الإدارة الذاتية الديمقراطية

  دلشا يوسف

   اثارت مطاليب الكورد بالإدارة الذاتية الديمقراطية و إعتماد اللغة الكوردية لغة ثانية، جدلا واسعا في الوسط السياسي و لدى الرأي العام التركي.

و بين سخط الحكومة والجيش، و تمايز ردود فعل الأحزاب السياسية اليسارية منها و القومية المتعصبة، برزت آراء كتاب العواميد الثابتة و المتحولة في الصحافة التركية ، ليعلنوا من خلال مقالاتهم الكثيرة التي نشروها في هذا السياق – و التي لا يمكن لأي طرف من الأطراف التي ذكرتهم فوق ، تغاضي النظر عنها، و المرور عليها مرور الكرام- مواقفهم حول هذه المطاليب .
 فلغالبية كتاب العواميد في تركيا وزنهم الخاص  و لآرائهم تأثير كبير على شرائح واسعة في المجتمع التركي، و نخص منهم الكاتب حسن جمال الذي يتحف الصحافة التركية يوميا بآرائه الموضوعية و بالأخص في الشأن الكوردي في عموده الثابت بصحيفة مللييت.

   ففي مقال طويل نشر على جزئين، تحت عنوان (الدولة الكوردية، الفيدرالية، الإدارة الذاتية)، يسلط الكاتب حسن جمال الضوء على النظام الفيدرالي في العراق و أسلوب الإدارة الذاتية في إقليم كوردستان كنموذج يحتذى به.
حيث يذكر في إفتتاحية مقاله:
” نظام الحكم في العراق فيدرالي، و القسم الشمالي من العراق يدار من قبل إدارة ذاتية كوردية تسمى “إدارة إقيلم كوردستان العراق” أو بإختصار كما يسمونه الكورد ب ” كوردستان”.


ينظر جميع الكورد بقدسية لأقليم كوردستان العراق.

هذا الأمر يشبه نظرة اليهود المقدسة في جميع أنحاء العالم لدولة إسرائيل.
يشعرالكورد جميعا بالغبطة و الفخر، لوجود إقليم كوردستان، لأنه يعني بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت”.
    كما ينوه الكاتب لأسلوب الحياة في إقليم كوردستان قائلا:
” في هذه (المنطقة الحرة)، كل شيء باللغة الكوردية، المدارس، الجامعات، المحاكم و الإعلام.

و لأن أكرادنا (ويقصد بهم كورد تركيا) يعلمون بذلك، يرسلون أبنائهم للدراسة في دهوك، اربيل و السليمانية”.
   و يحذر الكاتب حسن جمال الدولة التركية من مغبة الإستغفال عن النماذج و الحقائق التي ذكرهم  قائلا:
” من الصعب بمكان إستباب الأمن والإستقرار في السياسة الداخلية و الخارجية في تركيا، ما لم تأخذ المفاهيم و النماذج التي ذكرتهم بعين الإعتبار”.
   و في نفس السياق و في المصدر نفسه، نشر كاتب العمود (دريا سازاك) مقالا تحت عنوان ” الإدارة الذاتية”، ينتقد فيها حكومة حزب العدالة و التنمية الحاكم، لتخلفها في المبادرات السياسية مقارنة بحزب السلام الديمقراطي الكوردي، واصفا مبادرة الأخير، بطرحه لمشروع الإدارة الذاتية، بالجريء و الناجح.

بقوله:
”  إن عملية طرح حزب السلام الديمقراطي  لمشروع الإدارة الذاتية، ك (مشروع سياسي) للنقاش عليه داخل تركيا، يشبه بطابعه نماذج ، إيرلندا، سكوتلندا، الباسك و كاتالونيا الإسبانيتين.


إن مسودة مشروع الإدارة الذاتية تُخرج القضية الكوردية من طابعها المسلح، لتضفي عليها طابعا سياسيا جديدا، من شأنه منح الكورد موقعا خاصا، بإدارتهم لذاتهم، وإرسال ممثلين لهم لمجلس الأمة في إطار الحكم الذاتي، دون إجراء أي تغير على خارطة الجمهورية التركية.
غير ذلك هناك مطاليب بعلم خاص، و شعارات خاصة و قوات دفاع خاصة”.
   أما الكاتب (أيوب جان) رئيس تحرير صحيفة راديكال، فيتحدث في مقال له بعنوان “هل تعدد اللغات يجزئ تركيا ، أم اللغة الواحدة؟”، حول مدى تأثير منع اللغة الكوردية على إستمرار اللاإستقرار و الأجواء المشحونة بالعنف و الشدّة و تعميق مخاوف التجزيء في تركيا.
  و يؤكد الكاتب على أن اللغة الكوردية تعتبر عتبة الديمقراطية للقضية الكوردية في تركيا، و قبول الإختلافات الأثنية و اللغوية، لا يعني التجزيء و إلاّ لكان كل من أمريكا و كندا و إسبانيا قد تجزأوا منذ زمن بعيد.
   و يوضح الكاتب حسب رأيه الأسلوب الصحيح لحل هذه القضية بقوله:
”  لا بد من قيام تركيا من جديد بتعريف مفهومها الديمقراطي ، بشأن تعدد اللغات و الديانات و الثقافات.

و هذا لا يعني تجزيء تركيا، بل إن الإصرار و العناد على الإعتقاد باللغة الواحدة، والدين الواحد و الثقافة الواحدة، من شأنه وضع تركيا في طريق مسدود”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…