
قبل أن أتحدث إليكم عما يجري في صفوف الوفاق الديمقراطي ، أرى أنه من الضروري العودة الى الظروف التي تأسس فيه هذا التنظيم ، لقد تأسس الوفاق الديمقراطي الكردي السوري في مرحلة حساسة جداً ، حيث كان يشهد الحراك السياسي في كردستان سوريا مرحلة إنعطافٍ جديد ، أي بعد مرحلة انتفاضة الثاني عشر من آذار المجيدة ، الكوادر المؤسِسة للوفاق الديمقراطي رفضوا وبشكل قطعي الانصياع الى ما سمي في تلك المرحلة ( بالامر الواقعي ) ، سواءً ما كان يطرح في صفوف قيادة الثورة ، أو من قبل القيادات السياسية في كردستان سوريا ، لذلك تبنى الوفاق ومنذ التأسيس خطاباً جديداً سواء على الصعيد السياسي أو الاعلامي أو الدبلوماسي ، وقد توضح ذلك بشكلٍ جليّ في المنهاج السياسي الذي طرحه الوفاق في كونفرانسه التأسيسي في 6/11/2004 وتم التصديق عليه في المؤتمر الأول في نيسان عام 2005 وذلك من خلال طرح مشروع مبدأ الحكم الذاتي لكردستان سوريا ، وأن القضية الكردية في سوريا هي قضية أرض وشعب ، وقد لاقى هذا الخطاب الجديد ترحيباً واسعاً من قبل الفئات المثقفة والكادحة في كردستان سوريا ، إلا أن إستشهاد الرفيق كمال شاهين باني ومنظر الوفاق في وقت مبكر من تأسيس الوفاق ، أثر سلباً على المسيرة النضالية للوفاق الديمقراطي ، لأنه وبكل صراحة لم يتمكن الرفاق أعضاء المنسقية آنذاك من ملئ الفراغ الحاصل في قيادة الوفاق سواءً من حيث التوجيه السياسي للحركة ، لأن خطاب الوفاق لم يكن خطاباً أعتيادياً ، وكان يتطلب شخصيات قيادية بأمتياز .
هل تقصد من هذه المقدمة بأن قيادة الوفاق لم تتمكن من ترجمة ما تم الوصول إليه في المنهاج السياسي في الواقع العملي ؟.
هذا ما أقصده بالضبط ، لأنه وبصريح العبارة لم أرى أحد من قياديي الوفاق (المنسقية العامة ) بأنه قد كتب سطراً واحداً بعد إستشهاد الرفيق كمال شاهين ، الوفاق ما زال يتربع على الميراث الذي خلّفه لنا الشهيد كمال في كتابه (مسيرة أكراد سوريا …..) ، فهل من المعقول أن تتمكن قيادة ما من إدارة تنظيم كالوفاق من حيث تبنيه لنهج وفكر جديد ..
؟ ، قيادة الوفاق لم تكن مؤهلة لقيادة هذه التنظيم ، فبدلاً من الانشغال بالمنهاج السياسي للتنظيم ، أنشغلت قيادة الوفاق ببعضها هذا من جهة ، ومن جهة ثانية (المنسقية العامة للوفاق ) كانت غير قادرة على قراءة المستجدات الطارئة سواء على الساحة الاقليمية أو الوطنية ، لذلك لم نرى في مسيرة الوفاق وضوح في الرؤية السياسية بصورة عامة ، فكان هناك تخبط واضح من حيث العلاقات والتحالفات مع الحركة السياسية في كردستان سوريا .
كيف وصلتم الى هذه المرحلة بدون أن تحصل انشقاقات منذ البداية ، وأنتم بينتم لنا مدى ضعف الجانب القيادي في الوفاق ؟.
حجي عفريني : في الحقيقة انه سؤال جيد ، فالانشقاق قد حصل فعلياً في عام 2007 أي ما قبل عقد المؤتمر الثاني ، ففي تلك المرحلة الانشقاق كان مابين قيادة الوفاق في كردستان سوريا وقيادة الوفاق في كردستان العراق ، ولأول مرة ظهر الفكر ( اليميني واليساري) ضمن الوفاق ، ولكي تتمكن قيادة الوفاق في كردستان العراق من إرضاخ القيادة في كردستان سوريا ، تم الاعلان عن تجميد عضويتنا في إعلان دمشق كورقة ضغط على قيادة الوفاق في كردستان سوريا حيث تم تسميتهم بالتيار اليميني في تلك المرحلة ، إلا انه لم يتم نشر تلك المستجدات في الوسائل الاعلامية ، فبوادر الانشقاق ظهرت فعلياً في تلك المرحلة .
