صلاح بدرالدين
من الملفت أن دعوة المملكة العربية السعودية زعماء المكونات والكتل العراقية الفائزة في الانتخابات التشريعية للاجتماع بالرياض تحت عنوان المصالحة والاتفاق على تشكيل الحكومة التي طال انتظارها جاءت بعد سبعة أعوام من انبثاق العهد الجديد مابعد الدكتاتورية التي شهدت غيابا عربيا رسميا مريبا كان فيها العراق بأمس الحاجة الى الانفتاح العربي والاقليمي والعالمي لاعادة بناء الدولة الاتحادية الديموقراطية وازالة آثار الدكتاتورية وتحقيق الأمن والاستقرار ولابد هنا من القول أن غالبية العراقيين بصورة عامة والكرد منها على وجه الخصوص ترتاح الى الدور السعودي الاقليمي في المنطقة وموقعها الرئيسي في خندق الاعتدال العربي الى جانب مصر ودول الخليج والاردن وتمسكها بالسلام سبيلا لحل القضايا العالقة الكبرى منها والصغيرة
ولكن الغالبية هذه وفي الوقت ذاته ترتاب من بعض المواقف السعودية بخصوص عراق مابعد الدكتاتورية وعلاقاتها الودية الداعمة ببعض الأطراف والجماعات – السنية القوموية – التي تمارس الارهاب أو تؤيده أو تسوقه فلا يمنع كل ذلك من مصارحة صاحب الدعوة جلالة خادم الحرمين الشريفين ببعض الالتباسات والاشارات التي علقت بأذهان العديد من النخب الكردية تزامنت مع توقيت الدعوة أو أعقبتها التي قد تحتاج الى تفسيرات وتوضيحات وتطمينات بل وخطوات عملية حتى يتجاوب الجانب الكردستاني مع الدعوة – وهو حاصل – ليس من قبيل المجاملة بل عن قناعة وطيبة خاطر ومنها :
أولا – جاءت الدعوة مباشرة بعد طرح مبادرة رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني والتي استحوذت موافقة جميع الكتل دون استثناء والتي لبت الدعوة للقاء في عاصمة الاقليم أربيل وبالرغم من محاولة السيد سعود الفيصل وزير خارجية المملكة الاشارة الايجابية الى مبادرة البارزاني في مؤتمره الصحافي التوضيحي الا أن الحقيقة المرة هي أن الدعوة هدفت الالتفاف على المبادرة وحاولت تحجيمها لتتحول الى لقاء شكلي اعلامي ليس الا لتنتهي خلال سويعات نصفها تنقضي بالاستقبال والتوديع بأحر التبويسات على الطريقة المعهودة لولا تنبه وإصرار صاحب المبادرة وقيادات عراقية في بذل الجهود الخارقة لانقاذ الوضع في السير قدما للتوصل الى القرار العراقي في بغداد.
ثانيا – صبت الدعوة بصورة غير مباشرة لمصلحة من اعترض على لقاء أربيل لأنها عاصمة اقليم فدرالي غير عربي لأن بغداد أولى بالاحتضان كعاصمة عربية وكان بين المعترضين كتل وجماعات وأفراد من القائمة العراقية التي يتزعمها السيد أياد علاوي اضافة الى كتاب وصحافيين أعلنوا عن استنكارهم – الجغرافي – للاجتماع .
