نشر في موقعكم مقال للأستاذ توفيق عبد المجيد نجد فيه محاولة لتشويه موقف الشيوعيين السوريين من قضية فلاحي أجور المثل ومحاولة نزع يدهم من الأرض التي يستثمرونها أبا عن جد، وهذه المقالة تهدف على ما يبدو إلى تضليل الرأي العام والكردي منه خاصة، والإساءة إلى نضال الفلاحين من أجل حقوقهم، وانطلاقا من حق الرد نرسل إليكم سلسلة مقالات نشرت في صحيفة قاسيون تتعلق بموقفنا من القضية آملين أن تجد طريقها إلى النشر لديكم ولنترك الحكم للقارىء الكريم…
قرار ظالم يجب التراجع عنه
تفاجأ المئات من الفلاحين في قرى منطقة المالكية المتاخمة للحدود العراقية في محافظة الحسكة بوضع جديد يتعلق بالأراضي العائدة لهم والتي يستثمرونها أباً عن جد، بموجب قرار صادر عن وزارة الزراعة يقضي بكف يد حوالي 380 فلاحاً في قرى عديدة، عن الاستفادة من أرضهم بحجج واهية.
وحسب المعلومات الأولية المتوفرة، فإن هذا القرار قد تم اتخاذه في دوائر ضيقة دون علم العديد من الجهات صاحبة العلاقة، بما في ذلك التنظيم الفلاحي، وقد أثار هذا الكتمان الكثير من الأسئلة، وأحدث بلبلة لاشك أن البلاد بغنى عنها!!
إن مثل هذه القرارات تنطوي على مخاطر جدية وذلك لسببين:
1 – إنها تمس مصالح مباشرة لمئات العائلات الفلاحية، وبالتالي تطيح بالمنجزات الاجتماعية التاريخية التي تحققت بنضال القوى الوطنية والتقدمية لمصلحة الكادحين، والتي لايحق لأحد النيل منها بموجب الدستور السوري نفسه، وهي تزعزع الأمن الاجتماعي الذي يشكل جزءاً من الأمن الوطني.
2 – وحسب المعلومات الأولية التي بين أيدينا، فإن الفلاحين المشمولين بهذا القرار أغلبيتهم الساحقة من الفلاحين الأكراد، وهذا ما يضفي على المشكلة مزيداً من التعقيد، ويسيء إلى الوحدة الوطنية، ويفسح المجال لإثارة النعرات القومية، الأمر الذي تعمل له الدوائر المعادية لمصالح الوطن.
وباختصار فإن هذا الإجراء التعسفي مرفوض من وجهة نظر مصالح المواطنين, ومن جهة المصالح الوطنية.
بقي أن نشير إلى أن من يعملون على إصدار مثل هذه القرارات، إما أنهم لا يدركون نتائج قراراتهم العمياء، أو أنهم يسيئون بشكل مقصود إلى الوحدة الوطنية قدس الأقداس في مواجهة المخاطر التي تحيط بالبلاد، والاحتمالان كل منهما أمرّ من الآخر.
ومن هنا فإنه لمن الضروري التراجع عن هذا القرار الظالم بأسرع ما يمكن! ونطالب جميع الشرفاء في هذا الوطن التدخل لمصلحة الفلاحين، وخصوصا التنظيم الفلاحي الذي عهدناه مدافعاً جدياً عن مصالحهم وحقوقهم.
■■
2- قاسيون العدد العدد 451
تداعيات قرار «الزراعة» كف يد فلاحي المالكية على أراضيهم..
فلاحو المالكية: أرضنا عرضنا، واللبيب من الإشارة يفهم!
أصدرت وزارة الزراعة بتاريخ 173 2010 القرار ذو الرقم 2707ص المعمم على مديريات الزراعة، والذي يتضمن من جملة ما يتضمن (يطلب إليكم شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار في المناطق العقارية التابعة لكم وذلك لعدم حصولهم على التراخيص القانونية وفق أحكام القانون رقم /41/ لعام 2004 وتعديلاته استناداً للتعليمات الوزارية)..
