و بين سخط الحكومة والجيش، و تمايز ردود فعل الأحزاب السياسية اليسارية منها و القومية المتعصبة، برزت آراء كتاب العواميد الثابتة و المتحولة في الصحافة التركية ، ليعلنوا من خلال مقالاتهم الكثيرة التي نشروها في هذا السياق – و التي لا يمكن لأي طرف من الأطراف التي ذكرتهم فوق ، تغاضي النظر عنها، و المرور عليها مرور الكرام- مواقفهم حول هذه المطاليب .
ففي مقال طويل نشر على جزئين، تحت عنوان (الدولة الكوردية، الفيدرالية، الإدارة الذاتية)، يسلط الكاتب حسن جمال الضوء على النظام الفيدرالي في العراق و أسلوب الإدارة الذاتية في إقليم كوردستان كنموذج يحتذى به.
حيث يذكر في إفتتاحية مقاله:
” نظام الحكم في العراق فيدرالي، و القسم الشمالي من العراق يدار من قبل إدارة ذاتية كوردية تسمى “إدارة إقيلم كوردستان العراق” أو بإختصار كما يسمونه الكورد ب ” كوردستان”.
ينظر جميع الكورد بقدسية لأقليم كوردستان العراق.
هذا الأمر يشبه نظرة اليهود المقدسة في جميع أنحاء العالم لدولة إسرائيل.
يشعرالكورد جميعا بالغبطة و الفخر، لوجود إقليم كوردستان، لأنه يعني بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت”.
كما ينوه الكاتب لأسلوب الحياة في إقليم كوردستان قائلا:
” في هذه (المنطقة الحرة)، كل شيء باللغة الكوردية، المدارس، الجامعات، المحاكم و الإعلام.
و لأن أكرادنا (ويقصد بهم كورد تركيا) يعلمون بذلك، يرسلون أبنائهم للدراسة في دهوك، اربيل و السليمانية”.
و يحذر الكاتب حسن جمال الدولة التركية من مغبة الإستغفال عن النماذج و الحقائق التي ذكرهم قائلا:
” من الصعب بمكان إستباب الأمن والإستقرار في السياسة الداخلية و الخارجية في تركيا، ما لم تأخذ المفاهيم و النماذج التي ذكرتهم بعين الإعتبار”.
و في نفس السياق و في المصدر نفسه، نشر كاتب العمود (دريا سازاك) مقالا تحت عنوان ” الإدارة الذاتية”، ينتقد فيها حكومة حزب العدالة و التنمية الحاكم، لتخلفها في المبادرات السياسية مقارنة بحزب السلام الديمقراطي الكوردي، واصفا مبادرة الأخير، بطرحه لمشروع الإدارة الذاتية، بالجريء و الناجح.
بقوله:
” إن عملية طرح حزب السلام الديمقراطي لمشروع الإدارة الذاتية، ك (مشروع سياسي) للنقاش عليه داخل تركيا، يشبه بطابعه نماذج ، إيرلندا، سكوتلندا، الباسك و كاتالونيا الإسبانيتين.
إن مسودة مشروع الإدارة الذاتية تُخرج القضية الكوردية من طابعها المسلح، لتضفي عليها طابعا سياسيا جديدا، من شأنه منح الكورد موقعا خاصا، بإدارتهم لذاتهم، وإرسال ممثلين لهم لمجلس الأمة في إطار الحكم الذاتي، دون إجراء أي تغير على خارطة الجمهورية التركية.
غير ذلك هناك مطاليب بعلم خاص، و شعارات خاصة و قوات دفاع خاصة”.
أما الكاتب (أيوب جان) رئيس تحرير صحيفة راديكال، فيتحدث في مقال له بعنوان “هل تعدد اللغات يجزئ تركيا ، أم اللغة الواحدة؟”، حول مدى تأثير منع اللغة الكوردية على إستمرار اللاإستقرار و الأجواء المشحونة بالعنف و الشدّة و تعميق مخاوف التجزيء في تركيا.
و يؤكد الكاتب على أن اللغة الكوردية تعتبر عتبة الديمقراطية للقضية الكوردية في تركيا، و قبول الإختلافات الأثنية و اللغوية، لا يعني التجزيء و إلاّ لكان كل من أمريكا و كندا و إسبانيا قد تجزأوا منذ زمن بعيد.
و يوضح الكاتب حسب رأيه الأسلوب الصحيح لحل هذه القضية بقوله:
” لا بد من قيام تركيا من جديد بتعريف مفهومها الديمقراطي ، بشأن تعدد اللغات و الديانات و الثقافات.
و هذا لا يعني تجزيء تركيا، بل إن الإصرار و العناد على الإعتقاد باللغة الواحدة، والدين الواحد و الثقافة الواحدة، من شأنه وضع تركيا في طريق مسدود”.