بمناسبة مرور 53 عاماً على ولادة أول حزب سياسي كردي في سوريا، عقد مكتب الإعلام في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا”حركة الإصلاح”، طاولة مستديرة حول ظروف تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا، بحضور عدد من المثقفين والسياسيين، ولمزيد من التفاعل مع الأوساط الثقافية تم نشر ورقة العمل المقدمة من مكتب الإعلام بغية فتح باب المشاركة أمام الكتاب والمثقفين الذين لم يمكنهم الحضور لإرسال مداخلاتهم وآراءهم حول الموضوع عبر البريد الإلكتروني.
ظروف التأسيس
برأيك ما هي الظروف الأكثر أهمية والتي أحاطت بحدث تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا؟ هل جاء التاسيس نتيجة قراءة صحيحة لتلك الظروف المحيطة وطنياً وإقليمياً ودولياً؟
محمد إسماعيل : عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)
العوامل والطروف المؤدية الى تأسيس البارتي في سوريا يمكن تلخيصها فيما يلي : الصدى الإيجابي للثورات و الانتفاضات الكردية في كردستان تركيا والعراق وإيران .على أسماع الكرد في سوريا وخاصة في نهاية الأربعينات التي شهدت أهم الحركات القومية للشعب الكردي, من تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران 1945 الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق 1946 مما أدى إلى تأجيج المشاعر القومية لدى أبناء الشعب الكردي في سوريا , إضافة إلى تأثير المتنورين الكرد الذين جاءوا من كردستان تركيا بعد انتهاء ثورة الشيخ سعيد بيران 1925 أو من باقي أجزاء كردستان , وإصدارهم لمجلات ثقافية وكردية مثل هاوار و روناهي ..
وغيرها والتفاف النخب الثقافية الكردية حولها وكذلك أنشطة جمعية خويبون و غيرها .
ومن جهة أخرة شهدت المرحلة بعد إنتهاء حكم الشيشكلي في سوريا 1954 وظهور تجربة ديمقراطية وحياة برلمانية وتشكيل أحزاب وطنية أو إبراز دورها وقوانين نافذة للأحزاب والصحافة..
مما أنعكس إيجابياً على الكرد في سوريا وخاصة في تلك الفترة وجود فراغ سياسي بين أبناء شعب الكردي وانضمام بعضهم إلى الحزب الشيوعي السوري , التي كانت تتقارب دعواته الأممية والطبقية من نيل حقوق القوميات والشعوب ومسائل تقرير المصير , وكذلك التقارب السوري السوفييتي في تلك المرحلة و الاتفاقيات التقنية والعسكرية سنة 1956 ووجود الضباط السوفييت لتنظيم الجيش السوري , مما ساهم في انسجام الكرد مع القوى الوطنية السورية .
لان وجود الإتحاد السوفييتي كقوة عظمى بعد الحرب العالمية الثانية شجع القوميات التي لم تكن قد حصلت على حقوقها على تأسيس أحزاب سياسية ديمقراطية ببرامج قريبة من الحزب الشيوعي , وهذا ما حصل عند تأسيس كل من: الحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران 1945 الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق 1946.
إن مجموعة العوامل الأنفة الذكر فضلاً عن حاجة الكرد في سوريا إلى حزب سياسي شجع على تأسيس الحزب في حزيران 1957 من قبل مجموعة من المتنورين الكرد .
لكن مذكرات المؤسسين تتعارض وتتناقض مع الأسف مع بعضهم ولكن يمكننا الاستنتاج إن الأمر يتضح بنقطتين :
الأولى هو مشاورة د.نور الدين ظاظا وأوصمان صبري والشيخ محمد عيسى وحمزة نويران وحميد درويش حول تأسيس حزب قومي كردي .
والثانية هي مجيء (رشيد حمو وشوكت حنان ومحمد علي خوجة وخليل محمد) من الحزب الشيوعي السوري وانضمامهم إلى المجموعة الأولى .
ذلك الإجتماع أعتبر تاسيساً للحزب في 14/6/1957 واعتبر الدكتور نور الدين ظاظا رئيساً للحزب لمكانته الاجتماعية والعلمية وأوصمان صبري سكرتيراً للحزب.
فؤاد عليكو : عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا
بداية أشكركم على إحياءكم لهذه المناسبة ونظراً لضيق الوقت وكثرة المتحدثين سوف اكتفي باستعراض لأهم الأفكار التي كانت سائدة في تلك المرحلة.
1- النهوض القومي العربي في سورية بعد الحرب العالمية الثانية,حيث بدأ بتشكيل أحزاب سورية على أساس قومي عروبي بديلاً عن الأحزاب الوطنية السائدة في الثلاثينيات والاربعنيات / حزب البعث العربي –حزب الاشتراكي العربي – الاتحاد الاشتراكي العربي / مع عدم وجود أي مجال لاستقطاب العنصر الكردي كما أن الحزب الشيوعي لم يتمكن من الآخذ بالاعتبار الخصوصية الكردية.
إذا كان هناك مناخاً قومياً فرض نفسه لتأسيس حزب قومي كردي
2 – ضم رواد التأسيس خليطاً غير متجانس فكان هناك العلماني والديني والاشتراكي والإقطاعي والفلاح إضافة إلى عدم قدرة هؤلاء على بلورة فكري سياسي واضح وبمطالب سياسية واضحة في سورية إذ كان القسم المؤثر على القرار السياسي ذو توجه نضالي باتجاه كردستان تركيا0(عثمان صبري – د .نور الدين ظاظا) والقسم الأخر كان متأثراً بالفكر الماركسي نظراً لعملها في الحزب الشيوعي السوري (رشيد حمو- شوكت حنان) مقابل الشيخ محمد عيسى وهو رجل دين كبير والبقية كانوا في بدايات شبابهم وتكميلاً للعدد لا أكثر(حميد درويش- حمزة نويران)
3 – وقوف الحزب إلى جانب الشيوعيين في صراعهم مع عبد الناصر/1958 كان خطأ كبيراً ودفع ثمناً غالياً حيث تعرض معظم الكوادر النشطة للاعتقال والملاحقة دون مبرر من قبل الأجهزة الأمنية الناصرية أي الاعتقال لم يكن بسبب الدفاع عن المطالب الكردية بقدر اتهامهم بالموالاة للشيوعيين
4- ضياع الوثائق أفقدت الكثير للقيام بدراسات موضوعية حول تلك المرحلة فلا يزال الخلاف قائماً بين المؤسسين حول اسم الحزب وتاريخ تأسيس ….الخ
5- تفجر الخلاف بعد التأسيس وفي السجن كانت حالة طبيعية لوضع هذه الكتلة غير المشجعة فكرياً وسياسياً
نصر الدين إبراهيم : سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)
بداية نشكركم على فتح حوار جاد و مسؤول حول إحدى أهم مراحل تاريخ الشعب الكردي في سوريا , ألا و هي ميلاد البارتي في الرابع من حزيران عام 1957 كأول تنظيم سياسي كردي ينطلق من الساحة الكردية السورية كحاجة موضوعية للتعبير عن الوجود القومي الكردي في سوريا الذي جرى تجاهله على مستوى الدولة السورية التي تشكلت حديثا وعلى مستوى الحركة الوطنية السورية .
لقد جاء تأسيس البارتي نتيجة لتلاقي العاملين الذاتي و الموضوعي المناسبين آنذاك حيث ساد البلاد مناخ إيجابي من الديمقراطية و الحرية ( برلمان _ أحزاب _ صحافة ) بعد أن أطيح بحكومة الشيشكلي , و كذلك الوعي السياسي لدى الشعب الكردي ( تجمعات ثقافية و شبابية _ انهيار حزب خويبون كحزب قومي على امتداد الساحة القومية الكردية _ ظهور أحزاب قومية عربية …) فبدأ يدرك أهمية وجود تنظيم يقود نضالاته لتحقيق أهدافه السياسية و الثقافية و الاجتماعية , حيث أصبح هذا الحزب الفتي في غضون فترة قصيرة مستقطباً لمختلف شرائح شعبنا على امتداد تواجد الحزب داخل البلاد , ليقود بذلك نضال شعبنا لإزالة الظلم و الاضطهاد القومي , و تأمين حقوقه القومية و الديمقراطية و تحقيق متطلباته و آماله في مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة و المساواة بين كافة المواطنين و لأجل تقدم و ازدهار بلادنا سوريا .
و جاء ميلاد البارتي ف ظروف الحرب الباردة بين النظامين الاشتراكي و الرأسمالي , حيث كان الحزب جزء من حركة التحرر القومي للشعب الكردي و حركة التحرر الوطني و الاجتماعي على صعيد المنطقة و العالم , لذلك كان يعتبر في نهجه نظامه الداخلي كأحد أحزاب الديمقراطية الثورية , و اتخذ طابع حزب قومي نهجاً و ممارسة .
لقد طرح الأستاذ الراحل عثمان صبري , مؤسس البارتي , و صاحب فكرة و مشروع تأسيس حزب كردي في سوريا في آب 1956 برنامجاً واقعياً يتناسب و الوجود القومي الكردي في سوريا , إلا إن هذا البرنامج اتخذ منحى آخر بعد انضمام النخب السياسية و الثقافية أخرى و التي عقدت أول اجتماع لها في 14 حزيران 1957 ) , حيث اعتبر هذا التاريخ ميلاداً للبارتي و المشاركين فيه كمؤسسين له .
اعتقد أن هذا الوليد الجديد لم يأخذ ظروف و أوضاع الشعب الكردي على المستويين الذاتي و الموضوعي , كما و لم يأخذ الظروف العامة في البلاد و المنطق بشكل مسؤول و واقعي حيث تبنى برنامجاً سياسياً على مقاسات أحزاب كردية كانت قد تشكلت في كردستان إيران و العراق , و كان لبعض قادتها تأثير مباشر في هذا المجال , و كان للطابع القومي الشامل للحزب تأثير في عدم اثبات وجوده على الساحة الوطنية السورية و كذلك على الساحة القومية الكردية .
و شكراً لاحتفائكم .
صالح كدو : نائب سكرتير حزب اليساري الكردي في سوريا
بداية أحييكم على هذه المبادرة.
قبل 53 عاماً، تحديداً في الرابع عشر من حزيران تمخض البارتي عن اجتماع عقده لفيف من الساسة والمثقفين الوطنيين الكرد في حلب .كانت فكرة بناء تنظيم سياسي كردي لم يفارق مخيلة كادر – خويبون – النشيط المناضل البارز أوصمان صبري .
