آن لمأساة مواطنينا الكرد أن تنتهي!

افتتاحية موقع النداء (إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي)
يكاد يمر نصف قرن على الاحصاء الإستثنائي في محافظة الحسكة، حيث جرى استبعاد وتجريد آلاف الكرد السوريين من جنسيتهم بإخراجهم من تعداد السكان ذاك، والحجة الأساسية في ذلك تنقية السجلات المدنية من كرد قادمين من دول الجوار ولاسيما من تركيا، وتحت هذه الحجة جرى تجاهل، بل وشطب سوريين كرد كانوا موجودين في السجلات، وتم استبعاد تسجيل آخرين من آباء او أبناء او الاثنين معاً في السجلات الجديدة، وكان السبب الحقيقي محاولة تغيير التركيب الديمغرافي لسكان المنطقة لمنعهم من الحصول على أراض كانت توزع على أساس قانون الإصلاح الزراعي من جهة، وتقليل عدد المواطنين من الكرد تحت هواجس ومخاوف علاقاتهم مع الجوار التركي ومع امتداداتهم الكردية في كل من تركيا والعراق من جهة ثانية.
وبمرور نحو نصف قرن من الزمان، ومازالت هذه القضية حاضرة، بل حضورها صار أشد قتامة وتردياً وظلماَ مما ظهرت عليه في عام 1962، وهو عام الاحصاء سيء الذكر.

فقد صار آلاف الكرد السوريين الذين جردوا من جنسيتهم، أو تم تجاهل وجودهم مئات من آلآف الاشخاص.

وترتب على تلك الخطوة وتطورها، ظهور مآسي ومشاكل لاحدود لها: مشاكل تتعلق بالمواطنة وعدمها، وأخرى تتعلق بالحقوق والواجبات، مشاكل تتعلق بالارث والملكية، بالزواج والتعليم والصحة وبالقدرة على السفر والتنقل وغير ذلك من مشاكل، الفاصل فيها كون الانسان المعني سورياً كما يفترض ان يكون هؤلاء، او “أجنبياً يقيم على الاراضي” السورية، كما يجري وصفهم من الناحية الرسمية!.
لقد أضافت تلك المأساة التي ارتكبها ظالمون من عهد مضى، وقبل عقود انقضت الى مشاكل سوريا والسوريين مشاكل اضافية، وكلّفتنا كثيرا، وهزّت في البعدين الوطني والإنساني ضمائر السوريين بعنف، وكثيراَ ما ظهرت دعوات لحل القضية ومعالجة آثارها، وتجاوز ما أحدثته تلك المأساة مطالب أوساط الرأي العام والجماعات السياسية وصولاً الى الحكومات السورية، والتي وعدت مرراً بالحل، وإعادة الجنسية للمجردين من السوريين الكرد! غير ان هذه الوعود لم تتحقق بعد.


لقد تغيرت الظروف كثيراً في نحو نصف العقد الماضي.

لم يعد كرد سوريا (على نحو ماقبل عند الاحصاء) بل هم مواطنون سوريون أثبتوا كل ولائهم وحرصهم على بلدهم ومستقبلها بصورة لايمكن أن يعتريها الشك، ولم تعد قضية المجردين قضية كردية، بل صارت بامتياز قضية سورية في المستويين الشعبي والرسمي ، وتغيرت الظروف الإقليمية هي الاخرى، فلم تعد تركيا ولم يعد العراق في دائرة الخصوم والاعداء، بل أن ثمة مستقبلا مشتركا تتم صياغتة في المنطقة أساسه التعاون المشترك والمتعدد الابعاد، ويضم سوريا وتركيا والعراق ودول عربية وإسلامية اخرى.

لقد آن أوان حل قضية المجردين من الكرد السوريين الذين ظلموا لعقود طويلة، بل وصار من المطلوب اليوم التعويض عليهم بما أصابهم من ترديات في أوضاعهم وحياتهم على الاقل في جعل محافظة الحسكة في سلم الاهتمامات التنموية الاساسية للحكومة السورية.

فهل ننتظر خطوة بهذا الاتجاه تتجاوز ما أصبح معروفاً ومكروراً من تهديدات وتجاهل ووعود لاتجد طريقاً الى التنفيذ، وعندها يمكن لتلك الخطوة أن تندرج في إطار تكامل مشروع المواطنة ودولة الحق والقانون التي يستحقها وطننا السوري الحبيب.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…