في هرطقة معلم «البارزانيزم» مرةً أخرى

هوشنك بروكا

نقد النصوص لا نقد النفوس

في مقاله الأخير المنشور في الحوار المتمدن(12.09.10) ومواقع أخرى، يحاول معلم البارزانيزم السيد صلاح بدرالدين(وهو لعلم القارئ أول من وصف البارزاني الأكبر مصطفى ب”الجيب العميل”، بأمر من سيده ياسر عرفات سابقاً)، يحاول اللعب بالأوراق والتاريخ  والعقل، مرةً أخرى، وعلى أكثر من حبل قومجي.

هو حاول منذ الأول من مكتوبه إيحاء القارئ، بزجي مرةً في خانة “الآخرين”(حسب تسميته) المختصين في مادة “التقريع والشتيمة والتهجم الشخصي” وسوى ذلك من “الكلام الملفّق الجاهز سلفاً”، مسمياً مقالي المنشور في الحوار المتمدن(07.09.10) ب”الشتام والإنفعالي”، وكأن لا شغلة لي ولا عملة سوى، الشتم والنبش في تاريخه الشخصي.
يسعى معلم البارزانيزم، في مفتتح مقاله إيهام القارئ ب”تناول النصوص بدلاً من النفوس” قائلاً: “فرغم أن السيد هوشنك بروكا وآخرون شنوا التهجم الشخصي علي أكثر ما تناولوا الموضوع الأساسي وهذا دليل العجز والهروب الى الأمام الا أنني أنأى بنفسي عن الاساءة لأي كان بل وأحترم كل انسان مهما خالفني الرأي ولا أرى أن وظيفتي هي فحص – جينات –الناس بل علي أن أتناول النصوص وليس النفوس”.

ليسمح لي القارئ والسيد بدرالدين بأن ما ركبه من كلامٍ “ركيك” هذه المرة أيضاً، ليس سوى مجرد لف ودوران سياسي “ركيك”، وبإمتياز، اعتاده صاحبنا “السياسي المخضرم”، طيلة تاريخه السياسي الطويل، الحافل بالإنقلابات والإنشقاقات والتقلبات والشقلَبات، التي فيها الكثير من التاريخ وضده.

مثلما ارتكب السيد بدرالدين خرافته المعلنة على النت، في مقاله السابق، من قبل، وذلك ب”إخراجي” قسرياً، عن كردستانٍ وكرديةٍ، ولدت فيهما وعليهما، من أبويين كرديين، لا يفكّان الحرف بالعربية، في كونها اللغة الرسمية، للمكان الرسمي الذي جئت منه(سوريا)، يحاول مخترع فرضية “بارزاني الجيب العميل”، خداع القارئ ب”كذبات سياسية”، يقوّلني إياها، أو يوهم الآخر بأني ارتكبتها.

إذا كان صاحبنا السياسي “المنقلب على التاريخ”، يظن نفسه بأنه يعيش في زمن “النشرة الحزبية” البائسة، التي كانت تصوّر الأمين العام بأنه “الله” أو خليفته على الأرض، فليعلم(وهو الأدرى بالطبع)، بأنّ زمان “الإنسان الفائق”(والتعبير لنيتشه)، قد ولّى من دون رجعة.

فليترك سيد خرافة “البارزانيزم” أكل الحلاوة بعقولنا، نحن قراء وسامعي خرافاته، منذ أكثر من نصف قرنٍ من الزمان، وليحاجج التاريخ بالتاريخ، والعقل بالعقل، والحقيقة بأختها، بدلاً من “ركوبه السيار” في “هولير السيارة”، ل”سياسياته”، و”خرافاته”، و”هرطقاته”، و”تخويناته”، و”تبريراته”، و”وطنياته”، و”وقوموياته” الأكثر من سيارة.

يكتب السيد بدرالدين، “مزايداً” كالعادة، مخاطباً إياي، من فوقه الهوليري العالي، قائلاً: “واذا كنت مختصا في السيرة الذاتية لمن يخالفك الرأي وبارعا في تشويه تاريخ الآخر المقابل فلماذا لاتتحفنا بسرد بعض من تاريخك النضالي الطويل ! واختراعاتك العلمية وتضحياتك الجسام والأعوام التي قضيتها في سجون نظام الاستبداد السوري ودورك في الحركة القومية الديموقراطية في غرب كردستان ؟ هل تعتقد أنك قادر على تضليل بعض الناس الطيبين الى مالانهاية ؟
يبدو أن السيد بدرالدين قرأ مقالي بالمقلوب، أو أنه قرأه كما أراد له أن يكون فكان.
لا أدري ما هو تعريف “كاتبنا السيار” لمصطلح “التاريخ الشخصي”؟
ولا أدري كيف يفهم هو “تاريخه الشخصي”؟
فليكشف صاحب “ناقد النصوص قبل النفوس”، كما يسمي نفسه، على المكشوف، وعبر أثير النت المكشوف، بإشارة واحدة تدل القارئ من خلال نقدي ل”خرافته” إلى ما يشي بما سماه ب”التاريخ الشخصي”!

أين نبشت في “تاريخ شخصه”، و”تاريخ جيناته”، فليحدد لنا هذا “التاريخ المنبوش” عبر هذا الأثير المفتوح، بإقتباسات مكشوفة(لا ب”كلام كيفي”)، من مكتوبي المنشور في فضاء النت المفتوح؟
فليعلن صدقه، عن “كذبي”؛ ووطنيته عن “خيانتي”، وولاءه عن “نفاقي”، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً؟

أما أن يسمي صاحب “التاريخ القلاّب جداً” ماكتبته في نقد “تاريخه السياسي المتقلب”، وتحالفاته مع “أخوان الأمس”(الإخوان المسلمين)، و”البعثيين السنيين”(الأشقاء الجدد)، المنشقين عن أخوانهم “العلويين”، وعقله “الناقد” للبارزاني الأكبر، في كونه “جيباً عميلاً” سابقاً، وثم مكتشفاً ل”نظرية البارزانيزم” لاحقاً، “تاريخاً شخصياً” فهذا شأنه، وشأن “تاريخه الخرافي” في الكتابة.

أنا، انتقدته في التاريخ(تاريخه السياسي والفكري حصراً)، وليس خارجه.
أنا، انتقدته في دوره، ووظيفته، ك”بائع” سياسة قلاّب، ليس إلا.
أنا، فككت “نظرياته السيارة” وخرافاته، التي يعيش عليها في كردستان المسيار، دون تفكيك حياته.


حياته الخاصة كشخص، حق مقدس، لا شأن لي بها.
  
أسأل معلم “البارزانيزم”، هنا في العلن، أين ومتى وتحت أية عبارات أو مسميات أو يافطات، تناولته، في كونه “تاريخاً شخصياً”؟
فليرجع القارئ إلى كل ما كتبته، طيلة سنواتٍ كثيرة مضت، وليدلّني إلى إشارة واحدة فقط، دخلت عبرها، إلى “تاريخ النفوس”، دون “تاريخ النصوص”.

التاريخ الشخصي، في مفهومي، هو تاريخ مقدس، ولا شأن لأحدٍ(أيا كان هذا ال”أحد”) به.
شخصياً، لا شأن لي بحياة صلاح بدرالدين الشخصية.

أما السياسة والكتابة في أحوالها، فلا يمتان إلى “التاريخ الشخصي” بصلة، لا من قريب ولا من بعيد.
الكتاب، ليس تاريخاً شخصياً.

في الكثير من كتاباتي، عربياً وكردياً، أشرت إلى هذا الأمر في النقد.
انتقدت الكثير من أقرب المقربين من أصدقائي(منهم وزراء وأهل للحكومة) في أدوراهم، كسياسيين، يلعبون أدواراً ووظائف سياسية، ولكننا بقينا أصدقاء، وذلك إيماناً منا، بأن السياسة أو الكتابة فيها، لا تفسد من الود قضية.

فأنا إذ أنقد، لا أنقد الشخص، وإنما أنقد وظيفته، ودوره.
ولكن يبدو أنّ معلمنا البارزانيست مصرّ على خلط الأوراق، وخلط الأسماء، و”لخبطة” القضية كلها، فقط ليكيل التاريخ بأكثر من مكيالٍ، وليثبت ل”فوقه المسيار”، بأنه الحق، فيما الآخر باطل؛ هو “الصح” أما الآخر(وهو هنا الإيزيدي في منطق صاحبنا)، فهو لعلى ألف خطأٍ مبين.

