
نقد النصوص لا نقد النفوس
يبدو أن السيد بدرالدين قرأ مقالي بالمقلوب، أو أنه قرأه كما أراد له أن يكون فكان.
لا أدري ما هو تعريف “كاتبنا السيار” لمصطلح “التاريخ الشخصي”؟
ولا أدري كيف يفهم هو “تاريخه الشخصي”؟
فليكشف صاحب “ناقد النصوص قبل النفوس”، كما يسمي نفسه، على المكشوف، وعبر أثير النت المكشوف، بإشارة واحدة تدل القارئ من خلال نقدي ل”خرافته” إلى ما يشي بما سماه ب”التاريخ الشخصي”!
فليعلن صدقه، عن “كذبي”؛ ووطنيته عن “خيانتي”، وولاءه عن “نفاقي”، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً؟
أنا، انتقدته في دوره، ووظيفته، ك”بائع” سياسة قلاّب، ليس إلا.
أنا، فككت “نظرياته السيارة” وخرافاته، التي يعيش عليها في كردستان المسيار، دون تفكيك حياته.
حياته الخاصة كشخص، حق مقدس، لا شأن لي بها.
أسأل معلم “البارزانيزم”، هنا في العلن، أين ومتى وتحت أية عبارات أو مسميات أو يافطات، تناولته، في كونه “تاريخاً شخصياً”؟
فليرجع القارئ إلى كل ما كتبته، طيلة سنواتٍ كثيرة مضت، وليدلّني إلى إشارة واحدة فقط، دخلت عبرها، إلى “تاريخ النفوس”، دون “تاريخ النصوص”.
شخصياً، لا شأن لي بحياة صلاح بدرالدين الشخصية.
أما السياسة والكتابة في أحوالها، فلا يمتان إلى “التاريخ الشخصي” بصلة، لا من قريب ولا من بعيد.
الكتاب، ليس تاريخاً شخصياً.
انتقدت الكثير من أقرب المقربين من أصدقائي(منهم وزراء وأهل للحكومة) في أدوراهم، كسياسيين، يلعبون أدواراً ووظائف سياسية، ولكننا بقينا أصدقاء، وذلك إيماناً منا، بأن السياسة أو الكتابة فيها، لا تفسد من الود قضية.
ولكن يبدو أنّ معلمنا البارزانيست مصرّ على خلط الأوراق، وخلط الأسماء، و”لخبطة” القضية كلها، فقط ليكيل التاريخ بأكثر من مكيالٍ، وليثبت ل”فوقه المسيار”، بأنه الحق، فيما الآخر باطل؛ هو “الصح” أما الآخر(وهو هنا الإيزيدي في منطق صاحبنا)، فهو لعلى ألف خطأٍ مبين.
لا بدّ من الإشارة، ههنا، بأنّ استخدام مصطح “الهرطقة” لا يمتّ إلى “شخص” السيد بدرالدين، كفرد أو واحد من مجتمع، بقدر ما أنه مصطلح “ثقافي”(أو مجازي حسب توصيف بدرالدين للغزوة) سأستخدمه، مجبوراً، في سياق مكتوبه المنشور على الملأ، في كونه “مكتوباً” يريد “المناقشة الثقافية”، على حد زعمه.
يقول السيد بدرالدين: “في مقالتي الأولى ناقشت كتابات السيد هوشنك بروكا كما يعرف القراء من خلال الوقائع الثلاث في اشكالية تسييس الديانة الأزيدية اما 1 – صوب قومية مستقلة بذاتها أو 2 – تعريبها ( وذكرت أن من حق أي كان اعادة النظر في هويته ) أو 3 – الانطلاق من الأزيدية كدين للحكم على النظام السياسي في الاقليم الكردستاني بالأصولية الاسلامية”.
هذا يعني، بحسب مكتوبه هو، أنّ سيد خرافة “الغزوة الإيزيدية السياسية”، قد “ناقشني” في “إشكالية تسييس الدين الإيزيدي”، التي أمثلها في “محاور ثلاث”، أنا منها براء، وذلك لأسبابٍ ثلاثة:
أولاً: أنا ضد “تسييس” الدين(كل الدين)، وضد ركوب الإيزيدية في كونها “ورقة خارجية” تدفع أبناءها “صوب قومية مستقلة بذاتها”.
أنا ضد كل الأجندات الداخلية والخارجية، التي تدفع بالبعض الإيزيدي(الأمي سياسياً) إلى ركوب الإيزيدية في كونها “قومية مستقلة”، في محاولةٍ خطيرة لإثارة الإيزيديين، وحثهم للبحث عن “وطن جديد”(إيزيديخان)، بركوب “قومية جديدة(القومية الإيزيدية)، و”لسان جديد”(اللسان الإيزيدي).
