المواقع الإلكترونية الكردية بين الراهن والمطلوب

   صوت الأكراد *

مع تطور وسائل الإعلام وحصول ثورة معلوماتية حديثة وحقيقية وظهور تقنيات جديدة باستمرار في حقل الاتصالات وتنافس الحكومات والشعوب والأمم على الظفر بهذه التقنيات واستثمارها لمصلحة شعوبها ودولها وحكوماتها كل حسب موقعه والعمل من خلالها للمساهمة في بلورة مختلف القضايا ، وكذلك المساهمة الفعالة في تهيئة الأجواء لصناعة القرارات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والدفاع عنها والترويج لها .

برزت مرة أخرى مشكلة جديدة أمام الشعب الكردي بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص وذلك لعدم قدرته على مواكبة التطورات الحاصلة في مجال تقنية الاتصالات للأسباب المعروفة وبالتالي تخلفه في الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة .
وفي ظل التعتيم شبه التام الذي تمارسه الدولة بحق الشعب الكردي ناهيكم عن التنكر لوجوده والممارسات الشوفينية التي تمارس بحقه والتي لن ندخل في تفاصيلها لأن للمقال موضوع آخر .
ففي ظل عدم قدرة الشعب الكردي على الحصول على قناة تلفزيونية فضائية أو حتى محلية أو محطة إذاعة فإن للمواقع الإلكترونية أهمية استثنائية لأنها في ظل التطور الواضح في الإعلام الحزبي وأيضاً لأسبابه المعروفة فإن العبء الإعلامي الأكبر بات يقع على عاتق المواقع الإلكترونية الكردية المختلفة الحزبية منها والمستقلة ، ولذلك فإن جهوداً استثنائية مطلوبة منها للتعويض عما يفتقده الشعب الكردي من وسائل الاتصال ، ولكن ومما يؤسف له بأن معظم المواقع الكردية الحزبية والمستقلة بما فيها موقع حزبنا عجزت عن القيام برسالتها حتى اللحظة ، ونعتقد أننا جميعاً سياسيون وإعلاميون ومثقفون ومشرفون على المواقع مطالبون بإعادة النظر في سياساتنا الإعلامية ، فرغم سعي معظم المواقع الإلكترونية إلى توضيح معاناة شعبنا للدفاع عن قضيته وبذل جهود مضنية في هذا الاتجاه باستثناء عدد قليل من المواقع اتخذت من المهاترات والدعايات السلبية وما يمكن أن نسميها في المجتمع الكردي ينطبق عليها المثل الشعبي ” gotina li ber tenure , gotinali ber diwara ” والتي لا تشملها دراستنا ورأينا لأنها اتخذت لنفسها منحى آخر بعيداً عما يصبو إليه الشعب الكردي وإعلاميوه وصحافيوه ، نقول إننا جميعًاً مدعوون إلى إعادة النظر في سياساتنا الإعلامية ونعتقد أن مقترحات سوف نقدمها وهي مقترحات ليس إلا قد تشكل الأرضية اللازمة لحوار مفتوح بين المواقع الكردية المختلفة للوصول إلى أفضل صيغة إعلامية جادة وحقيقية ورصينة هدفها الأساس هو خدمة شعبنا الكردي وقضيته وكذلك قضايانا الوطنية ، وهذه المقترحات هي :
أولاً – مع قناعتنا التامة أن معظم المواقع الإلكترونية الكردية وكما أشرنا في متن المقال هدفها الأساسي هو خدمة قضية شعبنا ، وبناء عليه يجب إجراء فرز دقيق لكل المواد التي تصل إلى المواقع ودراستها قبل نشرها .
ثانياً – السعي إلى كسب المزيد من الأصدقاء للشعب الكردي وهذا يعني كسب المزيد من القراء من غير الكرد للمواقع الإلكترونية الكردية وهذا يتطلب .
1- نشر مقالات وموضوعات تتعلق بالأوضاع العامة في سوريا بما فيها القضايا والمشاكل التي تحصل في المحافظات السورية الأخرى وعدم الاقتصار على القضايا الكردية .
2- نشر مقالات وموضوعات لكتاب ومثقفين سوريين من غير الكرد ، وكذلك للكتاب والمثقفين العرب من الدول العربية المختلفة خاصة تلك المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان والشعوب والأقليات وحقوق الطفل والمرأة … إلخ