إشكالية وثلاث “هرطقات”

لا بدّ من الإشارة، ههنا، بأنّ استخدام مصطح “الهرطقة” لا يمتّ إلى “شخص” السيد بدرالدين، كفرد أو واحد من مجتمع، بقدر ما أنه مصطلح “ثقافي”(أو مجازي حسب توصيف بدرالدين للغزوة) سأستخدمه، مجبوراً، في سياق مكتوبه المنشور على الملأ، في كونه “مكتوباً” يريد “المناقشة الثقافية”، على حد زعمه.
يقول السيد بدرالدين: “في مقالتي الأولى ناقشت كتابات السيد هوشنك بروكا كما يعرف القراء من خلال الوقائع الثلاث في اشكالية تسييس الديانة الأزيدية اما 1 – صوب قومية مستقلة بذاتها أو 2 – تعريبها ( وذكرت أن من حق أي كان اعادة النظر في هويته ) أو 3 – الانطلاق من الأزيدية كدين للحكم على النظام السياسي في الاقليم الكردستاني بالأصولية الاسلامية”.
هذا يعني، بحسب مكتوبه هو، أنّ سيد خرافة “الغزوة الإيزيدية السياسية”، قد “ناقشني” في “إشكالية تسييس الدين الإيزيدي”، التي أمثلها في “محاور ثلاث”، أنا منها براء، وذلك لأسبابٍ ثلاثة:
أولاً: أنا ضد “تسييس” الدين(كل الدين)، وضد ركوب الإيزيدية في كونها “ورقة خارجية” تدفع أبناءها “صوب قومية مستقلة بذاتها”.

أنا ضد كل الأجندات الداخلية والخارجية، التي تدفع بالبعض الإيزيدي(الأمي سياسياً) إلى ركوب الإيزيدية في كونها “قومية مستقلة”، في محاولةٍ خطيرة لإثارة الإيزيديين، وحثهم للبحث عن “وطن جديد”(إيزيديخان)، بركوب “قومية جديدة(القومية الإيزيدية)، و”لسان جديد”(اللسان الإيزيدي).


ثم، ألا يكفي بأني كنت أول من سن مصطلح “كردستان وطناً نهائياً لإيزيدييها”؟

ثانياً: أنا ضد تعريب الإيزيدية، وضد كل محاولة من أيّ أحدٍ كان لتغيير “هوية الإنسان” التي وّلد عليها، سواء بالتي هي أحسن أو التي هي أسوأ.


أنا كنت ولا أزال أقول بكردية الإيزيديين الأصيلة، ديناً ودنيا، كما هو رأي الغالبية الساحقة من الكتاب والباحثين والمعنيين في هذا الشأن.


نعم أنا ضد “غزو” الآخر والزحف إليه، ثقافياً كان، سياسياً أو عسكرياً، الآن ولاحقاً كما سابقاً، من أيّ كان وضد أيٍّ كان.

ثالثاً: لا أنطلق في نقدي للنظام السياسي الكردي، في “كردستان المسيار”، من منطلقات “الإيزيدية السياسية”، كما يتوهم “عرّاب الغزوة”، وإنما من منطلقات علمانية ليبرالية، خارجة على كل الدين.

والدليل، هو أنني كلما استخدمت مصطلح الدين، في أيّ نقدٍ للخطاب الديني، أشمل الدين بعبارة “كل الدين”، فهل يتصوّر كاتبنا في :المسيار الهوليري”، أنّ الإيزيدية مستثناة من هذا “الكل”؟
يبدو أنّ الكاتب على ذمة “المسيار” في هولير المسيار، يفهم من كل كلمة دين استخدمها “الإسلام فقط”، ربما لأنه واقع تحت تأثير الآية القرآنية: “إنما الدين عند الله الإسلام”؟!

ثم أية”ُ إيزيدية سياسيةٍ” هي هذه التي يصكها صاحبنا ويلصقها بمكتوبي، الذي انتقدت فيه الإيزيدية من أول الله إلى آخر إيزيدي فيه، ومن أول لالشٍ، أُعلِن فيها المزاد على دم الله، إلى آخر لالش؟
لماذا يغض كاتب الغزوة، الطرف عن نقدي ل”الله إيزيدياً”، و”لالشه”، و”التقليد الإيزيدي الرجعي”، علماً بأني قلت في الإيزيدية، ديناً ودنيا، نقداً وتفكيكاً، “ما لم يقله مالكٌ في الخمر”؟

أما أن يحاول البارزانيست المتقاعد في هولير، خلط الأوراق وأن يعتبر دفاعي عن الإيزيديين و”الأقليات الأخرى”، وحقوقها الضائعة المضيعة، في “كردستانهم الحاضرة الغائبة”، “إيزيديةً سياسية”، فهذا شأن فهمه، أو عقله المغلق في هولير “المسيار المغلق” على ثلاث: ربّ الحزب وربّ الدين وربّ العشيرة.

ربما يحاول السيد بدرالدين إيهامنا نحن قرّاء هرطقاته، مرة أخرى، بأني “تراجعت”، ولكن تراجعاً “أكيداً” هذه المرة، أمام جهبذة غزوته، ولكني أحيل القارئ إلى ما أكتبه منذ سنوات، عبر كتابات كثيرة منشورة في هذا الشأن، إلى موقعي الفرعي في الحوار المتمدن، وإيلاف ومواقع عربية وكردية أخرى كثيرة.

أنا لم أتراجع، وإنما الذي نساه “صاحب الغزوة”، هو أنه لم يكلّف نفسه، بالعودة ولو قليلاً إلى الوراء من مكتوبي، فحكم “حكمه المسيار”، ليقع في أكثر من فخٍ كرديٍّ مسيار.

إنما الأفكار بالنيات

الغريب في “هرطقة” صاحبنا الكاتب في “مسيار هولير”، هو أنه لا يستند حتى على نصوص موقعة بإسم كاتبها(فهو يسمي كتابات منتقديه ب”المنسوبة إليهم” والمعنى في قلب الشاعر)، وإنما يحاول القفز فوقها، قفزات سياسية اتقنها، إلى المستور في قلبه، أو إلى نياته، ربما سعياً وراء مقولة النبي العربي: “إنما الأعمال بالنيات”!
فهو، “الناقد للنص”(كما يدّعي)، لا شأن له بالنص، وإنما ب”المخفي وراءه”، ولا علاقة له ب”المكتوب على اللسان”، وإنما ما يهمه، هو “المكتوب في القلب”، أو ربما “وراءه”، ولا علاقة له بالمنشور ،وإنما الأهم في نقده، فهو المستور.

من هنا تراه يقول: “ان الزي الشعاراتي العلمانوي لن يغطي عورات حاملي لواء – الأزيدية السياسية – فموجة انحياز بعض اليسار وجله من – اللادينيين – او – الملحدين – ( وهذه هي المفارقة ) لدى العرب والترك والفرس نحو الاسلام السياسي والطائفيتين السياسيتين الشيعية والسنية باتت بضاعة رائجة”.

معنى هذا الكلام، على مستوى خرافته المؤسسة على “فلسفة النية”، يعني أنني حتى لو جعلت من لالش وآلهتها، “كرةً” ولعبت بها مع أولادي(كما هو واقع خطابي المكتوب واليومي المعاش)، لن يصدّق البارزانيست المصرّ على “تحميلي” ل”لواء الإيزيدية السياسية”.


إذاً فهو، المقيم في “مصيفه الهوليري”، على نفقة المال العام المسروق طبعاً، مصرّ “إصراراً مبيناً”، على الحكم على أفكاري ب”نياتي”، التي تختبئ وراءها “إيزيدية سياسية”.

الكاتب في شئون “النيات والغيبيات”، كما يبدو، لا يهمه ما أقوله، أو أصرّح به، أو أكتبه، وأنشره على العلن، وإنما المهم لديه، هو ما أخفيه من نيات “إيزيدية” مبطّنة، ضد كردستانه، علماً أني هو أول من سنّ مقولة “كردستان هو الوطن النهائي للإيزيديين”.