ثم، ألا يكفي بأني كنت أول من سن مصطلح “كردستان وطناً نهائياً لإيزيدييها”؟
أنا كنت ولا أزال أقول بكردية الإيزيديين الأصيلة، ديناً ودنيا، كما هو رأي الغالبية الساحقة من الكتاب والباحثين والمعنيين في هذا الشأن.
نعم أنا ضد “غزو” الآخر والزحف إليه، ثقافياً كان، سياسياً أو عسكرياً، الآن ولاحقاً كما سابقاً، من أيّ كان وضد أيٍّ كان.
يبدو أنّ الكاتب على ذمة “المسيار” في هولير المسيار، يفهم من كل كلمة دين استخدمها “الإسلام فقط”، ربما لأنه واقع تحت تأثير الآية القرآنية: “إنما الدين عند الله الإسلام”؟!
لماذا يغض كاتب الغزوة، الطرف عن نقدي ل”الله إيزيدياً”، و”لالشه”، و”التقليد الإيزيدي الرجعي”، علماً بأني قلت في الإيزيدية، ديناً ودنيا، نقداً وتفكيكاً، “ما لم يقله مالكٌ في الخمر”؟
فهو، “الناقد للنص”(كما يدّعي)، لا شأن له بالنص، وإنما ب”المخفي وراءه”، ولا علاقة له ب”المكتوب على اللسان”، وإنما ما يهمه، هو “المكتوب في القلب”، أو ربما “وراءه”، ولا علاقة له بالمنشور ،وإنما الأهم في نقده، فهو المستور.
معنى هذا الكلام، على مستوى خرافته المؤسسة على “فلسفة النية”، يعني أنني حتى لو جعلت من لالش وآلهتها، “كرةً” ولعبت بها مع أولادي(كما هو واقع خطابي المكتوب واليومي المعاش)، لن يصدّق البارزانيست المصرّ على “تحميلي” ل”لواء الإيزيدية السياسية”.
إذاً فهو، المقيم في “مصيفه الهوليري”، على نفقة المال العام المسروق طبعاً، مصرّ “إصراراً مبيناً”، على الحكم على أفكاري ب”نياتي”، التي تختبئ وراءها “إيزيدية سياسية”.
وهذا الهروب إلى النبش في النيات(نياتي)، هو إن دلّ على شيء فأنه يدلّ على “بؤس” مناقشته، التي لا يستطيع معلم “الغزوة الإيزيدية السياسية” العبور من خلالها، إلى أي دليل أو حجة فكرية، تثبت “نظريته السيارة” هذه، سواء من خلال أفكار مكتوبة أو مصرّح بها من جهتي، لا قبل “كردستان المسيار” ولا بعدها.
كل ما كتبته في هذا المنحى ومناحي أخرى كثيرة، منشور في النت، فليفكك صاحب هرطقة “إنما الأفكار بالنيات”، “نياتي” الإيزيدية، التي تؤسس ل”غزوة إيزيدية سياسية”، حسب توصيفه، إن استطاع إليها سبيلاً.
أم ترى يحاول صاحبنا المستمتع ب”مسيار هولير”، أن يكرر علينا اسطوانته المشروخة، التي طالما سمعناها، حين كان يسمي أكراده الهاربين من بطش الإستبداد المربع، ب”متسكعي شوارع أوربا”؟
ألم تصبح أنت يا “سيد اللجوء الأول”، ولأكثر من عقدين ونيف من الزمان، لاجئاً مثلي في البلد الذي أقيم فيه؟
ألم يعبر فوقك الذي يمددون “إقامتك المسيار” في هولير المسيار، على سنة المسيار الكردي هناك، ذات اللجوء الذي عبرته؟
وهل نسيت أنّ جلّ فوقك كان مقيماً، في ضيافة “ديكتاتورٍ” ابتلع القضية الكردية، مرةً هنا وأخرى هناك.
