب العمود في صحيفة راديكال مقالا طويلا بعنوان ” قطع أوجلان الأمل من أنقرة، فدعى للمقاومة الشاملة “، يسترسل فيها الكاتب تحت عناوين فرعية نقاط هامة يحاول من خلالها لفت النظر للمرحلة الخطرة التي تمر بها تركيا.

يذكر الكاتب أن أوجلان نوّه في تصريح له أن أنقرة لا تنوي إيجاد الحلول للقضية الكوردية، بل هناك خطة من أجل القضاء على الكورد و أنه و في حال عدم ظهور أي بشأئر بهذا الشأن لحين شهر حزيران القادم، سوف يبدأ حزب العمال الكوردستاني هجماته العسكرية من جديد.

و يستحضر الكاتب مواقف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان و أساليبه الشخصية في مواجهة الخطر المتوقع من جهة حزب العمال الكوردستاني في فترة ما قبل الإنتخابات، حيث يذكر أن أردوغان حذّر قائمقامي (81) منطقة تجاه عمليات حزب العمال الكوردستاني بقوله:

إن حزب العمال الكوردستاني و بعد خسارته جميع السبل التي يستثمرها لصالحه ضد الدولة، بدأ يشعر بالضعف، لذا يرغب في القيام ببعض أعمال التحريض و التحريك في مدننا.

حيث ينوي الحزب تشكيل السياسة الداخلية حسب رغبته و بالأخص قبل الإنتخابات التشريعية.

كما ينقل الكاتب بعض تصريحات (كولتان قشناك) رئيسة حزب السلام الديمقراطي بالمناصفة،  و هي تلفت النظر لمرور تركيا في منعطف تاريخي خطير بقولها:

إما الديمقراطية أو الصراع، إما الحل ، أو الإشتباكات، إما الحريات، أو مقاومة عنيفة من أجل الحريات.

تركيا على حافة مرحلة متأزمة.

و يضيف الكاتب عبارات أخرى للسيدة كولتان قشناك حيث تقول:

 

تركيا لم تعد تتحمل المزيد من الحروب.

هناك فرصة تاريخية من أجل إيجاد الحلول للقضية الكوردية بالسبل السلمية و الديمقراطية، و يتوجب تقييم هذه المرحلة بالشكل اللازم.

و لكن و للأسف الشديد، إن الحزب الحاكم لا يبدي أي جهد و لم يتقدم و لو خطوة في هذا الشأن.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…