معسكر لاوريون للمهاجرين غير الشرعيين: حيث تتلاقى المآسي ومِحن البائسين في ديار الغربة!.

هوشنك أوسي – اليونان – (لاوريون)

في منطقة لاوريون، بعيداً من العاصمة اليونانيّة أثينا بمسافة تزيد عن 60 كيلو متر، وعلى مساحة دونمين ونصف تقريباً، وبعمارة قديمة، مشيّدة على طابقين، ومقسّمة إلى قسمين متقابلين، تتوسّطها باحة صغيرة، ثمّة مبنى يأوي أكثر من 250 مهاجر غير شرعي، من الرجال والنساء والاطفال، بينهم نحو 20 عائلة.

غالبيّة هؤلاء المهاجرين من الاكراد، إلى جانب مجموعة من الاتراك والأفغان.

تم تشييد هذا المبنى مطلع الخمسينات، كمعسكر يستقبل الفارّين من الأنظمة الشيوعيّة في الاتحاد السوفايتي السابق، ودول أوروبا الشرقيّة.

وفي نهاية السبعينات ومطلع الثمانيّات، أصبح المبنى، مأوى الفارين من الانقلاب العسكري في تركيا، الذي قاده الجنرال كنعان إيفرين سنة 1980.
 وكثيراً ما تطالب أنقرة أثينا، باغلاق هذا المعسكر، بحجّة انه “تابع لحزب العمال الكردستاني”، وأن الأخير، يقوم فيه بـ”تدريب الارهابيين”!.

وينفي المسؤولون عن المعسكر، هذا الأمر، موضّحين أن تركيا تريد احراج اليونان، والضغط عليها امام الاتحاد الاوروبي، لكون المعسكر “يأوي الكرد الفارّين من ظلم النظم التي تضطهدهم.

والحقيقة ان المعسكر تابع للأمم المتّحدة والصليب الاحمر والدولة اليونانيّة”.

منوّهين إلى أن تركيا، “مثلما تريد اغلاق مخيّم مخمور (يأوي أكثر من 12 ألف لاجئ كردي، فرّوا من تركيا، بعد إفراغ وإحراق الجيش التركي لقراهم) في كردستان العراق، كذلك تريد إغلاق معسكر لاوريون أيضاً”.

وبين الإصرار التركي والتجاهل اليوناني، كان لكاتب هذه السطور، جولة بين اللاجئين، والاستماع لقصصهم وآلامهم وأحلامهم وطموحاتهم.


معسكر لاوريون

حكاية طفل
علي محمدي ساقزي (19 سنة)، من ناحية أوباتو التابعة لمحافظة ساقز في كردستان ايران.

مضى على تواجده في اليونان 20 يوماً.

دخلها، عبر الاراضي التركيّة، برفقة ستة مهاجرين آخرين.

بدأت رحلته نحو اليونان من محافظة أورمية الإيرانيّة، عابراً الحدود الى محافظة “وان” التركيّة، ومنها مباشرةً، توجّه الى اسطنبول.

كان عمره 16 سنة حين اعتقل سنة 2007، في ذكرى يوم اغتيال عبد الرحمن قاسملو (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني، اغتيل في فينّا.

ويُقال أن محمود أحمدي نجاد، ترأس فرقة الإعدام وقتئذ).

عن اعتقاله، ذكر ساقزي لـ”الحياة”: “بقيت تحت التعذيب الشديد، 3 أيّام في مراكز الحرس الثوري،  و4 أيّام لدى الاطلاعات (الاستخبارات الايرانيّة).

ثمّ حوّلوني للمحكمة، بتهمة الانتساب لحزب الحياة الحرة الكردستاني PJAK، لأنّ لديّ أخوين عضوين في هذا الحزب.

فقط، سألني القاضي: ما اسمك؟، وأصدر بحقّي 4 سنوات سجن!.

بكيت، وطلبت منه الكلام.

فردّ: ماذا تريد؟.

أجبت: تعرّضت لابشع انواع التعذيب الجسدي والنفسي.

ولا أعرف ماذا الذي اجبروني على التوقيع عليه! آخذين بصماتي؟!.

فطردني القاضي”.

ويضيف ساقزي: “بعد أسبوع، وجدت نفسي في السجن المركزي في محافظة ساقز.