ألا تعلم يا ناكر التاريخ، بأنّ “لا حياء في التاريخ”، أم أنّ التاريخ هناك، حيث الإقامة في حرير الخمس نجوم ، قد أصبح في ذمة أكثر من خبرٍ ل”كان” وأخواتها؟
ثم ماذا يعتبر صاحبنا(وهو الكردي السوري مثلي) المقيم في الحرير المسيار، إقامته في هولير المسيار؟
هل هي “إقامة” لتأدية واجب الكردياتي، أو “خدمة العلَم الكردي” في صفوف البيشمركة، أم مجرد إقامة مسيار، ل”ركوب” كردستان المسيار؟
ثم من منا يدوس على قانون البلد الذي يقيم فيه، ويخرج على سنن ماله العام؟
لي “ملجئي الأوروبي”، أو مكاني المفتوح على حريةٍ افتخر بمواطنتها، ولك كردستان(ك) المسيار.
وصاية سنية
يحاول البارزانيست “السيار” في هولير السيارة، الدخول هذه المرة عبر بوابة “علم النفس” و”عقده الكثيرة”، إلى سيكولوجية الأقليات “الكردية الأصيلة”، لتبرير “ديكتاتورية الأكثرية”، التي هي في المنتهى أكثرية سنية.
تاريخ السيد بدرالدين القريب، يثبت، قليلاً أو كثيراً، انحيازه لهذا “التوجه الطائفي” الذي يتهم به غيره.
وأقرب تاريخ، هو تحالفه مع أخوانه السنة(حركة الأخوان المسلمين السورية)، وأشقائه في البعث السني المنشق(عبدالحليم خدام).
هو دخل عبر هذه البوابة “النفسية”، إلى عالم الأقليات الكردية، للعبور إلى هدفه “المشروع”، أكثرياً، ألا وهو ممارسة “الوصاية السنية” على أكراد(ه) الأصلاء.
في الأسبوعين الماضيين، انشغل الشارع الألماني كله، على مستوييه الشعبي والرسمي بتصريحات و”نظريات” العضو في مجلس إدارة البنك الألماني الإتحادي، والحزب الإشتراكي الديمقراطي تيللو زاراتسين، الذي وضع كتاباً تحت عنوان “ألمانيا تدمّر نفسها”.
الكاتب يصر في كتابه هذا على دور عامل الوراثة في نقل الثقافة وما حواليها، من “موروثات” أخرى، من السلف إلى الخلف.
من هنا يقول ان “جميع اليهود يشتركون في مورّث أي جين واحد بعينه”.
“علينا عدم تجاهل ( العقد الموروثة ) – في مجتمعنا المحكوم من الآخر منذ قرون عقدة الخوف والحذر من الآخر وكان لها مبرراتها في العقود الماضية خلال أسلمة شعب كردستان وفي ظل الامبراطورية العثمانية والتي بدأت بالانتفاء والانحسار في مرحلة النهوض القومي في سائر أجزاء كردستان وعقدة الأصالة والتفوق باعتبار امتياز التمسك بالدين القديم وانحراف الغالبية الساحقة من الكرد نحو الاسلام ثم عقدة الأقلياوية والدور المحدود في الحركة القومية والاصطدام بالواقع الكردستاني الذي يبدو أنه لايأخذ ذلك بالجدية والاعتبار”.
ماذا تعني مقولة “العقد الموروثة” للمحلل البارزانيست؟
ألا تعني هذه بكل وضوح، وبالعربي الفصيح من دون مواربة، ولا لعب بالألفاظ أو تاريخها، أن “العقد تورث”، وأنّ “توريث” العقد يعني انتقالها، وراثياً، من جيل إلى جيل، بالجملة؟
لكن الغريب أنّ كاتبنا حوّل “عقدة الخوف والحذر” عند المكونات “الأقلياوية”، على سنة “النهوض القومي” إلى “عقدة الأصالة والتفوق”.
وهو يعني ههنا، في سياق “غزوته” أن الإيزيديين(وسواهم من الأقليات الكردية الأصيلة)، يرزحون تحت وطأة المرض الجماعي من “عقدة التفوق والأصالة”.
أما السبب بحسب تحليل محللنا، فهو ظنهم(ظن أهل الأقليات بالطبع)، أو ربما وهمهم، بأنهم المتمسكين ب”مفتاح الدين الأصل”، الذي “انحرف عنه الغالبية الساحقة من الكرد نحو الإسلام”.
وحين يصطدم هؤلاء “المعقدون جماعياً”( حسبما يُفهم من كلام السيد بدرالدين)، بواقع الأغلبية المسلمة في كردستان، فضلاً عن اصطدامهم ب”واقع دورهم المحدود في الحركة الكردية”، تبدأ العقدة بالتورم.