إذن، فالقضية، عند “الباحث في النيات”، لا تكمن في “مناقشة أفكار”، كما يركبها راكب “التاريخ القلاّب”، بقدر ما أنها تكمن في “الحكم المسبق”، على “نيات مسبقة”.

وهذا الهروب إلى النبش في النيات(نياتي)، هو إن دلّ على شيء فأنه يدلّ على “بؤس” مناقشته، التي لا يستطيع معلم “الغزوة الإيزيدية السياسية” العبور من خلالها، إلى أي دليل أو حجة فكرية، تثبت “نظريته السيارة” هذه، سواء من خلال أفكار مكتوبة أو مصرّح بها من جهتي، لا قبل “كردستان المسيار” ولا بعدها.
كل ما كتبته في هذا المنحى ومناحي أخرى كثيرة، منشور في النت، فليفكك صاحب هرطقة “إنما الأفكار بالنيات”، “نياتي” الإيزيدية، التي تؤسس ل”غزوة إيزيدية سياسية”، حسب توصيفه، إن استطاع إليها سبيلاً.

أما أن يحكم، على ما وراء الأفكار، بنيات “خارجة على كردستان” وراءها، ويرجمني ب”الخروج” على الكردية وما حولها من كردستانات مفصلة على مقاس تاريخه السياسي، فهذا شأنه وشأن “فلسفته الباطنية”، المحكومة ب”نيات مسبقة”؛ أو “نيات تحت الطلب”، لا بدّ منها.

ملجئي الأوروبي وكردستانه المسيار

رغم تشدق كاتب “الهرطقات السيارة” ب”الإبتعاد عن النبش في التاريخ الشخصي”، والنأي بنفسه عن الدخول في “تاريخ الجينات”، وتفضيله ل”نقد النصوص” على “نقد النفوس”، إلا أنه لا يجد ضيراً في أن يدخل على نقد “نصوصي” من بوابة “لجوئي” الأوروبية بالطبع، والسؤال الذي يفرض نفسه، ههنا، هو ما علاقة “ملجئي الأوروبي”، بأفكاري؟
أم ترى يحاول صاحبنا المستمتع ب”مسيار هولير”، أن يكرر علينا اسطوانته المشروخة، التي طالما سمعناها، حين كان يسمي أكراده الهاربين من بطش الإستبداد المربع، ب”متسكعي شوارع أوربا”؟

فليقل لنا صاحب “النقد الموضوعي”، ناقد النصوص لا النفوس، ما علاقة ما كتبته ب”لجوئي” وملجئي الأوروبي أو المريخي؟
ألم تصبح أنت يا “سيد اللجوء الأول”، ولأكثر من عقدين ونيف من الزمان، لاجئاً مثلي في البلد الذي أقيم فيه؟
ألم يعبر فوقك الذي يمددون “إقامتك المسيار” في هولير المسيار، على سنة المسيار الكردي هناك، ذات اللجوء الذي عبرته؟
وهل نسيت أنّ جلّ فوقك كان مقيماً، في ضيافة “ديكتاتورٍ” ابتلع القضية الكردية، مرةً هنا وأخرى هناك.


ألا تعلم يا ناكر التاريخ، بأنّ “لا حياء في التاريخ”، أم أنّ التاريخ هناك، حيث الإقامة في حرير الخمس نجوم ، قد أصبح في ذمة أكثر من خبرٍ ل”كان” وأخواتها؟
ثم ماذا يعتبر صاحبنا(وهو الكردي السوري مثلي) المقيم في الحرير المسيار، إقامته في هولير المسيار؟
هل هي “إقامة” لتأدية واجب الكردياتي، أو “خدمة العلَم الكردي” في صفوف البيشمركة، أم مجرد إقامة مسيار، ل”ركوب” كردستان المسيار؟
ثم من منا يدوس على قانون البلد الذي يقيم فيه، ويخرج على سنن ماله العام؟

لي “ملجئي الأوروبي”، أو مكاني المفتوح على حريةٍ افتخر بمواطنتها، ولك كردستان(ك) المسيار.

وصاية سنية

يحاول البارزانيست “السيار” في هولير السيارة، الدخول هذه المرة عبر بوابة “علم النفس” و”عقده الكثيرة”، إلى سيكولوجية الأقليات “الكردية الأصيلة”، لتبرير “ديكتاتورية الأكثرية”، التي هي في المنتهى أكثرية سنية.
تاريخ السيد بدرالدين القريب، يثبت، قليلاً أو كثيراً، انحيازه لهذا “التوجه الطائفي” الذي يتهم به غيره.

وأقرب تاريخ، هو تحالفه مع أخوانه السنة(حركة الأخوان المسلمين السورية)، وأشقائه في البعث السني المنشق(عبدالحليم خدام).
هو دخل عبر هذه البوابة “النفسية”، إلى عالم الأقليات الكردية، للعبور إلى هدفه “المشروع”، أكثرياً، ألا وهو ممارسة “الوصاية السنية” على أكراد(ه) الأصلاء.

في الأسبوعين الماضيين، انشغل الشارع الألماني كله، على مستوييه الشعبي والرسمي بتصريحات و”نظريات” العضو في مجلس إدارة البنك الألماني الإتحادي، والحزب الإشتراكي الديمقراطي تيللو زاراتسين، الذي وضع كتاباً تحت عنوان “ألمانيا تدمّر نفسها”.


الكاتب يصر في كتابه هذا على دور عامل الوراثة في نقل الثقافة وما حواليها، من “موروثات” أخرى، من السلف إلى الخلف.

من هنا يقول
ان “جميع اليهود يشتركون في مورّث أي جين واحد بعينه”.

منظّر البارزانيزم في هولير الحرير، يسلك، كما يبدو من اصطلاحاته، السلوك “العنصري” لزاراتسين نفسه، عند التعامل مع ما يسميها ب”العقد الموروثة”، فيكتب:
“علينا عدم تجاهل ( العقد الموروثة ) – في مجتمعنا المحكوم من الآخر منذ قرون عقدة الخوف والحذر من الآخر وكان لها مبرراتها في العقود الماضية خلال أسلمة شعب كردستان وفي ظل الامبراطورية العثمانية والتي بدأت بالانتفاء والانحسار في مرحلة النهوض القومي في سائر أجزاء كردستان وعقدة الأصالة والتفوق باعتبار امتياز التمسك بالدين القديم وانحراف الغالبية الساحقة من الكرد نحو الاسلام ثم عقدة الأقلياوية والدور المحدود في الحركة القومية والاصطدام بالواقع الكردستاني الذي يبدو أنه لايأخذ ذلك بالجدية والاعتبار”.

ماذا تعني مقولة “العقد الموروثة” للمحلل البارزانيست؟
ألا تعني هذه بكل وضوح، وبالعربي الفصيح من دون مواربة، ولا لعب بالألفاظ أو تاريخها، أن “العقد تورث”، وأنّ “توريث” العقد يعني انتقالها، وراثياً، من جيل إلى جيل، بالجملة؟
لكن الغريب أنّ كاتبنا حوّل “عقدة الخوف والحذر” عند المكونات “الأقلياوية”، على سنة “النهوض القومي” إلى “عقدة الأصالة والتفوق”.

وهو يعني ههنا، في سياق “غزوته” أن الإيزيديين(وسواهم من الأقليات الكردية الأصيلة)، يرزحون تحت وطأة المرض الجماعي من “عقدة التفوق والأصالة”.
أما السبب بحسب تحليل محللنا، فهو ظنهم(ظن أهل الأقليات بالطبع)، أو ربما وهمهم، بأنهم المتمسكين ب”مفتاح الدين الأصل”، الذي “انحرف عنه الغالبية الساحقة من الكرد نحو الإسلام”.

وحين يصطدم هؤلاء “المعقدون جماعياً”( حسبما يُفهم من كلام السيد بدرالدين)، بواقع الأغلبية المسلمة في كردستان، فضلاً عن اصطدامهم ب”واقع دورهم المحدود في الحركة الكردية”، تبدأ العقدة بالتورم.

هكذا يفكّر الباحث في شئون “العقد الموروثة”، بأسباب ما يمكن تسميته ب”أزمة الثقة” بين كردستان الأكثرية وأقلياتها.