3- نشر مقالات وموضوعات ذات أهمية إقليمية ودولية .
4- التعامل مع المثقفين السوريين العرب وعقد صداقات مختلفة معهم ونشر آرائهم وأفكارهم عن مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية .
ثالثاً – السعي إلى نشر مقالات باللغات الأجنبية خاصة الإنكليزية على أن تكون منتقاة بعناية خاصة تلك المقالات المتعلقة بالأوضاع السورية العامة وقضايا حقوق الإنسان والسجناء السياسيين … إلخ والأوضاع الكردية الخاصة ، والسعي إلى الحصول على عناوين كتاب ومفكرين الأجانب وكذلك جمعيات حقوق الإنسان في الدول الأوربية ، وإرسال المواد إليهم ، أي العمل المبرمج لتحقيق التواصل مع شخصيات أجنبية أكاديمية وحقوقية ومجتمعية وبرلمانية من خلال الموضوعات والمقالات باللغة الإنكليزية .
رابعاً – كردياً : السعي الجاد إلى إبراز هموم ومشاكل الشعب الكردي ومعاناته والسياسات الشوفينية المطبقة بحقه والإجراءات المتتالية والمتصاعدة وتيرتها بشكل مضطرد ، وفضح سياسات السلطة تجاه الشعب الكردي ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إبراز الوجه الناصع والمشرق للشعب الكردي وقضيته ومدى عدالة هذه القضية ومشروعيتها ، وكذلك شرح الحلول والحقوق المطلوبة للشعب الكردي وفق صيغ ديمقراطية وطنية وقومية .
أما في ما يتعلق بالجانب النقدي فيجب التعامل معه بدقة وموضوعية فلا يزال هذا الجانب حديث العهد ولا تزال أسس النقد وقواعده غير متبلورة بشكل دقيق ، ورغم أننا غير مختصين بهذا الجانب ولكن في العموم يجب التفريق بين نقد بناء هدفه تصحيح رأي معين أو تصحيح موقف سياسي وإعلامي معين من المهاترات التي لا تخلو من التشهير والتجريح ، وعندما نقول يجب التعامل مع هذا الموضوع بدقة وحذر لأننا وكما أسلفنا سابقاً يجب أن نسعى إلى كسب المزيد من القراء غير الكرد لمواقعنا الإكترونية فعندما يتصحفون مواقعنا ولا يجدون فيها موضوعات جادة وقضايا نقدية جادة فإنهم بالتأكيد سوف يتركون التعامل مع هذه المواقع ، وهنا نطرح سؤالاً جوهرياً على مختلف المواقع بما فيها موقعنا :
1- كم هو عدد السوريين من غير الكرد الذين يزورون المواقع الكردية ؟
2- كم عدد غير السوريين وغير الكرد الذين يزورون مواقعنا الإلكترونية ؟
نعتقد أنها أسئلة مشروعة وفي الإجابة الصحيحة والموضوعية عليها ندرك هل نجحنا في سياساتنا الإعلامية وذلك بإيصال صوتنا وصوت قضيتنا وصوت شعبنا إلى خارج إطار الدائرة الكردية ، ومع أننا ندور حول أنفسنا في حلقة مفرغة أو حلقة مغلقة لا فرق بينهما طالما لا نخرج من الإطار الكردي .
السادة أصحاب المواقع الإلكترونية المحترمون :
إن تاريخ الحركة الكردية والكردستانية باختصار تاريخ صراع كردي / كردي وبمختلف أشكاله ، فهل آن الأوان لنتجاوز تلك المرحلة وتلك العقلية ونبني بدل الصراع الكردي / الكردي حواراً كردياً / كردياً ؟ حواراً كردياً سوريا ؟ حواراً كردياً مع الآخر ؟ ونزرع بدل الشك والريبة الثقة بالنفس وببعضنا وأن نحاول الاستفادة القصوى من هذه المنابر الإعلامية الهامة .
لذا ندعوكم أنتم المقيمون في سوريا إلى حوار خاص مباشر بينكم وبين المثقفين والإعلاميين الكرد وبوجودنا كصاحبي دعوة للوصول إلى أفضل صيغة إعلامية ممكنة لخدمة شعبنا وقضيته العادلة .

* الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – العدد (430) ايلول 2010

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…