إذاً ما هي حقيقة الانشقاقات الحاصلة في الوفاق ، وما هي المواضيع التي أختلفتم عليها ؟.
في الواقع لا يوجد أي خلاف فكري أو سياسي بين الاطراف المنشقة بصورة عامة ، والدليل على ذلك بأن كل الاطراف ما زالت تتبنى المنهاج السياسي والنظام الداخلي الذي أقره المؤتمر التأسيسي الاول للوفاق ، ويمكنني القول بأن حقيقة الانشقاقات نابعة من ردود فعل إتجاه التصرفات الشخصية التي كان يتبعها المنسق العام (الفردية ، التصرف بمقدرات الحزب ، عدم الرجوع الى القيادة في معظم القرارات المصيرية للتنظيم ) ، بعبارة أخرى هي خلافات تنظيمية بحتة .
كثرت في الآونة الاخيرة العديد من الشائعات والدعايات حول تدخل بعض الجهات الخارجية في الامور التنظيمية للوفاق ؟.
هذا صحيح ، مع إنبعاث الوفاق ومن الوهلة الاولى ، حاولت بعض الاحزاب الكردية في كردستان سوريا إحتواء هذا التنظيم ، فبعض التنظيمات السياسية طرحت علينا أن نكون جناحهم العسكري مدعين : ” على أن قياديي وكوادر الوفاق هم ذو خبرة عسكرية وتنقصهم الخبرة في العمل السياسي “، والبعض الآخر حاول إحتواء البعض من قياديي الوفاق لجعل هذا التنظيم كرديف لهم .
وهنا أنتهز هذه الفرصة مخاطباً كافة الاحزاب والتنظيمات الكردية في سوريا ، بأن قوة الوفاق في وحدتهم ، وبالتالي سينعكس هذا إيجاباً على الحراك السياسي في كردستان سوريا بشكل عام ، لأن الوفاق تنظيمٌ يملك الخبرة على الصعيد السياسي والتنظيمي والعسكري ، وأؤكد للتنظيمات التي تسعى الى الاستفادة من هذا الواقع من خلال تعاملهم مع بعض أطراف الوفاق وبنفس الوقت معاداة أطراف أخرى ، بأن هذه السياسة التي يتبعونها سياسة خاطئة ولا تخدم القضية الكردية بأي شكلٍ من الأشكال .
نشرت العديد من المواقع الالكترونية بعض المقالات والبيانات تتهم فيها بعض الاطراف الكردستانية ، وخاصة الاتحاد الوطني الكردستاني بأنه يقف وراء ما حصل من إنشقاقاتٍ في الوفاق ، أنتم كيف تفسرون ذلك ؟.
في الحقيقة كل ما نشر في صدد ذلك خالي من الصحة ، كنت قد بينت لكم في بداية حديثي بأن الأخطاء التي أرتكبتها قيادة الوفاق الديمقراطي هي من أهم الاسباب التي آلت إليها الأمور في وقتنا الراهن ، والحق يقال بأن الأخوة في الإتحاد الوطني الكردستاني بذلوا جهود كبيرةٍ للحيلولة من دون أن تحصل أية إنشقاقات في صفوف الوفاق الديمقراطي ، ونحن بدورنا لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والأمتنان على مواقفهم الوطنية هذه ، وكل من يدّعي في داخل التنظيم أو خارجه بأن الاطراف الكردستانية وراء ما حصل في الوفاق ، فهو واهم وبتصريحاتهم هذه يسعون الى طمس الحقائق وتأجيج الصراعات والخلافات مع أشقائنا الكردستانيين ، وليتستروا على فشلهم في إدارة التنظيم .
أنتم كجناح المكتب السياسي للوفاق الديمقراطي الكردستاني -سوريا ، طرحتم مشروع وحدة الوفاق ، هل يمكنكم أن تبينوا لنا المراحل التي وصلتم إليها بصدد هذا المشروع ؟.