فالسبب ههنا، حسب رأيه، لا يكمن في “الأكثرية السنية”، بقدر ما أنها تكمن في “العقد الموروثة” لأقلياتها، الذين أصيبوا في البدء بعقدة “الخوف والحذر”، ثم سرعان ما تحولت هذه العقدة، بقدرة قادر “قومي” أكيد إلى “عقدة التفوق والأصالة”، التي تُشعر أبناء هذه الأقليات، ب”تفوقهم الأصيل” على أكرادهم من الأكثرية المسلمة، الأمر الذي يؤدي إلى اصطدامهم ب”واقع كردستاني” موجود بأكثرية مسلمة.

أما الحل، فكما يبدو من “تحليله”، فيكمن بضرورة تخلص  هذا “الآخر الأقلياوي” من “عقده الجماعية الموروثة”، التي تحيل دون اندماجه في كردستانه، والعيش جنباً إلى جنب مع واقع الأكثرية، الذي يجب أخذه بكل “جدية وعين الإعتبار”، على حد اعتقاده.

 

فمشكلة أقليات كردية أصيلة ك”الإيزيديين”، حسب هذا الطرح، هي في “عقدها الموروثة”، لا أكثر ولا أقل.
أما الأكثرية بحسب فرضية “صاحب الغزوة” الجديدة هذه، فهي بريئة من هذا “المرض الجماعي”، الذي هو “مرض أقلياوي”، أولاً وآخراً.

فهل هناك وقوفٍ واختفاء وراء “أكثرية طائفية”، أكثر من هذا؟

فالقضية بما فيها، حسب “محللنا النفسي” والمختص في شئون “العقد الموروثة” لدى أهل الأقليات الكردية، تكمن في أنّ الأقليات الكردية هي “مريضة” بالجملة، لأنها مصابة ب”عقدة الأصالة والتفوق الأقلياوية”، أما الحل لديه فهو في “كردستان الحاضرة” التي “يحكم الشعب فيها نفسه بنفسه”، حيث كل الكردستانيين، أدياناً وقوميات، متساوين أمام الدستور “ولافضل لمكون على آخر الا بالانصهار في بوتقة الوحدة الوطنية والمساهمة في تحقيق المشروع الكردستاني الديموقراطي في ظل الاقليم الفدرالي عراقيا وفي المجال الأرحب في حركة التحرر القومي الكردستاني”، على حد تعبيره.

لاحظوا معي مفردة “الإنصهار” التي يمررها “المحلل الفطحل”، تحت مظلة “الوحدة الوطنية”.

ماذا يمكن أن يُفهم من “الإنصهار في بوتقة الوحدة الوطنية” التي يزعمها السيد بدرالدين؟
المفهوم من “لفه ودورانه” على خصوصيات الأقليات الكردية الأصيلة، عبر وصفه لهم ب”المعقدين بالجملة”، و”المصابين بعقد موروثة”، هو أنّ يؤمنوا ب”وحدة الأكثرية الوطنية” التي هي “أكثرية سنية” في المنتهى، كما يقول واقع حال كردستان، في الشارع وفوقه.

أية “وحدة وطنية” هي هذه التي “يوصي” سيد هرطقة “العقد الموروثة”، ب”الإتصهار الوطني الضروري” للأقليات المريضة نفسياً، والمصابة ب”عقد موروثة”، للوصول إلى قدر كردستان الضروري المحتوم، الا وهو قدر السقوط في “ديكتاتورية الأكثرية السنية”؟

في “ملجئي الأوروبي” فشلت سياسات الإندماج الأوروبية، نتيجة عدم قبول الجماعات السكانية المهاجرة ب”الإنصهار” في بوتقة ثقافة بلدانها.

فضلاً عن أنّ السياسيين الأوروبيين، خلطوا في ممارساتهم بين مفهومي “الإندماج”(إينترغراسيون) و”الإنصهار”(آسيميلاسيون).

فالمفهوم الأخير، والذي يستخدمه السيد بدرالدين أي “الإنصهار”، هو مصطلح عنصري بإمتياز، بدأت السياسات الأوروبية، الشعور بخطورة ممارسته، مع أقلياتها المهاجرة.

يحاول سيد خرافة “الإيزيدية السياسية” إخفاء فشل السياسات الكردية مع أقلياتها، و”وحدته الوطنية” المزعومة، ب”العقد الموروثة” للأقليات الكردية الأصلية.
وهي محاولة بائسة، لتبرير “الوصاية السنية” الأبدية على كردستان، فقط لأنهم يمثلون في الواقع “أكثرية سكانية كردستانية”.

كاتبنا النائم في “هولير المسيار”، لم يبحث في أسباب الهروب الحقيقي للفيليين والإيزيديين والكاكائيين والهورامانيين والشبك، من كردستانهم، وتحديداً بعد نزول كردستان من الجبل إلى المدينة، وتحوّلها إلى “كعكة مسيار” لتقسيمها بين “أرباب المسيار”.

لماذا لم نرَ هذا الهروب الأقلياتي الجماعي من كردستانهم، أيام البارزاني الأكبر مصطفى، زمان الجبل الصعب، الذي وحّد الكل(سنيين وشيعيين وإيزيديين ومسيحيين وكاكائيين وشبك)، لحمل بندقية واحدة، للعبور إلى كردستان واحدة؟
ما الذي دفع بمناضل مثل “شمو ملكي”(المعروف في الوسط الإيزيدي بالمعلم)، أن يترك كل شيء وراءه(وهو الكردي السوري، الذي يعتبره بدرالدين واحداً من أعمدة كونفرانس آب 1965، والذي يكون بالمناسبة خالي الأعز من أبي) ويحمل هموم كردستان العراق على كتفه، جبلاً جبلاً من زاوا إلى متين وكارا؟

ثم ليقل لنا البارزانيست المتقاعد في هولير، في أيّ نسيانٍ وتطنيشٍ تركت “كردستانه المسيار” شمو المعلم والكثير الكثير من أكراد الجبل الماضي، بكل شرائحهم؟
لماذا لم نسمع ب”إيزيدية سياسية” أو حتى فرضية من هذا القبيل، أيام كردستان الجبل الصعب، أو سواها من الفرضيات و”الغزوات السياسية المفترضة” على مستوى أقليات كردستان الأصيلة الأخرى؟

لماذا اليوم، وفي “كردستان المسيار” بالضبط، نسمع هرطقات عن “غزوات أقلياوية” مفترضة من “كاتبٍ سيارٍ”، مقيمٍ في هولير المسيار؟

ليسأل صاحب الكتابات المتقاعدة في هولير الحرير العالي، فوقه “المسيار” وعن سياساته الفوقية الإستعلائية الممارسة بحق أقليات كردستان الأصيلة، من الإيزيديين في “إيزيديستان” إلى الفيليين في “بغدادستان”، مروراً بالهوراميين والكاكائيين وسواهم.
أليست تشكيلة اللجان المركزية والمكاتب السياسية في مكاتب أحزاب “كردستان المسيار”، خير دليلٍ على هذا الإستعلاء و”التفوق الكردي”، بإمتياز؟
هل هناك من دورٍ يُذكر لهذه الأقليات “الكردية الأصيلة”، “المطنّشة”، في صناعة قرار كردستان، من الفوق إلى التحت؟
ولأذهب مع كاتبنا في “علمانيته السنية”، وأسأله:
هل يقبل هو وفوقه، أن يمثل إيزيدي أو فيلي أو مسيحي أو شبكي أو هورامي، كل أكراده في رئاسة أو حكومة أو برلمان، أو استخبارات كردستانه؟
بالطبع لا.


فعلى ذقن من تضحك أنت وشيوخ العلمانية الكردية في كردستان المسيار من حولك؟

كان بالأحرى للعلماني على طريقة “الكردية السنية”، أن يتحلى بذرة من المنطق وأن يرى كردستان كيف تمشي، تقوم وتقعد، تنام وتستيقظ تحت ثلاث: “الحزب الصحيح، و”الدين الصحيح”، و”العشيرة الصحيحة”.

الكاتب في “المسيار” كردياً، أراد ب”غزوته” هذه، قطع الطريق أمام “الأصالة الكردية” إيزيدياً، وكردستانهم التي ولدوا فيها وعليها، ب”يقين” الأغلبية السنية، ليثبت من خلالها، للحاضر الذي يجب أن يبلّغ الغائب، بأنّ “كردستان السنية”، حسب توصيف الصديق طارق حمو، لن تسمح لأية أقلية كردية أصيلة، هي “معقدة بالجملة” أصلاً، بتغيير حقيقة “كردستان الحقيقة”، في كونها أكثريةً سنية.