وبناء عليه نشرت في مصلحة الزراعة بالمالكية جداول بأسماء الفلاحين الذين سيتم كفّ يدهم عن الأرض، ولاحقاً في عدد آخر من المصالح الزراعية في المحافظة.
معلومات متناقضة وردود أفعال مختلفة
أعقب نشر القرار ردود أفعال مختلفة في الوسط الرسمي والشعبي والسياسي, تراوحت بين مستغرب ومستهجن ورافض، وتزامن ذلك مع انتشار معلومات متناقضة حول خلفيات القرار وتفاصيله، فهناك من راح يقول إن هذا الموسم هو الأخير للفلاحين في استثمار الأرض، وهناك من أخذ يؤكد إن القرار سيجمد، وقال آخرون إن قوائم اسمية أخرى على الطريق وتشمل بمجموعها 61 ألف عائلة, وبالترافق مع ذلك ثمة أسئلة تطرح من قبيــل: لمن ستؤول الأرض في حال نزعها من الفلاحين؟ ولماذا لم يتم تثبيت ملكيتها أسوة بأوضاع مشابهة في محافظات أخرى، ولاسيما أن أغلب هؤلاء الفلاحين يستثمرون الأرض منذ نهاية الستينات؟ باختصار إن القرار أحدث بلبلة ولغطاً، ويعيش الفلاحون حالة من القلق والترقب.
وبعودة إلى التاريخ، فإن قصة أراضي أجور المثل في معظمها تعود إلى نهاية الستينيات، وقسم منها تعود ملكيتها أصلاً إلى الدولة، وفي قسم آخر هي أراضي الاستيلاء المستولى عليها من الملاكين، وتوزيع هذه الأراضي على الفلاحين كان تحصيل حاصل توازن القوى الطبقية ضمن المجتمع السوري وداخل جهاز الدولة آنذاك، وهي في آخر تحليل أحد أشكال الإصلاح الزراعي الذي تحقق نتيجة نضال القوى الوطنية والتقدمية من شيوعيين وبعثيين وغيرهم خلال عشرات السنين, والسؤال: ما الجديد حتى يتم إعادة النظر بهذه المكاسب؟ فبالأمس كانت المادة 56 من قانون العلاقات الزراعية وقرار رفع سقف الملكية، واليوم هذا القرار المشؤوم الذي يسوّق بأساليب مواربة، مرة بحجة عدم تجديد التراخيص، ومرة أخرى بحجة عدم دفع الرسوم لتكون النتيجة محاولة نزع الأرض من يد الفلاح, مع العلم إن الوقائع على الأرض تكذّب هذه المزاعم.
وهذا ما لا يقبله عقل، ولا منطق، ولا حتى عرف اجتماعي، ولا حتى الدستور السوري نفسه..
أليست الأرض لمن يعمل بها؟..ألم يقل السيد رئيس الجمهورية (عندما يكون الفلاح بخير يكون الوطن بخير)؟
إن هذه القرارات تتكامل مع الهجوم الذي يشنه دعاة الليبرالية على شركات ومؤسسات قطاع الدولة عبر تأجيره أو بيعه، وصولاً إلى تجريد الدولة من كل عناصر القوة والتماسك، وتحويلها تماماً إلى خادم لأصحاب رؤوس الأموال، وبالتالي وضع الوطن والمواطن تحت رحمة مصالح أصحاب هذه الرساميل.
ويبدو أن أنصار لبرلة الاقتصاد داخل جهاز الدولة قد حسموا أمرهم بالهجوم على كافة الجبهات، بما فيها نزع الأرض من الفلاحين وعرضها للاستثمار أمام الرأسمال المحلي والأجنبي، وفي هذا المقام نتساءل: هل من المعقول نزع الأرض من أبناء البلد ومنحها للمستثمرين الذين لم نجد منهم إلا مشاريع وهمية تتوخى الربح السريع على حساب كل شيء؟ وهل سيسمح لأنصار اللبرلة بالتمادي حتى ولو كانت قراراتهم تسيء إلى الوحدة الوطنية قدس الأقداس، وتنذر بالفتن والاهتزازات الاجتماعية، وحتى لو تزامن ذلك مع التهديدات الإسرائيلية الأمريكية ضد بلادنا؟؟!.
