أما على الصعيد السياسي لم تأت مفاوضات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائداً ألمانيا أي ما تسمى بمجموعة (5+1) مع إيران حول ملفها النووي بأي جديد أو إختراقاً يذكر سوى الاتفاق على الاستمرار بجولة أخرى والتي سوف تنعقد في استنبول ويجدر بالذكر هنا أن المفاوضات هذه تمت بعد يوم واحد من إعلان علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة النووية في إيران عن إنتاج أول دفعة من اليورانيوم المركز والذي يعرف بالكعكة الصفراء والسيد علي هو الذي ترأس وفد بلاده في حين ترأس وفد المجموعة السيدة كاترين آشتون المسؤولة العليا للسياسات الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوربي.
ومما توحي به هذه المفاوضات الماراتونية أنها لم تشكل حتى الآن ضغطاً كافياً بالقدر الذي يمكّن المجتمع الدولي على إلزام النظام الثيوقراطي في طهران بالتنازل عن هدفه في السير نحو إنتاج السلاح النووي بالرغم من العقوبات الاقتصادية الموجعة التي اتخذت بحق إيران وبالأخص من جانب الإدارة الأمريكية التي تؤكد مراراً على حل القضية بالطرق الدبلوماسية وعن طريق المفاوضات وسياسة الانخراط الإيجابي.
ولم يكن نصيب المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أفضل حالاً حيث أعلنت الإدارة الأمريكية فشلها في مساعيها حيال السلام في المنطقة حينما تراجعت عن شرطها الأساس الذي لم يستطع الرئيس الأمريكي الدفاع عنه وفرضه ولم تستطع القيادة الفلسطينية التخلي عنه من أجل تأمين آفاقٍ رحبة في سيرورة هذه المفاوضات ونعني بذلك الشرط تجميد المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاثة أشهر مقابل حوافز ومغرياتٍ مادية تصل إلى حدود عشرة مليارات دولار أي بمعدل ثلاثة ملايين لكل يوم تجميد ومع ذلك رفضت الحكومة الإسرائيلية اليمينية الموغلة في التطرف ذلك الشرط مما اعتبر ذلك صفعةً قوية لإدارة أوباما.
وعلى عكس هذه الأجواء خطت العملية السلمية في العراق خطوة مشجعة نحو إرساء حقيقي لدولة العراق الفيدرالي الديمقراطي التعددي بعد مصادقة البرلمان على التشكيلة الوزارية الجديدة والتي تعدّ بحق إنجازاً وطنياً كبيراً بعد فترة طويلة تخللتها الكثير من الشد والجذب وعضّ الأصابع الناتجة عن أجواء عدم الثقة التي راجت بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات النيابية الأخيرة حيث قدّم رئيس الوزراء المكلف الدكتور نوري المالكي أسماء وزرائه لشغل المناصب والتي بلغت 42 منصباً ( وزير ووزير دولة) وكذلك تقديمه لبرنامج وزارته والذي تضمن أربعين فقرة حيث شدّد على إكمال مشروع المصالحة الوطنية وإشاعة روح الاعتدال فكراً وسلوكاً وثقافةً والحفاظ والالتزام الكاملين بالدستور ودعا أيضاً إلى تحسين علاقات العراق مع المحيط العربي والإسلامي والانفتاح على المجتمع الدولي وقد جاءت هذه الخطوة بعدما توافق رؤساء الكتل السياسية فيما بينهم على تشكيل المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية وذلك نزولاً عند رغبة الدكتور إياد علاوي رئيس القائمة العراقية – الذي كان يتمسك بأحقيته لرئاسة الوزراء- الذي أثار الخوف والتشكيك من أن يشكل هذا المجلس كعب أخيل في آلية عمل مجلس الوزراء نظراً للخشية من تشابك المهام الدستورية والتنفيذية المناطة به وأن يصبح هذا المجلس بمثابة مقدمة لشخصنة المؤسسات الدستورية ما يؤثر سلباً على مجمل العملية السلمية في العراق وترافق ذلك مع قرارات جديدة اتخذها مجلس الأمن الدولي بصدد العراق متضمنة إلغاء غالبية العقوبات التي تمّ فرضها على العراق عقب غزوه للكويت مثل إلغاء العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء ورفع الحظر عن النشاطات النووية العراقية لتنفيذ برنامج نووي سلمي وكذلك قرار يتعلق بموارد العراق.