فالسبب ههنا، حسب رأيه، لا يكمن في “الأكثرية السنية”، بقدر ما أنها تكمن في “العقد الموروثة” لأقلياتها، الذين أصيبوا في البدء بعقدة “الخوف والحذر”، ثم سرعان ما تحولت هذه العقدة، بقدرة قادر “قومي” أكيد إلى “عقدة التفوق والأصالة”، التي تُشعر أبناء هذه الأقليات، ب”تفوقهم الأصيل” على أكرادهم من الأكثرية المسلمة، الأمر الذي يؤدي إلى اصطدامهم ب”واقع كردستاني” موجود بأكثرية مسلمة.
أما الأكثرية بحسب فرضية “صاحب الغزوة” الجديدة هذه، فهي بريئة من هذا “المرض الجماعي”، الذي هو “مرض أقلياوي”، أولاً وآخراً.
لاحظوا معي مفردة “الإنصهار” التي يمررها “المحلل الفطحل”، تحت مظلة “الوحدة الوطنية”.
ماذا يمكن أن يُفهم من “الإنصهار في بوتقة الوحدة الوطنية” التي يزعمها السيد بدرالدين؟
المفهوم من “لفه ودورانه” على خصوصيات الأقليات الكردية الأصيلة، عبر وصفه لهم ب”المعقدين بالجملة”، و”المصابين بعقد موروثة”، هو أنّ يؤمنوا ب”وحدة الأكثرية الوطنية” التي هي “أكثرية سنية” في المنتهى، كما يقول واقع حال كردستان، في الشارع وفوقه.
فضلاً عن أنّ السياسيين الأوروبيين، خلطوا في ممارساتهم بين مفهومي “الإندماج”(إينترغراسيون) و”الإنصهار”(آسيميلاسيون).
وهي محاولة بائسة، لتبرير “الوصاية السنية” الأبدية على كردستان، فقط لأنهم يمثلون في الواقع “أكثرية سكانية كردستانية”.
ما الذي دفع بمناضل مثل “شمو ملكي”(المعروف في الوسط الإيزيدي بالمعلم)، أن يترك كل شيء وراءه(وهو الكردي السوري، الذي يعتبره بدرالدين واحداً من أعمدة كونفرانس آب 1965، والذي يكون بالمناسبة خالي الأعز من أبي) ويحمل هموم كردستان العراق على كتفه، جبلاً جبلاً من زاوا إلى متين وكارا؟
لماذا لم نسمع ب”إيزيدية سياسية” أو حتى فرضية من هذا القبيل، أيام كردستان الجبل الصعب، أو سواها من الفرضيات و”الغزوات السياسية المفترضة” على مستوى أقليات كردستان الأصيلة الأخرى؟
أليست تشكيلة اللجان المركزية والمكاتب السياسية في مكاتب أحزاب “كردستان المسيار”، خير دليلٍ على هذا الإستعلاء و”التفوق الكردي”، بإمتياز؟
هل هناك من دورٍ يُذكر لهذه الأقليات “الكردية الأصيلة”، “المطنّشة”، في صناعة قرار كردستان، من الفوق إلى التحت؟
ولأذهب مع كاتبنا في “علمانيته السنية”، وأسأله:
هل يقبل هو وفوقه، أن يمثل إيزيدي أو فيلي أو مسيحي أو شبكي أو هورامي، كل أكراده في رئاسة أو حكومة أو برلمان، أو استخبارات كردستانه؟
بالطبع لا.
فعلى ذقن من تضحك أنت وشيوخ العلمانية الكردية في كردستان المسيار من حولك؟
تلك هي واحدة من الرسائل التي أراد بها صاحب “الوصية الهوليرية المسيارة”، تمريرها إلى “الإيزيديين المعقدين” أو “المصابين بعقدة الخوف والحذر سابقاً، وثم عقدة التفوق والأصالة لاحقاً”، وسواهم من أبناء الأقليات الذي يلفون لف”عقدهم الموروثة”.
هذا فضلاً عن أنه أراد، من خلال وصايته، تخوين وتشهير و”تكرير” كل ناقد ل”كردستانه المسيار”، بغزواته الكردية الجاهزة تحت الطلب، وهرطقاته، و”فرضياته السيارة”، و”نظرياته الطيارة”.
يريد الكاتب على ذمة هولير المسيار، أن يكذبني، بأني أبالغ في نقد “جموريته الإفلاطونية” على طريقة المسيار، بقوله: “في كردستان العراق حيث الكرد يحكمون أنفسهم بأنفسهم فلا يمكن حصول أمر من هذا القبيل ولافضل لمكون على آخر الا بالانصهار في بوتقة الوحدة الوطنية والمساهمة في تحقيق المشروع الكردستاني الديموقراطي في ظل الاقليم الفدرالي عراقيا وفي المجال الأرحب في حركة التحرر القومي الكردستاني”.
