فالشراكة الفيدرالية العربية – الكردية في اطار دولة مواطنة ديموقراطية هو اقل ما يمكن ان يقبل به الاكراد في العراق وتعميق هذه الشراكة وتكريسها بعيدا عن وضع العصي في عجلتها كما تحاول بعض القوى الاقليمية المتحالفة مع الجهات السياسية العراقية المناوئة لتطور الدور الكردي في عراق اليوم وتعميق هذه الشراكة وذاك الدور يصب في صالح الطرف العربي قبل الكردي وخاصة التيارات القومية العربية المتباكية على وحدة العراق ذلك ان البديل سيكون على شاكلة السيناريو السوداني ذلك ان السودان هو الاخر ابتلي كما العراق بغطرسة نزعات التوحيد القسري والصهر القومي التي لطالما حملتها انظمة عسكرية تسلطت على بلد متعدد الاثنيات والديانات والثقافات وبعد عقود وعقود من الحروب ورفض السلام والحوار والتعايش وبفعل اهتراء البنية التحتية للاستبداد العسكريتاري السوداني رضخ نظام البشير للامر الواقع عبر اقراره بحق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره عبر الاستفتاء المزمع في التاسع من الشهر الاول من العام الجديد بموجب اتفاقية نيفاشا فهل ستتعظ النخب السياسية العراقية والعربية عامة لاسيما ذات النفس القوموي الاسلاموي من تجربة السودان مع جنوبه وتتخلى عن عقدة الكردفوبيا لديها وتحمد الله الف مرة على تمسك الطرف الكردي بعراق ديموقراطي فيدرالي يتعايش فيه العرب والاكراد يكون فيه جلال طالباني رئيسا للعراقيين بعربهم واكرادهم ويرأس فيه هوشيار زيباري دبلوماسيته وهكذا فكلما اتسمت العملية الديموقراطية العراقية بالحيوية والمرونة واتسعت لتشمل مختلف الوان الطيف العراقي وبخاصة الاكراد كلما ساهم ذلك في تكريس الخيار الاتحادي التعايشي مع العرب لدى الاكراد وزادهم رغبة في البقاء ضمن العراق وثقة في مستقبله كوطن جامع فالكرة والحال هذه في ملعب عرب العراق نخبا وناسا لجهة الحفاظ على وحدة العراق وعدم استقلال كردستان عنه عبر القطع مع نزعات التفوق والاستعلاء على باقي قوميات الوطن العراقي والتصالح مع فكرة التعايش والمساواة مع كل المكونات العراقية في اطار دولة ديموقراطية مدنية تقدم نموذجا رائدا لحل القضية الكردية في عموم المنطقة .
فالزوبعة المثارة مؤخرا والحال هذه في فنجان الاعلام العروبي حول حق اكراد العراق في تقرير المصير على خلفية تصريحات البارزاني خلال افتتاح مؤتمر الحزب الديموقراطي الكردستاني ما هي سوى محاولة اخرى لشيطنة الاكراد واستعدائهم ومصادرة حقهم المشروع في تقرير مصيرهم الذي بذلوا دونه تضحيات جسام منذ تاسيس الدولة العراقية وحتى يومنا هذا فهم لم يطرحوا هذا الحق اليوم او البارحة بل هو حق مبدئي لهم لطالما رفعوه وعملوا على تحقيقه طيلة تاريخهم النضالي في مقارعة الاستبداد فقبل المؤتمر الاخير للديموقراطي الكردستاني اعاد الاتحاد الوطني الكردستاني قبل نحو ستة اشهر في مؤتمره الثالث التوكيد على هذا الحق فلماذا اذن كل هذه الجلبة المفتعلة والضجة الفارغة التي تثيرها بعض الاوساط السياسية والاعلامية العربية هذه الايام حول تخوين الاكراد مجددا لمجرد تاكيدهم على تمتعهم بحق تقرير المصير .