محي الدين عيسو
تشكل مخيمات الجزيرة السورية على أطراف العاصمة دمشق أحد نماذج البؤس والفقر والإهمال وفق أعلى المستويات، وهي تعبّر بالتالي عن ضعف أداء منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المحلية والعالمية من جهة، والإهمال الحكومي لأبناء تلك المناطق التي كانت حتى وقت قريب سلة الغذاء السوري ومصدر الزراعة والبترول لكل أبناء الوطن.
تشكل مخيمات الجزيرة السورية على أطراف العاصمة دمشق أحد نماذج البؤس والفقر والإهمال وفق أعلى المستويات، وهي تعبّر بالتالي عن ضعف أداء منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المحلية والعالمية من جهة، والإهمال الحكومي لأبناء تلك المناطق التي كانت حتى وقت قريب سلة الغذاء السوري ومصدر الزراعة والبترول لكل أبناء الوطن.
فبلغ عدد المتضررين من الجفاف في السنوات العشرين الأخيرة 1.3 مليون شخص، وفقاً لأرقام الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة، والإحصاءات الحكومية، وفي ظل الأوضاع الإقتصادية التي تعانيها الجزيرة السورية لم تفكر بعد الحكومة السورية بتحسين أوضاع المواطنين الذين باتوا من أشد الناس فقراً وتشرداً على طول الوطن وعرضه، وأصبحوا في أفضل الأحوال إما عمّال مطاعم في مقاصف دمشق وكازينوهاتها، أو حراس دواجن في كل من حمص وحماه، أو باعة متجولين يبحثون عن لقمة العيش لأطفالهم يحصلون عليها بشق الأنفس بعيداً عن مكان ولادتهم وطفولتهم، وحتى هذه اللحظة لا حلول مقترحة ولا خطط على جدول أعمال الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كارثة الجزيرة وأسبابها
نرى عشرات الألاف من النازحين بعدما انطفأت أحلامهم وحياتهم، وتركوا الآن للبرد والخيم والغربة.
كما تُرك القمح السوري للموت.
إذ انخفض إنتاج سوريا للقمح بما يقارب 800 ألف طن خلال 3 سنوات فقط، كما تركت الثروة الحيوانية للزوال.
هذا ما يؤكده عامر مطر لـ”إيلاف”، إذ يقول “النازحون ليسوا من محافظة الحسكة وحدها.
هم من كل الجزيرة السورية، الرقة ودير الزور والحسكة، فالسياسات الزراعية غير المجدية وغير الذكية هي السبب الرئيس لهذا الوضع”.
ويضيف “لاتزال الأساليب الزراعية في الجزيرة بدائية تقريباً، والأهم أن القوانين الزراعية تحتاج إصلاحًا، يستطيع كل مزارع في الجزيرة أن يصف نفسه بالمظلوم، لأنه متروك لرحمة الغيوم والمصارف الزراعية”.
ويرى مطر أن أسباب هجرة هؤلاء المواطنين تتعلق بزيادة أسعار المحروقات التي كانت بمثابة ضربة قاضية على الزراعة في سوريا وفي الجزيرة بوجه الخصوص، فكان على الجهات المتخصصة أن تكون أسرع من الجفاف، وتقف مع المزارع والمربي في وجه الكارثة، لا أن تقف هي أيضاً ضده كالجفاف.
بينما يجد الدكتور عبد الرحمن آلوجي سكرتير حزب الديمقراطي الكردي في سورية – البارتي الذي يسكن في محافظة الحسكة ” أن وضع المواطنين في الجزيرة السورية متعلق إلى حد كبير بالأعمال الزراعية المستندة إلى المواسم الزراعية التي تشكل فيها الزراعة البعلية المساحة الأكبر”.
