صلاح بدرالدين
قبل مايقارب نصف قرن من الآن شهدت الحركة القومية الكردية في سوريا أول عملية اصلاحية جذرية بتاريخها في أداتها السياسية الحزبية بعد عقد من نشوئها وتكمن أهميتها الاستراتيجية في جانبيها الشاملين المتكاملين : الانقاذ والتطوير في الأول تم انتشال جسم الحزب من الضياع واعادة الحياة الى مفاصله بعد مخطط تجميده من جانب التيار اليميني الهادف الى تحويله من حزب ثوري مناضل كما نص عليه منهاجه ونظامه الداخلي الى جمعية مائعة مطواعة تستحوذ على رضى السلطة الشوفينية الحاكمة مستغلا أبشع استغلال اعتقال غالبية القيادة وجلها من التيار القومي اليساري الديموقراطي وموجة القمع التي طالت خيرة الكوادر والقسم الأكبر من القواعد في جبل الأكراد وكوبانية والجزيرة وكذلك الانقسام الحاد في الحركة الكردية بكردستان العراق
أما الجانب الثاني في العملية فكان التصدي للأزمة بالعلم والمعرفة وانتهاج التحليل العلمي في تشريح الحزب واعادة قراءة المسألة القومية الكردية في سوريا من حيث المضمون الديموقراطي الوطني الانساني مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع الكردي والظروف الوطنية السورية التي شهدت بدورها انتعاش الثقافة الديموقراطية اليسارية ومؤشرات مرحلة التحرر الوطني المستجدة على ضوء المعطيات الجديدة لحركة الثورة والتقدم في العالم .
عودة الى الثوابت
كان مصير ومستقبل الحركة القومية الكردية في سوريا وأداتها السياسية تحديدا متوقفا وفي لحظة تاريخية معينة على ما سيقرره المجتمعون الخمس والثلاثون من الكوادر المتقدمة المتوزعة بين عضوية اللجان المنطقية والفرعية والمحلية من معظم المناطق الكردية في الخامس من آب لعام 1965 في أحدى الغرف المتواضعة بقرية – جمعاية – على أطراف القامشلي وفي ظروف أمنية بغاية الدقة والخطورة فكان التقييم صائبا وكان التركيز على لب المشكلة أي جانب الخلافات الفكرية والتمايز السياسي وليس على الأفراد والخلافات الشخصية التي قد تكون تعبيرا غير حضاري عن الاختلاف في المنهج والموقف وكان الحسم في تشخيص الثوابت
1 – شعب كردي سوري يعيش على أرضه التاريخية ليس مهاجرا أو متسللا أو أقلية تجتمع فيه مواصفات القومية والهوية ومن حقه المبدئي تقرير مصيره في اطار سوريا ديموقراطية تعددية متحدة .
2 – لن تحل القضية القومية الكردية الا في الاطار الوطني الديموقراطي والتعاون الراسخ بين الحركة السياسية الكردية والقوى الوطنية السورية الهادفة الى الاصلاح والاتيان ببديل ديموقراطي للأنظة المستبدة المتسلطة على رقاب السوريين بكل أطيافهم ومكوناتهم .
3 – الحركة السياسية الكردية تعبر عن الغالبية الساحقة من الطبقات والفئات الاجتماعية في المجتمع الكردي ولن تكون محايدة ازاء حقوق الفلاحين والفئات المسحوقة .
4 – الشعب الكردي في سوريا وحركته القومية وتعبيراته السياسية وتلبية للواجب يقف الى جانب ثورة ايلول في كردستان العراق وقيادتها الشرعية ورمزها التاريخي مصطفى البارزاني .
