الإحصاء الاستثنائي الجائر ( أما آن لهذه الصفحة أن تطوى )

  صوت الأكراد *

يصادف الخامس من شهر تشرين الأول القادم الذكرى السنوية الثامنة والأربعين للإحصاء الاستثنائي الجائر الذي طبق بحق أبناء شعبنا الكردي في سوريا, استناداً لعقلية شوفينية ترفض الآخر, وبموجب المرسوم التشريعي رقم /93/ المؤرخ في 23 آب 1962م, إذ أنه بتاريخ 5/10/1962م, قامت السلطات السورية بتنفيذ بنود ومقررات هذا المرسوم , حيث بذلك تم تجريد حوالي 120 ألف من المواطنين الكرد من جنسيتهم الوطنية في حينه ( من بينهم من أدّوا خدمة العلم– كما جرد بموجبه رئيس أركان الجيش السوري السابق توفيق نظام الدين ) وبدأت منذ ذلك التاريخ هذه الأعداد بالتزايد لتبلغ الآن مئات الآلاف من المجردين من الجنسية والمكتومين.
لقد كان تنفيذ هذا المرسوم بمثابة كارثة حلت بأبناء شعبنا الكردي جرّاء المعاناة الإنسانية التي عاش ويلاتها على مرّ هذه العقود المتتالية فكان المجرد من الجنسية محروماً من أبسط حقوق الإنسان وفق المعايير والقوانين الدولية (ممنوعين من الحصول على جواز السفر أو المغادرة خارج القطر أو النوم في الفنادق وكذلك ممنوعين من حقِّ الاستملاك , ولا يحق لهم التوظيف في القطاع الحكومي والدوائر الرسمية , ولا يمنح للمكتومين منهم شهادة الدراسة الثانوية رغم نجاحهم في هذه المرحلة , ويعامل التلاميذ والطلاب الأجانب والمكتومين معاملة استثنائية تعقيدية قبل قبولهم في المدارس , بالإضافة إلى الأوضاع المعاشية السيئة والمتدهورة التي يعانون منها مما يضطرون للهجرة سواءً الداخلية أو الخارجية الأمر الذي يعرضهم لمخاطر الهجرة وسلبياتها المعروفة … الخ .
ورغم المحاولات المتكررة من لدن الحركة الوطنية الكردية في سوريا وكذلك من قبل الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية وأيضاً من قبل القوى الوطنية والديمقراطية في سوريا والمنظمات والهيئات الدولية الرامية إلى إنهاء هذه المعاناة المطبقة بحق الشعب الكردي إلا أنها لم تلق آذاناً صاغية وما زال العمل بها مستمراً ( تجدر الملاحظة هنا إلى أنه تم إطلاق العديد من الوعود من قبل السلطات إلا أنها لم تفِ بأيٍّ منها ” خلال لقاء السيد رئيس الجمهورية بالفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية أثناء زيارته لمحافظة الحسكة عام2002م– خلال لقائه مع قناة الجزيرة الفضائية عام2004م عقب أحداث القامشلي – خلال أدائه لخطاب القسم الثاني تحت قبة مجلس الشعب عام 2007م – توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث ” الأخير ” عام 2005م ….

” ) .

     
إن استمرار السلطات السورية في العمل بهذا المرسوم لا شك يضر لأبعد الحدود بالوحدة الوطنية ويسيء للجميع وطناً ومواطنين , فليس من المعقول أن نعاصر القرن الحادي والعشرين ( وله ما له من سماتٍ رفيعة في مجال التقنية والعولمة وحقوق الإنسان ) وأن يكون هناك بين ظهرانينا هذه الظاهرة الخطيرة والحالة اللاإنسانية في بلدنا, هذه الحالة التي ما كانت لتكون لولا العقلية العنصرية والفكر الشمولي الرافض للآخر والمؤمن بصهر الكل في بوتقة ذاته, فكانت هذه الخطوة كغيرها تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية…
وعليه فإن السلطات السورية مطالبة بإلغاء العمل بهذا المرسوم الجائر, الذي قبل أن يخالف القوانين والمعايير والمواثيق الدولية يخالف الدستور السوري أصلاً , لتكون هذه الخطوة عنواناً لبداية مرحلةٍ جديدةٍ , مرحلة أبرز عناوينها الإيمان بالعيش المشترك وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه المشروعة, وإنهاء حالة الاغتراب في الوطن.

كما أنه يتطلب من الحركة الوطنية الكردية والقوى الديمقراطية و الوطنية والهيئات والمنظمات الشعبية والدولية وكذلك الفعاليات الجماهيرية المختلفة أن تكثف جهودها لإنهاء مأساة المجردين من الجنسية خدمة للوطن والمواطنين.

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (431) ايلول 2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…