والحالُ، ما على الأقليات الكردية الأصيلة المصابة ب”عقدها الموروثة”(حسب بدرالدين) إلا “الإنصهار الواجب” قومياً بالطبع، قي “بوتقة الوحدة الوطنية” الواجبة سنياً.
تلك هي واحدة من الرسائل التي أراد بها صاحب “الوصية الهوليرية المسيارة”، تمريرها إلى “الإيزيديين المعقدين” أو “المصابين بعقدة الخوف والحذر سابقاً، وثم عقدة التفوق والأصالة لاحقاً”، وسواهم من أبناء الأقليات الذي يلفون لف”عقدهم الموروثة”.
هذا فضلاً عن أنه أراد، من خلال وصايته، تخوين وتشهير و”تكرير” كل ناقد ل”كردستانه المسيار”، بغزواته الكردية الجاهزة تحت الطلب، وهرطقاته، و”فرضياته السيارة”، و”نظرياته الطيارة”.

زحف سني

يريد الكاتب على ذمة هولير المسيار، أن يكذبني، بأني أبالغ في نقد “جموريته الإفلاطونية” على طريقة المسيار، بقوله: “في كردستان العراق حيث الكرد يحكمون أنفسهم بأنفسهم فلا يمكن حصول أمر من هذا القبيل ولافضل لمكون على آخر الا بالانصهار في بوتقة الوحدة الوطنية والمساهمة في تحقيق المشروع الكردستاني الديموقراطي في ظل الاقليم الفدرالي عراقيا وفي المجال الأرحب في حركة التحرر القومي الكردستاني”.

“الكرد يحكمون أنفسهم بأنفسهم ولا فضل لمكوّن على آخر إلا بالإنصهار”..كلام هوائي لا يمشي على الأرض إطلاقاً.

يريد السيد بدرالدين أن يقول بأن “لا فضل لعربي(أو كرديٍّ) على أعجمي في كردستان إلا بالإنصهار في بوتقة..”، هذه هي ثقافة نص الكاتب في مسيار هولير، التي تقول أكثر مما تفعل.

فقط للتذكير، أقول له ولغيره من المقيمين في نعيم المسيار، كردياً، ليذهبوا إلى إلى أماكن تواجد الأقليات(المسيحيين والإيزيديين على سبيل المثال لا الحصر)، وليروا بأنفسهم كيف أنّ الثقافة الإسلامية(السنية) تزحف إلى عقول وجغرافيا هذه الأقليات.

أنا أرفض بالقطع “ثقافة الغزو” ضد الآخر، أياً كان هذا ال”آخر”.

وأقف(أنا الكردي اللاجئ) بالضد أيضاً، من محاولة البعض من المحسوبين على الفوق الكردي في مناطق سكنى الإيزيديين والمسيحيين وسواهم، ب”تغيير ديموغرافيتهم.

حسناً فعلَ أبناء “ألقوش” المسيحيين، الذين وقفوا بالمرصاد لهذه السياسة العصبية، المستنسخة من السياسات الجارة، في تعريب وتتريك وتفريس المكان، أو “تشريد المكان عن أسمائه”، حسب تعبير الكبير سليم بركات.

ألم تتغير ديموغرافية “سرسنك” المعروفة بالوجود المسيحي الكبير، عبر التاريخ، في السنوات الأخيرة من “الحكم الكردي المبين”، يا من تغلق عليك أبواب هولير بأكثر من مسيار؟
ألم يقم “الكرد المسلمون” قبل سنوات قلائل، تحت مرآى ومسمع السلطات الكردية هناك، بالهجوم على “ملهى مسيحي” في “سرسنك”، في محاولةٍ بائسة لفرض “ثقافة الدين الواحد” هناك، والتي لا تزال مفروضة حتى الآن، كما أخبروني أهل المكان هناك؟
هل اطّلعت على رأي الشارع المسيحي المحاصر هناك، الذي أصبح الآن أقليةً مقابل الزحف “الكردي المسلم”؟
ألم يحدث “الزحف الإسلامي” عينه في الشيخان، معقل الإيزيديين عبر التاريخ؟
أم أنّ هذه أيضاً أفكار من وحي “الإيزيدية السياسية”؟

هل ذهب محامي كردستان المسيار إلى الشيخان مثلاً، ورأى كيف يقاطع المسلم هناك، اللحوم والألبان المصنّعة على “الطريقة الإيزيدية”(كما يقولون) وفي عقر دارهم.

أما سبب المقاطعة، فهو لأنها فقط عبرت إلى السوق عبر أيادٍ إيزيدية.
ألا يكفي هذا لتأسيس مقولة “الدين الحلال والدين الحرام”، على وزن “اللحم الحلال واللحم الحرام”؟

هل ذهب محامي “أهل المسيار” كردياً، إلى الشيخان في كردستان رمضان، ليرى كيف أن المكان كله(بإيزيدييه ومسيحييه، ومسلميه) صائم، بقرارٍ من “أهل القانون الكردي” هناك، مُنع فيه “أي خرق لحرمة شهر رمضان وأصول الصوم فيه”؟
ألم يعلن الخبر الرمضاني(كل من يخالف هذا القانون ولا يحترم رمضان في كل المكان، سينام خمسة أيام في سجن كردي أكيد)، على شاشة فضائية كردستان، عبر شيخٍ محسوبٍ على علماء الدين الإسلامي في كردستان؟

ألم يتابع كاتبنا “العلماني جداً” كيف تحولت الفضائيات الكردية(الرسمية والأهلية) في “كردستانه المسيار” إلى محطات رمضانية لبث “الأناشيد الدينية”(من قبيل طلع البدر علينا..)، التي أُنتجت خصيصاً لهذه السنة، كما بدا من تاريخ إنتاجها؟

ثم، هل تفعل كردستان المسيار الشيء ذاته مع أقلياتها الأخرى، أيام صيام الإيزيديين والمسيحيين أيضاً؟
هل تفرض كردستان “قانون المسيار” “قانون المنع” نفسه، لمعاقبة كل من يخرق أصول الصوم الإيزيدي أو المسيحي، في أماكن تواجد هؤلاء في الأقل؟

هذه حقائق موجودة تمشي على أرض كردستان، للمقارنة فقط.


أما أنا، فضد فرض ثقافة “الرمضانيات” أو سواها من ثقافات الصوم أو الصلاة أو الحج أو الزكاة الدينية، إيزيديةً كانت أو مسيحية، أو أية ثقافة دينية آخرى، بقوة القانون على الشارع.


لا علاقة لثقافة الشارع المتعدد، برأيي، ب”الثقافة الدينية الواحدة، أياً كان انتماؤها.
لأن الدين، والصوم والصلاة والحج والزكاة فيه، مسألة شخصية جداً، ولا يحق لأي أحدٍ، حسب المفهوم العلماني، فرضه بالقوة على الخارجين عليه، فما بالك بدولةٍ، تفرض على مواطنيها، ثقافة “جبارة”، ليس فقط لايؤمنون بها، بل ولا ينتمون إليها أيضاً.

لعلم صاحب “البارزانيزم”، خلال سنة واحدة فقط(حسب خبر نشرته صحيفة روداو الكردية)،  تم بناء 500 جامع، في كردستان، ب”أموال أهل الخير” وبموافقة وزارة الأوقاف هناك.

وبحسب تصريحٍ للمتحدث بإسم أوقاف كردستان مريوان نقشبندي، أن معدّل بناء الجوامع في “كردستان المسيار” حالياً، هو “جامعان في كل يوم”.
)http://www.rudaw.net/kurmanci/kurds/3302.html  (

ألا يعني هذا، بأن الجامع يغزو المدرسة والجامعة في كردستان؟
ألا يعني هذا أن الشارع الكردي هناك أكثر من مسلم؟
أم أنّ الجوامع هناك، تبنى للديكور فقط؟
يكفي للمرء أن ينتظر أمام باب جامعٍ في كردستان، ليعرف لماذا أقول بأن “السلام عليكم” يغزو العقل الكردي المسلم في كردستان، على حساب “روز باش”.
فليذهب السيد بدرالدين، ويسأل في هوليره، ليعرف بنفسه كيف أن البعض من ملالي كردستان، المحسوبين على ملاك وزارة الأوقاف نفسها، أفتوا ب”صحيحية” السلام عليكم، على “روز باش”، لأن الأولى، حسب قولهم، “إسلامية أصلية”، أم الأخرى(روز باش) فهي دخيلة!