حقائق ووقائع
وللوقوف على حقائق الوضع أجرت قاسيون لقاءات سريعة مع بعض الفلاحين المشمولين بهذا القرار المشبوه في قرى النجف ( قلدومان) – سويدية فوقاني – سبع جفار- سويدية تحتاني والبتراء – والطبقة (طبكى) – وقلعة الحصن (كلهي) ووادي السوس (بستا سوس)..
– الفلاح أحمد: نحن (أجانب)..
ندفع أجور المثل، ولا توجد أية ذمم مالية مترتبة علينا، بل إن الدولة مديونة لنا, وأنا شخصياً لم يوجه لي أي إنذار أو تنبيه، وفي كل عام يتم تجديد الرخصة من أجل البذار والسماد.
– رئيس جمعية: تم تجديد العقود من خلال الجمعية التعاونية للمنتسبين قبل ثلاث سنوات وفق ما بلغونا بذلك في حينه.
– الفلاح ا.
ص: الضرائب المترتبة علينا لسنتين فقط، ولم يوجه لي أي إنذار وكان بإمكاننا شراء قطعة ارض بالأجور التي دفعناها للدولة خلال كل هذه السنوات.
– فلاح من قرية سبع جفار: عددنا 23 عائلة نستثمر هذه الأرض منذ عشرات السنين، ولسنا مدينين للدولة بأي قرش من الضرائب، وقبل سنة تم تبليغنا لتجديد الأوراق، وفعلاً تم ذلك بحضور الشهود في المالكية.
رئيس جمعية: هذا غبن بحق الفلاحين، هل يقبل أي شخص في الدولة أن يطرد من أرضه وبيته؟ وما ذنب الآلاف من أفراد الأسر؟.
الفلاح ح.
ي: إن القرار قبل أن يكون ضد الفلاحين هو ضد مصلحة الوطن، وعلى ما يبدو بعض المسؤولين يريدون إرغامنا على أن نكفر بكل شيء، ونحس بالغربة في وطننا.
الفلاح ه.
ع: منذ أن وعينا على الدنيا ونحن نسمع أن هذا الوطن هو وطن العمال والفلاحين، فما الذي جرى؟ على الجميع أن يعلم أن أرضنا هي عرضنا، واللبيب من الإشارة يفهم…
وقد أكد جميع الفلاحين الذين التقت بهم قاسيون على تشبثهم بأراضيهم وعدم التنازل عنها مهما كانت النتائج..
مشكلة بعدة أبعاد
المشكلة في الجوهر قضية فلاحية ذات طابع طبقي, ولكن تتعدد التأويلات ووجهات النظر بشأن هذا الموضوع، ولاسيما أن قسماً كبيراً ممن وردت أسماؤهم في جداول الشطب هم من المواطنين الأكراد المحرومين من الجنسية بموجب إحصاء 62 الجائر، وهناك المئات من الفلاحين الذين لم تتم الموافقة على تجديد تراخيصهم، وهم من الفلاحين الأكراد، وهذا ما يزيد الطين بلة، وعلى أساس ذلك يمكن أن يُدرج القرار ضمن إجراءات التمييز القومي، وذلك يضفي على المشكلة بعداً آخر، وإذا تم ذلك فإنها تفتح الباب واسعاً أمام إثارة النعرات القومية ولاسيما أن نقطة البدء بالتنفيذ كانت ريف منطقة المالكية، وتحديداً في مناطق تواجد المواطنين الأكراد..