وعلى الساحة الوطنية السورية يبدو من المبكر الحكم على قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتعيين السيد فورد سفيراً للولايات المتحدة في سوريا خلال عطلة مجلس الشيوخ الأمريكي الذي عارض هذا التعيين طيلة الفترة الماضية حينما رشحه الرئيس لهذا المنصب في شباط الماضي والذي اضطر إلى استخدام صلاحياته التنفيذية التي تخوله لمثل هذه التعيينات ولكن لفترةٍ مؤقتة لا تتجاوز السنة الواحدة وقد أصبحت موافقة مجلس الشيوخ تواجه صعوباتٍ أكثر سيما بعد الانتخابات الأخيرة التي نال فيها الجمهوريون الأغلبية علماً أنّ رفضهم لم يكن تشكيكاً بقدرات السيد فورد الدبلوماسية والمهنية- وهو الذي يتقن اللغة العربية – بقدر ما كان التشكيك في صوابية هذا القرار والفائدة المرجوة منه ومدى انعكاسه على ماهية التعاطي السوري مع أولويات الإدارة الأمريكية الثلاث وهي علاقة سوريا مع حزب الله وحماس وأيضاً علاقاتها الإستراتيجية مع إيران في الوقت الذي أكدّت فيه إدارة الرئيس أوباما على تبنيها لمبدأ الحوار مع دمشق على عكس الإدارة السابقة التي اتخذت من سياسة العزل طريقاً في تعاملها مع سوريا.
في الوقت الذي لا تزال سياسة كمّ الأفواه سارية بموجب حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي لا تعرف الشيخوخة بل تبقى أبد الدهر يافعة وفي ظلها تستمر الاعتقالات وبخاصة في المناطق الكردية حيث طالت الشعراء والمهتمين بالشأن العام ومنهم السادة :
1.
عبد الصمد حسين محمود (شاعر)
2.
عمر عبدي اسماعيل ( شاعر)
3.
أحمد فتاح اسماعيل
الذين اعتقلوا على خلفية تنظيم مهرجان شعري في منزل الأخير، كما طال الاعتقال الكيفي الدكتور الصيدلاني وليد محمود يوسف والكاتب سيامند إبراهيم.
وهنا لا بدّ من التذكير باستمرار اعتقال السياسيين الكرد السادة : مشعل التمو – مصطفى جمعة – محمد سعيد – محمد سعدون – حسن صالح – محمد مصطفى ومعروف ملا أحمد…..
ومعتقلي إعلان دمشق إضافة إلى شيخ الحقوقيين المحامي هيثم المالح والمحاميان أنور البني ومهند الحسني .
هذا ويحدث كل ذلك في الوقت الذي يزداد الوضع المعيشي اليومي لمعظم فئات الشعب سوءاً وتدهوراً وخاصة مع حلول فصل الشتاء، فضلاً عن معاناة المواطنين المتجددة مع مادة المازوت التي لم تولي الحكومة أي اهتمام لها لا بل هناك توجهات لزيادة في أسعار المواد مما يزيد من الطين بلة.
إضافة إلى ذلك هناك طوابير من المهاجرين الكرد وغيرهم من محافظة الحسكة نتيجة لتطبيقات المرسوم 49 السيء الصيت وآثاره السلبية على مجمل الحركة الاقتصادية في البلاد وبشكل خاص في الجزيرة.
في ضوء ذلك لا بد من التأكيد على مبدأ الحوار والتلاقي بين الأطر القائمة في الحركة الوطنية الكردية إلى جانب الفعاليات الثقافية والاجتماعية والمنظمات الأخرى التي تعني بالشأن العام الكردي نحو توفير مستلزمات عقد مؤتمر وطني كردي تنبثق عنه مرجعية وطنية كردية كما كان يؤكد عليه دائماً الراحل الكبير رئيس حزبنا الأستاذ اسماعيل عمر.
9 كانون الثاني 2011
اللجنة السياسية