ليقل لنا محامي “العلمانية الكردية المسيارة” ماذا تفعل مؤسسات الأب الروحي للأسلام العثماني فتح الله كولَن في هولير المسيار، وبموافقة الفوق الكردي هناك؟
هل تخرّج “جامعة فتح الله كولن” هناك، علماء فيزياء أو كيمياء أو رياضيات أو علماء ذرة لكردستان، أم أنها ستخرّج “شيوخاً في دين السلف”، يفتون في دنيا كردستان هنا وهناك؟

سيخرج السيد بدرالدين علينا، هذه المرة أيضاً، بكل تأكيد، ليقول: “انظروا كيف أدخل إلى نقد كردستان، راكباً القاموس الإسلامي.

وهذا صحيح.


لماذا؟
لأني أفكك الإسلام ب”الإسلام نفسه”، تماماً مثلما أنقد الإيزيدية بنصوصها، ومن صلب إلهها.

الدولة المدنية لا دين لها

لا داعي للعودة إلى مشروع دستور كردستان، الذي ناقشته من قبل، وسميته ب”الدستور الكوكتيل”، والذي يناقض نفسه بنفسه، بين كل سطر وآخر، وبين كلّ مادةٍ وأخرى.
غريبٌ هو أمر كاتبنا الذي “ينقد” النص بظله، والثقافة بالسياسة، والمكتوب ب”القال والقيل”.
بعد عجز صاحب فرضية “الغزوة الإيزيدية” عن اصطياد مكتوبي في مياه “طائفية عكرة”، يحاول الكاتب “إدانتي من فمي” كما يقال، وذلك عبر ركوبه لنصف الكلام، ونصف الجملة، تاركاً النصف الآخر في إجازةٍ دائمة، مخفياً تحت أكثر من “حجاب سياسي”.

سياسينا المقيم في أفكاره “الهوليرية “، يصر على ركوب عبارتي “لا أنكر” و”اتفق مع الكاتب(أي معه) جزئياً”، المصطادتين من مكتوبي، ويجرهما من أذنيهما، للشهادة علي، بأني “تراجعت خطوة ولكن بصورة خجولة”، للإعتراف من ثم، أمامه وأمام القارئ، ب”الخطأ والتجاوب مع رؤيته، من دون أن تبلغني الجرأة الأدبية”، على حد إيمانه.

يقول السيد بدرالدين: “وفي مقالته الجوابية – الانفعالية الشتامة – يحاول الكاتب التراجع خطوة ولكن بصورة خجولة ” لا يُنكر أن هناك البعض الإيزيدي السياسي حصراً، ممن يحاول اللعب بالورقة الإيزيدية، والعوم بها بعكس التيار، وعلى الضد من مصلحة الإيزيديين أنفسهم، في كونهم “أكراداً أصلاء”” وهو اعتراف ضمني بالخطأ والتجاوب مع رؤيتي من دون أن تبلغ الجرأة الأدبية به الى الاعتراف الصريح ” أتفق مع الكاتب ( معي ) جزئياً، بأنّ قضية لاعلمانية كردستان لا يمكن اختزالها في تصريحات وزير أو تصرفاته، كوزير مسلم مع الأديان الأخرى”.

بالنسبة للشق الأول من “اعترافي”، أو ما يسميه كاتبنا ب”التراجع الخجول” عن أفكاري، أقول بأن هذه هرطقة ما بعدها هرطقة.
نعم، والحق  يُقال، قلت ولا أزال، بأن هناك البعض الإيزيدي السياسي حصراً، ممن يلعب بالورقة الإيزيدية، ل”زج” الإيزيديين في سياسات خاسرة سلفاً، وتلقي بقضيتهم إلى أكثر من أتون، وأكثر من جهنم.

هذا واقع موجود، لا يمكن تغييبه ب”شطحة قلم”.

طبعاً، لا يُنكر أن واقعاً إيزيدياً “مسيّساً” كهذا، كان ولا يزال موجوداً، منذ أن دخل العراق تاريخ ما بعد سقوط الصنم، ولكن عبارة ال”لايُنكر” هذه لا تؤكد صحة فرضية “غزوة بدرالدين”، كما اعتقدها، بقدر ما أنها تؤكد على تاريخ مكتوبي في هذا المنحى، قبل الغزوة بكثير وبعدها، حيث كنت أكرر على الدوام، بوجود “لاعب إيزيدي أمي”، يلعب على سياسات أمية، عبر أجندات خارجية، الهدف الأساس منها، هو إخراج الإيزيديين من “أصالتهم الكردية” التي خُلقوا عليها، وبالتالي إخراجهم من كردستانهم، جهتهم النهائية في الدين والدنيا.

فعبارة ال”لا أنكر” هذه، التي ركبها معلم البارزانيزم، لم أعلنها لخاطر “غزوته”، أو نزولاً عن “جبهذته”، أو قوة منطقه في قيادته ل”الغزوة”، وإنما قلتها وكتبت فيها، منذ سنواتٍ كثيرةٍ خلت.


هذا ليس “اعترافاً بالخطأ” أو “تجاوباً” مع رؤيته(الأصح غزوته)، كما توهم، وأوهمنا، وإنما هو اعتراف بواقع موجود، كتبت فيه، منذ سنواتٍ كثيرةٍ خلت، وانتقدته بالحجة والدليل والبرهان الموجود، في كتابات لا تزال موجودة.
هذا ليس “تراجعاً” لا “خجولاً” ولا “عجولاً”، كما تصوّر الكاتب البارزانيست، بقدر ما أنه تذكيرٌ عابرٌ لصاحبنا المتشقلب في التاريخ، والمتقلّب عليه أبداً، بالتاريخ، أيّ بتاريخ مكتوبي، وجهة عومه في هذا المنحى بالضبط.

منذ أن ظهر هذا التيار، ودخل في الأول من خروجه على حقيقة الإيزيديين “الكردية الأصيلة”، كتبت وانتقدت وفككت وحللت خطاب هذا التيار السياسي “الخارج” على مصلحة الإيزيديين، وبادلت “إيزيدخان”(هم) ب”كردستان وطناً نهائياً للإيزيديين”.


فلماذا لا يناقشني السيد بدرالدين، ب”كردستان الإيزيديين”، ويرميني ب”إيزيديخان”، كنت ولا أزال من أول وأكثر المنتقدين لهذا المشروع “الإيزيدي” الأكثر من خاسر، والأكثر من فاشل، تماماً كفشل “غزوته”، التي فيها أكثر من إنّ وأخواتها.


أم أنه يريد الإصرار، عن سابق إصرارٍ وترصد، على طردي من “كردستانٍ”، آمنت بها موطناً لحروفي، وجهةً لحرية كتابي، منذ عبوري الأول للحرف، سواء كردياً أو عربياً؟

أما إذا كان السيد بدرالدين، الكاتب تحت الطلب، قد أدرك الأمر لتوه، ويحسبه على أنني تراجعت “تراجعاً خجولاً” فهذه مشكلته، ومشكلته قلمه المقلّم، وقراءاته المقصقصة الجناح.

فمن تراجع منا، عماذا يا عرّاب “الغزوة الإيزيدية”؟
ومن تهّرب من منطق كتاب من؟
ومن انقلب على التاريخ وحروفه على من؟
أنا المهاجر في “ملجئي الأوروبي”، أم أنت الشتام لآل بارزان وكبيرهم سابقاً، ومدّاحهم في هولير المسيار لاحقاً؟

لا يتوقف كاتبنا العجول، في حكمه العجول، الذي يبنيه على “أنصاف الجمل”، وأنصاف الحقائق وأرباعها، عند هذا الحد من  الدخول الكيفي إلى تاريخ مكتوبي، في كونه “تراجعاً خجولاً” فحسب، وإنما يصّر  أيضاً، على أن هذا “التراجع الخجول”، يدلّ على “اعتراف ضمني مني بالخطأ” و”التجاوب مع رؤيته، من دون أن تبلغني الجرأة الأدبية في الإعتراف الصريح بأني أتفق مع الكاتب جزئياً، أي معه”!

