لمصلحة من محاولة تشويه صورة الشيوعيين لدى الشعب الكردي؟ – رداً على قومي كردي (تائه)-

  عصام حوج

تعرض الشيوعيون السوريون عبر تاريخهم إلى محاولة تشويه مواقفهم من قبل بعض المثقفين الذين ينتمون إلى مدرسة الفكر القومي لشعوب المنطقة, إذ حاول قوميون عرب سابقا تشويه صورة الشيوعيون لدى الشعب العربي بعضهم بسبب جهله بالتاريخ واتكاءً على المد القومي العربي العاصف في الخمسينات والستينات الذي وصل إلى حد الهذيان القومي عند البعض, وبعضهم الآخر خدمة للدوائر المعادية للشعب العربي تحديدا، فمن باع فلسطين اتهم الشيوعيون بأنهم عملاء اليهود وكفره وملحدين ومن رهن سورية الديمقراطية التقدمية في الخمسينات للبرجوازية المصرية قاده ضيق افقه القومي وجهله إلى اتهام الشيوعيين بأنهم ضد الوحدة العربية فهل يعيد التاريخ نفسه، هذه المرة من قبل بعض الكتاب القوميين الأكراد الذين أعلنوا عن فتح جبهة حرب على الشيوعيين من خلال مقالات عديدة تشوه مواقفه من بعض القضايا التاريخية والراهنة، ونذكر منها على سبيل المثال مقالة الأستاذ علي ميراني (…رد على شيوعي كردي تائه)
  سنتجنب الحديث عن المكابرة الجوفاء، والعنجهية الفارغة والذاتية المفرطة، والانا المتورمة، في مقالة الأستاذ علي الذي يجاهد من خلالها لإثبات سيطرة الفكر القومي العربي على الحزب الشيوعي السوري و تجاهل الحزب للشعب الكردي وصولا إلى إيجاد تبرير للهجوم على الحزب وتاريخه أو افتعال عداوة معه سنتجنب كل ذلك كونها تعبير عن حالة مرضية لدى بعض مثقفي هذا الشعب المظلوم تتجلى بآفة “اختلاق الخصوم” بدلا من السعي إلى توسيع دائرة الأصدقاء وسنكتفي بمناقشة ما ورد من أفكار في المقال المذكور.

  
قبل كل شيء لا بد من التذكير بأن قراءة التاريخ تستوجب أولا: اعتماد المنهج العلمي التحليلي، أي قراءة الحدث ضمن شرطه الزمكاني والظروف المحيطة به, وأسبابه ونتائجه، والمستوى المعرفي في المرحلة المعنية وثانيا: اعتماد الأمانة العلمية والصدق والنظر إلى الحدث كما هو, لا كما نريد أن يكون، والبناء عليه وفق تصوراتنا وبدون ذلك نحوّل قراءة التاريخ من علم قائم بذاته إلى ترّهات وتلفيقات أو في أحسن الأحوال إلى سرد يشبه حكايا الجدات المثيرة والمشوقة من حيث ندري أو لاندري، ولايهمّ القارىء إذا كان المؤرخ لديه وقت أو ليس لديه وسواء كان بحوزته مئة صفحة أو مليون عن تاريخ الحزب وحتى لو كان هذا المؤرخ هيرودوت نفسه أو ديورانت.