انطلق البارتي في ذلك اليوم الخالد وكان القاسم المشترك بين الموسسين هو الكردايتي دون الوقوف عند التباينات الفكرية والسياسية التي شكلت فيما بعد عانقاً أمام مسيرة الحزب وديمومته.فقد كان التناقض في تركيبته الاجتماعية واضحة تماماً فكان المثقف إلى جانب الوطني الثوري والشيخ المتدين والفلاح نموذجاً صريحاً لهذا التناقض.
الرفاق الأعزاء.اعتقد أنها مسألة التاريخ ولا بد من الإنصاف في سرد التاريخ وعدم تشويهه، مع الأسف هناك من حاول أن يزور ويلفق الحقائق بما يتوافق مع مصالحه وأنانيته، وهذا أمر يترتب عليه مخاطر كثيرة لإن في ذلك تشويه لتاريخ شعب ونضالات قادة ضحوا بالغالي والنفيس من أجل قضية عادلة .وهناك من حاول المتجارة بهذا الرمز أو ذاك من المؤسسين وتهميش الأخر وهذا أمر مرفوض ورخيص.
الرفاق الأعزاء.جاء تأسيس البارتي في ظل توفر هامش واسع من الديمقراطية في سوريه.وعقب التأسيس بثمانية أشهر كانت الوحدة السورية المصرية التي غيرت وجه سوريه الديمقراطي ، وحكم البلاد المؤسسة المخابراتية-المكتب الثاني- وزج بالعديد من كوادر الحزب ونشطائه في المعتقلات في محافظتي حلب والجزيرة حتى عام 1960 حيث الاعتقال الشهير الذي شمل جميع قادة البارتي بمن فيهم رئيس الحزب المناضل الدكتور نور الدين ظاظا وسكرتير الحزب المناضل أوصمان صبري والمناضل رشيد حمو وغيرهم باستثناء قيادي واحد لم يتم اعتقاله حينذاك .وبعد استجوابهم في حلب تم ترحيلهم إلى سجن المزة وكانت البداية المؤسفة لخلافات سياسية وفكرية تبلورت وانتقلت من مهاجع المزة إلى جبل عفرين وسهول الجزيرة،وقد تطور الخلاف بعد خروج القيادة من السجن وصولاً إلى مطالبة البعض بتحويل البارتي إلى جمعية خيرية.
أيها الرفاق.لست من الرعيل الأول كما أشار أحد الرفاق،فقد انتسبت إلى صفوف الحزب أواخر عام 1962 وقد كنت عضواً في إحدى فرق الطلبة عام 1963 لكنني التقيت مرات عديدة مع غالبية الرفاق المؤسسين إن لم أقل جميعهم.
وإنني أنحني إجلالاً لبطولاتهم ونضالاتهم وما قدموه من تضحيات لينيروا الطريق أمام الأجيال المتعاقبة.
ولكن ما يقوله البعض بإن تلك القيادة كانت أكثر نضجاً وأكثر حنكة من القيادات التي خلفتهم قد يكون غبناً بحق عشرات المناضلين الذين حملوا راية النضال فيما بعد في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.لقد استطاعت الحركة الكردية في السنوات الأخيرة من تحقيق إنجازات هامة في المجالين الوطني والقومي،فالمئات من الوطنيين والديمقراطيين في بلادنا من الأخوة العرب والمكونات السورية الأخرى يقفون إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الكردي والعديد من الأحزاب الكردية تعمل في أطر وطنية متعدده جنباً إلى جانب القوى الوطنية السورية الأخرى ،ورغم القرارات والمشاريع الجائرة بحق الشعب الكردي فإن الحركة الكردية تمضي قدماً في نضالاتها واستطاعت أن تنجز مجلساً سياسياً قوامه تسعة أحزاب كردية والعشرات من قيادات وكوادر الأحزاب الكردية يعانون في المعتقلات، مما يستدعي زج الدماء الجديدة في العملية النضالية والاستفادة من تجربة الماضي بما يتوافق مع سياسة العصر.
سأعطي الفرصة لغيري.وشكراً لكم.
غربي حسو: عضو مجلس العلاقات العامة لتيار المستقبل الكردي في سوريا
سؤال يتبادر الى ذهننا دوما ، و خاصة في الاوقات الحرجة …
هل ما تعانيه الحركة الكردية في الوقت الراهن هو مأزق ممكن تجاوزه بالحوار بين اطيافه ، ام انه تحول الى ازمة بنيوية من الصعب ايجاد الحلول لها ، الا بحل هذه الحركة (كما نسمعه في بعض الاحيان من بعض الاوساط ) كما حدث مع حركات كثير و بلدان عدة .
و بمرور سريع دون الدخول في التفصيلات على تاريخ هذه الحركة نجد أن الوعي القومي الكردي انتعش في موازاة الوعي القومي العربي ,في خمسينيات القرن الماضي
وكانت فيه المواطنة معيارا للتقييم , وكان الانتماء إلى سوريا كدولة لجميع مواطنيها واضحا وملموسا , وخلال هذه المرحلة تأسس أول حزب سياسي كوردي ، كاطار و حامل للوعي القومي الكردي الى جانب الجمعيات الثقافية الكردية الموجودة مسبقا .
و ربما ما نود تذكيره لاهميتها هو اقدم وثيقة مطلبيية قدمها بعض المثقفين الكورد إلى الجمعية التأسيسية السورية في 23/6/1928 كانت تتضمن المطالب التالية :
1- الاعتراف باللغة الكوردية كلغة رسمية في المناطق الكوردية إلى جانب اللغة العربية .
2- أن يكون الموظفين المعينين في المناطق الكوردية أكرادا .
3- أن يكون التعليم في مدارس المناطق الكوردية باللغة الكوردية .
لكن و منذ سيطرة حزب البعث على الدولة والمجتمع , وبدأت صيرورة القمع العاري والمقنع حتى أصبحت هذه السيطرة الناظم والمحدد لسوية العمل السياسي والجماهيري , ولاحتكار البشر والحجر و رسمت دوائر متنوعة للعزل السياسي والجماهيري , عبر ضربات أمنية قوية , أو تكريس المناطقية والهامشية , او توجيه الأنظار الى الخارج ، لان وجود أكثر من ثلاثة عشر فصيلا كورديا , دليل على حجم التآكل الذي نعاني منه , و الكارثة التي لابد لنا من مواجهتا والذي يعود إلى الدائرة التي وضعت هذه الأطر نفسها فيها , بسكونية مؤسسة للفرد / الزعيم , حيث تعني بكل هوامش الفعل السياسي وتجعله بديلا عن الفعل السياسي العام والوطني , متشربة بالعام السوري وبأمراضه وبسوية الثقافة الاقصائية والتخوينية تجاه الآخر المزروعة فيه , ومضيفة إليه بعضا من خصوصيات المجتمع القبلي الكوردي ، وبالتالي النتيجة جملة من اطر شمولية واستبدادية ، تعاني من فقدان الديمقراطية الداخلية , ولا تستطيع ممارسة حتى الديمقراطية الخارجية , لأنها لا تمتلك أي وعي بالديمقراطية وأصول ممارستها, وإنما تستند إلى مركزية قوية , هي نتاج المرحلة الستالينية في التنظيم ,و التي سبق الحديث مطولا عنها وحدثت هوة كبيرة بين القاعدة الشعبية الكوردية وبين كتلة الأطر الكوردية المتشرنقة حول ذاتها الحزبية ومفصولة بمساحات واسعة عنها ,بالاضافة الى ذلك بتنا نساهم في شد انتباه هذه الجماهير الى ماضي هش و خاوي نتشبث به ، نتيجة عدم امتلاكنا القدرة على مقومات التغيير المنشود ، و استحقاق الحق
، و فشلنا الذريع في بناء جبهة ممانعة للعمل السلطوي سواء بالعمل الميداني ، أو بالمد السياسي ، فبقيت قضيتنا اسيرة في الجزيرة ، و امتدادها الى المحافظات الكبيرة خجول جدا يسودها الإحباط واليأس ، و حتى العمل الميداني افرغت من محتواها ، لطالما لا نملك امكانية احياء ذكرى ما نحب .
فعلى الحركة الكردية ان تستفيق و تدرك مهامها الوطنية والقومية , وتؤدي دورها النضالي في الدفاع عن الجماهير وانتزاع حقوقها القومية والديمقراطية وفق متطلبات الراهن , وليس أن يتم سحب الماضي بنـزاعاته وانكسارا ته إلى حاضر يمتلك معطيات مختلفة ويتطلب العمل فيه آليات واطر وشخوص تتوافق مع مرحلته الجديدة , وتستجيب في الوقت نفسه لطموحات أبناء شعبنا الكوردي الذي بات ميؤسا من قدرة القائم على امتلاك إرادة التغيير وفهم التداعيات القادمة , وبالتالي فهو بحاجة إلى إطار سياسي يجسد رؤية سياسية عصرية بسوية مدنية وفهم حضاري للمعادلة السياسية الراهنة , وموقع الفعل الكوردي السوري في هذه المعادلة .اي انه بحاجة الى عملية الهدم للبناء من جديد .
الكاتب والناشط : سلمان بارودو
بدايةً أشكر الأخوة الذين دعونا إلى هذه الندوة الحوارية حول محورين، المحور الأول: تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا، أما المحور الثاني: هل استطاعت الأحزاب الكردية التعامل كما يجب مع الظروف المحيطة والمؤثرة في القضية الكردية في سوريا ؟
سوف أختصر مداخلتي في هذا الموضوع في عدة نقاط أساسية أهمها:
#- جاء تأسيس أول تنظيم سياسي كردي في سوريا عام 1957 نتيجة تلبية عن حاجة قومية ووطنية وردا على سياسة التجاهل والحرمان التي مارستها الحكومات المتعاقبة حيال الشعب الكردي ومن أجل الدفاع عن حقوق الكرد وتطلعاتهم في غدا أفضل ملؤه المحبة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز أو اضطهاد أو غبن يذكر.
#- إن الأحزاب هي الأدوات الضرورية لتكوين وتنوير الرأي العام لكونها تحمل أهدافا سياسية كبيرة لخدمة قضايا الموطنين وتطلعاتهم إلى غد مشرق ومزدهر للأجيال القادمة، بعيدا عن مرض الانتهازية، والتسلق، ولاستغلال المقيت للمنصب.
#- إن الحركة الكردية الآن تعيش أزمة حقيقية وواقع مؤلم من كافة النواحي بدءا من الناحية التنظيمية وانتهاء إلى الناحية السياسية والجماهيرية.
#- لا نريد الخوض ونرجع كثيرا إلى الماضي بالرغم من أهمية الماضي من حيث التجارب والدروس والعبر ولكن الأهم هو حاضرنا ورسم مستقبلنا.