أما كل هذا الوهم والتوهم، فهو فقط “لأني أتفق معه جزئياً، ب”أنّ قضية لاعلمانية كردستان لا يمكن اختزالها في تصريحات وزير أو تصرفاته، كوزير مسلم مع الأديان الأخرى “.

وهذا صحيح.
كاتبنا المقيم في “هولير المسيار”، انتقى من النص ما شاء وأسقط منه ما شاء، كما يشاء.
بعد هذا ال”اتفق مع الكاتب جزئياً” مباشرةً، كتبت ما يلي:
كان يمكن لهكذا كلام أن يكون صحيحاً، فيما لو تم بالفعل، محاسبة هذا الوزير الذي يريد لكردستان أن تكون “دولةً إسلامية”.

وهذا ما لم و”قد” لن يحصل، في القادم القريب من كردستان.


ثم أن قضية اللاعلمانية الكردستانية، هي أبعد من كواليس وزارة الأوقاف وإسلام وزيرها الإسلاموي بكثير.

هذه اللاعلمانية هي لاعلمانية مؤسسة على الدستور أولاً وآخراً.

هذا الدستور الذي يدعي الكاتب بأنه “شرع وقونن
حقوق وواجبات كل المكونات الكردستانية القومية منها والدينية”.
أيّ شرعٍ هو هذا، إذا كان كل الدين لا يتساوى أمام الدستور ك”أسنان المشط”!؟
أي قانونٍ أو حقٍ هو هذا، إذا كان الدستور يمنح ديناً بأن يكون في “الفوق”، بإعتباره “مصدراً أساسياً من مصادر التشريع”، مقابل أديانٍ تقعد في التحت من هذا التشريع؟(الحوار المتمدن، 07.09.10).

كان بالأحرى لصاحب “الكلام الهوليري” المفتوح على أكثر من “غزوة”، أن يناقشني في دستور كردستان(المادة السادسة ببنودها الثلاث، التي جمعت بين “مبادئ الديمقراطية” و”مبادئ الإسلام”)، الذي انتقدته في مقالي السابق؛ ذاك الدستور الذي يتخذ من دين “أغلبيته السنية”، مصدراً أساسياً من قوانينه وتشريعاته، التي من المفترض بها ألا “تتعارض مع ثوابت الإسلام” من جهة، و”ألا تتعارض مع بمبادئ الديمقراطية من جهة أخرى”!!!

أجل، الأغلبية تحكم في الديمقراطية مقابل احترام رأي الأقلية، ولكن دين الأغلبية ليس حاكماً في عرف الديمقراطيات المعروفة.

وذلك لسببٍ بسيط، وهو لأن الدين، يُعبد، ولا يحكم.


الدين، في العرف الديمقراطي المحكوم بالقانون الوضعي، مكانه بيوت الله، لا بيوت الحكومة وقوانينها ودساتيرها.

الكاتب، ركب ههنا، كعادته، عبارة “اتفق مع الكاتب جزئياً”، ليوهمنا بأنه “اعتراف ضمني مني بالخطأ تجاوباً مع رؤيتهه” على حد وهمه، ولكنه لم يمرّ(حتى مرور الكرام)، على الجمل الكثيرة التي تلتها مسبوقةً ب”كان يمكن لهكذا كلام أن يكون صحيحاً، فيما لو تم بالفعل…إلخ)
هو لم يمرّ(حتى مرور الكرام) على دستور كردستان، الذي يتخذ من “القرآن” ومشتقاته، مصدراً أساسياً من مصادر تشريعه.
ولم يمرّ على الخلط العجيب في دستور كردستان، بين “مبادئ القرآن” و”مبادئ حقوق الإنسان”.
ولم يمرّ على “علمانية” كردستان، التي تتخذ من “علمانية الله”، أساساً ل”ثوابت ديمقراطيتها”.

غزوة تكفير التفكير

كل من يقرأ في “غزوة” السيد بدرالدين وهرطقاته الأخيرة، سيلحظ بأن جلّ هدفه يصب في “تكفير” التفكير، وإدراج كل ما كتبته وأكتبه في خصوص “كردستانه المسيار” وأكثر، تحت خانة “الأصولية الإيزيدية” المقابلة ل”الأصولية الإسلامية”، ودليله الجاهز في الجيب، هو استشهاده بحوالي صفحة كاملة، من مقولاتي التي استخدمتها في كتاباتي، ضمن سياقات متعددة، على أنها “شهادة حسن صدقه”، فيقول: وحتى أكون صادقا في تشخيصي لمنطلقات السيد بروكا واختبائه في العباءة الدينية في نقده للادارة الكردستانية بل وصمها بالأصولية الاسلامية أورد عينات من مصطلحات وتعبيرات تعود الى الثقافة الدينية ولايستخدمها أي كاتب علماني – لاديني – تقدمي ديموقراطي”.

الواضح من كلام صاحب “الغزوة الإيزيدية”، واستشهاده الممّل بمقولاتي، وتركيبه لجمل على بعضها، وفق طريقته الخاصة، لتأتي المقولات في خدمة غزوته، هو أنه يتهم كل من ينتقد كردستانه المسيار، عبر “البوابة الإسلامية، ونصوصها الدينية، ب”الإيزيدي الأصولي”، الذي يستحق التخوين، أو التكفير سلفاً.

فالكاتب اللاديني، الديمقراطي التقدمي، بحسبه، لا شأن له ب”عبور” الثقافة الدينية، أو حتى المرور عليها.


يبدو أن كاتبنا في “كردستان المتعة”، يفهم أي نقد ل”الإسلام”، نقداًَ يصب في “أصولية ضد ـإسلامية”، أما هذه الأصولية في مفهوم صاحب “الغزوة الإيزيدية”، على مستوى كردستانه المسيار، فهي مختزلة في “الإيزيدي” فحسب، حتى لو كان الناقد واحد لاديني يفكر فوق الدين مثلي.

وهذا يعني أن “ضد الإسلام” في منطق كاتبنا المصرّ على “علمانية كردستان الفضائية”، هو “الإيزيدية السياسية” عينها.

ثم مهما أنكرت الدين وخرجت عليه، وهدمت فيه، ولكن بمجرد نقدي ل”الإسلام في كردستان المسيار”، أو كردستان المسيار في الإسلام”، فأني حسب منظر البارزانيزم، أختبئ وراء “العباءة الإيزيدية”.
الغريب في منطق، كاتبنا الخارج على التاريخ، من أكثر من بابٍ ونافذة، هو أنه يقيس المنطق حسب “رياضيات إسلامية” خاصة به.
فهو منذ أن أستطاع، أن يجمع في “منطقه” بين البارزاني الأكبر مصطفى، مرةّ في كونه “جيباً عميلاً” وآخرى في اعتباره “أباً روحياً للكرد، وأبو الفكر والفلسفة والسياسة والديمقراطية والعلمانية وسوى ذلك من البارزانيزمات”، مذاك عرف كيف يجمع بين الشيء ونقيضه في تاريخه المحكي والمكتوب.

 فهو، بمجرد أني قلت “أتفق مع الكاتب جزئياً” و”لايُنكر”، ركب هاتين العبارتين، فقط ل”يدينني من فمي” كما يُقال، ويثبت بأني “تراجعت تراجعاً خجولاً”، و”وافقته ضمنياً على رؤيته”، وسوى ذلك من القراءات المبتسرة، التي ركبها فقط، ليزجني بها قسراً إلى “صحيحه”، إن شئت أم أبيت.

أما هنا، فمهما كتبت فوق الدين، أو انتقدته، أو فكرت فوقه، أو خرجت على كل الله فيه(إيزيدياً قبل إسلامياً)، أو ذبحت السماء قرباناً للدنيا، فأنه لا يمكن له أنّ يصدقني إلا في كوني “أصولياً مختفياً وراء العباءة الإيزيدية”، وكأن هذا الكلام لا يدلّ عليّ.