أجل طرحنا مشروعاً كهذا ، فبعد وصول والد الشهيد كمال الى اقليم كردستان العراق ، كان يحمل معه مشروعاً سياسياً من أجل إعادة توحيد صفوف الوفاق ، وهذا المشروع كان يعبر عن وجهة نظر كافة الفعاليات السياسية والتنظيمية والمؤسساتية للوفاق في كردستان سوريا ، وقد طرح والد الشهيد مشروعه هذا على الطرفين المنشقين ( الوفاق الديمقراطي الكردستاني –سوريا والوفاق الديمقراطي الكردي السوري ) ، والجدير بالذكر بأن المكتب السياسي للوفاق الديمقراطي الكردستاني ناقش هذا المشروع ، حيث تم رفضه من بعض القياديين وقبول من بعض القياديين الآخرين ، أما بالنسبة للوفاق الديمقراطي الكردي السوري قبلوا المشروع بدون قيد أو شرط في تلك المرحلة ، ونحن بدورنا القياديين من الوفاق الكردستاني الذين شجعوا هذا المشروع ووقفوا الى جانب والد الشهيد كمال ، عقدنا إتفاقاً مع المكتب السياسي للوفاق الديمقراطي الكردي السوري للعمل سويةً على إتمام الخطوة التوحيدية للوفاق ، إلا إنه بعد وفاة الدكتور نوري علي والد الشهيد كمال شاهين إثر نوبة قلبية ، تراجع المكتب السياسي في الوفاق الديمقراطي الكردي السوري عن الإتفاق الذي وقعوه معنا ، ولأسباب غير معروفة ، لذلك أضطررنا نحن جناح المكتب السياسي للوفاق الديمقراطي الكردستاني بعقد إجتماع موسع للكوادر المؤيدة لنا ، لدراسة هذا الواقع الجديد ، ليصبح هذا الاجتماع الكونفرانس التأسيسي الأول للوفاق الديمقراطي الكردي السوري (تيار الإصلاح) .
لماذا الوفاق الديمقراطي الكردي السوري (تيار الاصلاح) ؟.
سؤال وجيه ،والإجابة عليه يتطلب العديد من الصفحات ، لأن الإصلاح كمصطلح واسع الانتشار ويطلق على التحسينات أو على إلغاء سوء التصرف والعيوب ، مصطلح له مدلولاته التاريخية ، وهناك العديد من التيارات الإصلاحية تمكنت من إصلاح ما تم إفساده سواءً على مستوى التنظيمات أو الدول ، فهذه المرحلة تتطلب الإصلاحات ، وهنا أقصد بأن منطقة الشرق الأوسط كأنظمةٍ ودولٍ كلها بحاجة الى إصلاحات جذرية ، وعند النظر الى واقع الحركة السياسية في كردستان سوريا ، فهي بأمس الحاجة الى الإصلاح ، ومما لا شك فيه بأن الوفاق الديمقراطي الكردي السوري من التنظيمات التي باتت الاصلاحات فيه من أولوياتنا ، تنظيم لم يمضي على تأسيسه سوى بضعة سنوات ويعاني من هذا الانقسام والتشتت الذي بات كمرضٍ خبيث يعشعشُ في جسد الوفاق ، بحاجة الى عملية إصلاح جذرية.
الوفاق الديمقراطي الكردي السوري (تيار الاصلاح ) ، يسعى إلى إصلاح ما تم إفساده سواء على الصعيد السياسي أو التنظيمي و الاعلامي ، ومحاربة الفساد المالي والأداري الذي يعاني منه الوفاق في السنوات الماضية ، نحن لسنا تيار منشقٍ عن أحد لأننا نمتلك الجذور الأساسية التي كبُر عليها الوفاق الديمقراطي ، تلك الجذور المتمثلة بنهج شهداء الوفاق شهداء الكلمة الحرة والرأي الآخر ، والتي ترفض كل المحاولات الانقسامية ليس في صفوف الوفاق فحسب وإنما ضمن الحركة السياسية الكردية بصورةٍ عامة ، وحينما عقدنا الكونفرانس الاول لتأسيس الوفاق الديمقراطي (تيار الإصلاح ) لم يكن في برنامجنا تأسيس تنظيمٍ جديد ، وإنما لكي نتمكن من جمع كل الأصوات المنادية للإصلاح ضمن إطارٍ منظم ، لنتمكن من خلاله إتمام عملية الإصلاح في صفوف الوفاق الديمقراطي بشكل منظم ، لذلك عقدنا الكونفرانس تحت شعار ( نحو مؤتمر توحيدي ) ، ونحن بدورنا لن نكتفي بعملية الإصلاح ضمن الوفاق لوحده ، وإنما سنقف إلى جانب كافة الأصوات المنادية للإصلاح ضمن الحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا.
في نهاية هذا اللقاء أتقدم إليكم بجزيل الشكر ، وأتمنى لجريدتكم الغراء المزيد من التطور والازدهار ، وأقول بأن زمن الاصلاح قد حان ، وأناشد كل الاصوات المنادية للاصلاح ضمن الحركة السياسية في كردستان سوريا ، لاجل إعادة الثقة بين الجماهير الشعبية وحركتنا السياسية ، للمضي قدماً نحو تحقيق مبدأ الحكم الذاتي لكردستان سوريا وسوريا ديمقراطية.
أجرى الحوار : خوشناف حسين
رئيس تحرير جريدة الوفاق