بيان بمناسبة الذكرى الخمسين لمحرقة سينما عامودا

الأمانة العامة للمجلس السياسي الكردي في سوريا

في مثل هذا اليوم وقبل خمسين عاماً تعرضت مدينة عامودا الكردية الوادعة لمحرقة كان وقودها أطفال مدارس بعمر الزهور كان يحضرون فيلم رعب أسمه شبح منصف الليل, بأمر إلزامي من السلطات وإدارات المدارس, في صالة سينما شهرزاد الوحيدة في البلدة, ليعود ريع الفيلم لدعم الثورة الجزائرية في مقاومة المستعمر الفرنسي, وقد التهمت السنة النار الهائل الذي شب في صالة السينما أجساد حوالي ثلاثمائة طفل شهيد فضلاً عن عشرات المصابين الذين أنقذوا على يد الشهيد محمد سعيد آغا الدقوري الذي قضى شهيداً وهو يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الأرواح البريئة.
لم تجري السلطات حينها تحقيقاً جدياً في أسباب الحريق وأسباب فشل السلطات المحلية في السيطرة عليه وإنقاذ الأطفال, بل إن الأسباب والتبريرات التي قدمت حينها لم تكن مقنعة مطلقاً و تركت الكثير من الشكوك لدى ذوي الضحايا, بأن يكون الحريق قد نشب بفعل فاعل.

وخاصة أن الاتجاهات العنصرية العربية كانت في أوج انتعاشها وكانت تروج لفكرة الخطر الكردي في شمال وشمال شرق سوريا, وخاصة بعدما بدأت هذه الاتجاهات بالفعل ببدء أولى مخططاتها الجهنمية العنصرية وذلك بعد هذه المحرقة بسنتين بتجريد ما يقارب 120 إلف مواطن كردي من جنسيتهم السورية, بموجب إحصاء الاستثنائي جرى في الخامس من تشرين الأول عام 1962في محافظة الحسكة ذلك لهدف واحد هو تغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة الكردية, بل ولا زالت سلسلة المشاريع العنصرية مستمرة وتأخذ مزيد من الأبعاد الخطيرة رغم تعاقب النظم والحكومات.
 فقد قضت هذه المحرقة على جيل كامل من طلاب العلم من أبناء عامودا, لو عاش هؤلاء لكًنا اليوم أمام كوكبة من المتعلمين والدارسين والأكاديميين, وإن وجود هذا العدد الكبير من تلاميذ المدارس في ذلك الحين لهو دليل أكيد على حب أبناء هذه المدينة للعلم والمعرفة وتعلقهم به, وهي تثبت اليوم ذلك.
ومع مرور خمسين عاماً على هذه المحرقة التي تتقشعر من هولها الأبدان, فإنها لا زالت حية في ضمائر وذاكرة أهل البلدة, وفي ذاكرة الناجين الأحياء, بل في ضمير وذاكرة الشعب الكردي, ولازال الجميع يبحث عن أجوبة مقنعة للتساؤلات التي تطرحها هذه المحرقة و ملابسات وقوعها والمجزرة المروعة التي نتجت عنها.
إننا في المجلس السياسي الكردي في سوريا في الوقت الذي نستذكر هذه المحرقة بالألم وحزن عميقين ونجد تضامننا مع ذوي الضحايا, فأننا سنظل نتطلع فيه إلى ذلك اليوم الذي ستكشف فيه كل ملابسات هذه المحرقة المروعة وأسبابها.
13/11/2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…