افتتاحية جريدة آزادي *
بقلم رئيس التحرير
بقلم رئيس التحرير
منذ ما سمي ” ربيع دمشق ” وحتى الآن ، تثير وسائل الإعلام الرسمي بين الحين والآخر مسائل وقضايا توحي بالتغيير والإصلاح مما تجعل الجماهير الشعبية ومعها القوى الوطنية السياسية والحقوقية والمدنية تعيش حالة ترقب ، ما إذا كان النظام بصدد قرارات أو ترتيبات مستجدة – ولو في حدها الأدنى – قد تنعش آمالها أو تساهم في تخفيف حدة الاختناقات التي تعانيها على مختلف الأصعدة وفي شتى المجالات وخصوصا السياسية والاقتصادية ، ومدى انعكاسها على الوضع المعيشي الذي يرثى له من الفاقة والحرمان ، خاصة وأن المجتمع السوري بمعظمه يعيش تحت خط الفقر المدقع ,..
ويعاني من استفحال الأزمات العامة الشاملة التي تعصف بالبلاد من أقصاها إلى أقصاها ، لكن في كل مرة يفاجأ هذا المجتمع بسياسات وممارسات عكس ما يروج لها، فتتبدد الآمال من جديد وهكذا..
ويعاني من استفحال الأزمات العامة الشاملة التي تعصف بالبلاد من أقصاها إلى أقصاها ، لكن في كل مرة يفاجأ هذا المجتمع بسياسات وممارسات عكس ما يروج لها، فتتبدد الآمال من جديد وهكذا..
فقد بدأ “ربيع دمشق” بعد خطاب القسم الدستوري أمام “مجلس الشعب ” إثر تولي السيد رئيس الجمهورية لمهامه عام 2000، وبدأ الحراك السياسي عبر ندوات نخبوية وجماهيرية بشكل شبه علني ، وتنشطت منظمات حقوق الإنسان وازداد عددها، وتشكلت لجان ومؤسسات المجتمع المدني في البلاد ، وعمت بين الجماهير حالة طموح وتطلع نحو غدٍ أفضل ، لكن سرعان ما قلبت الأجهزة الأمنية ظهر المجنّ ، وبدأت بالاعتقالات الكيفية شملت عددا كبيرا من الشخصيات البارزة والوطنية النشطة ، ولم تتوقف حملات الاعتقالات منذئذ وحتى الآن ، وحُمّلت حينها المسئولية على ما سمي “بالحرس القديم”، لكن الواقع كان لكل ذلك تفسيراته المختلفة من لدن أصحاب الرأي والحصافة !!..
كما تم إطلاق حملة إعلامية حول مكافحة الفساد المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها وشركاتها من الرشوة والاختلاس للأموال العامة ، وتشكلت لجان التحقيق في الكسب غير المشروع ، ومحاكم اقتصادية خاصة لمحاكمة ومعاقبة المفسدين والمسيئين ، إلا أن هذه الحملة لم تدم طويلا ، ولم يكن الحساب والعقاب سوى لصغار المفسدين ودون الرؤوس الكبيرة صنيعة الفساد بالأساس ..
وعن الوضع المعيشي لعموم الجماهير الفقيرة ، وخصوصا بعد أن بدت تظهر في مجتمعنا طبقة مسحوقة بكل ما للكلمة من معنى ، سواء من العاملين بسواعدهم الذين يفتقرون حتى لأبسط فرص العمل ، أومن العمال الزراعيين وجماهير الفلاحين والمزارعين وخاصة في سنوات الجفاف الأخيرة ، وعدم اكتراث السلطات بأوضاعهم أو مد يد العون لهم ، بل زادت في هم شرائح واسعة من أبناء محافظة الحسكة – منطقة ديرك – المالكية بقرارها الجائر نزع يد الفلاحين الكرد من أراضيهم الزراعية التي استثمروها أبا عن جد ، و عدم تأجيل الديون المصرفية للفلاحين والمزارعين في العديد من المناطق والنواحي في المحافظة رغم صدور القرار الوزاري بذلك ورغم تأكيد اللجان المختصة بأن المحاصيل لم تحقق الحد الأدنى مما نص عليه القرار المذكور ..