“الكرد يحكمون أنفسهم بأنفسهم ولا فضل لمكوّن على آخر إلا بالإنصهار”..كلام هوائي لا يمشي على الأرض إطلاقاً.
يريد السيد بدرالدين أن يقول بأن “لا فضل لعربي(أو كرديٍّ) على أعجمي في كردستان إلا بالإنصهار في بوتقة..”، هذه هي ثقافة نص الكاتب في مسيار هولير، التي تقول أكثر مما تفعل.
وأقف(أنا الكردي اللاجئ) بالضد أيضاً، من محاولة البعض من المحسوبين على الفوق الكردي في مناطق سكنى الإيزيديين والمسيحيين وسواهم، ب”تغيير ديموغرافيتهم.
ألم يقم “الكرد المسلمون” قبل سنوات قلائل، تحت مرآى ومسمع السلطات الكردية هناك، بالهجوم على “ملهى مسيحي” في “سرسنك”، في محاولةٍ بائسة لفرض “ثقافة الدين الواحد” هناك، والتي لا تزال مفروضة حتى الآن، كما أخبروني أهل المكان هناك؟
هل اطّلعت على رأي الشارع المسيحي المحاصر هناك، الذي أصبح الآن أقليةً مقابل الزحف “الكردي المسلم”؟
ألم يحدث “الزحف الإسلامي” عينه في الشيخان، معقل الإيزيديين عبر التاريخ؟
أم أنّ هذه أيضاً أفكار من وحي “الإيزيدية السياسية”؟
أما سبب المقاطعة، فهو لأنها فقط عبرت إلى السوق عبر أيادٍ إيزيدية.
ألا يكفي هذا لتأسيس مقولة “الدين الحلال والدين الحرام”، على وزن “اللحم الحلال واللحم الحرام”؟
ألم يعلن الخبر الرمضاني(كل من يخالف هذا القانون ولا يحترم رمضان في كل المكان، سينام خمسة أيام في سجن كردي أكيد)، على شاشة فضائية كردستان، عبر شيخٍ محسوبٍ على علماء الدين الإسلامي في كردستان؟
هل تفرض كردستان “قانون المسيار” “قانون المنع” نفسه، لمعاقبة كل من يخرق أصول الصوم الإيزيدي أو المسيحي، في أماكن تواجد هؤلاء في الأقل؟
أما أنا، فضد فرض ثقافة “الرمضانيات” أو سواها من ثقافات الصوم أو الصلاة أو الحج أو الزكاة الدينية، إيزيديةً كانت أو مسيحية، أو أية ثقافة دينية آخرى، بقوة القانون على الشارع.
لا علاقة لثقافة الشارع المتعدد، برأيي، ب”الثقافة الدينية الواحدة، أياً كان انتماؤها.
لأن الدين، والصوم والصلاة والحج والزكاة فيه، مسألة شخصية جداً، ولا يحق لأي أحدٍ، حسب المفهوم العلماني، فرضه بالقوة على الخارجين عليه، فما بالك بدولةٍ، تفرض على مواطنيها، ثقافة “جبارة”، ليس فقط لايؤمنون بها، بل ولا ينتمون إليها أيضاً.
وبحسب تصريحٍ للمتحدث بإسم أوقاف كردستان مريوان نقشبندي، أن معدّل بناء الجوامع في “كردستان المسيار” حالياً، هو “جامعان في كل يوم”.
)http://www.rudaw.net/kurmanci/kurds/3302.html (
ألا يعني هذا أن الشارع الكردي هناك أكثر من مسلم؟
أم أنّ الجوامع هناك، تبنى للديكور فقط؟
يكفي للمرء أن ينتظر أمام باب جامعٍ في كردستان، ليعرف لماذا أقول بأن “السلام عليكم” يغزو العقل الكردي المسلم في كردستان، على حساب “روز باش”.
فليذهب السيد بدرالدين، ويسأل في هوليره، ليعرف بنفسه كيف أن البعض من ملالي كردستان، المحسوبين على ملاك وزارة الأوقاف نفسها، أفتوا ب”صحيحية” السلام عليكم، على “روز باش”، لأن الأولى، حسب قولهم، “إسلامية أصلية”، أم الأخرى(روز باش) فهي دخيلة!
هل تخرّج “جامعة فتح الله كولن” هناك، علماء فيزياء أو كيمياء أو رياضيات أو علماء ذرة لكردستان، أم أنها ستخرّج “شيوخاً في دين السلف”، يفتون في دنيا كردستان هنا وهناك؟
وهذا صحيح.