#- إن الانشقاقات والصراعات الشخصية والتكتلات السلبية التي رافقت الأحزاب الكردية وظهرت بشكل غير طبيعي أدت إلى تعايش حالة تباعد القيادات والقواعد عن بعضها، وعدم تجديد خطابها السياسي ومواكبة التغييرات والتطورات، وعدم إيجاد وسائل وأساليب جديدة من أجل بناء عملها ونشاطها وهيكلها التنظيمي، ومن الطبيعي أن تنمو فيها ظواهر الوصولية والانتهازية واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب آنية لخدمة مآرب شخصية، ويشكل ذلك ظاهرة استفزازية تبعد الجماهير عن تأييد ومؤازرة هذه الأحزاب.
#- إن هذه الأحزاب أصبحت تعيش عزلة متزايدة نتيجة غياب الديمقراطية في صفوفها وغياب الصراع على التوجهات والبرامج لفائدة الصراع بين الأشخاص والتكتلات على المواقع الحزبية وبالتالي هذا ينعكس على حالة المجتمع الذي يعيش حالة بطالة سياسية، لأن الأحزاب القائمة في واد والجماهير في واد آخر، فتصيب بداء الخمول وتقع في حالة ترهل وانقسام وتشتت، وذلك على حساب البحث عن الحلول الناجعة لحل مشاكلها وتقديم الخدمات لجماهيرها وتحقيق أهدافها التي أوجدت من أجلها.
#- إن برامج أغلب هذه التنظيمات قد تجاوزها الزمن بكثير، ولم تعد تتلاءم مع متطلبات العصر الذي نعيشه، ومن ثم فإن هذه البرامج في حاجة إلى المراجعة والتعديل والتنقيح بما يجعلها تستجيب للتحديات المرحلة الراهنة، فالحاجة ماسة وضرورية لأن يعمل كل حزب على دراسة برنامجه وتنقيحه من كل ما تجاوزه الزمن وتضمينه رؤى جديدة تتناسب مع روح العصرمتطلباته، حتى تستطيع هذه الأحزاب مواجهة القضايا الحقيقية التي يعيشها الوطن والمواطن.
#- لذلك لا بد من العمل لإنتاج سياسة جديدة تتلاءم مع التطورات والتغييرات التي تجري في عالمنا اليوم، دون أي ارتهان أو تبعية أو إلحاق إلا للمجتمع والشعب، و تصاغ وفق التصورات الجديدة واعتماد الأشكال الديمقراطية التي تتيح التفاعل الحر بين الأفكار والآراء وبالتالي تفسح المجال لإطلاق المبادرات وتوفر العلنية والمصارحة مع الذات ومع الوسط الشعبي والجماهيري، وإعتاق العقل من القيود الجامدة والبحث الجاد والدؤوب عن البدائل وإنجاز الصياغات الجديدة.
عبدالصمد خلف برو : عضو اللجنة القيادية لحزب يكيتي الكردي في سوريا
بداية يعتبر يوم الرابع عشر من حزيران من عام 1957 يوماً تاريخياً مجيداً حيث تم فيه ميلاد اول تنظيم كردي في سوريا ((البارتي الديمقراطي الكردي في سوريا)) كحزب سياسي يعبر عن آمال وطموحات الشعب الكردي في سوريا , ومن جملة العوامل التي أثرت ومهدت في تأسيس البارتي بإيجاز هي:
أولاً: الثورات و الانتفاضات الكردية التي اندلعت في كردستان تركيا
ثانياً: الجمعيات والمنتديات الثقافية و الاجتماعية والسياسية و خاصة
(جمعية خويبون) وما تلاها كجمعية وحدة الشباب الديمقراطيين الأكراد و سواها…….
ثالثاً: فترة منتصف الخمسينيات التي عاشت فيها سوريا حالة من الديمقراطية و الحياة البرلمانية .
رابعاً: تأثير القيادات الكردية التي نزحت من كردستان تركيا بسب فشل انتفاضاتهم أمثال : العم عثمان صبري – الدكتور نور الدين ظاظا وغيرهم ………,وبسب تاثير تلك القيادات الكردستانية , كان هناك اشكالية اسم الحزب من
(كردي أو كردستاني) و كذلك اشكالية شعار (تحرير وتوحيد كردستان) وكانت القيادة المكونة من خليط ذات خلفيات وايديولوجيات مختلفة من زعماء عشائر ورجال دين وشيوعيين سابقين , كل ذلك كان من اسباب الخلافات الفكرية و السياسية التي ظهرت جلياً عند اول امتحان للقيادة الفتية اثناء اعتقالات بداية الستينيات وتمظهرت عملياً في اول انشقاق عام 1965 ومازال ذلك الزيف مستمراً في جسد الحركة الكردية , يدفع الشعب الكردي فاتورة تلك الانقسامات المستديمة
أمجد عثمان: كاتب وصحفي
لم تكن اليقظة القومية لدى الكرد في سوريا في بداية القرن العشرين تتجاوز كونها شعور بالتميز –الاختلاف- القومي عن باقي شرائح المجتمع السوري ولم يكن يرى الكرد أية صعوبة في التفاعل مع باقي مكونات المجتمع،وقد شاركت شخصيات كردية عديدة في المؤتمر التأسيسي السوري الذي انعقد في 3/حزيران 1919 في مقر النادي العربي بدمشق ومنهم خالد البرازي وابراهيم هنانو.
لكن عدد من النخبة التي قادت العمل السياسي فيما بعد كانوا من المثقفين والثوار الذين حاربوا الدولة العثمانية في تركيا وثاروا بعد ذلك على الاتحاديين الذين جاءت ثورتهم عام 1908 ومن ثم حاربوا لجمهورية التركية بقيادة أتاتورك فتأثرت تلك النخبة إلى درجة كبيرة بفشل ثورة الشيخ سعيد عام 1925 وهاجت مشاعرهم القومية أكثر حين كانت تأتيهم الأنباء عن ثورة ديرسم بقيادة سيد رضا عام 1938 والوحشية التركية التي قابلت تلك الثورة كل هذا إضافة إلى تأسيس جمعية خويبون بشقيها السياسي والثقافي، دفعت بالنخب المثقفة والمتعلمة إلى تعميق اليقظة القومية لدى الأكراد وحصول نهضة ثقافية واسعة فصدرت العديد من المجلات الكردية وصدرت الأبجدية الكردية وقامت حركة في مجال بناء وتنظيم الحلقات والجمعيات والنوادي التي تهدف جميعها إلى بلورة الشخصية الوطنية الكردية وإحياء الهوية القومية وستطيع القول بأن هذا النشاط نحو بناء الهوية الكردية تزامن تماماً مع النشاط العام في سوريا نحو بلورتها كوطن رسمت حدوده كدولة ووطن بشكل نهائي بعيد اتفاقية سايكس بيكو.
ويشير الدكتور نور الدين زازا إلى أن النشاط الذي قام به الطلاب الكرد في دمشق إبان ثورة السيد رضا أثار شراسة السفارة التركية في دمشق والتي جهدت لإقناع الفرنسيين في حينه لمواجهة النشاط الكردي.
ما يعني أن التدخلات الإقليمية باتجاه الضغط على الملف الكردي في سوريا أمر قديم وتاريخي.
وبدأت بوادر الوعي القومي الكردي في الأربعينيات في جبل الأكراد على شكل تجمعات طلابية في حلب وتم الإتصال بين طلبة المناطق الكردية وتم التعرف على مؤسسي حركة خويبون والشاعر الكبير جكرخوين.
والداعية القومي نوري ديرسمي وثم تحولت الحركة الطلابية تلك إلى رابطة المثقفين الأكراد والتي اندمجت بعد ذلك في منظمات الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا.
هذه التطورات أدت إلى تعميق اليقظة القومية لدى الأكراد وحصول نهضة ثقافية واسعة –فصدرت هاوار باللغة الكردية – روناهي – جينانو – وصدرت الأبجدية الكردية وقامت حركة نشيطة بين اوساط المتعلمين الاكراد في مجال بناء وتنظيم الحلقات والجمعيات والنوادي التي تهدف جميعها إلى بلورة الشخصية الوطنية الكردية وإحياء الهوية القومية (تزامن تقريباً مع بلورة سوريا كوطن) كظرف محيط.
لم تقتصر عملية النهوض على الجانب القومي بل شملت الاهتمام الواسع بالجانب الوطني حيث أنخرط أبناء الشعب الكردي في الانتفاضات والثورات والحركات المناوئة للانتداب في طول البلاد وعرضها وشارك الضباط والجنود الأكراد بفاعلية في معارك فلسطين واستشهد الكثير.
ويرى الكثيرون بأن الأجواء في سوريا بعيد انتخابات عام 1954 وحتى 1958 اتسمت بالحرية والديمقراطية وكانت فترة متميزة في تاريخ سوريا المعاصر، ومن هنا يسود اعتقاد بأن الكرد قرروا تأسيس تنظيمهم السياسي الأول في عام 1957 مستغلين تلك الأجواء، ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا تم التكتم عن تأسيس التنظيم ولم يكن معلناً؟ اعتقد بان الإجابة بحاجة لبحث دقيق في تلك المرحلة.
إدريس بيران ـ كاتب مستقل
الحقيقة لست معاصراً وطاعناً في السن لكي أدرك حيثيات ومجريات الحزب الكوردي منذ نشوءه وكما تفضلتم به , ولكنني أود التحدث عن نبض الشارع الكوردي وما أعتقد به , انطلاقاً من أن ظروف تأسيس أول حزب سياسي كوردي في سوريا وتداعياتها عائد إلى تلك المرحلة بثقافتها وذهنيتها السائدة وجوانبها المختلفة آنذاك , وبالنتيجة لهو حدث جلل أن يجد الكورد السوريون صيغ سياسية تمثل تطلعاتهم وخصوصيتهم القومية في إطار وطننا وبلدنا سوريا , إلا أن أي فعل كان وسواء ثقافي أو سياسي أو اجتماعي أُهمل أو توقف عند حدود معينة أو لم تستطع نخبه الخروج به من قوقعة ما هو فيه وما هو من ماض , وبحكم سيرورة التقدم وصيرورة عجلة التاريخ , بالنتيجة سيبقى متخلفاً عن ركب الحضارة ومحيطه من الآخرين وخصومه الطبيعيين ومجريات أحداث الحياة الحاضرة وتطلعاتها المستقبلية , وما مر ويمر به اليوم حركة الأحزاب الكوردية السورية , بدأً من إيجابية وجودها عند التأسيس ومن ثم سلبياتها الكثيرة التي هشت كيان المجتمع الكوردي السوري وساهمت في جعله عرضةً للتخلف عن سير التقدم الحضاري نسبة إلى الخصوصيات القومية داخل أوطانها في الكثير من دول العالم ذات النسيج الاجتماعي والطابع القومي المتعدد والتي حققت تلك الخصوصيات نوعاً من الحرية وسواء على الصعيد الإداري أو الثقافي والسياسي والاجتماعي , والأسباب في ذلك نسبة إلى حركة الأحزاب الكوردية السورية معروفة للقاصي والداني في مجتمعنا الكوردي بشكل عام , والتي تنحصر في الشرذمة المفرطة والبعيدة كل البعد عن أي مفهوم أو منطق فكري وإنساني , إلا إتباع نهج وسلوكيات السلف والفكر القبلي في ممارساتها اليومية والتنظيمية , وبالنتيجة بات الفرد في مجتمعنا الكوردي يخجل كل الخجل أن يصفه أحد ما بالصفة الحزبية وحتى بعض الأفراد المتبقين في ظل أحزابهم وبسبب ما آل إليه أوضاع الأحزاب الكوردية والتي لا يمكن إدراجها إلا ضمن صفة ( حركة بقايا المنارشية والزعامات القبلية والاجتماعية الكوردية ) وإلا ما معنى وجود حزب كوردي لا يتراوح أعضائه بعدد أصابع اليد في كل بلدة أو مدينة كوردية ومنهم من لا وجود لها في الكثير من المناطق إلا في قرية الزعيم وربما هناك أيضا ليس بالعدد المذكور .