والسؤال لماذا المالكية أولاً؟ هل يريد من يقف خلف القرار أن يشوّه جوهر الموضوع من حيث كونه ارتداداً عن المكاسب الاجتماعية التاريخية، وإعطاءه شكلاً عنصرياً لإضعاف النضال الفلاحي وإسكاته، أي محاولة تعكير الأجواء والاصطياد فيها، وتمرير قرار رجعي غير وطني بكل المقاييس؟ ومن الجدير بالذكر في هذا السياق مجدداً بأن هذا التوجه لا يصب إلا في خدمة أصحاب مشاريع الفوضى الخلاقة.
تحصين المناطق الحدودية..
كيف؟
لاشك أن تحصين المناطق الحدودية حق وواجب على أية دولة في العالم، ولكن مع الأسف فإن ذلك في بلادنا يتم بطريقة تنطلق وتسير عكس المطلوب، فبدلاً من أن تقام مشاريع التنمية التي تؤدي إلى تطوير النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل، وبالتالي تأمين الحاجات المادية للإنسان الأمر الذي لابد منه لتعزيز الانتماء الوطني، بدل كل ذلك تصدر قرارات وتوجهات رسمية أقل ما يقال عنها إنها تعمق الانقسامات الاجتماعية، وتزيد البطالة والفقر والهجرة.
فمحافظة الحسكة التي تعتبر كلها منطقة حدودية، تستخدم فيها الإجراءات الاستثنائية، ويتم اللجوء فقط إلى الحلول الأمنية للكثير من القضايا بهذه الحجة، وهذه الإجراءات تشكل حالة من الاغتراب لدى المواطن وهو ما يشكل بدوره تربة خصبة لإثارة الفتن، واستغلالها من قبل من لا يريد للوطن خيراً.
ما المطلوب؟ ما العمل؟
إن قاسيون تدعو الفلاحين المشمولين بالقرار إلى التمسك بالأرض وعدم التنازل عنها، وتهيب بجميع الشرفاء في البلاد داخل جهاز الدولة وخارجه بالعمل من أجل إلغاء هذا القرار لا تجميده فحسب – كما يشاع-، والتعامل مع الموضوع كمشكلة وطنية عامة لا تخص هذا الجزء من النسيج الوطني أو ذاك، وترى أنه من حق الفلاحين التعبير بجميع أساليب الاحتجاج دفاعاً عن مصالحهم طالما أن ذلك يتم تحت سقف الوطن، وتنوه بالدور الإيجابي لبعض السلطات المحلية الحزبية والحكومية والمنظمات الجماهيرية التي وعدت الوفد الفلاحي المعني خيراً، وتدعو إلى التضامن مع الفلاحين ضد هذا القرار الجائر والمشبوه! وذلك واجب وطني وأخلاقي بامتياز.
■ مكتب قاسيون – محافظة الحسكة
3- قاسيون العدد452
حدث في اجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال..
رئيس الحكومة ووزير الزراعة لم يسمعا بقرار كف يد فلاحي المالكية!!
شهدت الجلسة الصباحية لاجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال المنعقد في دمشق يوم الأحد 2/5/2010 بحضور رئيس الحكومة ونائبه وعدد من الوزراء، مفاجأة مدهشة من النوع الذي لا يحصل إلا في العلاقة بين المواطنين السوريين والحكومة السورية وطاقمها الاقتصادي ..
المفاجأة حدثت حين قدمت النقابية بلسم ناصر مداخلتها وطرحت في سياقها سؤالاًَ هاماً وجهته لوزير الزراعة، عن أسباب كف يد فلاحي عدد من قرى المالكية عن مزاولة زراعة أراضيهم وحقولهم، فما كان من الوزير عادل سفر إلا أن أجاب بيقين وإصرار: «لم أسمع بهكذا قرار..
ما في شي من هذا النوع، لا كف يد، ولا إنهاء، ولا منع من الزراعة»..
مبيناً أنه لا توجد تعاميم من هذا القبيل..
وهذا ما أكده أيضاً رئيس الوزراء ناجي العطري الذي طلب من بلسم ذكر أسماء القرى التي طال فلاحيها الكف..