أولا: حول المؤتمر الشيوعي المزعوم عام 1934:
يقول الأستاذ علي عن الحزب ” كان يتمسك بالطروحات العروبية أكثر من غيره من التنظيمات السورية السياسية المعروفة، ومما يستدل عليه في هذا الجانب، ما ورد في إحدى المؤتمرات الحزبية الأولى، ففي مؤتمر زحلة المنعقد في 1934 والذي دعا إليه الشيوعي اللبناني سليم خياطة يجد المرء إن طروحات الحزب الشيوعي فاقت شعارات حزب البعث لاحقا عنصرية وعنجهية، حيث ورد: “وطننا العربي هو البلاد العربية ضمن الحدود التالية: جبال طوروس والبحر الأبيض المتوسط في الشمال، والمحيط العربي وجبال الحبشة وصعيد السودان والصحراء الكبرى في الجنوب، والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط عند سواحل الشام من الغرب، وجبال إيران وخليج البصرة من الشرق، هدف القضية العربية إيقاظ أمتنا وتنظيم عناصرها في دولة مستقلة متحدة متحضرة، كل عصبية إقليمية أو جنسية أو طائفية تنشأ في وطننا العربي هي قوى هدامة يجب القضاء عليها أو إذابتها في العصبية القومية الجامعة، لا يفصلنا عن إخواننا العرب دين أو مذهب، بل تتحد عقائدنا في خدمة قضيتنا) انتهى الاقتباس
فما حقيقة هذا المؤتمر؟
– إن المؤتمر المزعوم المشار إليه لم يكن مؤتمرا حزبياً قط, بل هو اجتماع عام للمثقفين السوريين بمختلف انتماءاتهم لعقد مؤتمر (مناهضة الاستعمار والفاشية) حضره ودعا إليه عدد من المثقفين الشيوعيين مثل محمود الأطرش وجميل صليبا سليم خياطة وكامل عيّاد بالإضافة إلى بعض المثقفين القوميين ميشيل عفلق وصلاح البيطار وغيرهم والاجتماع كان جزء من حملة عالمية ضد الفاشية الصاعدة في أوربا التي شارك فيها عالميا كل من ألبرت اينشتاين, وبرتولد بريخت، وتوماس مان, والبرتي  وغارسيا لوركا وناظم حكمت، ومكسيم غوركي، ورومان رولان  ولويس اراغون، وبابلو بيكاسو, ونيرودا, وهنري باربوس… فلماذا يتحدث الأستاذ علي عن الاجتماع ويقدمه للقارىء على انه مؤتمر للحزب الشيوعي؟ وبالتالي يحاكم تاريخ الحزب على أساس وثيقة صدرت عن اجتماع حضره أناس من غير الشيوعيين ؟ ألا يحق لنا القول أنه ثمة تزويرا مفضوحاً للحقائق والوثائق؟
– ما يحق للمؤرخ أن يقيّم من خلاله تاريخ حزب ما، هو وثائق الحزب نفسه وصحفه ومنابره الخاصة أي ما يمكن أن نطلق عليه الوثيقة الحزبية وما عدا عن ذلك من وثائق مشتركة مع قوى أخرى فمن الطبيعي أن تتضمن أفكار توافقية بين جميع المشاركين بهذا المستوى أو ذاك حسب توازن القوى في المرحلة المعنية، وحسب الهدف الأساسي من الوثيقة فهل يملك الأستاذ علي وثيقة حزبية حقيقية غير هذه المنسوبة إلى مؤتمر حزبي تتضمن شيئا من الفكرة التي يناقشها؟؟؟
– إن الوعي السياسي الوطني في فترة صدور الوثيقة كان هاجسه مواجهة سايكس بيكو( فرق تسد)، والهجرة اليهودية إلى فلسطين وتشجيع القوى الاستعمارية للعصبيات الطائفية والإقليمية والمذهبية والقومية مثلا محاولة تقسيم سوريا الحالية إلى ست دويلات ومن الطبيعي والحال هذه أن يطرح الاجتماع فكرة تجميع القوى ” ضد الخطر الأساسي (الاستعمار) آنذاك الذي دفع ثمنه جميع شعوب الشرق بما فيه الشعب الكردي, ومواجهة الخطر الذي كان يطرق الأبواب، أي خطر صعود الفاشية التي أشعلت حربا راح ضحيتها 60 مليون من البشر..