إذا أردنا اللحاق وإنقاذ سفينتنا الغارقة في متاهات المحيط وسراب صور واحات الصحراء وضباب ودياننا وأُفقِ جبالنا , علينا أن نخف من السذاجة أو نتخلص منها , تلك السذاجة المعهودة بالشرقي وبحثه الدائم عن الشيء السحري ؟, علينا أن ندرك أن التقدم الحضاري في أي شيء كان ناتج من القرار السياسي والذي بدوره مستندٌ على الوعي الفكري والثقافي العام , ومن هنا لا أرى ثمة بديلٍ حقيقي وفاعل للأحزاب الكوردية داخل مجتمعنا , وإذا كانت النخب السياسية الكوردية تمتلك الضمير أو أنها تمثل ضمير المجتمع الكوردي عليها أن تسارع في اتخاذ القرار وتنطلق من حقيقة إمكانياتها الموجودة لتبدأ مسلسل النهوض بذاتها والمجتمع , وكخطوة مبدئية في هذا الشأن , هي بلورة واتخاذ القرار بشأن اندماج التنظيمات المتشابه وعلى أسس تنظيمية عملية وعصرية متجنبةً ومبعدةً في ذلك كل الحساسيات والخلافات الماضية , فأساس النهوض بالمجتمعات هو التنظيم وأسسه السليمة وليس كما قفزت الأحزاب في إنشاء المجلس أو مجموعة تجمعهم ورغم الايجابية في ذلك , إلا أنه نسبة لحركة أحزابنا هو كنوع من الهروب في ظل واقعها المرير , كما يجب إعادة تعريف الانتماء إلى الوطن والوطنية السورية تعريفاً دقيقاً وإعلانها وبلورة ثقافتها داخل المجتمع تجنباً لأية شائبة تذكر هنا أو هناك علاوة على أنها كانت الخيار الأول والأخير والأمثل وما زال للمجتمع الكوردي السوري , وإضافة إلى ذلك , إزالة الغموض والقصور والضبابية عن المطالب القومية الخاصة للمجتمع الكوردي السوري والعمل داخل المجتمع على مجابهة ثقافة الاغتراب عن روح الكردايتي ونشر وبلورة القيم المدنية والإنسانية .
وشكراً ….
لاشك بان هناك عوامل أساسية دفعت إلى تأسيس أول حزب كوردي في سوريا، وفي مقدمتها تأتي النهضة القومية لشعوب المنطقة في تلك المرحلة مع شعور الكورد باستهدافهم من قومية حزب البعث ومن استبدادية عبد الناصر، مع ما رافقها من تجاهل الشيوعين السوريين للواقع القومي الكوردي الذي كانوا يعانون منه في كل من سوريا وتركيا والعراق وإيران ، من حرمان ثقافي وإبادة عرقية ، مما دفع مجموعة حلب (رشيد حمو – شوكت حنان – محمد علي خوجه – خليل محمد) إلى تقديم استقالاتهم من الحزب الشيوعي
كما لعب العامل الخارجي دوراً مهماً في تسريع عملية التأسيس وخاصة هوية بعض المؤسسين ، التي كانت لغير الانتماء الكوردي السوري الأمر الذي انعكس على اسم الحزب وبرنامجه السياسي لاحقاً ، وشكل إشكالية حقيقية لازلنا ندفع ثمنها حتى الآن ؟؟.
لذلك لا يوجد اتفاق على تاريخ التأسيس واسم الحزب والأشخاص الذين ساهموا في تأسيس أول حزب كوردي في سوريا، وباعتقادي تبقى هذه القضايا ملتبسة وإشكالية ، وقد تم الاتفاق على اعتبار 14 حزيران عام 1957 تاريخ انطلاق الفكر القومي الكوردي المنظم في سوريا ، من قبل السادة (أوصمان صبري – رشيد حمو – شوكت حنان – محمد علي خوجه – خليل محمد- الشيخ محمد عيسى – حمزة نويران- عبد الحميد درويش) وتأكيداً على ما أقول يمكن إيراد الشواهد التالية :
**يقول نور الدين زازا ( كنت أرى بما انه ان أي حزب سياسي كردي في سوريا لم يكن قد عزم حينئذ على اعتبار وجود الكورد الذين يضطهدون يوميا ، فكان من الضروري إنشاء منظمة تسمح لهم بصون هويتهم بالإضافة الى تطويرها لتمهد الطريق لتحريرهم القومي وذلك ضمن إطار الدولة السورية، وشجعني طلاب الثانويات والمدارس في دمشق في مشروعي، كما لقيت تشجيعا من المحاربين القدماء ومن الملالي والإقطاعيين والفلاحين البسطاء في المناطق الكوردية في سوريا .
في نهاية عام 1957 تأسس الحزب)
** وفي مقابلة مع أوصمان صبري في العدد الرابع من نشرة آرمانج لشهر تشرين الثاني 1984 يقول : “….
و لكن تأسس الحزب بشكل عملي في عام 1956 و بالاشتراك مع ثلاثة شباب آخرين”
** أما مجموعة حلب (رشيد حمو – شوكت حنان – محمد علي خوجه– خليل محمد) فقد انضموا إلى البارتي في 14 حزيران 1957 وقد حاول أوصمان صبري وضعهم في تصور أن الحزب لم يؤسس بعد و بأنهم مدعوون إلى المشاركة في التأسيس و أن كل ما جرى حتى الآن هو بمثابة البدء بالتبشير لتأسيس الحزب و ذلك إصراراً منه لكسبهم إلى جانبه ، بينما كانت الحقيقة غير ذلك .
د.لقمان حسين : ناشط في حركة الإصلاح
يحتفل شعبنا الكردي وحركته السياسية قي الرابع عشر من حزيران بالذكرى الثالثة والخمسون لميلاد أول تنظيم سياسي كردي في سوريا والذي اخذ على عاتقه قيادة نضال الشعب الكردي وتوحيد طاقاته والتعبير عن تطلعاته في الحرية والمساواة والعدالة في إطار المشاركة في النضال الديمقراطي في البلاد ليجد الكرد دورهم في الحياة السياسية والحراك المجتمعي في سوريا0
لقد تأثر المؤسسون الأوائل بالأوضاع الدولية والإقليمية حيث كانت الظروف الدولية والإقليمية والداخلية مواتية للقيام بهذه الخطوة وشهد العالم في تلك الفترة استقلال الشعوب المستعمرة وتحررها وتصاعد المد الثوري وحركات التحرر في أنحاء العالم وبروز الاتحاد السوفيتي السابق كقوة عظمى داعمة لحركات التحرر, أما إقليميا فقد تطورت الحركة الكردية في أجزاء كردستان الأخرى وخاصة في كردستان العراق كذالك تصاعدت الحركات الرافضة للأحلاف الاستعمارية في المنطقة , وعلى الصعيد الداخلي فقد شهدت سوريا نظاما ديمقراطيا نيابيا وانتعشت الحياة السياسية والثقافية وازدهرت الصحافة الحرة وتأسست الأحزاب المختلفة والتي غلب عليها الطابع القومي وتصاعدت حمى القومية0
لقد جاء تأسيس البارتي في سوريا كحاجة موضوعية وتعبير صادق على معاناة الشعب الكردي وتطلعه للحرية والمساواة كمكون أساسي وأصيل من النسيج القومي والاجتماعي السوري , ومن جانب أخر وبرأي فان تأسيس الحزب لم يأتي نتيجة دراسة متأنية للوضع الكردي والسوري لافتقاد المؤسسين لمراكز الدراسات وغلب على المؤسسين العاطفة القومية في سعيهم المحمود حيث طغت في تلك الفترة المشاعر القومية وتشكلت أحزاب ذات طابع قومي على حساب الأحزاب الوطنية0 ولم يتم عند التأسيس دراسة الأوضاع الداخلية والمطالب التي من المكن طرحها وفق ظروف الشعب الكردي وإمكاناته في ذالك الوقت0
ورغم وجود اختلاف على تاريخ التأسيس وعدد المؤسسين فان معظم الذين قرأنا لهم يؤكدون على مسالتين : الأولى أن تاريخ التأسيس الفعلي أو الرسمي في 14-حزيران-1957 بناء على رغبة مجموعة حلب ( شرط المشاركة في الحزب ) والنقطة الثانية إن عدد المؤسسين ثمانية (حيث كان المرحوم الشيخ عيسى في العمرة ومطلعا على الموضوع ) وبالتالي فان المؤسسين من منابت اجتماعية وثقافية مختلفة وكان ذالك احد الأسباب التي أدت فيما بعد إلى الخلافات المعروفة 0
المداخلات التي وردت عبر البريد الالكتروني….
الأخ العزيز الأستاذ فيصل يوسف
السيدات والسادة المشاركون في الندوة
تحية طيبة
اسمحوا لي بداية وبهذه المناسبة التاريخية الغالية على قلوبنا بأن أهنىء نفسي وأتقدم اليكم بأحر التهاني وأحيي جمعكم المميز في بحثه عن الحقيقة عبر الحوار والنقاش وأخص بالذكر الأستاذ فيصل المبادر الى احياء وتنظيم الحوار بين بعض نخبنا الثقافية ونشطائنا السياسيين ليس حول الشأن القومي العام فحسب بل ازاء تجربته الخاصة وأزمة حزبه الداخلية وحسب تفسيري يحاول الرجل ورفاقه خرق القاعدة المتبعة منذ عقود واطلاق ما يقال همسا في ظلمة الليالي وبين جدران أربعة بداعي صيانة التماسك الفئوي وحفظ الأسرار الخاصة ومراعاة سمعة ولياقة القائد والقيادة وذلك باتباع اشراك ما يتيسر وبقدر ما تسمح به الظروف من خارج الاطار الحزبي الى الفضاء الأوسع واعادة القضية الى أصحابها والمعنيين بها ليدلوا بدلوهم وليساهموا في تسليط الأضواء على خبايا تجاربنا الحزبوية بسلبياتها وايجابياتها والبحث من ثم عن المخرج والحل .