ثالثا – هناك في العراق العربي وبصورة خاصة أوساط القائمة العراقية تعترض على تولي كردي رئاسة الجمهورية (رغم صلاحياتها المتواضعة) وتعتبر أن ذلك انتقاص من الوجه – العربي – لدولة العراق وهناك من يرى أن يكون الحل الوسط في صراع السيدين المالكي وعلاوي حول رئاسة الحكومة تبوؤ الأخير الرئاسة واستبعاد الكرد مما يرضي أطرافا عديدة بينها أنظمة مجاورة علما أن الموقع هو استحقاق قومي وليس برلماني لأن كرد العراق يشكلون القومية الثانية بعد العرب ويتمتعون بالفدرالية التي يشكل الموقع الرئاسي كصمام أمان في ارتباط كردستان بالمركز الاتحادي وهذا لمصلحة الحريصين على وحدة العراق وكما تبين من تسلسل الأحداث فقد جاءت الدعوة السعودية – العربية بمثابة دعم واسناد لطلبات استبعاد الكرد من رئاسة الجمهورية وارضاء – البعثي السابق – السيد علاوي على حساب الاستحقاق الكردي وكأن الأزمة العراقية برمتها توقفت على منصب رئاسة الجمهورية وأصبحت أزمة كردية وكل الضغوطات بدأت تتوجه الى الأكراد من شركاء الداخل والجوار وحتى الولايات المتحدة الأمريكية مع تلويحات مزعومة عن أن التحالف الكردي الشيعي – وهو اصطفاف وطني تاريخي غير موجه لطرف يمتد الى بدايات ظهور الدولة العراقية – وتعمد بالدم في مرحلة العمل المعارض يمالىء ايران ويخدم مصالحها.
رابعا – جاءت الدعوة السعودية كموقف عربي وكأنها تتكامل مع المشهد المحلي في صراع القوى وتتناغم مع النزعات العربية الشوفينية – الأصولية من داخل العراق أو أن هذه القوى تريد للدعوة ذلك وتستثمرها حسب مفهومها للعروبة وهي مثار خلاف منذ صياغة الدستور العراقي بين من يصر على أن العراق عربي وجزء من الأمة العربية والوطن العربي وهذا انكار لوجود الآخرين وبين من يعتبر أن العراق متعدد الشعوب والقوميات والمكونات منها كردية وتركمانية وكلدانية وآشورية وأن عرب العراق فقط جزء من الأمة العربية وكرد العراق جزء من الأمة الكردية وهذا عين الحقيقة وبكلمة هناك خصوصية للوضع العراقي يجب مراعاتها ولكن وأمام السجال بطابعه – القوموي – الدائر منذ عقود جاء التركيز الشديد المستمر اثر اطلاق الدعوة من جانب وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة القريبة من سياسة المملكة بأن الدعوة من أجل الحفاظ على عروبة العراق وقد يكون الهدف السعودي البعيد من وراء ذلك هو ايران والحد من نفوذها ولكن ليس هناك ما يؤكد أن الايرانيين بصدد – تفريس – العراق قوميا وثقافيا حتى لو كانوا يبحثون عن النفوذ السياسي عبر القنوات المذهبية ولكن نعود الى القول بأن التوقيت لايبرؤها من الشبهات ولايمكن في هذا المجال اعتبار المقالات الأربعة التي نشرت في صحيفتي – الشرق الأوسط – و – الحياة – تباعا بأقلام كتاب وصحافيين مرموقين (مأمون فندي – د رضوان السيد – بلال الحسن – داود الشريان) تتضمن الدعوة الى عروبة العراق من دون التوقف على حقيقة العراق الفدرالي والتعددية القومية المثبتة في الدستور والقوانين أو الاشارة الى حقوق الآخرين من غير العرب أو مراعاة الحساسيات الداخلية لايمكن اعتبارها دعوات عفوية بريئة في نظر المراقبين .