ويضيف “حيث كان للمواسم الجيدة أثر كبير في تحسين المستوى الإقتصادي للعمالة الزراعية، إضافة إلى مردودات الإنتاج والتسويق والدخول المرتفعة، ولكن رداءة المواسم المتتالية وبخاصة في السنوات الثلاث المنصرمة، كحالة خاصة، إلى جانب العامل الدولي، الذي شمل كل البلدان والحكومات، والمتجلي في الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الواقع العام” وبالنسبة إلى القوانين الخاصة المطبقة في محافظة الحسكة يؤكد ألوجي أنه “قد صدرت إجراءات وقوانين استثنائية عديدة في هذه المحافظة كان آخرها المرسوم رقم /49/ لعام 2008 الذي أدى بدوره إلى تفاقم كبير، عطل الحياة الإقتصادية وأصابها بالشلل شبه التام.
مما ضاعف من المعاناة العامة، ووجد المواطن نفسه وجهًا لوجه أمام واقع اقتصادي ومعيشي مزر، إضافة إلى آثار القوانين السابقة من تجريد الفلاحين الكرد من أملاكهم بتطبيق الحزام العربي، ونزع الهوية الوطنية، مما لا يقل عن ربع مليون كردي، وما لذلك من تأثير في سد منافذ الرزق، وممارسة حياة طبيعية في الوظيفة والسكن والإنتقال، وصدور القرارات بشأن تقليص المساحة الزراعية من الزراعات المروية، مما جعل الحالة العامة معطلة ومتفاقمة إلى خط الفقر والجوع، الأمر الذي أدى إلى الهجرة المريعة إلى الداخل والخارج”.
عمل تطوعي ونشاط فردي
مع اقتراب فصل الشتاء وحرمان هؤلاء المواطنين المهجرين قسرًا من مناطق سكناهم من أدنى مستويات المعيشة وانعدام الدعم الحكومي، عملت “مجموعة الجزيرة السورية” التي هي مجموعة تطوعية مؤلفة من عدد من النشطاء الشباب دفعهم حسهم الوطني والإنساني إلى العمل وفقاً لإمكاناتهم المتواضعة لتقديم يد المساعدة والعون إلى هؤلاء النازحين من خلال العمل على مشاريع صغيرة تهتم بالجزيرة السورية وكارثتها.
وقامت بتوزيع حقيبة شتاء دافئة في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حملت الأكياس ملابس شتوية لأطفال تراوحت أعمارهم بين سنة و15 سنة، أطلقت عليها “أكياس الدفء”، حيث تم إحصاء عدد العائلات وأفرادها في المخيمات داخل المناطق المستهدفة، وكانت لكل عائلة كرتونة مكتوب اسمها عليها، ولكل طفل كيس مكتوب عليه اسمه.
هذا المشروع حاول تخليص 500 طفل من برد الشتاء، من خلال تقديم أكياس دفء لهم، يحمل كل كيس “بنطال وكنزة وحذاء وجاكيت”، علماً أن عدد العائلات التي نزحت في عام 2010 وحدها أكثر من 50 ألف عائلة بحسب أرقام الأمم المتحدة.
“عامر مطر” أحد هؤلاء الشباب الناشطين والعاملين في “مجموعة الجزيرة السورية” يقول لإيلاف “لسنا في مجموعة الجزيرة السورية مؤسسة قادرة على التخطيط على مستوى وضع الخطط الزراعية والتنموية البديلة.
وعلى الحكومة السورية أن تعمل على تنمية الجزيرة لتسطيع الخروج من طوق الزراعة وحدها، ولتستطيع الخروج من الأمية والتخلف.
وأن تنشئ بنية تحتية صناعية وتجارية في الجزيرة.
وأن تعيد النظر في سياساتها الزراعية التي أثبتت فشلها”.
مشاريع أخرى
لم تكن أكياس الدفء المشروع الوحيد لمجموعة الجزيرة السورية، وإنما عملت أيضاً على نشاطات إعلامية واجتماعية وخيرية عدة، مثل الحملات على فايسبوك، كحملة “لا لظلم وإهمال الجزيرة السورية”، وفي بداية شهر آذار/مارس 2010 قررت المجموعة القيام بنشاط حمل اسم “الحبابين” لتدريس أطفال مخيم سعسع للنازحين، لأن معظم أطفال النزوح لا يدخلون المدارس.
استمر “الحبابين” بتدريس ستين طفلاً القراءة والكتابة إلى بداية شهر تموز/يوليو، وأطلقت المجموعة في 3 آب/أغسطس الماضي معرضاً باسم “مُؤقّت”، قدّم 22 صورة من المخيمات في “شام محل- آرت كافيه” وسط دمشق القديمة.