ثم لماذا اصطفى الكاتب تحت طلب هولير المسيار، المقولات التي رآها بأني انتقدت كردستانه المسيار، عبرها في “قاموس ضد إسلامي”، وقفز على عشرات المقولات التي انتقدت من خلالها الإيزيدية نفسها، من الله إلى آخر عادة رجعية في صلاة الإيزيدي، وب”قاموس ضد ـ ديني” أيضاً؟
لماذا غض المختص في شئون الإصطفاء الطرف عن كل نقودي للإيزيدية ديناً ودنياً، والتي وُصفت(ولا تزال) على مستوى الفوق الرسمي(ديناً وسياسةً) بأنها انتقادات حادة، وخارجة عن كل الدين؟
أوليس الإعتراف هو سيد الأدلة؟

المكشوف في مكتوب صاحبنا، هو أنه مصرّ على صناعة “الغزوة الإيزيدية”، سواء شاء الإيزيديون أم أبوا.
هو مصرّ على زجي في الدين، سواء دست عليه، كما كتبت في السابق، وركلت مخطوطات الله(كل الله)، أو لم أفعل؟
والسبب، هو لأنه يريد بإيعازٍ من فوقه، ضربي في “كردستان المسيار” وفيما حواليها، بدينٍ أفكرّ فوقه، وفوق فوقه.


فلا فوقَ، في ثقافة الحرف برأيي، فوقَ فوق العقل.

يبدو أنّ أسهل الطرق، حسب “غزوة بدرالدين المفترضة”، إلى منعي من التفكير ونقد “كردستان المسيار”، هو تكفيري، وتخويني، وحجب كرديتي وكردستاني عني، سواء شئت أم أبيت.
وإلا ما الذي يدفع ب”منظّر مسيار”، بأن يقيم القيامة ولا يقعدها، على مقالٍ بإيلاف، سميت فيه كردستانه ب”المسيار”، كردستان يركبها ثلاثة أرباب، ليل نهار: ربّ الدين، وربّ الحزب، وربّ العشيرة؟

بعد “تشخيصه” لمنطلقاتي النظرية(الإيزيدية) بالطبع، التي هي ب”الضد” من “مبادئ الإسلام”، على حد اعتقاده، يحاول السيد بدرالدين، “توحيد” التكفير ضد تفكيري، عبر تأجيجه لعقل المرجعيات الإسلامية والمسيحية والإيزيدية، بقوله:
“ماذا يعني أن يدس ( لاديني حسب توصيفه لنفسه ) أنفه في شؤون الديانات – الأزيدية والمسيحية والاسلامية – ويتعامل معها بهذه الصورة الفجة الاستفزازية انها مدعاة المزيد من الاستفهامات أولا وتجاوز وتجاهل لدور وموقع المرجعيات والمجلس الروحاني الأزيدي ورجال الدين الأفاضل ثانيا بل ومصادرة لرسالتهم السلمية وواجباتهم تجاه رعاياهم في التواصل والتحاور والتنسيق مع حكومتهم التي يعتبرونها معبرة عن آمالهم وطموحاتهم”

إذا اعتقد كاتبنا بإنّ لاعلاقة للخارج على الدين، على مستوى الحرف والكتابة، بالدين، لا من بعيد ولا من قريب، ولا شأن له، في أن “يدس أنفه في شئون الديانات”، فهو لعلى خطأٍ كبير.
طالما أنّ الدين يدس أنفه في شئون الدنيا، ويصر على أن تكون الدولة المدنية “دولة لله”، على مقاس فتاوى وهرطقات شيوخه، فإنّ للاديني شأن كبير في نقد الدين وتفكيكه.
طلاق اللاديني مع الدين، لا يعني طلاقاً متوازياً مع الدنيا أيضاً، كما يتصورها كاتبنا الخدوم للدين.

مشكلة الدين، ليس في كونه، عبادة لشيءٍ اسمه الله، بقدر ما أن مشكلته تكمن في صناعة “آلهة بشريين”، يضعون أنفسهم وكلاءً لله على الأرض.
لا مشكلة لي مع الله، طالما لا يركبه شيخ هنا وآخر هناك، للدوس على الإنسان، وحكمه، والإفتاء بقتله بإسم الجهاد لله.
الدين، ههنا، إذ يدوس على الإنسان وحقوقه، يعنيني جداً، وليس لي إلا أن أدوس عليه، وعلى كل آلهته، من الألف إلى الياء.

ثم أوليس في كردستان كاتبنا المسيار، “أرباباً” في الدين، بات الكردستانيون يخافونهم، أكثر من خوفهم من الله؟

في “ملجئي الأوروبي” يدس اللاديني أنفه في شئون الدين، ويكرّم على هذا الدس والدوس أيضاً، وآخر مثال على ذلك هو تكريم المستشارة الألمانية(مستشارة بلادي) أنجيلا ميركل للرسام الكاريكاتوريست الدانماركي كورت فيسترغارد، تقديراً “لالتزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في الدفاع عن القيم الديموقراطية”، حسب رأي المكان هنا.
أما هناك، في كردستانك “العلمانية جداً”، فلا يستحق هذا الرسام(المسيء للنبي حسب عقل دستور كردستان)، سوى “القتل الحلال”.

 نكتة الرأي والرأي الآخر

لكي يثبت معلم البارزانيزم “ديمقراطيته” المفتوحة على مصراعيها، يكتب في أخر مكتوبه ما يلي: “لقد وافقت الهيئة الادارية لمؤسسة كاوا للثقافة الكردية على اقتراحي بعقد حلقة دراسية أو ندوة موسعة حول هذا الموضوع المطروح للنقاش والطلب من مركز لالش الثقافي، للمشاركة في دعوة عدد من المتحاورين للقاء في مركز مؤسسة كاوا بأربيل عاصمة اقليم كردستان وفي الوقت الذي أسامح فيه عن طيبة خاطر كل من أساء الي شخصيا وتطاول وتجاوز حدود أدب التعامل في الردود والتعليقات أدعو الجميع وبدون استثناء الى المشاركة في هذه الفعالية الحوارية المنشودة”.

لن أذهب بعيداً  لمناقشة كاتبنا في بنى ثقافة “الرأي والرأي الآخر”، لأنه موضوع يحتاج إلى الكثير من التنظير والتنظير المضاد، ولكني سأذهب معه إلى ملاحظته التي يقول فيها: “التزاما باحترام الرأي الآخر تم نشر بعض الردود على مقالتي في موقعنا”.
نقرة واحدة على الرابط ستكشف عن “كذبة الرأي والرأي الآخر”، وعن مدى التزام كاتبنا “الملتزم”(من التاريخ إلى التاريخ)، بما يسميه بهذه المقولة المدينة جداً.


أدعو القارئ إلى زيارة الموقع ليطلع بنفسه، عن الآراء التي “اصطفاها” داعي “الحرية وأخواتها”، بطريقة ذكية، لا تُخفى على القارئ.

ففي حدود علمي، هناك عشرات الكتابات والتعليقات والإشارات، من كتاب المقالات والردود التي خصصها أصحابها للرد على “غزوة بدرالدين”، أما الذي يسميه ب”الرأي الآخر” المنشور في موقع “دكانه”، فهو عبارة عن “مقالتين”، أو قل يتيمة واحدة لا غير، لأن المقالتين هما في الحقيقة لكاتب واحد، وقع الأولى بإسمه “اسماعيل جعفر” والثانية بلقبه “أبو خالد”.


والسبب الكامن وراء هذا الإختيار الذكي بالطبع، معروفٌ لكل من يفك الحرف.


علماً أنّ الكثير مما نشر في هذا الخصوص، جاء من كتاب معروفين، رداً في الموضوع وعلى الموضوع وفي صلبه، دون التطرق لا من قريب ولامن بعيد، إلى إية إشارة تؤدي إلى تاريخ صاحب “غزوة الإيزيدية” الشخصي.

فإذا كان هذا هو تعامل السيد بدرالدين مع “الرأي والرأي الآخر” في موقع دكانه، الذي يقبض عليه المال المسيار، من هولير المسيار، فكيف وبأي رأيٍّ أو أية حريةٍ، سيعامل المختلفين المقيمين على ضفة الرأي الأخر في ما سماها ب”الندوة الموسعة” المزمع عقدها تحت رعاية دكانه في “هولير المسيار”، مستقبلاً؟

ثم ماذا يمكن أن ننتظر من كاتب متقاعد في “هولير المسيار”، سوى القيام(على حساب المال العام طبعاً)، بعقد هكذا “ندوات موسعات”، و”كونفراسات لبيع الوطنيات”، و”دورات لتعليم البارزانيزم خلال خمسة أيام”؟

هوشنك بروكا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…