هجرة و فقر… والآن زمن السرقات في زهرة الجزيرة (ديركا حمكو)

   بقلم  م.هوزان ديرشوي

غريب أمر مدينة ديريك (المالكية) التي تعتبر من أجمل مناطق الجزيرة طبيعة و هدوء وهذا الهدوء ليس لأنها قرية صغيرة في أحضان الطبيعة فالاحصاءات الرسمية تشير أن عدد سكان المدينة يبلغ خمس وتسعون ألف نسمة , ولكن أين كل هؤلاء , في النهار سترى بضع من الوجوه التي رأيتها البارحة في سوقها المشهور لدى أهل جزيرة بوطان السوق المميز في ديركا حمكو منذ القديم ولكنهم يتفاجأون عندما يزورون ديرك ويسألون أين هذا السوق الذي شوقنا لرؤيته , والهدوء التام يبدأ بمجرد سقوط الليل وخاصة و الآن أيام الشتاء بعد المغرب تخلو الشوارع إلا من بعض الشباب القلة القليلة , وعندما تسأل أحد الختايرة عن وضع ديريك سيقول لك ” الحمد لله tu kes ji nêza na mire” ,

 

 لا تخلو قرية أو مدينة صغيرة أو كبيرة في سوريا وخارجها لا تخلو من عائلة أو حتى شخص من ديركا حمكو فهم انتشروا في الأرض ويسعون في ذكر الله , لذا من المؤكد ستلتقي صديقا لك في زورأفا أو صحنايا أو سبينة أو قرى الأسد أو المزة أو ركن الدين بدمشق أو في الشيخ مقصود والاشرفية والسريان والحيدرية والميدان بحلب وكذلك في معظم المدن السورية و إن كانت لك رحلة سياحية خارج سورية فلا تنسى أن تزور صديقا لك من ديريك في بيروت أو طرابلس أو دبي أو الشارقة أو جدة أو الرياض أو الجزائر أو فرانكفورت أو فيرنهام أو هالة أو جنيف أو وارسو أو بروكسل أو أنتوارب أو روتردام أو امستردام أو فيبورغ أو إيفالو أو لندن  أو………..الخ , وعندما تلتقي بأحدهم قل له:

” Çiya bi çiya nakevin, lê çav bi çava dikevin” ومن المؤكد بأنه سيرد عليك بالقول ” Şam şekire lê welat şêrîntire”
ومن المؤكد أنهم لم يهجروها سياحة أو رحلات استكشافية حول العالم و إنما لمختلف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية  مع العلم أن مدينة ديريك من أغنى مدن سورية في طبيعتها وثرواتها سواء الزراعية أو الباطنية , و الأغرب من هذا كله ما انتشر من ظاهرة جديدة هذه الايام في هذه المدينة و هي ظاهرة سرقة المحلات  , أو المنازل  والزمن الفارق بين سرقتين لا يتعدى بضعة أيام وكأن السارق في نفسه يقول ” أجل طعام اليوم إلى الغد ولا تؤجل سرقة اليوم إلى الغد” و أغلب المحلات المسروقة تكون على الشوارع العامة و تكون محلات معروفة على مستوى المدينة ولكن و الأغرب أن معظم السرقات تطال فقط بيت المال في هذا المحل ولا يأخذ السارق إلا شيئا قيماً فقط يدرك أنه سيجلب من وراءه مالا ويترك باقي الأشياء كما هي , و بنتيجة التحقيقات تم القبض على البعض منهم فكان البعض منهم لهم سوابق في السرقات والبعض الآخر جديدي ممارسة السرقة و البعض الآخر تستغرب من فعلته فتحتار ماذا ستفعل مع سارقك وانت تعرف أصله وفصله وكل أهله  فتقول في نفسك ” Yek dîn, yek dirist”

فكيف ومتى ستعود الحيوية والنشاط والحركة والأسواق إلى هذه المدينة , الله وحده يعلم .

Hozan-dershewi@hotmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…