بيــان المجلس السياسي الكردي في سوريا بمناسبة الذكرى الثانية للمرسوم (49)

رغم الدعوات المستمرة من قبل كافة القوى الوطنية السورية على مدار السنتين الماضيتين لإلغاء المرسوم 49 تاريخ 10/9/  2008 أو تعديله بما يسهل أمور المواطنين من حيث شراء وبيع وتسجيل العقارات, نظراً للنتائج الكارثية التي خلفها ويخلفها في المناطق الحدودية المشمولة به وخصوصاً محافظة الحسكة التي تدخل بكاملها في إطار تطبيقاته كاستثناء عن كل المحافظات السورية الحدودية, والضرر العام الذي ينتجه على مستوى البلاد كله, فإن النظام مُصر على  تطبيقه دون أن يكون للبلد فيه أية مصلحة, أو أن يكون ثمة موجبات مقنعة لتطبيقه.

فبدل إلغائه أو التخفيف من آثاره فإن السلطات بدأت بتطبيقه بأثر رجعي ليمتد بآثاره إلى المعاملات التي تمت عام 2003, مما يؤكد ماذكرناه منذ اللحظة الأولى من صدوره بأن هذا المرسوم يحمل في طياته أهدافاً سياسية ذات طابع عنصري لا علاقة لها بمصلحة البلد ومصلحة مواطنيه, جاء موجهاً لضرب الشعب الكردي وإفراغ المناطق الكردية من سكانها الكرد لتغيير بنيتها الديمغرافية, تمهيداً لتصفية القضية الكردية في سوريا.
هذا المرسوم ترك منذ صدوره وحتى الآن نتائج خطيرة لا يمكن السكوت عليها بأي حال من الأحوال, فقد ضاعف من مساحة الفقر في المناطق المشمولة به وخصوصاً في المناطق الكردية وعلى وجه الأخص في محافظة الحسكة التي تعاني أصلاً من سياسة الإهمال والإفقار المتعمد وتتعرض لجملة من المشاريع الاستثنائية الشوفينية منذ عقود, وقضى على كافة فرص العمل الذي خلقها الناس لأنفسهم بجهودهم الخاصة, في الوقت الذي كانت الدولة تتخلى عن مسؤولياتها في توفير فرص العمل في هذه المناطق.

فقد كان النشاط العقاري وحركة المقاولات والمهن المرتبطة بها يوفران بعض فرص العمل للسكان في هذه المناطق التي تعتمد بشكل رئيس على الزراعة البعلية, التي تعرضت خلال السنوات الماضية لنكبة الجفاف واحتباس الأمطار وسياسات زراعية خاطئة بات أثرها معروفاً للجميع, الأمر الذي زاد من مساحة الفقر وحجم المشكلات المعيشية, فجاء المرسوم ليضيف إلى هذه المشكلات مشكلات جديدة منتجاَ نزيفاً سكانياً مريعاً من هذه المناطق, سيكون له تداعيات خطيرة على التوازن الديمغرافي العام على مستوى البلد كله و يهدد الأمن الغذائي للمواطن السوري على اعتبار أن المناطق المشمولة بالمرسوم هي بمعظمها مناطق زراعية ومصدر أمنه الغذائي.

 
المرسوم 49إلى جانب نتائجه الخطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي فإنه يناقض ويخالف أهم المبادئ القانونية الراسخة في القوانين الوضعية العالمية وفي الدستور والقانون السوريين, وهو مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون, فليس من الحق والإنصاف أن تشرع السلطات قوانين تكرس حالة التمييز بين المواطنين في المعاملة, فيعطي لبعض المواطنين حق التصرف بممتلكاتهم العقارية ويحجب هذا الحق عن آخرين, وهذه مخالفة دستورية صريحة تأتي في إطار سلسلة المخالفات الصريحة التي يرتكبها النظام عبر القوانين الاستثنائية في المناطق الكردية منذ عقود مثل قانون الإحصاء الاستثنائي والحزام العربي وغيرها من القرارات والقوانين التي تحمل الطابع العنصري.


إننا بمناسبة الذكرى الثانية لصدور هذا المرسوم نجدد دعوتنا للنظام بضرورة الإسراع بإلغائه ووقف آثاره, وندعو جماهير شعبنا الكردي وعموم الشعب السوري بمختلف مكوناته القومية والدينية وأطيافه السياسية إلى التنديد بهذا المرسوم والوقوف خمس دقائق في الشوارع العامة اعتبارا من الساعة الحادية عشر ظهراً إلى الساعة الحادية عشر وخمسة دقائق يوم 10/9/2010 احتجاجا على النتائج السلبية التي يتركها المرسوم في حياة المواطنين في المناطق المشمولة به وتمسك النظام باستمرار العمل به.
5/9/2010

المجلس السياسي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…