لا بد من نظرة أخرى لمادة التربية الوطنية في المناهج السورية

شيركو جزراوي*
لا أدري بماذا أصفها هل يا ترى هي قراءات قومية؟ أم هي لزرع فكر العنصرية والتي طفت على السطح منذ ظهور التيار العروبي في الخمسينيات من القرن الماضي, وازدادت حدة المشاعر العنصرية العروبية منذ سقوط نظام صدام حسين البائد, وأخذت هذه النعرة القومية العنصرية تكبر يوم بعد يوم,  شبان جاهلون مملوءين بالحقد الأسود يهاجمون مجموعة من العمال الأكراد في إحدى القرى العربية وينعتونهم بالخونة, يخرج أحد العمال رأسه كي يرى ماذا هناك وبظهور الرأس يصرخ أحدهم من العصبة القوموية اقطع رأسه إنه كردي

أي جريمة ارتكبها الله بأن خلقهم أكراداً, إنه نعت رهيب وقذر يصدر عن فكر هؤلاء الشبان الذين يفتقرون إلى أبسط أنواع الأخلاق العربية التي يتغنون بها منذ عقود طويلة, بماذا نستطيع أن نوسمهم؟ جاهلون, مسيسون حزبياً, ساقطين, في أية مدرسة تربوا وعلى أية قيم دخلوا مدرسة الحياة, أجزم أنه آن الأوان لمراجعة سريعة في مادة التربية القومية في مناهج التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي, مادة التربية القومية الاشتراكية تشحن العنصرية العربية في نفوس الشباب العرب, وبصراحة أكثر الطلاب الأكراد والسريان, والتركمان و الأرمن مكرهون لقراءة هذه المادة التي لا تفيد بشيء سوى بث روح العنصرية العروبية في النفوس, وتوسع دائرة الكراهية بين أبناء الوطن الواحد بشتى أطيافه, وثمة سؤال ثان وهو ماذا يستفيد الطالب من دراسة هذه المادة الحفظية الجافة؟! تدريس هذه المادة تشبه عندنا في المناطق الكردية وخاصة عند وضع خيمة العزاء, ويأتي أحد أشباه الملالي الأكراد ويخاف أن يدخل في تناول أمور الظلم والاضطهاد للشعب الكردي, ويغير بوصلة وعظه إلى الكفر والإلحاد ويوم الآخرة, وينسى أن ثمة إيزيدين وأخوة مسيحيين هم أيضاً جاءوا لتقديم واجب العزاء, ويبدأ بحماسة مفرطة ليكسب المزيد من الشهرة بإيمانه القوي وعقيدته الراسخة, ويزداد موسم الزكاة وخاصة من أهل الميت الذين يتأثرون كثيراً من خطبته الحماسية, وهكذا يستمر في إيراد المزيد من الأحاديث الشريفة والآيات القرآنية التي تحث على الجهاد, وقتل كل كافر لا يصلي, وغيرها من الفتاوى التكفيرية اللعينة, يقوم أحد أصحاب المتوفى بالهمس في أذنه ويقول له يا سيدنا الملا: حاذر وهدأ من روعك وحماسك, ثمة بعض الأخوة الإيزيدين, والمسيحيين تحت خيمة العزاء, يقوم هذا الملا بمراجعة سريعة ويعود إلى أن زوجة الرسول (ص) ماريا القبطية أم إبراهيم بأنها مسيحية, سبحان مغير الأحوال والعباد, وهذا ينطبق على وزارة التربية في سورية بتغيير هذه المواضيع التي تحث على العنصرية العربية وزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد وتشتيت الصف السوري الذي من المفروض تجميعه لأننا الآن بأمس الحاجة لتوحيد الصف والوقوف في خندق واحد لتدارك الخطر المحدق بنا سواءً كنتم عرباً أم نحن كأكراد أم إخوتنا المسيحيين أو دروزاً كانوا أو تركمان لأن الصاروخ الغاشم لا يفرق بين هذه الطوائف كلها ولن يخاف منكم وعروبتكم, وكفانا التشرب بالمزيد من دن الحقد الذي يخدم أعدائكم وأعدائنا وهذا أمر ليس بالصعب ما إن تصفى نيتكم المبيتة تجاهنا !!

————-

*  كاتب كردي سوري

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…