لماذا؟
لأني أفكك الإسلام ب”الإسلام نفسه”، تماماً مثلما أنقد الإيزيدية بنصوصها، ومن صلب إلهها.
الدولة المدنية لا دين لها
غريبٌ هو أمر كاتبنا الذي “ينقد” النص بظله، والثقافة بالسياسة، والمكتوب ب”القال والقيل”.
بعد عجز صاحب فرضية “الغزوة الإيزيدية” عن اصطياد مكتوبي في مياه “طائفية عكرة”، يحاول الكاتب “إدانتي من فمي” كما يقال، وذلك عبر ركوبه لنصف الكلام، ونصف الجملة، تاركاً النصف الآخر في إجازةٍ دائمة، مخفياً تحت أكثر من “حجاب سياسي”.
بالنسبة للشق الأول من “اعترافي”، أو ما يسميه كاتبنا ب”التراجع الخجول” عن أفكاري، أقول بأن هذه هرطقة ما بعدها هرطقة.
نعم، والحق يُقال، قلت ولا أزال، بأن هناك البعض الإيزيدي السياسي حصراً، ممن يلعب بالورقة الإيزيدية، ل”زج” الإيزيديين في سياسات خاسرة سلفاً، وتلقي بقضيتهم إلى أكثر من أتون، وأكثر من جهنم.
هذا واقع موجود، لا يمكن تغييبه ب”شطحة قلم”.
هذا ليس “اعترافاً بالخطأ” أو “تجاوباً” مع رؤيته(الأصح غزوته)، كما توهم، وأوهمنا، وإنما هو اعتراف بواقع موجود، كتبت فيه، منذ سنواتٍ كثيرةٍ خلت، وانتقدته بالحجة والدليل والبرهان الموجود، في كتابات لا تزال موجودة.
هذا ليس “تراجعاً” لا “خجولاً” ولا “عجولاً”، كما تصوّر الكاتب البارزانيست، بقدر ما أنه تذكيرٌ عابرٌ لصاحبنا المتشقلب في التاريخ، والمتقلّب عليه أبداً، بالتاريخ، أيّ بتاريخ مكتوبي، وجهة عومه في هذا المنحى بالضبط.
فلماذا لا يناقشني السيد بدرالدين، ب”كردستان الإيزيديين”، ويرميني ب”إيزيديخان”، كنت ولا أزال من أول وأكثر المنتقدين لهذا المشروع “الإيزيدي” الأكثر من خاسر، والأكثر من فاشل، تماماً كفشل “غزوته”، التي فيها أكثر من إنّ وأخواتها.
أم أنه يريد الإصرار، عن سابق إصرارٍ وترصد، على طردي من “كردستانٍ”، آمنت بها موطناً لحروفي، وجهةً لحرية كتابي، منذ عبوري الأول للحرف، سواء كردياً أو عربياً؟
ومن تهّرب من منطق كتاب من؟
ومن انقلب على التاريخ وحروفه على من؟
أنا المهاجر في “ملجئي الأوروبي”، أم أنت الشتام لآل بارزان وكبيرهم سابقاً، ومدّاحهم في هولير المسيار لاحقاً؟
وهذا صحيح.
كاتبنا المقيم في “هولير المسيار”، انتقى من النص ما شاء وأسقط منه ما شاء، كما يشاء.
بعد هذا ال”اتفق مع الكاتب جزئياً” مباشرةً، كتبت ما يلي:
“كان يمكن لهكذا كلام أن يكون صحيحاً، فيما لو تم بالفعل، محاسبة هذا الوزير الذي يريد لكردستان أن تكون “دولةً إسلامية”.
وهذا ما لم و”قد” لن يحصل، في القادم القريب من كردستان.
ثم أن قضية اللاعلمانية الكردستانية، هي أبعد من كواليس وزارة الأوقاف وإسلام وزيرها الإسلاموي بكثير.
هذه اللاعلمانية هي لاعلمانية مؤسسة على الدستور أولاً وآخراً.
هذا الدستور الذي يدعي الكاتب بأنه “شرع وقونن حقوق وواجبات كل المكونات الكردستانية القومية منها والدينية”.
أيّ شرعٍ هو هذا، إذا كان كل الدين لا يتساوى أمام الدستور ك”أسنان المشط”!؟
أي قانونٍ أو حقٍ هو هذا، إذا كان الدستور يمنح ديناً بأن يكون في “الفوق”، بإعتباره “مصدراً أساسياً من مصادر التشريع”، مقابل أديانٍ تقعد في التحت من هذا التشريع؟(الحوار المتمدن، 07.09.10).