بما أن المناسبة تتعلق بالتأسيس أود بيان أمر يعلمه جلكم حسب ظني وهو أنني لم أحظ بذلك الشرف ولكنني كنت معاصرا لرعيلنا الحزبي الأول وانخرطت في العمل التنظيمي بعد عامين من ميلاد الحزب وكان عمري أربعة عشر ربيعا وكنت معروفا لدى القيادة والكادر المتقدم كأصغر عضو حزبي في البلاد أقول رغم مسيرتي الطويلة نسبيا من الصعب علي الاجابة الشافية عن التساؤلات الواردة في ورقة عمل ندوتكم ولكنني سأحاول بقدر ما تسمح به ظروف الزمان والمكان .
أولا : أحاطت ولادة ” الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ” في صيف 1957 جملة عوامل أهمها على الاطلاق ارادة الشعب الكردي في تقرير مصيره السياسي والقومي مثل سائر القوميات بازالة الاضطهاد عن كاهله ونشدان الحرية وانتزاع الحقوق وتثبيت وتطوير هويته وتحقيق الشراكة الحقيقية مع الشعب العربي السوري وثاني هذه العوامل الموجة الديموقراطية النسبية التي هبت على سوريا التي كانت تقاد حينذاك من جانب أجنحة متقدمة في البورجوازية الوطنية وانعشت الأجواء وأنتجت حراكا سياسيا وثقافيا بين أوساط اليسار والنقابات العمالية باتجاه طرح المطالب والنضال من أجل تحقيق المنجزات ومواجهة الأحلاف الاستعمارية المعادية لحرية الشعوب والتقدم تلك الأحلاف التي كانت بمجملها معادية للكرد والحركة الكردية بل مخصصة على الغالب لمواجة الكفاح التحرري الكردستاني مثل : ( حلف سعد أباد – حلف بغداد أو المعاهدة المركزية – السنتو – مشروع آيزنهاور – حلف الناتو ) وثالثها : نهوض الحركة التحررية القومية الكردية في العراق وتأثيراتها الايجابية المباشرة وظهور بوادر تفاهم بين القيادة السوفيتية بزعامة – خروتشوف – والزعيم الراحل مصطفى البارزاني ( مما أنعش آمال الكرد ) الذي كان مازال متواجدا هناك وعانى مع رفاقه ظلم وتجاهل – ستالين – حيث انتقل الى موسكو كزعيم قومي محاور قبيل انتقاله الى العراق بعد ثورة 1958 .
ثانيا : اجتمعت كل الظروف لتدفع باتجاه انبثاق حركة سياسية كردية سورية منظمة شاملة تعبر عن وجود ومطامح وآمال الشعب الكردي فمن حيث الأساس الموضوعي كان هناك شعب يستحوذ على غالبية الشروط القومية يتكون من طبقات اجتماعية لها مصالحها الخاصة وتجتمع على مصلحة قومية واحدة في ظل الاضطهاد والتجاهل والحقوق بينها فئات متعلمة متنورة وميسورة ويتوزع هذا الشعب في المدن والأرياف والمراكز الحضرية ومن حيث الأساس الذاتي كان هناك مجموعات وأفراد وناشطين اختبروا حركات سياسية وثقافية وعسكرية قومية قبل انبثاق الحزب ان كان من خلال تصدي زعماء قبليين قوميين ومتدينين متنورين ورجال شجعان لنظام – أتاتورك – قبل رسم الحدود وفي زمن ( سرخت وبنخت ) وكان لهم دور بارز في احياء وتنشيط الحركة القومية في غرب كردستان وانقاذ العديد من مناطق الجزيرة من التعريب خلال هجمة العشائر العربية الاستيطانية من الجنوب الى الشمال أو الانخراط في حركة – خويبون – ( المنظمة الأم للحركة القومية الكردية ) وخاصة في سوريا أما الأساس الوطني السوري فقد كان مواتيا لاصطفاف تنظيمي كردي عصري لملىء الفراغ السحيق في المجتمع الكردي بسبب تقصير وتهرب القوى السياسية السورية بتياراتها الشيوعية والاسلامية والقومية العربية التي وان تفاخرت لفظيا بتواجد عناصر بين صفوفها من أصول قومية كردية رغم اعلان بعضها عن الاستعراب ( خصوصا الحزب الشيوعي ) التي لم تنطل على أحد الا أنها لم تتبن الكرد وقضيتهم في برامجها وأجندتها السياسية والثقافية الى درجة أن الغالبية الساحقة من هذه القوى لم تعترف بوجود شعب كردي سوري يقيم على أرضه ناهيكم عن حقوقه ولم تعترف حتى الآن بفدرالية اقليم كردستان .
ثالثا : أرى لزاما علي أن أوضح وأفند ما يزعمه البعض عن عامل أمني سوري في بناء الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا وتحديدا ماقيل عن دور ( العقيد عبد الحميد السراج ) فأولا سبقه قيام الحزب والتمهيد له الذي بدأ وطال أعواما ثم أن قيام حركات تاريخية منبثقة من رحم الجماهير لاتنشأ من قرارات فوقية أمنية أو سلطوية والحزب لم يأت فجأة كما ذكرنا بل هو امتداد طبيعي لحركة – خويبون – حتى زعم أولئك البعض عن علاقات سرية من جانب الحزب مع أجهزة أمنية في عهد الوحدة وخصوصا – السراج – مبالغ فيه ( هل نسينا تعذيب قيادات الحزب في المزة ؟ ) فقد سألت الراحل – عثمان صبري – ومن بعده الراحل دكتور نورالدين زازا مرارا وتكرارا عن كل التفاصيل والأحداث التي كانا شاهدين عليها ولم يصرح أي منهما وخاصة آبو أوصمان بوجود مثل تلك العلاقات بصورة رسمية جماعية من جانب القيادة مجتمعة بل كان يردد دائما وبعضه موثق لدينا بأن عنصرين من المؤسسين القياديين على الأقل كانا على صلات سرية مع أجهزة الأمن منذ عهد الوحدة بدون علم وموافقة القيادة وكلفتهما الأجهزة بجلب المعلومات عن كردستان وتركيا عبر الزيارات واللقاءات والتغلغل في الحركة الكردية هناك وتتوفر وقائع ودلائل في هذا المجال من بينها قصة الضابط الأمني التركي – بولوش – الذي حل ضيفا على أحد هذين القياديين بالجزيرة واختفى فجأة قد نناقشها في مناسبات أخرى .
رابعا : قام الحزب الأول ومن بعده الأحزاب لأهداف نبيلة وتحت شعارات مقبولة وأنجزت وأخفقت وأخطأت وضحت وانحرفت وتراجعت وتقدمت هذه هي طبيعة الحياة السياسية الحزبية في كل القارات والبلدان وعلينا هنا الدقة حتى لانظلم أحدا فالحزب يتكون من : الأعضاء والبرنامج والقيادة ووسائل العمل السياسي وبسبب ظروف سوريا المعروفة وطبيعة العمل الحزبي عامة والحزبي الكردي خصوصا تحول الحزب الى نوادي عائلية فئوية يديرها القائد الواحد الذي يتحمل لوحده مسؤولية الاخفاق والانحراف والتردي ويجب عدم اتهام الأعضاء والمناصرين وأفراد القبيلة في جميع الأحوال أرى أن لاتضيعوا أوقاتكم في نبش الأطلال حيث انقضت مرحلة الاصلاح ولاجدوى منه فالميت لن يبعث من جديد وهذا لاينفي ضرورة تقييم التجارب الحزبية في حركتنا والاستفادة من دروسها بهدف بناء الجديد وليس من أجل اصلاح هذا الهيكل المنهار أو ذاك نحن الآن في مرحلة اعادة البناء بعد ازالة البقية الباقية من الأشواك , بناء الحركة الموحدة المعبرة عن مصالح ومطامح الغالبية الساحقة من الطبقات والفئات الوطنية الكردية وصياغة البرنامج النضالي الواقعي واختيار القيادة الكفوءة ذات الدماء الجديدة بالسبل الديموقراطية وقد طرحت برنامجا متكاملا معدلا متطورا لوحدة الحركة ولاشك انكم اطلعتم عليه وبعضكم تناوله تقييما نقديا ولاأرى داعيا لتكرار ماجاء فيه سوى القول كما ذكرته في مناسبة أخرى :” هناك شبه اجماع من جانب النخب الثقافية والاعلامية ومتابعي العمل السياسي وغالبية الوطنيين في ساحة غربي كردستان على وجوب اعادة بناء ماتسمى باالحركة السياسية الكردية المتجلية راهنا في أحزاب ومنظمات قديمة ومتوسطة وحديثة العهد انسلخت وتكاثرت خلال نصف قرن والاجماع هذا يعود الى قناعة طاغية بفشلها وعجزها ليس في تحقيق أهداف الشعب الكردي وانتزاع حقوقه المشروعة فحسب بل بأن مجرد بقائها بكل مسمياتها يعني الحاق الأذية بالكرد والقضيتين القومية والوطنية ” .
خامسا : اسمحوا لي ومن باب الوفاء لتاريخنا وسرد تجاربنا الخاصة والعامة من أجل الفائدة فقط علينا الاقرار مع احترام آراء من يخالفني وكما ذكرت أيضا قبل أيام في مناسبة أخرى : ” بأن الخطوة الأولى التغييرية الجذرية الناجحة في حركتنا القومية كانت من خلال كونفرانس الخامس من آب لعام 1965 والتي شملت تجديد البرنامج السياسي ( منطلقات فكرية ومشروع برنامج جديدين صودقا من المؤتمر الثاني عام 1966 ) وقيادة مرحلية متجددة بالكامل ( استدعي اليها بعد قرابة عام قيادات تاريخية مجربة مثل الراحل عثمان صبري الذي تولى موقع السكرتير الأول لمدة عامين والراحل محمد ملا أحمد – توز – الذي استمر بالقيادة قرابة العام ) ووسائل متطورة للنضال ومواجهة سلطة الاستبداد ( توزيع المناشير واستنهاض الجماهير الفلاحية والتصدي لمخطط الحزام العربي وتنظيم الوفود الوطنية للتوجه الى العاصمة ونسج العلاقات السورية والعربية وتوسيع الحملة الاعلامية صوب اوروبا ..