تحول فكري – سياسي – تنظيمي
سارت أعمال الكونفرانس بعد التمهيد له بوقت كاف بمسؤولية تاريخية وبفضل متطلبات التحديث وضرورته في مختلف الجوانب تم تدشين نهج جديد في التعاطي مع عوامل التحول والتغيير ولم يمض عام على عقد الكونفرانس حتى توفرت الخطوط العامة لمنطلقات نظرية في مجالات الفكر والفعل السياسي والعمل التنظيمي التي تتداخل وتتفاعل في كل مرحلة من مراحل النضالين القومي والوطني وظهر النهج الفكري مصاغا وموثقا وتوزع البرنامج السياسي والنظام الداخلي بعد اقرارهما في المؤتمر الثاني صيف 1966 كما صيغت ونوقشت الوثائق النظرية وطرحت على النخب الحزبية والثقافية وعلى بعض القوى الكردستانية والعربية السورية الصديقة وشهدت المناطق الكردية أوسع وأعمق نقاش ثقافي لم تعهدها من قبل حول الأداة الحزبية والحقوق القومية والنضالين القومي والوطني والشؤون الاجتماعية والمطلبية وكردستان العراق والحاضر والمستقبل والداخل والخارج كما سجل الكونفرانس سابقة متميزة في مجال الوفاء للرواد الأوائل والقيادة التاريخية وتضحيات السلف واستكمال دربه بالاتصال بمعظم القيادات التي كانت غالبيتها رهن الاعتقال عند عقد الكونفرانس مثل الراحل عثمان صبري والسادة عبد الله ملاعلي ورشيد حمو وكمال عبدي والباقي كان اما ملاحقا من الأجهزة الأمنية متواريا عن الأنظار أو مستنكفا عن العمل الحزبي احتجاجا على ما آلت الحالة اليه وبلغ الوفاء قمته عندما قررنا في القيادة المرحلية بمفاتحة آبو أوصمان صبري بسبب تقييمنا الايجابي لتاريخه ودوره ونهجه لتسلم موقع سكرتير الحزب وقد كان لي شرف التبليغ في منزله بدمشق مع العضو القيادي الصديق هلال خلف واستجاب لمطلبنا مشكورا وحضر المؤتمر الثاني مابعد التأسيسي على الفور .
ما أشبه اليوم بالبارحة
لاأريد الخوض في هذه العجالة بما حققه كونفرانس الخامس من آب خلال عدة عقود بنهجه وسلوكه وخطواته العملية من نتائج وانجازات على الصعد الفكرية والسياسية والثقافية والعلاقات الكردستانية والعربية والأممية وفي مجال تعريف القضية الكردية السورية وكسب الأصدقاء ومواجهة السلطة الشوفينية عند تنفيذ مخططات الحزام والاحصاء وفي دعم ارسال مئات الطلبة الكرد الى البلدان الاشتراكية سابقا لتلقي العلم والمعرفة وانجاز الجمعيات والمؤسسات الثقافية وفي المقدمة مؤسسة كاوا للثقافة الكردية نعم لاأريد الخوض لأن المسألة ليست في استذكار تاريخ مضى حيث مبادىء ومنطلقات كونفرانس الخامس من آب مازالت في القلب من المعادلة القومية الراهنة والرسالة لم تكتمل بعد بل في طور الاستمرارية والمحاولات والتواصل على أشدهما وهناك الكثير من المهام لم تنجز بعد وبما أنني مؤمن بالتطور فان مبادىء آب قابلة للتحقيق حسب ظروف كل مرحلة وليست بالضرورة أن تتطابق مع ظروف ماقبل نصف قرن من أساليب وشعارات وآليات وأفراد وعلى سبيل المثال كانت تلك المرحلة تقتضي الاهتمام الصارم بالفرز الفكري والعمل التنظيمي في أقصى درجات السرية أما الآن فالأولوية لاصطفاف وطني ديموقراطي واسع وشفاف مكان المجموعات الحزبية المتكاثرة المتناسلة في ظل برنامج يعبر عن مصالح الغالبية الشعبية وآلية عمل تفضي الى انبثاق الكتلة الكردية التاريخية كمحاورشرعي منتخب لانتزاع الحقوق القومية بالتعاون والتكامل مع الحركة الوطنية الديموقراطية السورية وفي هذا المجال أدعو الى مواصلة قراءة وتقييم مشروعنا حول ” وحدة الحركة القومية الكردية ” .