وذلك لسببٍ بسيط، وهو لأن الدين، يُعبد، ولا يحكم.
الدين، في العرف الديمقراطي المحكوم بالقانون الوضعي، مكانه بيوت الله، لا بيوت الحكومة وقوانينها ودساتيرها.
هو لم يمرّ(حتى مرور الكرام) على دستور كردستان، الذي يتخذ من “القرآن” ومشتقاته، مصدراً أساسياً من مصادر تشريعه.
ولم يمرّ على الخلط العجيب في دستور كردستان، بين “مبادئ القرآن” و”مبادئ حقوق الإنسان”.
ولم يمرّ على “علمانية” كردستان، التي تتخذ من “علمانية الله”، أساساً ل”ثوابت ديمقراطيتها”.
كل من يقرأ في “غزوة” السيد بدرالدين وهرطقاته الأخيرة، سيلحظ بأن جلّ هدفه يصب في “تكفير” التفكير، وإدراج كل ما كتبته وأكتبه في خصوص “كردستانه المسيار” وأكثر، تحت خانة “الأصولية الإيزيدية” المقابلة ل”الأصولية الإسلامية”، ودليله الجاهز في الجيب، هو استشهاده بحوالي صفحة كاملة، من مقولاتي التي استخدمتها في كتاباتي، ضمن سياقات متعددة، على أنها “شهادة حسن صدقه”، فيقول: “وحتى أكون صادقا في تشخيصي لمنطلقات السيد بروكا واختبائه في العباءة الدينية في نقده للادارة الكردستانية بل وصمها بالأصولية الاسلامية أورد عينات من مصطلحات وتعبيرات تعود الى الثقافة الدينية ولايستخدمها أي كاتب علماني – لاديني – تقدمي ديموقراطي”.
الواضح من كلام صاحب “الغزوة الإيزيدية”، واستشهاده الممّل بمقولاتي، وتركيبه لجمل على بعضها، وفق طريقته الخاصة، لتأتي المقولات في خدمة غزوته، هو أنه يتهم كل من ينتقد كردستانه المسيار، عبر “البوابة الإسلامية، ونصوصها الدينية، ب”الإيزيدي الأصولي”، الذي يستحق التخوين، أو التكفير سلفاً.
يبدو أن كاتبنا في “كردستان المتعة”، يفهم أي نقد ل”الإسلام”، نقداًَ يصب في “أصولية ضد ـإسلامية”، أما هذه الأصولية في مفهوم صاحب “الغزوة الإيزيدية”، على مستوى كردستانه المسيار، فهي مختزلة في “الإيزيدي” فحسب، حتى لو كان الناقد واحد لاديني يفكر فوق الدين مثلي.
وهذا يعني أن “ضد الإسلام” في منطق كاتبنا المصرّ على “علمانية كردستان الفضائية”، هو “الإيزيدية السياسية” عينها.
الغريب في منطق، كاتبنا الخارج على التاريخ، من أكثر من بابٍ ونافذة، هو أنه يقيس المنطق حسب “رياضيات إسلامية” خاصة به.
فهو منذ أن أستطاع، أن يجمع في “منطقه” بين البارزاني الأكبر مصطفى، مرةّ في كونه “جيباً عميلاً” وآخرى في اعتباره “أباً روحياً للكرد، وأبو الفكر والفلسفة والسياسة والديمقراطية والعلمانية وسوى ذلك من البارزانيزمات”، مذاك عرف كيف يجمع بين الشيء ونقيضه في تاريخه المحكي والمكتوب.
ثم لماذا اصطفى الكاتب تحت طلب هولير المسيار، المقولات التي رآها بأني انتقدت كردستانه المسيار، عبرها في “قاموس ضد إسلامي”، وقفز على عشرات المقولات التي انتقدت من خلالها الإيزيدية نفسها، من الله إلى آخر عادة رجعية في صلاة الإيزيدي، وب”قاموس ضد ـ ديني” أيضاً؟
لماذا غض المختص في شئون الإصطفاء الطرف عن كل نقودي للإيزيدية ديناً ودنياً، والتي وُصفت(ولا تزال) على مستوى الفوق الرسمي(ديناً وسياسةً) بأنها انتقادات حادة، وخارجة عن كل الدين؟
أوليس الإعتراف هو سيد الأدلة؟
هو مصرّ على زجي في الدين، سواء دست عليه، كما كتبت في السابق، وركلت مخطوطات الله(كل الله)، أو لم أفعل؟
والسبب، هو لأنه يريد بإيعازٍ من فوقه، ضربي في “كردستان المسيار” وفيما حواليها، بدينٍ أفكرّ فوقه، وفوق فوقه.