فلماذا هذا الخلط في الأمور؟  ولماذا الإيحاء وكأن هدف الاجتماع إلغاء وجود القوميات غير العربية ؟  ولماذا تقويل النص ما لم يقله؟ ومحاكمة نص صدر عام 1934 بمفاهيم 2010؟
 ثانيا: قلاع الحزب
ليس صحيحا القول إن الحزب انتشر في جبل الأكراد كقلعة ثانية للحزب بعد انتشاره بين أكراد دمشق (مع اعتزازنا بكل الشيوعيين) فالتنظيم الحزبي لم يتشكل في جبل الأكراد إلا في الأربعينات, وكان قد سبقه إلى ذلك طرطوس وحمص وحلب وغيرها، أما عن التوسع في حي ركن الدين فذاك أمر طبيعي بعد انتساب الرفيق خالد بكداش ومن الطبيعي أن ينشط المرء بين أبناء حيّه والمقربين منه وهذا ليس اختراعا يكتشفه الأستاذ علي ولكن تأثير خالد بكداش على أبناء حيه لم يكن نتاج الانتماء القومي الواحد وانتماء أبناء قومية إلى حزب من الأحزاب يعني ثقتهم بسياسة الحزب وقادته, وإذا كان الرفيق خالد (أنكر) دور الرفاق الأكراد كما يزعم علي ميراني فلماذا انضم إليه آلاف الكرد وما زالوا إلى جانب رفاقهم العرب والأرمن والسريان وغيرهم من أبناء البلاد وشكلوا هذا الخليط الاممي والوطني الرائع.


ولان الشيء بالشيء يذكر نلفت عناية الأستاذ علي إن مجرد انضمام الإنسان إلى الحزب الشيوعي يصبح الانتماء الفكري والسياسي هو الأساسي فلا توجد في الأحزاب الشيوعية محاصصات قومية أو دينية أو مذهبية أو طائفية وتصبح قضية إنهاء الاستغلال بكل صنوفه بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها، هي غاية الحزب وأعضائه، ومثله مثل أي حزب سياسي في العالم من الطبيعي أن يتركه بعض العناصر ويأتي إليه عناصر جدد سواء كان كردا أو عربا أو ارمنا أو سريانا.


ثالثا: خالد بكداش يحابي العنصر الارمني والعربي !؟
يزعم الأستاذ ميراني “مقابل كل ذلك الدعم الكوردي اللامحدود للحزب نجد توجها عاما على إنكار فضلهم، مقابل إظهار المحاباة للعناصر الشيوعية العربية والارمنية، وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة الضحى، ولايمكن لأي شيوعي ومهما كان سليم النية والطوية إغفالها، فعلى سبيل المثال ذكر بكداش في إحدى المناسبات “إن في بلادنا مثلا إخواننا الأرمن،  فينبغي العمل لتوطيد أواصر الإخاء والتضامن الوطني بينهم وبين العرب، يجب إن يشعروا بأنهم مواطنون متساوون مع إخوانهم العرب في جميع الحقوق، وعلينا إن نقول هنا بان حزبنا الشيوعي مثل دورا هاما في إقامة صلات التعاون والإخاء بين العرب والأرمن، فقد تعرف رفاقنا الأرمن بواسطة حزبنا على الوجه الحقيقي للشعب العربي الذي حاولت دائما الدعايات الاستعمارية والمغرضة إن تشوهه امام الأرمن في سوريا ولبنان”.

و يغالي بكداش في إظهار حرصه على الأخوة الارمنية – العربية متناسيا إن الكورد كانوا أولى بمثل هذه الدعوات باعتبار كونه كورديا وان الحزب تألف في بداياته من الأعضاء الكورد بشكل لافت، حيث يقول “ونحن من جهتنا تعرفنا بواسطة رفاقنا الأرمن على تاريخ الشعب الارمني ونضاله الوطني التحريري الباسل طول عصور، وعلى أدبه وثقافته، فكان جو تفاهم صداقة عاد بالخير العميم على حركتنا الوطنية العامة..” انتهى الاقتباس