كلمة وفاء
أستذكر في هذا اليوم المجيد كل من شارك الكونفرانس فردا فردا وبينهم من غاب عنا مثل الراحلين محمد حسن واحمد بدري وملا داود وملا رمضان ومحمد نيو ومعذرة عن ذكر آخرين ان وجدوا ومن هو حي يرزق فلهم جميعا مني كل المودة والتقدير كما أقدر بالدرجة ذاتها من انضم الى مسيرة آب في مراحل لاحقة وزاده عمقا وترسيخا واندفاعا مثل الراحلين آبو أوصمان صبري ومحمد ملا أحمد وسامي أبو جوان وأحمد سعيد عربو ومصطفى جمعة ومشعل تمو القابعان في سجون الاستبداد بدمشق .
عودة الى الثوابت
كان مصير ومستقبل الحركة القومية الكردية في سوريا وأداتها السياسية تحديدا متوقفا وفي لحظة تاريخية معينة على ما سيقرره المجتمعون الخمس والثلاثون من الكوادر المتقدمة المتوزعة بين عضوية اللجان المنطقية والفرعية والمحلية من معظم المناطق الكردية في الخامس من آب لعام 1965 في أحدى الغرف المتواضعة بقرية – جمعاية – على أطراف القامشلي وفي ظروف أمنية بغاية الدقة والخطورة فكان التقييم صائبا وكان التركيز على لب المشكلة أي جانب الخلافات الفكرية والتمايز السياسي وليس على الأفراد والخلافات الشخصية التي قد تكون تعبيرا غير حضاري عن الاختلاف في المنهج والموقف وكان الحسم في تشخيص الثوابت
1 – شعب كردي سوري يعيش على أرضه التاريخية ليس مهاجرا أو متسللا أو أقلية تجتمع فيه مواصفات القومية والهوية ومن حقه المبدئي تقرير مصيره في اطار سوريا ديموقراطية تعددية متحدة .
2 – لن تحل القضية القومية الكردية الا في الاطار الوطني الديموقراطي والتعاون الراسخ بين الحركة السياسية الكردية والقوى الوطنية السورية الهادفة الى الاصلاح والاتيان ببديل ديموقراطي للأنظة المستبدة المتسلطة على رقاب السوريين بكل أطيافهم ومكوناتهم .
3 – الحركة السياسية الكردية تعبر عن الغالبية الساحقة من الطبقات والفئات الاجتماعية في المجتمع الكردي ولن تكون محايدة ازاء حقوق الفلاحين والفئات المسحوقة .
4 – الشعب الكردي في سوريا وحركته القومية وتعبيراته السياسية وتلبية للواجب يقف الى جانب ثورة ايلول في كردستان العراق وقيادتها الشرعية ورمزها التاريخي مصطفى البارزاني .
تحول فكري – سياسي – تنظيمي
سارت أعمال الكونفرانس بعد التمهيد له بوقت كاف بمسؤولية تاريخية وبفضل متطلبات التحديث وضرورته في مختلف الجوانب تم تدشين نهج جديد في التعاطي مع عوامل التحول والتغيير ولم يمض عام على عقد الكونفرانس حتى توفرت الخطوط العامة لمنطلقات نظرية في مجالات الفكر والفعل السياسي والعمل التنظيمي التي تتداخل وتتفاعل في كل مرحلة من مراحل النضالين القومي والوطني وظهر النهج الفكري مصاغا وموثقا وتوزع البرنامج السياسي والنظام الداخلي بعد اقرارهما في المؤتمر الثاني صيف 1966 كما صيغت ونوقشت الوثائق النظرية وطرحت على النخب الحزبية والثقافية وعلى بعض القوى الكردستانية والعربية السورية الصديقة وشهدت المناطق الكردية أوسع وأعمق نقاش ثقافي لم تعهدها من قبل حول الأداة الحزبية والحقوق القومية والنضالين القومي والوطني والشؤون الاجتماعية والمطلبية وكردستان العراق والحاضر والمستقبل والداخل والخارج كما سجل الكونفرانس سابقة متميزة في مجال الوفاء للرواد الأوائل والقيادة التاريخية وتضحيات السلف واستكمال دربه بالاتصال بمعظم القيادات التي كانت غالبيتها رهن الاعتقال عند عقد الكونفرانس مثل الراحل عثمان صبري والسادة عبد الله ملاعلي ورشيد حمو وكمال عبدي والباقي كان اما ملاحقا من الأجهزة الأمنية متواريا عن الأنظار أو مستنكفا عن العمل الحزبي احتجاجا على ما آلت الحالة اليه وبلغ الوفاء قمته عندما قررنا في القيادة المرحلية بمفاتحة آبو أوصمان صبري بسبب تقييمنا الايجابي لتاريخه ودوره ونهجه لتسلم موقع سكرتير الحزب وقد كان لي شرف التبليغ في منزله بدمشق مع العضو القيادي الصديق هلال خلف واستجاب لمطلبنا مشكورا وحضر المؤتمر الثاني مابعد التأسيسي على الفور .