مشيراً إلى أن هذا الموضوع خطير جداً، وكان يجب على النقابية التروي قبل طرحه بهذا الشكل!!
والسؤال: إذا كان رئيس الحكومة والوزير المختص لا علاقة لهما بالقرار المذكور، ولم يسمعا به من قبل، فمن الذي اتخذه وأعطى الأوامر في تنفيذه إذاً؟؟؟
وكانت وزارة الزراعة وقد أصدرت بتاريخ 17/3/2010 القرار رقم 2707ص المعمم على مديريات الزراعة، والذي يتضمن من جملة ما يتضمن (يطلب إليكم شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار في المناطق العقارية التابعة لكم وذلك لعدم حصولهم على التراخيص القانونية وفق أحكام القانون رقم /41/ لعام 2004 وتعديلاته استناداً للتعليمات الوزارية)..
وبناء عليه نشرت في مصلحة الزراعة بالمالكية جداول بأسماء الفلاحين الذين سيتم كفّ يدهم عن الأرض، ولاحقاً في عدد آخر من المصالح الزراعية في المحافظة، وقد نجم عن محاولة تنفيذ القرار معارضة شديدة واستياء عام بين الفلاحين، خصوصاً وأنهم بريئو الذمة المالية، ومعظمهم يزرع الأراضي المذكورة منذ عشرات السنين مستوفياً كل ذممها.
يذكر أن الجلسة الصباحية تمت بحضور القيادة النقابية ورئيس الحكومة المهندس ناجي عطري، ونائبه الاقتصادي عبدالله الدردري، وكل من وزراء الصناعة، والشؤون الاجتماعية والعمل، والنقل، والزراعة، والإسكان..
فليعلم الوزير ورئيس الحكومة
وفي الرد على وزير الزراعة نبين مايلي:
أولاً: نلفت عناية الوزير، ورئيس الوزراء إلى أن الموضوع أثير في الصحافة الوطنية، ومن المفروض أن اثنين من أعمدة السلطة التنفيذية في البلاد أو على الأقل المكاتب الصحفية لهما كانا على علم بنشر هذا الموضوع, فلماذا لم يبادر أحد منهما إلى نفيه, بعد أن أثار بلبلة وضجة وتفسيرات وتأويلات مختلفة في محافظة الحسكة؟
فقد نشرت جريدة النور التي يصدرها الحزب الشيوعي السوري في عددها رقم432 تاريخ 2142010 ما يلي:
(طلبت وزارة الزراعة إلى مديرياتها شطب أسماء الفلاحين الذين لم يرخص لهم من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار..
إن رفض منح الترخيص لمستثمري أراضي أملاك الدولة سينتج عنه إلغاء عقود المستثمرين ونزع يد المستأجرين وحرمان عدد كبير من الفلاحين من أراضيهم المؤجرة لهم منذ سنين طويلة….)
ونشرت صحيفة قاسيون في العدد 448 ما يلي: (تفاجأ المئات من الفلاحين في قرى منطقة المالكية المتاخمة للحدود العراقية في محافظة الحسكة بوضع جديد يتعلق بالأراضي العائدة لهم والتي يستثمرونها أباً عن جد، بموجب قرار صادر عن وزارة الزراعة يقضي بكف يد حوالي 380 فلاحاً في قرى عديدة، عن الاستفادة من أرضهم بحجج واهية….)
– ونشرت صحيفة صوت الشعب لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري في عددها رقم 235 تاريخ 2842010 ما يلي:
(….
ومؤخرا صدر قرار من مدير زراعة الحسكة يحمل الرقم 2840ص تاريخ 2242010 بناء على تعليمات وزارة الزراعة والذين تضمن قوائم بشطب أسماء أكثر من 400 مواطن من فلاحي أجور المثل وعقود الإيجار من محافظة الحسكة….).