فلا فوقَ، في ثقافة الحرف برأيي، فوقَ فوق العقل.
وإلا ما الذي يدفع ب”منظّر مسيار”، بأن يقيم القيامة ولا يقعدها، على مقالٍ بإيلاف، سميت فيه كردستانه ب”المسيار”، كردستان يركبها ثلاثة أرباب، ليل نهار: ربّ الدين، وربّ الحزب، وربّ العشيرة؟
“ماذا يعني أن يدس ( لاديني حسب توصيفه لنفسه ) أنفه في شؤون الديانات – الأزيدية والمسيحية والاسلامية – ويتعامل معها بهذه الصورة الفجة الاستفزازية انها مدعاة المزيد من الاستفهامات أولا وتجاوز وتجاهل لدور وموقع المرجعيات والمجلس الروحاني الأزيدي ورجال الدين الأفاضل ثانيا بل ومصادرة لرسالتهم السلمية وواجباتهم تجاه رعاياهم في التواصل والتحاور والتنسيق مع حكومتهم التي يعتبرونها معبرة عن آمالهم وطموحاتهم”
طالما أنّ الدين يدس أنفه في شئون الدنيا، ويصر على أن تكون الدولة المدنية “دولة لله”، على مقاس فتاوى وهرطقات شيوخه، فإنّ للاديني شأن كبير في نقد الدين وتفكيكه.
طلاق اللاديني مع الدين، لا يعني طلاقاً متوازياً مع الدنيا أيضاً، كما يتصورها كاتبنا الخدوم للدين.
لا مشكلة لي مع الله، طالما لا يركبه شيخ هنا وآخر هناك، للدوس على الإنسان، وحكمه، والإفتاء بقتله بإسم الجهاد لله.
الدين، ههنا، إذ يدوس على الإنسان وحقوقه، يعنيني جداً، وليس لي إلا أن أدوس عليه، وعلى كل آلهته، من الألف إلى الياء.
أما هناك، في كردستانك “العلمانية جداً”، فلا يستحق هذا الرسام(المسيء للنبي حسب عقل دستور كردستان)، سوى “القتل الحلال”.
لكي يثبت معلم البارزانيزم “ديمقراطيته” المفتوحة على مصراعيها، يكتب في أخر مكتوبه ما يلي: “لقد وافقت الهيئة الادارية لمؤسسة كاوا للثقافة الكردية على اقتراحي بعقد حلقة دراسية أو ندوة موسعة حول هذا الموضوع المطروح للنقاش والطلب من مركز لالش الثقافي، للمشاركة في دعوة عدد من المتحاورين للقاء في مركز مؤسسة كاوا بأربيل عاصمة اقليم كردستان وفي الوقت الذي أسامح فيه عن طيبة خاطر كل من أساء الي شخصيا وتطاول وتجاوز حدود أدب التعامل في الردود والتعليقات أدعو الجميع وبدون استثناء الى المشاركة في هذه الفعالية الحوارية المنشودة”.
لن أذهب بعيداً لمناقشة كاتبنا في بنى ثقافة “الرأي والرأي الآخر”، لأنه موضوع يحتاج إلى الكثير من التنظير والتنظير المضاد، ولكني سأذهب معه إلى ملاحظته التي يقول فيها: “التزاما باحترام الرأي الآخر تم نشر بعض الردود على مقالتي في موقعنا”.
نقرة واحدة على الرابط ستكشف عن “كذبة الرأي والرأي الآخر”، وعن مدى التزام كاتبنا “الملتزم”(من التاريخ إلى التاريخ)، بما يسميه بهذه المقولة المدينة جداً.
أدعو القارئ إلى زيارة الموقع ليطلع بنفسه، عن الآراء التي “اصطفاها” داعي “الحرية وأخواتها”، بطريقة ذكية، لا تُخفى على القارئ.
والسبب الكامن وراء هذا الإختيار الذكي بالطبع، معروفٌ لكل من يفك الحرف.
علماً أنّ الكثير مما نشر في هذا الخصوص، جاء من كتاب معروفين، رداً في الموضوع وعلى الموضوع وفي صلبه، دون التطرق لا من قريب ولامن بعيد، إلى إية إشارة تؤدي إلى تاريخ صاحب “غزوة الإيزيدية” الشخصي.