قالوا لي: اذهب للبيت، مع منع مغادرة البلاد، لأنك ستحال للمحاكمة مرّة أخرى.

كنت اعرف أن المحاكمة الجديدة ستصادق على الحكم السابق.

هربت الى طهران.

وبقيت هناك 3 سنوات بشكل شرعي.

وبعد مضي هذه السنوات ضمن الخوف من الاعتقال، اضطررت للهرب الى اليونان، عبر تركيا، وطلب منّي المهرّب 3500 دولار، ثمن إيصالي إلى هنا”.

أمّا قصّة عبوره للحدود التركيّة _ اليونانيّة، فسردها بمرارة وألم: “بقينا ليوم واحد في اسطنبول، في بيت استأجره المهرّب في حي آكسراي، واخذ منّي 100 دولار.

كان قذراً جدّاً، بمثابة سجن، إذ خضعنا لتهديدات المهربين وابتزازهم فيه.

اتجهنا الى الحدود، عبر سيّارة صغيرة مغلقة.

السائق ومعه شخصان، يتعاطون المخدرات.

كثافة دخان الحشيش، تزكم الأنوف وتعمى الابصار في صندوق السيارة المغلقة.

اخذوا منّا الهواتف النقّالة، واعطونا هتافاً يتصل مع هاتف المهرّب فقط.

ولكثرة تعاطيهم الحشيش، أصيبوا بالدوار والهذيان.

حين رأوا سيّارة البوليس، قادوا سيّارتهم بسرعة جنونيّة.

كان الوقت ليلاً والمطر يهطل بغزارة.

منعونا من أخذ امتعنا ونحن في اسطنبول.

وقبل محافظة أدرنة التركيّة بنصف ساعة، انزلونا من السيّارة وقالوا لنا: اختبئوا ريثما يذهب البوليس الذي يلاحقنا.

وسنأتي بعد 10 دقائق.

ومن الساعة الثامنة مساءً وحتى الثامنة صابحاً ونحن تحت المطر الغزير والبرد والجوع، بقينا وهم يقولون لنا، عبر الهاتف: 10 دقائق أخرى وسنأتي.

وفي الساعة الثامنة مساءاً أتوا، ومعهم قطع خبز صغيرة ويابسة مع عدّة عبوات (قناني) ماء.

جاء معنا شخص، كدليل، وعادت السيّارة.

تركنا الدليل لوحدنا في الساعة 12 ليلاً، وقال اسلكوا هذا الطريق، خلال 20 دقيقة ستصلون لليونان.

وبعد مضي ساعة على المسير واذ بنا أمام لوحة عليها صورة جندي تركي.

اتصلنا بالمهرّب، فقال: عودوا بسرعة للمكان الذي ترككم فيه الدليل.

فعدنا.

فرغت بطاريّة الهاتف النقّال الموجود بحوزتنا.

انقطعنا نهائيّاً عن العالم.

لا ثياب ولا ماء ولا أكل، والحشرات والبعوض ينهش بنا.

قضينا ساعتين ونصف مشياً.

كان معنا شخص من كردستان العراق، سبق له أن كان في أوروبا وتم ترحيله.

قال: لنضع المسجد خلفنا، ونتجه عكساً.

فدخلنا غابة.

اضطررنا للعودة الى تركيا.

بزغ الفجر.

فرأينا حقل تفاح وعباد الشمس.

أتينا بها وأكلناها.

بقينا في حفرة حتّى حلول الليل.

كل واحد منّا يتناوب على الحراسة.

من شدّة العطش، اضطررنا لشرب ماء المطر المتجمع في مستنقعات صغيرة.

ومع حلول الليل، خارت قوانا.

جائعون، شبه حفاة، بعد ان تمزقت احذيتنا.

البعض، كان يبكي.

لاحظنا غرفة، كانت عبارة عن محرس لآليات شركة حفر الطرق، فذهب ثلاثة منّا للتحرّي، وطلب المساعدة.

هجم علينا كلب المحرس، وكاد ينهشنا.

وإذ بنا نرى رجل مسنّ.

رفعنا أيدينا له.

أمرنا الرجل بالاقتراب.

كان تركيّاً.