) وما من شك أن نهج آب التغييري مازال متجذرا في الأعماق رغم ما لاقاه من محاربة وتمزيق ومخططات سلطوية الى درجة الاستئصال حيث جندت السلطة لذلك – كما تؤكد الوثائق والوقائع – أجهزة بالكامل مع ميزانيات وخبراء أمنيين ومخبرين محليين ولولا ذلك لأمكن مواصلة التغيير بعقلانية ودراسة ومسؤولية بين مرحلة وأخرى وكلما اقتضت الحاجة حسب متطلبات وشروط الوضعين الداخلي والخارجي ” .
لايسعني الا تقديم التحية مرة أخرى للأستاذ فيصل يوسف ورفاقه على مبادرتهم الحوارية الديموقراطية هذه على أمل اللقاء ودمتم بخير .
اربيل – 23 – 6 – 2010
أخوكم : صلاح بدرالدين
بناء على طلب الاخوة للمشاركة في الندوة المنعقدة يسعدني ذلك
قهار رمكو
قبل كل شيء نحن نعيش في واقعين مختلفين حتى وان اتفقنا معا سوف تكون الترجمة مختلفة
لذلك ما تقرونه حسب واقعكم هو الاهم ومتمنيا لكم دوام النجاح لما فيه الخير لشعبنا السوري والكردي .
نعم مرت في الرابع عشر من حزيران 2010 الذكرى الثالثة والخمسون على تأسيس أول حزب سياسي كردي في سوريا، ولكن لتاريخه لا يزال الاختلاف موجودا بين مؤسسيها رغم ان اغلبهم غير اسم الحزب باعتباره انشق عن الام ومع ذلك يحتفل كل طرف بها على طريقته الخاصة
والمسالة لا تكمن في المنع من قبل السلطة العنصرية للقيام باحياء ذكراها علينا أن نتذكر بان الضغوط كانت تدفع نحو الوحدة ومواجهة النظام اكثر ولكن هذا ما يغيب اليوم رغم الضغوط المستمرة هذا من جهة .
ومن جهة أخرى من حق شعبنا الكردي في سوريا تشكيل احزابه وان يكون له من يدافع عن حقوقه والمسألة الحقيقية هنا تكمن في الاخفاقات المستمرة .
نتيجة للسياسات غير المرغوبة فيها من قبل اغلب القيادات الكردية التي تورمت بها الجزيرة وانحصرت فيها وتدور حول نفسها في الفراغ المضر للكردي .
والغريب لم ولن يتتعظ اغلبهم رغم جميع المآسي التي لحقت بشعبنا جراء مواجهة البعض والتخلي عن فكرة الاتحاد وبالتالي عدم مواجهة النظام العنصري نتيجة لدورهم الهزيل ,الذي استغلها النظام القمعي ومرق من بينهم جميع مشاريعها الشوفينية والمراسيم العنصرية .
أما فيما يتعلق بالظروف التي تأسس فيها أول حزب كردي سياسي في سوريا كان قبل النضوج النوعي .
ولكن حسب راي إن الظروف الأكثر أهمية التي أحاطت بتشكيله من قبل تلك العناصر لم تكن مستوعبة بما فيه الكفاية رغم جهودها المبذولة وبالتالي لم يكونوا مهيئين فعلا لما هم مقبلين عليه .
والاهم هنا كان يجب ان تكون هنالك ارضية متفقة عليها من قبل تلك الشخصيات الوطنية وفي مقدمتها العمل بملئ ارادتها الحرة وحسب الظروف ووضع البرامج والاسس حيب الواقع الذي كانوا يعيشونه .
ولكن هذا ما لم يتم بل كان هنالك تدخلا من خارج سوريا من قبل شخصيتين كرديتين الاول المرحوم عبد الله اسحاقي والثاني مام جلال الذي اثر على البعض من تلك القيادات ولا زال يدور في فلكه وجر حزبه خلفه حيث تحول الى تابع بلا شخصية متخليا عن ساحته المهمة له .
هذه النقطة تسببت في عدم التركيز على الوضع الداخلي في الساحة السورية المهمة والاساسية لنا
الأمر الذي جعل ان يتسبب ذلك الاهمال دور التدخل الخارجي الكردي المضر في شؤون ساحتنا التي تخصنا ولا تخص غيرنا .
وتسبب ذلك في الفلتان الحزبي ايضا حيث تم اختيار عددا من العناصر للقيادة مباشرة قبل ان ينتسبوا للحزب او يعرفوا عنها شيئا وتجمع عددا من الشخصيات في القيادة ذات خليط فكري لا يمكن ان يتم التفاهم فيما بينهم وبالتالي كانت كارثة على الكردي والقيم الحزبية .
بالاضافة الى عقلية التفرد ومحاولة تصفية كل طرح مخالف مهما كان جيدا ومفيدا تسبب في خنق النشاطات والاجتهادات الفكرية الخلاقة .
لذلك كانت النتيجة الطبيعية القراءة غير الصحيحة لتلك الظروف المحيطة بهم وطنياً وإقليمياً ودوليا
بدون شك .
هل هنالك من سيستفيد من تلك الأخطاء لكي لا يكرر الامر نفسه ولو بشكل مغاير
اما بالنسبة لليوم لقد تبدلت الظروف بشكل عام بعد 11 ايلول 2001 .
وفي قناعتي الامور مترابطة معا وما يبنى على الخطأ يبقى خطأ لذلك لم تتواجد قيادات حزبية كردية تستطيع التعامل مع المستجدات وقراءة الاحداث بشكل جيد باعتبارها كانت تحتاج الى افكار شابة نشيطة تفكر في مصلحة الشعب وتعرف كيف ترفع مستوى دبلوماسيتها ,لفتح ثغرة الأمل في ظلام النظام.
لذلك من مصلحة الكردي التحرك من واقعه وفي مقدمتها لم شمل الكردي وابعاده عن دخان البعث.
كل ما ارجوه ان تستطيعوا معرفة المتطلبات والتركيز عليها وكذلك مواجهة العقبات بروح ريادية لا تعرف الكلل ولا الملل
2010 ـ 06 ـ 26
قهار رمكو
مداخلة من الكاتب “دهام حسن”
طرح الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا (حركة الإصلاح) ورقة عمل خصّ بعض الأوساط الثقافية للكتابة في موضوع بمناسبة (مرور 53 عاما على ولادة أول حزب سياسي كوردي في سوريا….) وهنا لن أستزيد عمّا حوته الورقة..
وفيما يلي مساهمتي بما يحضرني من أفكار…
جاء ميلاد أول حركة سياسية كوردية في سوريا في عام 1957 وبالتحديد في الرابع عشر من حزيران من العام نفسه..وهي الفترة الزاهية من تاريخ سوريا الحديث، أي فترة ما بعد الاستقلال..
إن الحقبة التي شهدت هذا الميلاد من تاريخ سوريا تمتعت بأجواء أو فلنقل تمتعت بتقاليد ديمقراطية عاشتها البلاد، ومساهمة العديد من الفصائل السياسية في بناء الدولة الحديثة، وحركة النشاط السياسي التعددي ومن مشارب سياسية مختلفة..فقد وجدنا في دورة مجلس الشعب في عام 1954 وجدنا البرجوازي والإقطاعي إلى جانب الشيوعي والبعثي والقومي العربي والكوردي والمسلم والمسيحي..إلخ حيث كانت المواطنة هي الأساس في التقييم، والحرية المتاحة بقدر واسع تبيح وتتيح للجميع المشاركة بما يتمتع من قوة وخلفية شعبية مؤيدة من هذا القطاع الشعبي السياسي أو ذاك..
وقبل هذا بعقد كامل جاء ميلاد الحركات القومية العربية من حزب البعث ثم كانت الناصرية بعد الإطاحة بالملك فاروق من قبل الضباط الأحرار في مصر..
في هذه الظروف ازداد نموّ الشعور القومي لدى الشعب الكوردي في سوريا، والتطلع بالتالي إلى إطار تنظيمي، فكان ميلاد أول حزب سياسي كوردي فيها..
من هنا نستطيع القول أن الولادة جاءت ليست بسبب الاضطهاد برأيي بل جراء سببين آخرين على ما أرجح وهما الحالة الديمقراطية التي عاشتها سوريا من حريات واسعة من جانب، ونموّ الشعور القومي من جانب آخر آخذين بالحسبان نزوح بعض الكوادر المتعلمة من تركيا إثر اضطهاد وملاحقة، تأسيس تنظيمات سياسية وثقافية خويبون مثلا..
وجود جكرخوين كأحد رواد النهضة القومية في سوريا وأثرشعره الدائر على كل لسان،أي كان له فضل لا ينكر في مد الوعي القومي ونشره بين أبناء قومه، وليس كما يقول كوني رش للأسف في مقال له ما معناه (لولا الحزب التقدمي لا سيما سكرتيره لما قيض لجكرخوين الاستمرار) والعكس هو الصحيح فالحزب كثيرا ما كان يستثمر اسمه لتوظيفه للدعاية الحزبية
..
وبرأيي لو أن العنصر القومي العربي استلهم واقع الكورد كشعب شقيق مشارك له في الوطن والمصير، لسهلت المهمة اليوم في الملاقاة على أساس المواطنة وليس على أساس أي شيء آخر..
إن قراءة الرواد الأوائل للواقع السياسي المعيش آنذاك جاءت مقدرة عاليا، وإن كان تنقصهم الخبرة الكافية في التأسيس،وإنا نحييهم بمسعاهم الشريف والجريء المسؤول في وضع اللبنة الأولى في التأسيس بغض النظر عن أي كلام آخر، وليس هنا مكان للقول بأنهم طرحوا شعارات غير مواكبة للمرحلة فقد كان طموحهم يتقدم على معرفتهم في دقة طرح الشعارات المرحلية، يكفيهم فخرا من أن التنظيم الجديد شمل مختلف التواجد الكوردي في سوريا، أي أن التأسيس أيضا كرّس الوعي القومي..
ثمة ملاحظة عارضة حول التأسيس، فلم نحط بمعرفة ثابتة من هم المؤسسون، وإن كنا نتداول بعض الأسماء،وأيضا فهم لم يوضحوا لنا ذلك، وبعضهم ممن كتب حاول النيل من رفاقه من المؤسسين، والحطّ من قدره، وبالتالي إظهار نفسه حتى لو لم يكن له دور يذكر في التأسيس من أنه كان رقما متقدما وقتذاك رغم أن الواقع يكذّب ذلك..حتى حول الشعارات المطروحة لم يكن هناك اتفاق حول من تبنى هذا الشعار أو ذاك، سواء أكان الشعار واقعيا أم سوى ذلك، فمنهم من يريد أن يبدي أنه كان على صواب وغيره من يتحمل الأخطاء..حول هذا وذاك كلام كثير لن نمضي فيه..