– نشرت صحيفة البعث الناطقة بلسان حزب البعث العربي الاشتراكي في عددها رقم13929 يوم الثلاثاء 27نيسان 2010 في ملف خاص عن أراضي أملاك الدولة ما يلي:(….
ثمة المئات من عقود الإيجار، يجري الحديث عن إلغائها بعد مضي عشرات السنين من عمر تنظيمها….)
– نشرت جريدة النور في عددها رقم431 تاريخ 1442010 مايلي: (( …….إذ قامت مديرية الزراعة بالحسكة بإرسال كتب إلى دوائر الزراعة في المدن طالبة منها شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار بالمناطق العقارية التابعة لها وحسب الجداول المرفقة والمسجلة في سجلاتها، بذريعة عدم حصولهم على الترخيص القانوني وفقاً لأحكام القانون 412004 وتعديلاته، واستناداً إلى تعليمات وزارة الزراعة.
وجاءت التعليمات شديدة اللهجة تطلب تثبيت واقعة الإلغاء في السجلات..((
– ونشرت بعض المواقع الالكترونية إن قرار مديرية الزراعة في الحسكة يستند على قرار صادر عن وزارة الزراعة يحمل الرقم 2707ص تاريخ 1732010
– ونشرت صحيفة قاسيون في عددها رقم 451 تاريخ 1 ايار 2010 ما يلي (…….أعقب نشر القرار ردود أفعال مختلفة, بين مستغرب ومستهجن ورافض، وذلك في الوسط الرسمي والشعبي والسياسي, وتزامن ذلك مع معلومات متناقضة فهناك من يقول إن هذا الموسم هو الأخير للفلاحين في استثمار الأرض، وهناك من
يقول إن القرار سيجمد وآخرون يقولون إن قوائم اسمية أخرى على الطريق وتشمل بمجموعها 61ألف عائلة ….
وبالترافق مع ذلك ثمة أسئلة تطرح من قبيــل: لمن ستؤول الأرض في حال نزعها من الفلاحين؟ ولماذا لم يتم تثبيت ملكيتها أسوة بأوضاع مشابهة في محافظات أخرى ولاسيما وان أغلب هؤلاء الفلاحين يستثمرون الأرض منذ نهاية الستينيات؟ باختصار إن القرار أحدث بلبلة ولغطا ويعيش الفلاحون حالة من القلق والترقب…)
– بالإضافة إلى ذلك راجع العديد من المواطنين الجهات المسؤولة سواء المصالح الزراعية في المناطق، ودائرة أملاك الدولة، و محافظ الحسكة، وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، ولم ينفِ أحد وجود قرار من هذا النوع.
ثانيا: إن جميع المصادر الصحفية آنفة الذكر تؤكد إن ما يجري في مصلحة زراعة المالكية إنما هو بناء على توجيهات وزارة الزراعة وبعد أخذ هذه الوقائع بعين الاعتبار والربط بينها وبين رد وزير الزراعة ورئيس الوزراء على النقابية بلسم ناصر، هناك أحد احتمالين: إما إن الوزير حقاً لم يصدر قرارا متعلقاً بالموضوع، وفي هذه الحالة من المنطقي أن يعلن ذلك أمام الرأي العام وبالإصرار واليقين نفسه الذي تحدث به في اجتماع اتحاد العمال، وبالتالي يطمئن الفلاحون وتنتهي كل التفسيرات الخطيرة للموضوع، ويفتح تحقيقاً في القضية لتوضيح كل ملابساتها، أو أن القرار صدر فعلاً ويحاول الوزير التملص منه بعد أن أحدث كل هذه الضجة والبلبلة.
نؤكد مرة أخرى أن الموضوع خطير حقاً، والأخطر منه أن ينشر القرار في الصحافة الرسمية وغير الرسمية دون أن يسمع به الوزير أو رئيس الوزراء، أو أن القرار موجود ويريد الوزير أن يمر بصمت دون ضجة، وذلك غير ممكن في ظل وجود صحافة وطنية، وقوى غيورة داخل جهاز الدولة وخارجه، لا يرضيها إصدار مثل هذه القرارات الخطيرة.