طلبنا الماء، وطلبنا منه شحن الموبايل.

وحين قال أحدنا، وكان يعرف بضع كلمات تركيّة: أنا فلسطيني وأمّي تركيّة، حينها سمح لنا الرجل بالجلوس وشرب الماء وشحن الموبايل.

لاحظنا ان الرجل يريد الاتصال بالبوليس، بسرعة سحبنا الموبايل وهربنا.

دخلنا حقول الأرُزّ المليئة بالماء.

ولكوننا نريد الاتجاه نحو اليونان، لم نعد نكترث بمستنقعات الأرُزّ، ولا بحقول عبّاد الشمس، ولا بالاشواك والاحراش والجروف والتضاريس الوعرة.

احدنا أغمي عليه، فاضطررنا لحمله.

وصل بنا الحال لكره إنسانيتنا من التعب والإعياء والجوع وفقدان الحيلة والخوف.

وصلنا لقرية يونانيّة.

عرفنا ذلك من الصليب الموجود على أحد المقابر.

بالنتيجة، وصلنا الى أثينا، ولم يدخل الى جفونا لقمة خبز”.
 
خلفيّات سياسيّة
علي ياشارأوغلو (35 سنة)، متزوّج وله 3 أطفال، من محافظة ديرسم (إحدى أكبر المحافظات الكرديّة جنوب شرق تركيا، يقطنها غالبيّة من الكرد العلويين).

مضى شهران ونصف على تواجده في اليونان، وشهر ونصف في معسكر لاوريون.

أتى إليها برّاً على متن شاحنة لنقل البضائع.

وحكى قصّته بالقول: “كنت ناشطاً في حزب المجتمع الديمقراطي (تمّ حظره بقرار المحكمة الدستوريّة العليا في تركيا)، في منطقة ناظمية التابعة ديرسم.

في يوم 15/2/2004 تم اعتقالي بتهمة الانتساب لحزب العمال الكردستاني، واحالوني للمحكمة، وبقيت شهرين، تحت التعذيب، على ذمّة التحقيق، ثم حاكمني طليقاً.

وفي سنة 2010 صدر بحقي حكم غرامة 2000 دولار.

ودفعت المبلغ.

وسنة 2005 رفِعت بحقّي دعوى جديدة بنفس التهمة، وسنة 2008، حكم عليّ سنتين سجن.

ونظراً أن محكمة التمييز ستصادق على الحكم، وسأسجن، ما اجبرني على الهرب”!.

عن حالته الاقتصاديّة، يذكر ياشار أوغلو: “كان وضعي المادي جيّد، وبسبب الامور السياسيّة اضطررت للهرب ومحاولة السفر الى أوروبا.

مرتان، حاولت السفر عبر مطار اثينا، تمّ اعتقالي وإعادتي.

سأحاول إعادة الكرّة، لأنه لا يوجد خيار آخر”.
أمّا جيان تكمان (40 سنة)، فمتزوج وله 4 أطفال.

مضى على تواجده في اليونان نحو 9 سنوات.

كان صاحب ورشة خياطة، ويعمل لديه 18 شخص.

يقول: إنه لم يهرب من تركيا نتجية الوضع الاقتصادي، بل بسبب ظروف سياسيّة.

ويضيف: “رفضت الخدمة الالزاميّة في الجيش التركي.

كان لي شقيق موجود في الجبال.

ولدي أقرباء، رجال ونساء، موجودون في الجبال.

لم امتلك الإرادة والجرأة لأن أكون مثلهم.

لكنني رفضت حمل السلاح ضدّهم.

كنت ناشطاً ضمن جناح الشباب لحزب ديمقراطيّة الشعب (تمّ حظره بقرار من الدستوريّة التركيّة).

ولئلا اخدم الجيش التركي وأحمل البنادق في وجه إخوتي وأقاربي، ضحيت بورشتي وعملي ومعيشتي وهربت الى اليونان”.

ويشير إلى أنه سنة 1996 تمّ الحكم عليه بأربعة سنوات وثمانية اشهر، سجن بتهمة الدعاية لمنظمة غير قانونيّة.

وإذا عاد لتركيا سيجبرونه على الخدمة العسكريّة ودفع الغرامات، عدى عن تنفيذ حكم السجن.