أجل اليوم وبعد مضي أكثر من نصف قرن على ميلاد الحركة، فقد تبدلت الظروف، بشكل كبير، فإذا كانت الحركة السياسية بدأت بحزب واحد، فاليوم تفرعت عن الحركة بضعة عشر حزبا، وإذا بدأ المؤسسون فريقا محبا واحدا متفاهما، فاليوم هم أخوة أعداء تخندقوا في فرق متعددة، فبعضهم اليوم يريد الكيد للآخر والإيقاع به، اليوم أصبحت بعض الأحزاب تختزل في شخص الأمين العام، وهذا من أخطر الحالات في حياة الأحزاب، فإن تدجين الأمين العام يعني تدجين الحزب كلّه، اليوم الإحباط أكبر من التفاؤل، فقد أفرغ بعض الأحزاب من محتواها النضالي، ثمة جبهات والأصح أن نقول تكتلات، فبعض هذه الأحزاب في حرب غير معلنة فيما بينها، فقد ظهر شعور غريب لدى بعض القيادات، فإحساسهم يقرئهم ، من أن طريق النضال شاق وطويل، ومن أن الحلم الذي ربما راود تفكيرهم لا يرى تحقيقه حتى في المدى المنظور فقد تبخر، فثمرة النضال ليس بالسهل قطفها، ولطالما أن الهدف بعيد المنال فلماذا إذن (لا نلتفت إلى ذواتنا) نحافظ عليها ولو بتدمير كل شيء فهذا لا يهمّ، وليكن كما يقال من بعدي الطوفان، هذا حدا بعضهم أن يتشرنق حول نفسه ويحاول أن يؤسس له جاها على حساب مشاريع بان بطلانها في اعتقاده وأصبحت المتاجرة هي لسان حاله دون أي عمل نضالي فيه من التضحية شيء يذكر، وبالتالي بناء علاقات غير واضحة وغير مفهومة، إذا كان النضال في فترة ما تطرقت لمشاريع، فاليوم اختصر كل هذا في خدمة مشروع إبراز دور الشخص الرئيس، وإحاطته بهالة، أما الحزب أو الحركة فقد قرئت عليهما الفاتحة..
لكن الصورة سوف تتبدل، ولن يقف المناضلون عند هذا الخذلان في النضال، لهذا نلمس في هذا الوسط استياء وتذمرا وسوف يضغطون باتجاه تصحيح الأوضاع والمسار، كسعي أصحاب هذه الورقة، وإننا نلمس مثل هذا الاتجاه في جسم الحركة ككل..
العلاقة بين السياسي والمثقف غير صحية، فكلاهما له خاصيته، فالسياسي ينشد الثقافة الامتثالية من لدن المثقف لينتهي في خدمته، والمثقف إما أن يتكوّر في برجه، أو ينتهي به الأمر ليكون في خدمة السياسي ليخسر بذلك نفسه وتاريخه، وهذا ما نلحظه لدى المثقف الضحل الثقافة، وأيضا بوازع الحاجة، حيث يدرك السياسي موطن العلة فيعالجها على طريقته..
ليس من معالجة لهذا الواقع إلا بإدراك مكمن الخطر والمبادرة لمعالجته..بتصدي عناصر مخلصة واعية مضحية لهذا الواقع السياسي والضغط على القيادات لتصحيح المسارات والإيتاء بنظام داخلي جديد لا يؤبد القيادات، وملاقاة الأحزاب على صعيد الحركة ككل، والشفافية والوضوح على صعيد الحزب والأعضاء، وتشجيع الإعلام المراقب الناقد، والانفتاح على سائر القوى الوطنية في البلاد، وإدانة ظاهرة الركوع أمام الأمر الواقع، ونبذ حالات التطرف والشعارات غير الواقعية، وبنفس القدر نبذ الميول اليمينية لدى البعض ولا بأس من تشخيصها..
إن تدارس الحالة سوف يفتح الطريق الصحيح أمام نضال المناضلين الحريصين على حياة الحركة ولسوف تدلهم وتبصرهم على الطريق الصحيح المنشود إذا حسنت النيات..
مداخلة من الكاتب “خالص مسور”
1 – من المعلوم أن الأحزاب السياسية يمكن تأسيسها في كل الأوقات وتحت كل الظروف، ولكنها لاتزدهر إلا في وسط أجواء من الحرية والديموقراطية الحقيقية، ولهذا أرى من خلال قرائتي للأحداث التي كانت تجري في مرحلة تأسيس أول حزب كردي في سورية، بأن الظروف كانت ملائمة لتشكيل مثل هذا الحزب القومي الكردي، وهذا ما يراه رشيد حمو أيضاً بقوله: لقد تباحثنا في الظروف السياسية القائمة آنذاك في البلاد فرأيناها ملائمة بل مشجعة على تشكيل حزب قومي كردي.
وباعتقادي كان الحدث الأكثر أهمية لتأسيس حزب سياسي كردي آنذاك تمثل فيما يلي:
أ – ازدياد الوعي السياسي الذي ساد في سورية بعد حرب التحرير التي خاضته جميع مكونات وتلاوين الشعب السوري ضد الإستعمار الفرنسي، وما تلاه من أجواء الإنفتاح والديموقراطية التي سادت تحت حكم البرجوازية الوطنية في خمسينيات القرن الماضي، وخاصة بعد سنوات معدودة من الإستقلال والتحرير.
ب – التأثير الكبير الذي خلقته الأحزاب السياسية العربية التي ازدهرت بشكل كبير، والتي كانت تنشر الوعي القومي عن طريق صحافتها المهتمة بهذا الشأن آنذاك.
ج – الوضع الدولي المستقر والمواثيق التي أصدرتها عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة فيما بعد عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، بالإضافة إلى الأفكار الإشتراكية التي كانت تروج لها الدولة السوفيتية، وما ورد منها في برامج ووثائق الأحزاب الشيوعية المحلية التي كانت تنشر مثل تلك المفاهيم في أوساط الجماهير السورية بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة لا داعي لذكرها هنا.
واعتماداً على هذا نعتقد بأن تأسيس الحزب الديموقراطي الكردي في سورية جاء وسط إرهاصات قومية بالغة القوة، وفي ظروف مناسبة إلى حد ما، حيث كان هناك – وكما قلنا – بصيص من الديموقراطية رافقت الحكومات البرجوازية في سورية، وازدهرت تحت أضوائها العديد من الأحزاب السياسية.
فكانت الأحزاب العربية السباقة في التأسيس والتي امتد تأثيرها على الكرد السوريين بشكل كبير فأنشأوا الحزب الديموقراطي الكردي في سورية 14 حزيران عام 1957م.
وذلك قبل أن تدخل البلاد في دوامة من القمع والعنف فيما بعد.
2- لا أرى أن الحزب وبعد سنوات قليلة من تأسيسه كانت على مستوى المسؤلية الملقاة على عاتقه آنذاك، رغم وجود جوانب إيجابية تحسب له، إلا أنه لم يستطع آنذاك وحتى اليوم تجسيد طموحات الشعب الكردي على أرض الواقع، نتجية الإنشقاقات والخلافات الشخصية والمصلحية الضيقة بين أكثرية قيادات الحزب، وذيوع نوع من عدم إحساس تلك القيادات بمسؤلياتها التاريخية، بالإضافة إلى عدم القدرة على امتلاك مشروع نضالي يتفق عليه الجميع، بالإضافة إلى ضبابية الرؤية الحزبية في الأهداف السياسية التكتيكية والإستيراتيجية البعيدة المدى.
لكن لا أدري مالمقصود من عبارة ظروف التأسيس التي وردت في ورقة العمل، فيمكن أن يكو المقصود هو الظروف أوالحالة الوطنية والسياسية السائدة في البلاد اليوم، أوالمقصود هو الظروف الداخلية والبينية المتعلقة بالأحزاب الكردية نفسها.
ففي الحالة الأولى يمكن القبول بوجود تبدلات في الحالة الوطنية أوفي تفاعلات الميكانيزما الداخلية للحالة الوطنية السورية، وهي لاتشبه ظروف التأسيس بحال من الأحوال، بل هي على الأرجح تفاعلات ضاغطة على الساحة السياسية إلى حد ما.
بينما بالنسبة للظروف والتطورات الحزبية البينية أوالداخلية المتعلقة بالشأن الكردي، يمكن القول بأن الحالة ازدادت سوءاً بما لايقاس وازداد الروتين و البيروقراطية في مفاصل الجسد الحزبي اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبدأت الأحزاب الكردية تعاني من الترهل ومن عجز واضح في التعامل مع المستجدات والظروف والفواعل السياسية المحيطة بها، لا بل اعتقد أنها فشلت في المواجهة وخسرت الرهان تماماً وأصبحت جاهزة لمزيد من الإنشقاقات من جهة، واللجوء الى إخفاء التناقضات الحادة التي أدت إلى توسيع الهوة بين النظرية والممارسة(الإمبريكية) في السياسات الحزبية، مما أدى بالقيادات الحزبية إلى اللجوء إلى إجراء بعض الترقيعات في النسيج الحزبي، بالتحالفات والمرجعيات آناً، وبالمجالس السياسية آناً أخرى وهي تدابير ليست أكثر من وقتية في ظل الأوضاع الراهنة حتى يتم امتصاص النقمة الشعبية العارمة من جهة أخرى.
ولهذا أرى أن الحل يكمن في سياقين أو عاملين إثنين لا ثالث لهما، وبدون إيجاد حلول مناسبة لهذين العاملين، لايستطيع أحد اليوم الإدعاء بأنه حزبي أوينتسب لحزب سياسي كردي.
وهذان العاملان أحدهما موضوعي، والآخر ذاتي.
العامل الأول الموضوعي: ويتمثل في الحد من من نفوذ سكرتير الحزب المؤبد، وكما قلنا مراراً وتكراراً بعدم بقائه في منصبه أكثر من ثمان إلى عشر سنوات في دورتين انتخابيتين متتاليتين أو غير متتاليتين، وذلك حتى لانمكنه من الإستفراد برأيه وفبركة نوع من الشللية الحزبية على يديه من الذين يصفقون له بمناسبة وبدونها، وعندها سوف يعجز عن تربية أزلامه داخل المناصب القيادية في الحزب خلال هذه السنوات القليلة، وبه يتخلص التنظيم من الديكتاتورية وعبادة الفرد داخل طيات الفضاء المؤسسي للحزب.