خامسا – وهكذا نرى أن الهواجس الكردية وجيهة وليست مفتعلة ولها أساس موضوعي وأن ما يمكن أن يضع حدا لها هو مبادرة ودية سعودية بمشاركة الجامعة العربية في لفتة نحو كرد المنطقة الأربعين مليون أو العشرة ملايين المتعايشين مع عرب العراق وسوريا بدعوة ممثليهم الى مكة أو الرياض أو الطائف وصياغة واعلان عقد عربي – كردي جديد للسلام والعيش المشترك واحقاق الحق ورفع المظالم والتسليم بالطموحات المشروعة ثم اقرار أن يكون للكرد كحركة تحرر موقع في جامعة الدول العربية بصفة مراقب ولن يكون بعد ذلك أية هواجس أو مخاوف أو اتهامات متبادلة وسيسجل للعاهل السعودي أنه لايبحث عن الحوار بين الأديان والحضارات في أقاصي الأرض فحسب بل يعمد الى الاهتمام بالأقربين الذين حافظوا يوما ما على المقدسات الاسلامية والمسيحية وردوا المعتدي الغريب على أعقابه والمنسيين المظلومين الآن من ذوي القربى ويعيد جلالته للتاريخ العربي الكردي المشترك مجده الغابر الذي حاول الشوفينييون العبث به .
أولا – جاءت الدعوة مباشرة بعد طرح مبادرة رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني والتي استحوذت موافقة جميع الكتل دون استثناء والتي لبت الدعوة للقاء في عاصمة الاقليم أربيل وبالرغم من محاولة السيد سعود الفيصل وزير خارجية المملكة الاشارة الايجابية الى مبادرة البارزاني في مؤتمره الصحافي التوضيحي الا أن الحقيقة المرة هي أن الدعوة هدفت الالتفاف على المبادرة وحاولت تحجيمها لتتحول الى لقاء شكلي اعلامي ليس الا لتنتهي خلال سويعات نصفها تنقضي بالاستقبال والتوديع بأحر التبويسات على الطريقة المعهودة لولا تنبه وإصرار صاحب المبادرة وقيادات عراقية في بذل الجهود الخارقة لانقاذ الوضع في السير قدما للتوصل الى القرار العراقي في بغداد.
ثانيا – صبت الدعوة بصورة غير مباشرة لمصلحة من اعترض على لقاء أربيل لأنها عاصمة اقليم فدرالي غير عربي لأن بغداد أولى بالاحتضان كعاصمة عربية وكان بين المعترضين كتل وجماعات وأفراد من القائمة العراقية التي يتزعمها السيد أياد علاوي اضافة الى كتاب وصحافيين أعلنوا عن استنكارهم – الجغرافي – للاجتماع .
ثالثا – هناك في العراق العربي وبصورة خاصة أوساط القائمة العراقية تعترض على تولي كردي رئاسة الجمهورية (رغم صلاحياتها المتواضعة) وتعتبر أن ذلك انتقاص من الوجه – العربي – لدولة العراق وهناك من يرى أن يكون الحل الوسط في صراع السيدين المالكي وعلاوي حول رئاسة الحكومة تبوؤ الأخير الرئاسة واستبعاد الكرد مما يرضي أطرافا عديدة بينها أنظمة مجاورة علما أن الموقع هو استحقاق قومي وليس برلماني لأن كرد العراق يشكلون القومية الثانية بعد العرب ويتمتعون بالفدرالية التي يشكل الموقع الرئاسي كصمام أمان في ارتباط كردستان بالمركز الاتحادي وهذا لمصلحة الحريصين على وحدة العراق وكما تبين من تسلسل الأحداث فقد جاءت الدعوة السعودية – العربية بمثابة دعم واسناد لطلبات استبعاد الكرد من رئاسة الجمهورية وارضاء – البعثي السابق – السيد علاوي على حساب الاستحقاق الكردي وكأن الأزمة العراقية برمتها توقفت على منصب رئاسة الجمهورية وأصبحت أزمة كردية وكل الضغوطات بدأت تتوجه الى الأكراد من شركاء الداخل والجوار وحتى الولايات المتحدة الأمريكية مع تلويحات مزعومة عن أن التحالف الكردي الشيعي – وهو اصطفاف وطني تاريخي غير موجه لطرف يمتد الى بدايات ظهور الدولة العراقية – وتعمد بالدم في مرحلة العمل المعارض يمالىء ايران ويخدم مصالحها.