ويذكر تكمان، أنه من سنة 1994 ولغاية 2001 حاول الهرب من تركيا، بهويات مزوّرة، ست مرّات.

ويضيف: “حاول السفر الى ايطاليا سنة 2001.

في عرض البحر نشب حريق في سفينتنا، وعلى متنها 1200 مهاجر، غالبيتهم من الاكراد.

ما اجبر السفن المتواجدة حولنا الى انقاذنا.

فكنت من نصيب سفينة يونانيّة”.

وحول ظروف المعيشة في اليونان، يذكر تكمان: “اليونان في مجال حقوق اللاجئيين الساسيين، هي الدولة الاسوأ في الاتحاد الاوروبي.

وبسبب عدم اتقاني اللغة اليونانيّة، لم اتمكّن من العمل منذ سنة 2001 ولغاية 2007.

ومن تلك السنة، وحتّى الآن، اعمل في ترتيب وتنسيق الحدائق.

ولا يؤمن ذلك نفقات اسرتي.

لذا لجأت الى المعسكر كي اوفر نفقات الإجار.

انظر لحالي: مِن صاحب ورشة خياطة، إلى لاجئ بائس، يعيش من تنظيف وتنسيق الحدائق!.

من المسؤول عن ذلك، غير الظروف والأوضاع السياسيّة في تركيا!”.
رحلة ماراثونيّة
غزميش تامور (35 سنة)، هو أيضاً متزوّج، وله طفلان.

محكوم عليه منذ سنة 1993 بالسجن المؤبّد، (36 سنة).

فقد 3 أشقاء له، و5 من أولاد أشقّائه، والكثير من الأقرباء، في الاشتباكات بين الجيش التركي ومقاتلي العمال الكردستاني.

كان ناشط ضمن حزب العمل الشعبي (تمّ حظره بقرار من الدستوريّة التركيّة سنة 1991).

اعتقل سنة 1992.

بعد شهرين من التعذيب، اطلق سراحه.

اتّجه نحو كردستان العراق، على اعتبارها منطقة آمنة.

ولم يتخلّى عن نشاطه السياسي.

وحول فترة تواجده في كردستان العراق، يقول تامور: “سنة 1997 تمّ اعتقالي من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لمدّة 4 سنوات.

بقيت في سجن آكريه (عقرة) دون محاكمة أربع سنوات.

وخلالها، كان التعذيب ليلاً نهاراً، لمدّة سنتين متواصلتين.

مات 5 أشخاص تحت التعذيب، كلّهم بتهمة الانتساب للعمال الكردستاني.

سنة 2001 أطلق سراحي، وأجبروني على الزواج، خشية أن التحق بمقاتلي الكردستاني في الجبال.

وخلال شهرين تزوّجت.

وفي ليلة الزفاف، تم اعتقالي لمدّة شهر من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بنفس التهمة.

ويوميّاً، كنت اذهب للتوقيع على انني موجود، ولم ألتحق بالجبال!.

وبعض مضي سبعة أشهر، ابلغوني بضرورة مغادرة البلاد!.

أودعوني وزوجتي وطفلي الرضيع عمره شهر، في سيّارة، واتجهنا الى نهر دجلة بالقرب من حدود منطقة سلوبي التركيّة.

وبعد ان ركبنا الزورق المطاطي، اطلق علينا الاتراك النار من المدّرعات والرشاشات.

الرضيع في حضني.

سقطت في النهر، وكادت زوجتي تذهب والزورق.

كان الموت يخيّم علينا، وكاد أن يخطفنا، لولا أن الله لطف بنا.

انقذنا أنفسنا بشقّ النفس.

ركبنا الزورق مجدداً، واتجهنا للحدود السوريّة”.

ويسهب تامور في سرد تفاصيل محنته الماراثونيّة: “اختبأنا بين الحقول.

وبالصدفة، شاهدنا رجل، واتفقنا معه ان يوصلنا الى لبنان بـ3000 دولار.

فاخذني الى بيته، في إحدى القرى السوريّة الحدوديّة.

وبعدها ذهبنا الى قامشلو، وركبنا الباص الى دمشق، بصحبة ذلك الرجل.

وأتى بسيّارة وأخذنا للحدود اللبنانيّة.