استمر المعرض إلى 20 آب، وفي وقفة عيد الفطر في 9-9-2010 أطلقت المجموعة حملة “حمل العيد إلى المخيمات” التي وزّعت في سبع مخيمات ” سعسع وكناكر وصحنايا” 400 كيس عيد، و100 علبة معمول، و6 علب كبيرة من المواد الغذائية.
محاولات اسعافية غير مجدية
على الرغم من محاولات الأمم المتحدة لجمع الأموال وتقديم مساعدات مالية لنازحي الجزيرة، إلا أنها لم تنجح في مساعيها، ولم تحصل على أي مساعدات بسبب الحظر الإقتصادي المفروض على سورية، فكانت الخطة وقائية بحتة بالتعاون مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة الجزيرة ونازحيها.
فقامت الجهات الحكومية السورية بتوزيع سلات غذائية على ريفي الحسكة ودير الزور تحتوي على كيلو غرامات عدة من السكر والأرز والسمن وغيرها من المواد الغذائية التي لا تتجاوز قيمتها المالية 100 دولار، مما أثار حفيظة وغضب أبناء محافظة الحسكة على وجه الخصوص، لأنهم كانوا حتى وقت قريب سلة الغذاء السوري ومصدرها الإقتصادي الزراعي.
أما الآن فهم يعيشون على السلات الغذائية… هذا ما يؤكده أحد المواطنين الذين رفضوا هذه السلات الغذائية (فضل عدم الكشف عن اسمه)، إذ يقول “إن السلة الغذائية الواحدة قدرت بقيمة 5000 ليرة سورية، حيث احتوت على 150 كغ من الطحين و25 كغ من السكر و25 كغ برغل و10 كغ عدس و2 كغ سمنة وكيلو واحد من الشاي، بحيث يتم توزيعها كل شهرين وطول فترة الجفاف التي تسيطر على المنطقة”.
ويؤكد أن “الجزيرة السورية كانت تمد كل الوطن بالقمح والشعير وكل أنواع المحاصيل الغذائية، وكانت البقرة الحلوب التي ترضع كل أبناء سورية.
أما في الوقت الحالي فقد وصلت إلى الدرك السفلي بفعل السياسة المتبعة من قبل الحكومة التي ترفض إلى يومنا هذا إقامة المنشآت الاقتصادية وحتى إنشاء أي معمل أو مصنع يعمل فيه أبناء هذه المنطقة بدلاً من التشرد والذل الذي يعانونه في ضواحي دمشق وأحزمة الفقر فيها”.
بينما يقول أبو عادل الرجل الستيني الذي هاجر مع عائلته المؤلفة من اثني عشر فردًا إلى ضواحي دمشق إن الجزيرة السورية قد شهدت في السنوات الأخيرة “موسم جفاف من ناحية السماء والحكومة في آن واحد، ممّا أدّى إلى واقع اقتصادي بائس لعامة مواطني المنطقة، وانتشار البطالة، وبالتالي توسيع دائرة الجوع الحقيقي دون أن تتحرّك الجهات المعنية لتقديم ما يلزم من يد العون والمساعدة لهؤلاء المنكوبين، سوى تقديم بعض السلات الغذائية التي هي إهانة حقيقية لأبناء منطقة تشكّل العمود الفقري لاقتصاد سوريا، فقررنا الهجرة ومحاولة العمل في العاصمة دمشق”.
حلول ومقترحات
إن الحلول العاجلة التي تواجه حالة الفقر الشديد وتحد من ظاهرة الهجرة وما نشهده من انحسار مصادر الرزق في المنطقة الشمالية تستوجب بحسب رأي الدكتورآلوجي “توفير الفرص المناسبة للعمل، وذلك بإعادة النظر في واقع الإنتاج والخدمات برفد المنطقة بالمشاريع والمعامل والمنشآت الإنتاجية والصناعية التحويلية الغذائية ومكننة الزراعة وتوفير القروض المسعفة وتأجيل الديون المستحقة للمزارعين المتضررين وتوسيع دائرة الزراعة المروية بتقنين وتوسيع شبكات الري ومشاريعه والإستفادة القصوى في ذلك من الثروة المائية المتوافرة”.