  لا ادري لماذا يصل الجهل بالأستاذ علي إلى هذه الدرجة من التفكير ويتورط هذه الورطة، ويقارن الأكراد السوريين بالأخوة الأرمن في هذا المجال، فالأكراد كانوا جزء من النسيج الاجتماعي السوري الذي تشكل على مدى قرون ولم يكن لديهم ولا لدى الآخرين مشكلة في الاندماج   وخصوصا في المرحلة التي تحدث بها خالد بكداش عن الرفاق الأرمن، بدليل مشاركتهم في بناء الدولة السورية الحديثة، أما الإخوة الأرمن فان العديد من القوى الرجعية السورية وبعض القوى القومية الارمنية والدوائر الاستعمارية عملت خصوصا في العقود الأولى من هجرتهم الإجبارية على منع اندماجهم بالمجتمع السوري وانضمامهم إلى الحزب الشيوعي لدواعي دينية أو غيرها والنظر إليهم كغرباء، لهذا السبب ورداً على تلك القوى كان كلام الرفيق خالد عنهم ايها المؤرخ العتيد، وليس بداعي التفضيل والمحاباة كما تزعمون، فلا فرق بين شيوعي، وشيوعي إلا بالعمل الصالح، وفي هذا المقام ننبه الأستاذ علي بان الشيوعيين غالبا ما يتم اتهامهم من بعض القوميين العرب والآخرين بمحاباة العنصر الكردي
رابعاً: خالد بكداش ضد الطموحات القومية الكردية!؟؟
يزعم الأستاذ علي إن خالد بكداش وقف ضد الطموحات الكردية بإقامة دولة كردية ويتحدث عن ذلك قائلا: (وأما بخصوص موقفه من أماني الشعب الكوردي، و إقامة دولة كوردية كأية امة حية، فموقف بكداش وكل قادة الحزب ليس بأحسن من موقف اشد البعثيين تطرفا، وتنكرا لفضل الكورد على العرب في الكثير من المواقف، وكانوا يعللون بان الكورد يجب أن ينتظروا انتصار الاشتراكية في كل العالم حتى يحق لهم المطالبة بدولة مستقلة، وكأن القوميات الأخرى انتظرت الاشتراكية حتى انتصرت، ومن بعدها طالبت باستقلالها، ولماذا لم يقل هذا الكلام للدول العربية فلسطين أو الجزائر مثلا، حيث يقول في إحدى المقابلات التي أجريت معه “لقد التقيت مع ممثلي القوميين الأكراد وقلت لهم الآن يجب الاكتفاء بالحكم الذاتي الحقيقي ضمن الحدود الدولية وفي المستقبل حسب ما تتطور الأمور وعندما تنتصر الاشتراكية في المنطقة، يمكنكم إذا اتفقتم إن تؤلفوا في هذه المنطقة دولة كردستان) انتهى الاقتباس
 هنا يحق لنا أن نسأل القارىء الكريم هل يجد المرء في الاقتباس السابق ما يدل على وقوف خالد بكداش ضد طموحات الكورد كما يزعم السيد ميراني ؟ أم هناك محاولة تشويه متعمدة لموقف الرفيق على طريقة ” لاتقربوا الصلاة…” فالرفيق خالد يتحدث عن مرحلة تاريخية, وظرف تاريخي محدد, وضمن توازن قوى, ولماذا يقفز الأستاذ من فوق عبارة الآن و حسب ما تتطور الأمور إلى عبارة عندما تنتصر الاشتراكية مباشرة في كلام الرفيق خالد، و بالعودة إلى برنامج الحزب الذي ورد فيه بالنص وفي فصل المهام الملحة امام حركة التحرر الوطني العربية ص 84البند الثامن” العمل من أجل حل قضايا لقوميات والأقليات القومية الموجودة في العالم العربي كالقضية الكردية على أساس تعميق النضال المشترك ضد الاستعمار ومن أجل التقدم الاجتماعي وعلى أساس الاعتراف بحقوقها ونبذ كل أشكال الاضطهاد والتمييز القومي”
وإذا عدنا إلى آراء الأحزاب الكردية المعنية في تلك الفترة نجد تطابقا مع موقف الرفيق خالد ونوردّ هنا على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في مداخلة ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق في ندوة مجلة النهج المنعقدة في دمشق عام 1987 العدد 27 والذي يقول حرفيا” لقد رفع حزبنا منذ أواسط الخمسينات شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق وربط حزبنا بشكل متين نضاله بنضال القوى والأحزاب الديمقراطية في العراق، ودعا إلى تعزيز الأخوة وأواصر لكفاح المشترك بين شعبنا وشقيقه الشعب العربي في العراق ومع مجموع حركة التحرر الوطني العربية في المنطقة والعالم” وإذا قرأنا هذا النص بمنطق الأستاذ علي ألا يحق لنا أن نستنتج إن الحزب الديمقراطي الكردستاني وقف على مدى خمسين عاما ضد الطموحات القومية للشعب الكردي؟؟؟؟؟