العامل الثاني الذاتي: ويتمثل في تجرد أعضاء الحزب الكبار من أنانيتهم ومصالحهم الفردية الضيقة، والتحلي بالإنضباد الحزبي وبروح المسؤولية، وبحالة من التفاني والإخلاص في الحراك السياسي الحزبي، وامتلاك روح التضحية والجرأة الأخلاقية للوقوف في وجه الخطأ ضمن أطر وقوانين الحزب بعد إعادة هيكلته وتحديث برنامجه الداخلي بما يلائم الحالة الكردية الصحيحة الراهنة، نعم التضحية من أجل شعبهم وليس من أجل أنفسهم، وأن يتمتعوا بروح الإباء والشمم وقول الحق في وجه سكرتير مستبد أوكائناً من كان، دون الخنوع والتذلل له، في سبيل منصب هنا ومكسب شخصي هناك.
وقبل أن أنهي كلامي أقول بوجود بوادر لإرهاصات تفاؤل حذر في مستقبل السياسة الكردية في سورية، وهذا التفاؤل ينبع من الضغط الشعبي ومن المثقفين الكرد الخيرين الذين بدأوا يكتبون ولايقبلون بالتشرذم الحالي لفواعيل السياسية الكردية الراهنة والمرتهنة.
وهنا أنهي كلامي وأشكركم.
مداخلة من الصحفي إبراهيم بهلوي
واجه الشعب الكردي شعباً وتجمعات ثقافية صغيرة العديد من المفاهيم الآنية للتغير في مفهوم تنظيم سياسي أو حركة تحررية لمواجهة الفراغ الحاصل ما قبل عام 1957 أي بداية تنظيم أول حزب سياسي كردي اول في سوريا،فكانت الظروف آنذاك تحمل العديد من الطرق لمعالجة النقص او الفراغ ،بالرغم من كون الحالة السورية كانت أشبه إلى أنقلابات يومية في سد النظام السوري ما قبل البعثي،لربما كانت هناك شبه ديمقراطية منبثقة حسب ما يردده الشخصيات التي عايش الوقائع السياسية،والكرد كجزء من الشعب السوري بدوره الميال لتكوين حالة سياسية أقرب للحزب فقد كان بين شد وجذب للحفاظ على أنتساباتهم الشيوعية وعلى دور الفكر الشيوعي المنشر بين الشخصيات وآغوات الكرد،كذلك رواد الحركة الثقافية المتمثلين بشخصيات شعرية وفكرية شبه شيوعية،ليس عيبا الاعتراف، بأن الأفق النظري والمعرفي في الحقل السياسي، ملغم تماما بموازين القوى، أكثر مما هو منفتح على المسألة القانونية والحقوقية، وهذا أمر يجعلنا، في كثير من الرياء، بدل العودة إلى الواقع المنتج للفكر السياسي، بتفاصيله المتعجرفة، نعود إلى خلاصات هذا الفكر بعدما، نضدته موازين القوى، وقولبته، بما لا يسمح برؤية تفاصيل الواقع الذي أنتج هذا الفكر وأنساقه اللغوية والخطابية،على هذا الأساس يمكننا القول” أن الفكر السياسي الكردي السوري، هزيل إلى حد أنك تقف دوما أمام أسئلة الواقع، وأنت في حالة من الاختناق تبعا، لمجريات العملية السياسية الكردية في الدولة السلطانية.
ما سرد في المقدمة ليس إلا جزء يسير من تلك الأسباب التي أنجر بها الكرد لبناء انفسهم في تنظيم سياسي واحد،فبعد وصول فكرة عدم تلمس حالة المطالب الكردي في نداءات الحركة الشوعية المكتظة بالكرد،وربما تهميش البعض منهم ضمن إطارات ومحليات الحركة تلك ،ونزوح بعض الشخصيات المعروفة إلى المنطقة الكردية في سوريا،نضيف لذلك رغبة الكرد أن تكون لهم مطالب في حزب تحت مسمى كردي ونفس كردي،فبدأت اللقاءات بين الشخصيات الذين أرتاوا إلى بناء أول حزب سياسي كردي ووضع لبناته الأساسية قبل عام 1957 وبالتحديد الرابع عشر من حزيران من نفس السنة.
كما إن عملية التحرر الوطني من الاستعمار، وتأسيس الدولة القطرية في المنطقة، بعد الحرب العالمية جسّدها تداعي النخب التي اندفعت إلى عمل تكاتفي شامل، وامتزجت عبرها مراحل التحرر الوطني بمتطلبات البناء الاجتماعي والتي كان الكرد جزء من تلك التكتلات التي ساعدت في عملية التحرر الوطني السوري لتكون سوريا بعد التحرر من الأستعمار الفرنسي زخرة بالانقلابات العسكرية..
الواقع الكردي وظروفه المختلفة لبناء التنظيم الحزبي المعلن عام 1957.
فقد أعطت التحولات الأخيرة في المنطقة السورية أولوية قصوى لنشر طموحات الكرد التي اعتمدت اعتمادا كبيرا على إقامة حياة حزبية صحيحة يتمثل الناس من خلالها من غير لبس ولا تزوير،ولكن ما أن بدأت حتى كان الخلاف على المسمى “الحزب الديمقراطي الكردستاني” وبين”الحزب الديمقراطي السوري ” وبين أهداف قيام الحزب والتي كانت أكثر ضرراً “تحرير وتوحيد كردستان ” كانت تلك الضربة التي قصمت ظهر التفاهم الشخصي بين مؤسسي الحركة،وشلت الحركة بين الطرفين كل يريد أن تكون لها مسمى وهدف حسب فكره ودراسته ونضاله المختلف(بالطبع نقصد بالنضال”الثوري” لأنه كان هناك أشخاص شاركوا بثورات كردية ضد النظام الأتاتوركي “الأستاذ “عثمان صبري مثالاً”)فبعد نشوب الخلاف كان هناك هناك وحدة سورية ومصرية الامر الآخر الذي ادى إلى تعرض الأداة المنادية بحركة كردية بين مطرقة الحفاظ على البقاء في البيت مركوناً لقوت عياله وخلف جدران الزنازن نتيجة بقائه فكراً شوعياً،بقت الحالة كما هي دون التوصل إلى صيغة أتفاقية،إلى أن بلغ الوحدة بين سوريا ومصر ذروة في التهديد بالانفاصل الذي توج عام 1961 كذلك ازدياد الضغط الامني على الكرد ودعات الفكر التحرري من الكرد وغيرهم،فكان للكرد حصة الاسد من الاعتقالات وخاصة بين أولائك اللذين قاموا بتأسيس أول حزب كردي.أما مدى ملائمة الظروف لقيام تنظيم له مقومات حزبية فقد نختلف مع مراحل تكونه أو ضمن المرحلة ذاتها ،فالترابط والتثبيت وقوة التنظيم تكون على أساس صحة دراستها وأستمراريتها مرهونة بالأيدولوجية المقبولة بين أعضاءها المؤسسين.
تناثر أشلاء جسم الحركة الكردية بين 10 احزاب وأكثر ومهما كثرت الأسباب يبقى المفهوم نفسه ” الحفاظ على تسمية السكرتارية ،وعدم إيلاء الأهتمام للفكر المتماشى لواقع الطموح الكردي”،أنتفاضة-حدث-فتنة 12 آذار والتي لم نتمكن حتى الآن الموافقة على تسمية واحدة نتيجة السبب المذكور بين اداة القوسين فقد كان شجباً وأستنكاراً من قبل الشعب الكردي في كل مناطقه كان رد فعل قوي وسخطه أشد على جسم الحركة الهش فكانت حركة غير منظمة لمواجهة الظلم الذي واجهوه قرابة نصف قرن وأكثر،ردة الفعل كانت على حرمان الفلاح الكردي من ارضه والطالب الكردي من دراسته ومنع السفر للسياسي وبقاء الاحصاء الذي تزامن بعد الأنفصال كما هو دون رغبة النظام السوري للأستماع للحركة وغيره الكثير من محافل الظلم الذي لحق الكرد من الظلم الأمني السوري،وليكن الفاصل الآذاري هو الحدث الأهم في حياة الحركة الكردية وتشوهاته الخلقية وآثار الفكر الديمقراطي الغائب في تنظيماته هو الحاجة بالتفكير ملياً بواقع الشعب الكردي المنتظر لمهدي الحركة المتكاتفة على نفسها وصرف النظر للمصلحة الذاتية حتى ضمن أحزابها.
ما قامت به الحركة بعد التسعينات من تحالفات وجبهات نفت كل الآخر ليبقى الشعب أسير الخلاف،إلى أن طرحت الرؤية المشتركة من قبل بعض الاحزاب الكردية والتي طالت سنوات بين”لا نقبل-هل نستطيع-من يكون راعي الفكرة –من ومن……….ألخ” هذه الرؤية هل اتخذت من شأنها العديد من التحولات والخطوات الجادة التي تتمثل في جسم صحي وسليم لحركتنا الكردية في سوريا فهل ستكون الالتقاء الرؤي مجسدة لحالة نخدم الشعب والقضية الكردية أم تناثرت مفاهيم الاشتراك في الرؤى في حقول المفهوم الحزبي الضيق.
تبدلت الظروف والواقع السياسي في الشرق الأوسط وتزامن مع التبدل الضغط الأمني السوري على قواعد وقيادات المنادية بالتغيير السلوكي الأمني تجاه الشعب،فهل سيكون هناك أرضية خصبة للأحزاب الكردية في بناء فكرة منطوية على قواعد ثابتة تلائم الواقع هذه القواعد يمكن أن نوجزها بأهمها وهي:
1-وحدة الصف الكردي في مواجهة التناثر الحزبي والشخصنة.
2-الديمقراطية في مواجهة التسلط والاستبداد الحزبي بكل أشكاله
3-التنمية المستقبلية في مواجهة الرأي المتكلس والنمو المشوه
4-العدالة في مواجهة الظلم واستغلال المناصب بكل صوره ومستوياته.
هنا يمكننا الاعتماد على مبدأ مواجهة الذات في ترويض الآخرين لتكوين حالة سوية ضمن قالب وصف كردي جماهيري واحد عندها يمكننا التبصر بحالة مماشية ومفيدة للشعب الكردي في سوريا وامل ربطه بحزبه –حزب يحقق مطالبه ضمن قدراته-إذ تمكنا من سد الطرق أمام المحافظين وعدم وصولهم لعنق الزجاج وبفرض شرعية شعبية لمواكبة التغيير خلال الظرف والإيمان بحياة حزبية تحقق النصاب والعدالة للشعب بمجمله.
بقي لنا أن نشير بأننا لسنا ضد أي فكر سياسي ولكن على أن تكون ذات أرضية صالحة ومع ذلك لا نتعبر ما تقدم هو رأياً نهائياً بل ينقصه المراجعة النقدية دوماً وأبداً.