أما العاملون في الدولة وكل ذوي الدخل المحدود ، فرغم الزيادات المتكررة على الأجور والرواتب ، خلال السنوات الماضية ، وما تشيعه حاليا من زيادة مرتقبة ، إلا أن السلطات في كل مرة كانت تعد قوائم مسبقة بزيادة مضاعفة على أسعار المنتجات والمواد الاستهلاكية والخدمات ، إلى جانب زيادة الضرائب والرسوم وتكاليف العيش الأخرى لتمتص تلك الزيادة بشكل مضاعف..
ومن جانب آخر ، فقد روجت السلطات بتطوير الإدارة ، وعلى أنها استعانت بالخبرات الأوربية ولاسيما الفرنسية ، ومع ذلك فلا تزال هذه المسألة تتراوح في المكان أو تتراجع ، سواء لوضع الخطط والبرامج الزمنية أو لتنفيذها وعلى مدى سنين ، وكذلك مسألة الإصلاح الاقتصادي ، وما قيل عنه من التحول إلى نظام اقتصاد السوق ، وإنجاز المشاريع والمدن والمناطق الصناعية ، بغية الاستفادة من القدرات البشرية والعمالة الفائضة والحد من البطالة وتحقيق معدلات النمو الاقتصادي ..الخ ، ولم تظهر حتى الآن من النتائج ما ينعكس إيجابا على الحياة العامة ، لا من جانب العمل ولا لجهة النمو والتطور الاقتصادي ، بل أن مؤشرات العجز لا تزال قائمة ..
هذا، ويروج اليوم لإصلاح سياسي منتظر بعد زعم التفرغ مما سمي بالإصلاح الاقتصادي ، ودون نشر جوانب ومجالات هذا الإصلاح ، ودون ظهور حتى بوادره أو مقدماته الموضوعية ومستلزماته ، وفي المقدمة منها الحريات العامة بما تعني حرية التعبير عن الرأي وحرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الصحافة والنشر والإفراج عن معتقلي الرأي والموقف السياسي وإلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية ورفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية ..الخ ، في حين يشهد الواقع خلاف كل ذلك ، حيث التفسخ السياسي يسود البلاد ويعم مجمل الحراك السياسي ويطال حتى أحزاب جبهة السلطة بما فيها حزب البعث الحاكم ، واليد الأطول والأقوى على مقدرات الأمور لا تزال للأجهزة الأمنية ، وتشهد سجون البلاد ومعتقلاتها المزيد من سجناء الرأي والموقف وفرض المزيد من الأحكام الجائرة عليهم ..وعن الوضع الكردي ، والوعود المتكررة بإنهاء مشكلة الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 ، وإعادة الجنسية لمن جرد منها ، إلى جانب التصريحات المتكررة للسيد رئيس الجمهورية بالشأن الكردي ، منها المقابلة التي أجرتها معه قناة فضائية الجزيرة إثر مجزرة آذار 2004 وتأكيده بما معناه ” أن القومية الكردية جزء من تاريخ سوريا وجزء من النسيج الوطني السوري” ، وتصريحه الأخير لبعض الصحف التركية ..