رابعا – جاءت الدعوة السعودية كموقف عربي وكأنها تتكامل مع المشهد المحلي في صراع القوى وتتناغم مع النزعات العربية الشوفينية – الأصولية من داخل العراق أو أن هذه القوى تريد للدعوة ذلك وتستثمرها حسب مفهومها للعروبة وهي مثار خلاف منذ صياغة الدستور العراقي بين من يصر على أن العراق عربي وجزء من الأمة العربية والوطن العربي وهذا انكار لوجود الآخرين وبين من يعتبر أن العراق متعدد الشعوب والقوميات والمكونات منها كردية وتركمانية وكلدانية وآشورية وأن عرب العراق فقط جزء من الأمة العربية وكرد العراق جزء من الأمة الكردية وهذا عين الحقيقة وبكلمة هناك خصوصية للوضع العراقي يجب مراعاتها ولكن وأمام السجال بطابعه – القوموي – الدائر منذ عقود جاء التركيز الشديد المستمر اثر اطلاق الدعوة من جانب وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة القريبة من سياسة المملكة بأن الدعوة من أجل الحفاظ على عروبة العراق وقد يكون الهدف السعودي البعيد من وراء ذلك هو ايران والحد من نفوذها ولكن ليس هناك ما يؤكد أن الايرانيين بصدد – تفريس – العراق قوميا وثقافيا حتى لو كانوا يبحثون عن النفوذ السياسي عبر القنوات المذهبية ولكن نعود الى القول بأن التوقيت لايبرؤها من الشبهات ولايمكن في هذا المجال اعتبار المقالات الأربعة التي نشرت في صحيفتي – الشرق الأوسط – و – الحياة – تباعا بأقلام كتاب وصحافيين مرموقين (مأمون فندي – د رضوان السيد – بلال الحسن – داود الشريان) تتضمن الدعوة الى عروبة العراق من دون التوقف على حقيقة العراق الفدرالي والتعددية القومية المثبتة في الدستور والقوانين أو الاشارة الى حقوق الآخرين من غير العرب أو مراعاة الحساسيات الداخلية لايمكن اعتبارها دعوات عفوية بريئة في نظر المراقبين .
خامسا – وهكذا نرى أن الهواجس الكردية وجيهة وليست مفتعلة ولها أساس موضوعي وأن ما يمكن أن يضع حدا لها هو مبادرة ودية سعودية بمشاركة الجامعة العربية في لفتة نحو كرد المنطقة الأربعين مليون أو العشرة ملايين المتعايشين مع عرب العراق وسوريا بدعوة ممثليهم الى مكة أو الرياض أو الطائف وصياغة واعلان عقد عربي – كردي جديد للسلام والعيش المشترك واحقاق الحق ورفع المظالم والتسليم بالطموحات المشروعة ثم اقرار أن يكون للكرد كحركة تحرر موقع في جامعة الدول العربية بصفة مراقب ولن يكون بعد ذلك أية هواجس أو مخاوف أو اتهامات متبادلة وسيسجل للعاهل السعودي أنه لايبحث عن الحوار بين الأديان والحضارات في أقاصي الأرض فحسب بل يعمد الى الاهتمام بالأقربين الذين حافظوا يوما ما على المقدسات الاسلامية والمسيحية وردوا المعتدي الغريب على أعقابه والمنسيين المظلومين الآن من ذوي القربى ويعيد جلالته للتاريخ العربي الكردي المشترك مجده الغابر الذي حاول الشوفينييون العبث به .
العرب شعبا وحضارة تاريخا وجغرافيا الأقرب الى الكرد ولامفر الا بالعيش المشترك والشراكة الحقيقية في السراء والضراء على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات والكرة الآن وحتى اشعار آخر في الملعب العربي والأمل يحدونا أن يكون عقلاء العرب قد استفادوا من دروس جنوب السودان وأن لايفوتوا فرص التفاهم مع المكونات غير العربية ويستجيبوا لمطالبهم المشروعة وينتصروا لمظلوميتهم ويسبقوا المداخلات والمبادرات الدولية قبل فوات الأوان .