وثمّ أتى بسيّارة أخرى، أقلّتنا من الحدود حتّى منطقة برج حمّود في بيروت.

ومن سنة 2001 ولغاية 2004 بقيت في بيروت”.

ويقول تامور: أنه قرر العودة مرّة اخرى الى تركيا، سرّاً.

فاتفق مع أحد المهرّبين، الذي طلب منه 4 الاف دولار.

ويذكر أنه قام بتأمين المبلغ، خلال فترة عمله في بيروت في احد محال بيع الزجاج والهدايا.

ويضيف: “بقينا في دمشق ليلة، ومنها الى حلب.

وبقينا فيها لاسبوع.

وكما بقينا على الحدود السوريّة _ التركيّة، قدر اسبوع.

ومرّة اخرى وقعنا في الكمين على نهر آت من منطقة الاسكندرون.

عدنا ادراجنا.

ثم عاودنا في اليوم التالي، ووصلنا لاسكندرون.

ومنها الى ميرسين.

بقيت فيها اربع سنوات سرّاً.

انكشف أمري، فاضطررت للهرب الى اسطنبول.

بقيت فيها شهر.

تعرّفت على أحد المهربين.

وعدني ان يوصلني الى فرنسا مقابل 20 الف يورو.

دفعت له ذلك.

وبعد ان قطعت الحدود اليونانيّة، تركني المهرّب وهرب.

ركبت إحدى السيّارات البلغاريّة الآتية الى اليونان.

وتم اعتقالنا من قبل البوليس اليوناني.

وبقينا 45 يوم انا واسرتي معاً.

وبعدها أتوا بي الى أثينا.

فصلوني عن زوجتي وأطفالي.

بقينا في السجن لمدة 4 اشهر.

والآن، انا في معسكر لاورون”.

ينهي تامور كلامه بالقول: “رغم أنني لم اقترف جرماً بحقّ الوطن، سوى أنني ناشط سياسي كردي، أصدروا بحقّي حكماً بالسجن المؤبّد.

الآن، اذا أصدرت الحكومة التركية عفو عام.

سأعود لوطني.

وبل انا راضٍ حتى بتخفيض الحكم لعشرة سنوات، انا مستعدّ للعودة.

ولا شيء يعوّضني عن وطني وتراب قريتي”.

كاوى فيروزشاه (28 سنة).

متزوّج وله طفل.

كان صاحب مقهى انترنت في حي زورافا الكردي في العاصمة السوريّة،  دمشق.

قصّة هروبه من وطنه إلى اليونان، عبر تركيا، لا تختلف كثيراً عن الذين سبقوه في الحديث.

وعن ظروفه في سورية، ذكر فيروزشاه: “أصلاً، أنا مجرّد من الجنسيّة السوريّة، ومحروم من الحقوق المدنيّة، ليس لجرم ارتكبته بحقّ الوطن إلاّ أن الله خلقني كردي.

نتيجة الظروف الاقتصاديّة الصعبة، هاجرت من قامشلو إلى دمشق، بقصد العمل.

فتحت مقهى انترنيت في حيّ زورافا الكردي.

ولم تتركني قوى الأمن في حالي.

وبدأت الاستدعاءات والتحقيقات والمداهمات.

كانوا يتهمونني بتهم غريبة عجيبة.

منها، إنني أجعل محلّي (المقهى) ملتقى للانفصاليين الاكراد! أو الإرهابيين الإسلاميين، أو لمرتادي المواقع الاباحيّة!.

ويطالبونني أن أعمل لديهم جاسوساً على الزبائن!.

وسيمنحونني الامتيازات.

أوقفوني لمدّ شهر.

وأغلقوا محلّي بالشمع الاحمر.

وبعد شهر من التعذيب والتحقيق، أفرجوا عنّي.

ليلاً، خلعت شبّاك المحلّ.

و”سرقت” أجهزتي ومحتويّات المحلّ، وبعتها بأبخس الأثمان.

حزمت أمعتي، وبرفقة زوجتي وطفلي، هربت إلى تركيا، ومنها الى اليونان.

وها انت تراني هنا، في هذه الغرفة البائسة.

أعمل عامل عادي لدى اليونانيين، بعد أن كنت صاحب مقهى انترنيت”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…