فلاحو المالكية متمسكون بحقهم بأراضيهم..
بات معروفاً للقاصي والداني أنه حين قامت مديرية الزراعة في محافظة الحسكة بتوجيه كتاب رقم 2840 تاريخ 22/4/2010 إلى دائرة الزراعة في المالكية، تطلب فيه شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار في المناطق العقارية التابعة لها مع جدول مرفق يتضمن أسماء مئات الفلاحين، جميعهم منتفعون من هذه الأراضي منذ أكثر من أربعين عاماً بموجب قانون الإصلاح الزراعي وتعديلاته، تفاجأ الفلاحون بمضمون ذلك الكتاب والذي يقضي بنزع الأرض منهم وهي مصدر عيشهم الوحيد.
وبات معروفاً أيضاً أن هذا الحدث قد خلق حالة استياء واستغراب شديدين، خصوصاً أن الفلاحين الذين طالهم القرار بريئو الذمة المالية، ويدفعون بدل إيجار الأرض دون توقف منذ عشرات السنين.
وعند مراجعة الفلاحين للجهات المسؤولة في المحافظة وكذلك في دمشق، تبين أن كتاب مديرية الزراعة في الحسكة يستند إلى كتاب صادر عن وزارة الزراعة بتاريخ 17/3/2010 المعمم على مديريات الزراعة.
ومما زاد الطين بلة وفتح باب القلق والترقب على مصراعيه هو نفي وزير الزراعة علمه بالقرار، وحتى رئيس مجلس الوزراء أبدى استغرابه أمام اجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال يوم 2/5/2010، مشيراً إلى أن هذا الموضوع خطير جداً، ومطالباً بذكر أسماء القرى التي طال فلاحيها كف يدهم عن الأرض.
واللافت أن الصحافة الوطنية (ومن بينها صحيفة البعث) تناولت الموضوع بالبحث وإبداء التساؤل والاستغراب والتعليق، قبل نفي وزير الزراعة علمه بالموضوع، وهذا ما تأكد عكسه تماماً عند مراجعة الفلاحين للدوائر الرسمية في المحافظة وفي العاصمة دمشق، حاملين معهم عريضة يشرحون فيها معاناتهم ووقع هذا القرار الخطير عليهم وعلى أسرهم، وقد حملت العريضة تواقيع أكثر من مائتين وخمسين شخصاً، وتم تقديمها لجميع الجهات المعنية..
عريضة فلاحي المالكية
مقدمه: فلاحو القرى المتضررة من القرار 2707/ ص، تاريخ 27/3/2010 التابعة لمنطقة المالكية.
نعرض ما يلي:
حيث إننا منتفعون من هذه الأراضي منذ أكثر من أربعين عاماً بموجب قانون الإصلاح الزراعي وتعديلاته، وقد كنا فلاحين في هذه الأرض قبل هذا القانون أباً عن جد.
وقد فوجئنا بهذا القرار الذي يقضي بنزع هذه الأراضي منا، علماً أن هذه الأراضي هي المصدر الوحيد لمعيشتنا.
لذا جئنا بمعروضنا هذا، راجين التدخل لإلغاء هذا القرار الجائر بحقنا، وإنقاذ عائلاتنا من الجوع والتشرد..
ودمتم.
لذلك، من غير المفهوم أبداً هذا القرار، بهذا الشكل، وبهذا التوقيت الذي تشتد فيه الضغوطات الخارجية على سورية بسبب تصديها للمخططات الأمريكية- الصهيونية في المنطقة، وكأن هناك من يريد تحت حجج ما أنزل الله بها من سلطان زيادة مستوى التوتر الاجتماعي في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وخاصة أن المنطقة التي مسها القرار، هناك من يرغب من أعداء الداخل والخارج بتحويل التوتر الاجتماعي- الاقتصادي فيها إلى توتر سياسي، والشيء الوحيد الذي يفوّت الفرصة على أولئك، ليس كف يد الفلاحين عن أراضيهم التي يعيشون منها، بل تحويل عقود الإيجار والمثل إلى سندات تمليك دائمة، لأن مصلحة البلاد العليا تقتضي معالجة هذا الموضوع انطلاقاً من مصلحة الفلاحين، وعدم تسجيل سابقة من هذا النوع، تضر بالوحدة الوطنية والاستقرار والأمن الاجتماعي.