إلا أن الحل الجذري بحسب رأي سكرتير أحد أقدم الأحزاب الكردية في سورية يكمن في “إعادة تقييم واقع الجزيرة السورية بشكل عام، وذلك بإلغاء ورفع المشاريع والإجراءات والقوانين العنصرية المكبلة لواقعه الإقتصادي والإجتماعي والسياسي.
وبخاصة المرسوم رقم /49/ وآثاره المدمرة لتعيد هذه المحافظة عافيتها، وتضخ طاقاتها الإنتاجية، وينعم أبناؤها بالعدل والمساواة والإزدهار، وتعود إليها السواعد والعقول المهاجرة، وتخرج من حالة الحاجة والإملاق والتمييز والمعاناة اليومية المرهقة.
إيلاف
نرى عشرات الألاف من النازحين بعدما انطفأت أحلامهم وحياتهم، وتركوا الآن للبرد والخيم والغربة.
كما تُرك القمح السوري للموت.
إذ انخفض إنتاج سوريا للقمح بما يقارب 800 ألف طن خلال 3 سنوات فقط، كما تركت الثروة الحيوانية للزوال.
هذا ما يؤكده عامر مطر لـ”إيلاف”، إذ يقول “النازحون ليسوا من محافظة الحسكة وحدها.
هم من كل الجزيرة السورية، الرقة ودير الزور والحسكة، فالسياسات الزراعية غير المجدية وغير الذكية هي السبب الرئيس لهذا الوضع”.
ويضيف “لاتزال الأساليب الزراعية في الجزيرة بدائية تقريباً، والأهم أن القوانين الزراعية تحتاج إصلاحًا، يستطيع كل مزارع في الجزيرة أن يصف نفسه بالمظلوم، لأنه متروك لرحمة الغيوم والمصارف الزراعية”.
ويرى مطر أن أسباب هجرة هؤلاء المواطنين تتعلق بزيادة أسعار المحروقات التي كانت بمثابة ضربة قاضية على الزراعة في سوريا وفي الجزيرة بوجه الخصوص، فكان على الجهات المتخصصة أن تكون أسرع من الجفاف، وتقف مع المزارع والمربي في وجه الكارثة، لا أن تقف هي أيضاً ضده كالجفاف.
بينما يجد الدكتور عبد الرحمن آلوجي سكرتير حزب الديمقراطي الكردي في سورية – البارتي الذي يسكن في محافظة الحسكة ” أن وضع المواطنين في الجزيرة السورية متعلق إلى حد كبير بالأعمال الزراعية المستندة إلى المواسم الزراعية التي تشكل فيها الزراعة البعلية المساحة الأكبر”.
ويضيف “حيث كان للمواسم الجيدة أثر كبير في تحسين المستوى الإقتصادي للعمالة الزراعية، إضافة إلى مردودات الإنتاج والتسويق والدخول المرتفعة، ولكن رداءة المواسم المتتالية وبخاصة في السنوات الثلاث المنصرمة، كحالة خاصة، إلى جانب العامل الدولي، الذي شمل كل البلدان والحكومات، والمتجلي في الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الواقع العام” وبالنسبة إلى القوانين الخاصة المطبقة في محافظة الحسكة يؤكد ألوجي أنه “قد صدرت إجراءات وقوانين استثنائية عديدة في هذه المحافظة كان آخرها المرسوم رقم /49/ لعام 2008 الذي أدى بدوره إلى تفاقم كبير، عطل الحياة الإقتصادية وأصابها بالشلل شبه التام.
مما ضاعف من المعاناة العامة، ووجد المواطن نفسه وجهًا لوجه أمام واقع اقتصادي ومعيشي مزر، إضافة إلى آثار القوانين السابقة من تجريد الفلاحين الكرد من أملاكهم بتطبيق الحزام العربي، ونزع الهوية الوطنية، مما لا يقل عن ربع مليون كردي، وما لذلك من تأثير في سد منافذ الرزق، وممارسة حياة طبيعية في الوظيفة والسكن والإنتقال، وصدور القرارات بشأن تقليص المساحة الزراعية من الزراعات المروية، مما جعل الحالة العامة معطلة ومتفاقمة إلى خط الفقر والجوع، الأمر الذي أدى إلى الهجرة المريعة إلى الداخل والخارج”.