كل ذلك تلقاه شعبنا الكردي والأوساط الوطنية الأخرى باستحسان ، لكن تبقى العبرة لدى الجميع في الترجمة العملية ، وأن الواقع والممارسات العملية والسياسات القائمة تخالفها بل تتعارض معها كليا حتى الآن أو أنها تسير من السيئ إلى الأسوأ، حيث المشاريع والقوانين الجائرة بحق الشعب الكردي قائمة ، من إحصاء استثنائي إلى الحزام العربي إلى سياسة التعريب وصولا إلى المرسوم 49 لعام 2008 والقرارات الجائرة الأخيرة بخصوص نزع يد الفلاحين الكرد من أراضيهم الزراعية في منطقة ديرك – المالكية – بمحافظة الحسكة وغيرها ، إضافة التوجه نحو نزع العقارات السكنية من أصحابها المجردين من الجنسية ..الخ والقائمة طويلة ، وما يثير القلق والمخاوف أن بعد كل إشارة إيجابية في الوضع الكردي يأتي مشروع أو قرار عملي سلبي ..من هنا ، نقول بأن ما هو قائم لا يوحي بأي تحول في الاتجاه الصحيح ، وأن زعم الإصلاح ما هو إلا وهم ! وأن كل ما تدعيه السلطات ليس إلا في خدمة توجهاتها نحو المزيد من احتكار السلطة والثروة وتعزيز مواقع الاستبداد وتشديد القبضة الأمنية على مقدرات البلاد ، وأن الإصلاح الحقيقي والتغيير الذي تنشده الجماهير وقواها الوطنية لن يتأتى إلا من خلال تضافر كل الجهود الوطنية بمختلف مكوناتها وفعالياتها نحو تعزيز التلاحم الوطني ، والنضال المستمر بكل أشكاله السلمية للضغط على النظام وفرض التغيير والتحول الديمقراطي ، وأن تكون هذه القوى وفعالياتها حاملة له باتجاه بناء الدولة المدنية الحديثة التي تكون ضمانة حقيقية لازدهار الوطن ولحل مجمل القضايا القائمة بما فيها القضية الكردية في إطار وحدة البلاد وبما يخدم تطورها وتقدمها ..
كما تم إطلاق حملة إعلامية حول مكافحة الفساد المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها وشركاتها من الرشوة والاختلاس للأموال العامة ، وتشكلت لجان التحقيق في الكسب غير المشروع ، ومحاكم اقتصادية خاصة لمحاكمة ومعاقبة المفسدين والمسيئين ، إلا أن هذه الحملة لم تدم طويلا ، ولم يكن الحساب والعقاب سوى لصغار المفسدين ودون الرؤوس الكبيرة صنيعة الفساد بالأساس ..
وعن الوضع المعيشي لعموم الجماهير الفقيرة ، وخصوصا بعد أن بدت تظهر في مجتمعنا طبقة مسحوقة بكل ما للكلمة من معنى ، سواء من العاملين بسواعدهم الذين يفتقرون حتى لأبسط فرص العمل ، أومن العمال الزراعيين وجماهير الفلاحين والمزارعين وخاصة في سنوات الجفاف الأخيرة ، وعدم اكتراث السلطات بأوضاعهم أو مد يد العون لهم ، بل زادت في هم شرائح واسعة من أبناء محافظة الحسكة – منطقة ديرك – المالكية بقرارها الجائر نزع يد الفلاحين الكرد من أراضيهم الزراعية التي استثمروها أبا عن جد ، و عدم تأجيل الديون المصرفية للفلاحين والمزارعين في العديد من المناطق والنواحي في المحافظة رغم صدور القرار الوزاري بذلك ورغم تأكيد اللجان المختصة بأن المحاصيل لم تحقق الحد الأدنى مما نص عليه القرار المذكور ..
أما العاملون في الدولة وكل ذوي الدخل المحدود ، فرغم الزيادات المتكررة على الأجور والرواتب ، خلال السنوات الماضية ، وما تشيعه حاليا من زيادة مرتقبة ، إلا أن السلطات في كل مرة كانت تعد قوائم مسبقة بزيادة مضاعفة على أسعار المنتجات والمواد الاستهلاكية والخدمات ، إلى جانب زيادة الضرائب والرسوم وتكاليف العيش الأخرى لتمتص تلك الزيادة بشكل مضاعف..
ومن جانب آخر ، فقد روجت السلطات بتطوير الإدارة ، وعلى أنها استعانت بالخبرات الأوربية ولاسيما الفرنسية ، ومع ذلك فلا تزال هذه المسألة تتراوح في المكان أو تتراجع ، سواء لوضع الخطط والبرامج الزمنية أو لتنفيذها وعلى مدى سنين ، وكذلك مسألة الإصلاح الاقتصادي ، وما قيل عنه من التحول إلى نظام اقتصاد السوق ، وإنجاز المشاريع والمدن والمناطق الصناعية ، بغية الاستفادة من القدرات البشرية والعمالة الفائضة والحد من البطالة وتحقيق معدلات النمو الاقتصادي ..الخ ، ولم تظهر حتى الآن من النتائج ما ينعكس إيجابا على الحياة العامة ، لا من جانب العمل ولا لجهة النمو والتطور الاقتصادي ، بل أن مؤشرات العجز لا تزال قائمة ..