ما أشبه اليوم بالبارحة
لاأريد الخوض في هذه العجالة بما حققه كونفرانس الخامس من آب خلال عدة عقود بنهجه وسلوكه وخطواته العملية من نتائج وانجازات على الصعد الفكرية والسياسية والثقافية والعلاقات الكردستانية والعربية والأممية وفي مجال تعريف القضية الكردية السورية وكسب الأصدقاء ومواجهة السلطة الشوفينية عند تنفيذ مخططات الحزام والاحصاء وفي دعم ارسال مئات الطلبة الكرد الى البلدان الاشتراكية سابقا لتلقي العلم والمعرفة وانجاز الجمعيات والمؤسسات الثقافية وفي المقدمة مؤسسة كاوا للثقافة الكردية نعم لاأريد الخوض لأن المسألة ليست في استذكار تاريخ مضى حيث مبادىء ومنطلقات كونفرانس الخامس من آب مازالت في القلب من المعادلة القومية الراهنة والرسالة لم تكتمل بعد بل في طور الاستمرارية والمحاولات والتواصل على أشدهما وهناك الكثير من المهام لم تنجز بعد وبما أنني مؤمن بالتطور فان مبادىء آب قابلة للتحقيق حسب ظروف كل مرحلة وليست بالضرورة أن تتطابق مع ظروف ماقبل نصف قرن من أساليب وشعارات وآليات وأفراد وعلى سبيل المثال كانت تلك المرحلة تقتضي الاهتمام الصارم بالفرز الفكري والعمل التنظيمي في أقصى درجات السرية أما الآن فالأولوية لاصطفاف وطني ديموقراطي واسع وشفاف مكان المجموعات الحزبية المتكاثرة المتناسلة في ظل برنامج يعبر عن مصالح الغالبية الشعبية وآلية عمل تفضي الى انبثاق الكتلة الكردية التاريخية كمحاورشرعي منتخب لانتزاع الحقوق القومية بالتعاون والتكامل مع الحركة الوطنية الديموقراطية السورية وفي هذا المجال أدعو الى مواصلة قراءة وتقييم مشروعنا حول ” وحدة الحركة القومية الكردية ” .
كلمة وفاء
أستذكر في هذا اليوم المجيد كل من شارك الكونفرانس فردا فردا وبينهم من غاب عنا مثل الراحلين محمد حسن واحمد بدري وملا داود وملا رمضان ومحمد نيو ومعذرة عن ذكر آخرين ان وجدوا ومن هو حي يرزق فلهم جميعا مني كل المودة والتقدير كما أقدر بالدرجة ذاتها من انضم الى مسيرة آب في مراحل لاحقة وزاده عمقا وترسيخا واندفاعا مثل الراحلين آبو أوصمان صبري ومحمد ملا أحمد وسامي أبو جوان وأحمد سعيد عربو ومصطفى جمعة ومشعل تمو القابعان في سجون الاستبداد بدمشق .