عمل تطوعي ونشاط فردي
مع اقتراب فصل الشتاء وحرمان هؤلاء المواطنين المهجرين قسرًا من مناطق سكناهم من أدنى مستويات المعيشة وانعدام الدعم الحكومي، عملت “مجموعة الجزيرة السورية” التي هي مجموعة تطوعية مؤلفة من عدد من النشطاء الشباب دفعهم حسهم الوطني والإنساني إلى العمل وفقاً لإمكاناتهم المتواضعة لتقديم يد المساعدة والعون إلى هؤلاء النازحين من خلال العمل على مشاريع صغيرة تهتم بالجزيرة السورية وكارثتها.
وقامت بتوزيع حقيبة شتاء دافئة في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حملت الأكياس ملابس شتوية لأطفال تراوحت أعمارهم بين سنة و15 سنة، أطلقت عليها “أكياس الدفء”، حيث تم إحصاء عدد العائلات وأفرادها في المخيمات داخل المناطق المستهدفة، وكانت لكل عائلة كرتونة مكتوب اسمها عليها، ولكل طفل كيس مكتوب عليه اسمه.
هذا المشروع حاول تخليص 500 طفل من برد الشتاء، من خلال تقديم أكياس دفء لهم، يحمل كل كيس “بنطال وكنزة وحذاء وجاكيت”، علماً أن عدد العائلات التي نزحت في عام 2010 وحدها أكثر من 50 ألف عائلة بحسب أرقام الأمم المتحدة.
“عامر مطر” أحد هؤلاء الشباب الناشطين والعاملين في “مجموعة الجزيرة السورية” يقول لإيلاف “لسنا في مجموعة الجزيرة السورية مؤسسة قادرة على التخطيط على مستوى وضع الخطط الزراعية والتنموية البديلة.
وعلى الحكومة السورية أن تعمل على تنمية الجزيرة لتسطيع الخروج من طوق الزراعة وحدها، ولتستطيع الخروج من الأمية والتخلف.
وأن تنشئ بنية تحتية صناعية وتجارية في الجزيرة.
وأن تعيد النظر في سياساتها الزراعية التي أثبتت فشلها”.
مشاريع أخرى
لم تكن أكياس الدفء المشروع الوحيد لمجموعة الجزيرة السورية، وإنما عملت أيضاً على نشاطات إعلامية واجتماعية وخيرية عدة، مثل الحملات على فايسبوك، كحملة “لا لظلم وإهمال الجزيرة السورية”، وفي بداية شهر آذار/مارس 2010 قررت المجموعة القيام بنشاط حمل اسم “الحبابين” لتدريس أطفال مخيم سعسع للنازحين، لأن معظم أطفال النزوح لا يدخلون المدارس.
استمر “الحبابين” بتدريس ستين طفلاً القراءة والكتابة إلى بداية شهر تموز/يوليو، وأطلقت المجموعة في 3 آب/أغسطس الماضي معرضاً باسم “مُؤقّت”، قدّم 22 صورة من المخيمات في “شام محل- آرت كافيه” وسط دمشق القديمة.
استمر المعرض إلى 20 آب، وفي وقفة عيد الفطر في 9-9-2010 أطلقت المجموعة حملة “حمل العيد إلى المخيمات” التي وزّعت في سبع مخيمات ” سعسع وكناكر وصحنايا” 400 كيس عيد، و100 علبة معمول، و6 علب كبيرة من المواد الغذائية.
محاولات اسعافية غير مجدية
على الرغم من محاولات الأمم المتحدة لجمع الأموال وتقديم مساعدات مالية لنازحي الجزيرة، إلا أنها لم تنجح في مساعيها، ولم تحصل على أي مساعدات بسبب الحظر الإقتصادي المفروض على سورية، فكانت الخطة وقائية بحتة بالتعاون مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة الجزيرة ونازحيها.