هذا، ويروج اليوم لإصلاح سياسي منتظر بعد زعم التفرغ مما سمي بالإصلاح الاقتصادي ، ودون نشر جوانب ومجالات هذا الإصلاح ، ودون ظهور حتى بوادره أو مقدماته الموضوعية ومستلزماته ، وفي المقدمة منها الحريات العامة بما تعني حرية التعبير عن الرأي وحرية التنظيم السياسي والنقابي وحرية الصحافة والنشر والإفراج عن معتقلي الرأي والموقف السياسي وإلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية ورفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية ..الخ ، في حين يشهد الواقع خلاف كل ذلك ، حيث التفسخ السياسي يسود البلاد ويعم مجمل الحراك السياسي ويطال حتى أحزاب جبهة السلطة بما فيها حزب البعث الحاكم ، واليد الأطول والأقوى على مقدرات الأمور لا تزال للأجهزة الأمنية ، وتشهد سجون البلاد ومعتقلاتها المزيد من سجناء الرأي والموقف وفرض المزيد من الأحكام الجائرة عليهم ..وعن الوضع الكردي ، والوعود المتكررة بإنهاء مشكلة الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 ، وإعادة الجنسية لمن جرد منها ، إلى جانب التصريحات المتكررة للسيد رئيس الجمهورية بالشأن الكردي ، منها المقابلة التي أجرتها معه قناة فضائية الجزيرة إثر مجزرة آذار 2004 وتأكيده بما معناه ” أن القومية الكردية جزء من تاريخ سوريا وجزء من النسيج الوطني السوري” ، وتصريحه الأخير لبعض الصحف التركية ..
كل ذلك تلقاه شعبنا الكردي والأوساط الوطنية الأخرى باستحسان ، لكن تبقى العبرة لدى الجميع في الترجمة العملية ، وأن الواقع والممارسات العملية والسياسات القائمة تخالفها بل تتعارض معها كليا حتى الآن أو أنها تسير من السيئ إلى الأسوأ، حيث المشاريع والقوانين الجائرة بحق الشعب الكردي قائمة ، من إحصاء استثنائي إلى الحزام العربي إلى سياسة التعريب وصولا إلى المرسوم 49 لعام 2008 والقرارات الجائرة الأخيرة بخصوص نزع يد الفلاحين الكرد من أراضيهم الزراعية في منطقة ديرك – المالكية – بمحافظة الحسكة وغيرها ، إضافة التوجه نحو نزع العقارات السكنية من أصحابها المجردين من الجنسية ..الخ والقائمة طويلة ، وما يثير القلق والمخاوف أن بعد كل إشارة إيجابية في الوضع الكردي يأتي مشروع أو قرار عملي سلبي ..من هنا ، نقول بأن ما هو قائم لا يوحي بأي تحول في الاتجاه الصحيح ، وأن زعم الإصلاح ما هو إلا وهم ! وأن كل ما تدعيه السلطات ليس إلا في خدمة توجهاتها نحو المزيد من احتكار السلطة والثروة وتعزيز مواقع الاستبداد وتشديد القبضة الأمنية على مقدرات البلاد ، وأن الإصلاح الحقيقي والتغيير الذي تنشده الجماهير وقواها الوطنية لن يتأتى إلا من خلال تضافر كل الجهود الوطنية بمختلف مكوناتها وفعالياتها نحو تعزيز التلاحم الوطني ، والنضال المستمر بكل أشكاله السلمية للضغط على النظام وفرض التغيير والتحول الديمقراطي ، وأن تكون هذه القوى وفعالياتها حاملة له باتجاه بناء الدولة المدنية الحديثة التي تكون ضمانة حقيقية لازدهار الوطن ولحل مجمل القضايا القائمة بما فيها القضية الكردية في إطار وحدة البلاد وبما يخدم تطورها وتقدمها ..
* جـريدة صـادرة عـن مـكـتب الثقـافـة والإعـلام المـركـزي لحــزب آزادي الكــردي في سوريا – العدد (424) آب 2010