خامساًً: لماذا يعتبر خالد بكداش من رموز حركة التحرر الوطني العربية؟
تشكل الوعي السياسي لخالد بكداش في دمشق بما كانت تمثله من موقع سياسي وجغرافي في تكون الوعي القومي العربي” الثورة العربية الكبرى، شهداء 6 أيار، سايكس بيكو، وعد بلفور، الوحدة السورية المصرية…..” ودرس باللغة العربية، وفي وسط عربي، وأصبح أمينا عاما لحزب شيوعي في بلد أغلبيته الساحقة من العرب, وفي وطن كان في قلب الأحداث بحكم الجغرافيا السياسية على الأقل، وقاده القدر إلى الالتزام بفكر (الماركسية اللينينية) التي هي نقيض موضوعي للاحتلال والاستعمار والصهيونية فتطابق لديه الطبقي والوطني, في هذا الظرف التاريخي تشكل الوعي السياسي للرجل, ولان الإنسان “شبكة من العلاقات الاجتماعية” فمن الطبيعي أن تكون أحداث المنطقة القضية الفلسطينية، الوضع العربي… محور اهتمامه فماذا ينتظر منه الإخوة القوميون الأكراد؟ هل المطلوب من الرجل أن ينافق ويتكلم عكس الواقع وعكس تكوينه الفكري والسياسي فقط بحجة النسب والأصل الكردي، لإرضاء الفكر القومي الضيق لهذا وذاك.


إن المهندس الاستعماري الذي رسم الخرائط (سايكس بيكو) عرف تماما كيف يضمن مصالحه الاستراتيجية في ترك بؤر التوتر حيثما حلّ، لا سيما إن برجوازيات الدول الوطنية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية لم تستطع وبسبب ضيق افقها أن تحل القضايا العالقة ومنها القضية الكردية وبقيت تدور ضمن حلقة سايكس بيكو, وجاءت الأخطاء الاستراتيجية لبعض القيادات الكردية في هذه المرحلة أو تلك، لتكتمل لوحة المأساة الكردية في العصر الحديث وأية قراءة لا تأخذ هذه الثلاثية بعين الاعتبار لدى دراسة القضية الكردية تبقى ناقصة وكسيحة وعرجاء وتقود إلى استنتاجات قاصرة تضر بالنضال اللاحق للشعب الكردي وشعوب المنطقة قاطبة – فالمصالح واحدة – وتشوه جوهر القضية الكردية التي يعتبر من إحدى خصوصياتها ضرورة التعاون والتنسيق مع حركات تحرر شعوب المنطقة ضد المشاريع الاستعمارية وعلى أساس الاعتراف المتبادل بالحقوق وضمن هذه الرؤية كان موقف الشيوعيين السوريين من القضية الكردية منذ أن تبلورت وكل كلام آخر غير هذا عن موقفهم هو إما قصور معرفي، أو حقد أعمى، أو قوموية مريضة بقي أن نشير إلى أن الأفكار الشيوعية عميقة الجذور بين الجماهير الكردية الكادحة بحيث لن تفلح كل محاولات الأعداء الطبقيين، أو بعض المثقفين “التائهين” الذين يبحثون عن مجد على أكتاف هذا الشعب المظلوم أو جماعة النضال الانترنيتي من وراء الحدود, في تشويه هذه الصورة لاسيما وأن الظرف الإقليمي يكشف يوما بعد يوم معطيات جديدة، ونحن على استعداد لمناقشة الحجة بالحجة واعتماداً على الوثائق والوقائع كما يريد الأستاذ علي بشرط ألاّ نحرفها ونقرأها كما فعل في مقالته آنفة الذكر فحوّل مؤتمر عام للمثقفين إلى مؤتمر حزبي, وحوّل كلام الرفيق خالد بكداش في ظرف محدد وفي مرحلة تاريخية محددة إلى موقف استراتيجي نهائي وجعل من كلام عن الرفاق الأرمن بهدف معروف وواضح إلى محاباة للعنصر الارمني, وليعلم إن في الوثائق الحزبية كلام على لسان الرفيق خالد عن الأكراد لا يقل عما قيل عن الأرمن عندما استوجب الموقف ذلك فلماذا تجاهله الأستاذ علي مع أنها واردة في نفس المصادر التي استشهد بها في سياق قراءته التاريخية؟
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…