فقامت الجهات الحكومية السورية بتوزيع سلات غذائية على ريفي الحسكة ودير الزور تحتوي على كيلو غرامات عدة من السكر والأرز والسمن وغيرها من المواد الغذائية التي لا تتجاوز قيمتها المالية 100 دولار، مما أثار حفيظة وغضب أبناء محافظة الحسكة على وجه الخصوص، لأنهم كانوا حتى وقت قريب سلة الغذاء السوري ومصدرها الإقتصادي الزراعي.
أما الآن فهم يعيشون على السلات الغذائية… هذا ما يؤكده أحد المواطنين الذين رفضوا هذه السلات الغذائية (فضل عدم الكشف عن اسمه)، إذ يقول “إن السلة الغذائية الواحدة قدرت بقيمة 5000 ليرة سورية، حيث احتوت على 150 كغ من الطحين و25 كغ من السكر و25 كغ برغل و10 كغ عدس و2 كغ سمنة وكيلو واحد من الشاي، بحيث يتم توزيعها كل شهرين وطول فترة الجفاف التي تسيطر على المنطقة”.
ويؤكد أن “الجزيرة السورية كانت تمد كل الوطن بالقمح والشعير وكل أنواع المحاصيل الغذائية، وكانت البقرة الحلوب التي ترضع كل أبناء سورية.
أما في الوقت الحالي فقد وصلت إلى الدرك السفلي بفعل السياسة المتبعة من قبل الحكومة التي ترفض إلى يومنا هذا إقامة المنشآت الاقتصادية وحتى إنشاء أي معمل أو مصنع يعمل فيه أبناء هذه المنطقة بدلاً من التشرد والذل الذي يعانونه في ضواحي دمشق وأحزمة الفقر فيها”.
بينما يقول أبو عادل الرجل الستيني الذي هاجر مع عائلته المؤلفة من اثني عشر فردًا إلى ضواحي دمشق إن الجزيرة السورية قد شهدت في السنوات الأخيرة “موسم جفاف من ناحية السماء والحكومة في آن واحد، ممّا أدّى إلى واقع اقتصادي بائس لعامة مواطني المنطقة، وانتشار البطالة، وبالتالي توسيع دائرة الجوع الحقيقي دون أن تتحرّك الجهات المعنية لتقديم ما يلزم من يد العون والمساعدة لهؤلاء المنكوبين، سوى تقديم بعض السلات الغذائية التي هي إهانة حقيقية لأبناء منطقة تشكّل العمود الفقري لاقتصاد سوريا، فقررنا الهجرة ومحاولة العمل في العاصمة دمشق”.
حلول ومقترحات
إن الحلول العاجلة التي تواجه حالة الفقر الشديد وتحد من ظاهرة الهجرة وما نشهده من انحسار مصادر الرزق في المنطقة الشمالية تستوجب بحسب رأي الدكتورآلوجي “توفير الفرص المناسبة للعمل، وذلك بإعادة النظر في واقع الإنتاج والخدمات برفد المنطقة بالمشاريع والمعامل والمنشآت الإنتاجية والصناعية التحويلية الغذائية ومكننة الزراعة وتوفير القروض المسعفة وتأجيل الديون المستحقة للمزارعين المتضررين وتوسيع دائرة الزراعة المروية بتقنين وتوسيع شبكات الري ومشاريعه والإستفادة القصوى في ذلك من الثروة المائية المتوافرة”.
إلا أن الحل الجذري بحسب رأي سكرتير أحد أقدم الأحزاب الكردية في سورية يكمن في “إعادة تقييم واقع الجزيرة السورية بشكل عام، وذلك بإلغاء ورفع المشاريع والإجراءات والقوانين العنصرية المكبلة لواقعه الإقتصادي والإجتماعي والسياسي.
وبخاصة المرسوم رقم /49/ وآثاره المدمرة لتعيد هذه المحافظة عافيتها، وتضخ طاقاتها الإنتاجية، وينعم أبناؤها بالعدل والمساواة والإزدهار، وتعود إليها السواعد والعقول المهاجرة، وتخرج من حالة الحاجة والإملاق والتمييز والمعاناة اليومية المرهقة.
إيلاف