5- قاسيون العدد 455
وزارة الزراعة تعترف بقرار كف يد فلاحي المالكية!
«السيد رئيس تحرير جريدة قاسيون المحترم..
تحية وبعد:
إشارة لما نشر في جريدتكم بعددها الصادر بتاريخ 15/5/2010 تحت عنوان: «فلاحو المالكية متمسكون بحقهم بأراضيهم».
نحيطكم علماً:
بأن الشاكين كانوا يستثمرون مساحات من أراضي أملاك الدولة بموجب عقد إيجار ومحاضر أجر بالمثل، وقد تم شطب أسمائهم منها بسبب عدم حصولهم على الترخيص الحدودي المنصوص عليه بالقانون رقم /41/ لعام 2004».
تشكر هيئة تحرير قاسيون وزارة الزراعة على ردها المختصر الذي طال انتظاره، وتوضح ما يلي:
1- يتضح من الرد الوارد أعلاه، ولأول مرة بعد لبس طويل وأسئلة لا أجوبة رسمية لها، أن وزارة الزراعة ارتكزت في قرارها بشطب أسماء فلاحي المالكية من استثمار أراضيهم على القانون 41 لعام 2004 المتعلق بالمناطق الحدودية، وتحديداً على المادة /1/ منه التي تنص على أنه «لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على كل عقار كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت، لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسم أو منفعة شخص طبيعي أو اعتباري، إلا بترخيص مسبق سواءً كان العقار مبنياً أو غير مبني واقعاً داخل المخططات التنظيمية أم خارجها»..
ولكن دون أن توضح أسباب لجوئها لهذا القانون..
فما هي مبررات استخدام أقسى مواد هذا القانون الذي تم إصداره لدواعي تتعلق بأمن البلاد وصون حدودها، ضد فلاحي المالكية؟ هل يوجد بين فلاحي المالكية من أساء للأمن الوطني؟ وإذا وُجد شخص أو جهة من هذا النوع، فهل يصح أن تطال العقوبة الجميع ويوضع الصالح والطالح في المقام ذاته؟ ثم ألا يمكن أن يستغل البعض هذه السابقة فيتجرأ على السعي لتجريد كل فلاحي المناطق الحدودية، بكل المحافظات من أراضيهم ضارباً كل غايات الإصلاح الزراعي بعرض الحائط؟
2- ثمة قوانين لا يمكن تجاهلها أثناء القيام ببعض الإجراءات، أعطت للفلاحين حقوقاً يجب عدم الاستهانة بها، وعلى رأسها قانون الإصلاح الزراعي رقم /161/ لعام 1958 وتعديلاته، والقانون /169/ لعام 1959، والمرسوم التشريعي /166/ لعام 1968، والمرسوم التشريعي /64/ لعام 1969، وجميعها حافظت على هذه الحقوق المكتسبة، وخاصة على الأراضي التي صنفت ضمن أملاك الدولة أو الاستيلاء.
3 – من المستفيد من إصدار قرارات بهذا الشكل وبهذا الوقت؟ ولماذا نفى وزير الزراعة ورئيس مجلس الوزراء وجود القرار في البداية، ثم يأتي الرد كاعتراف صريح بوجوده؟ وهل يمكن افتراض أن كل من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص لم يكونا على علم بالقرار فعلياً عندما أنكرا وجوده، وهو ما يقودنا إلى سؤال آخر عن الدائرة التي تم اتخاذه فيها؟ وفي هذه الحالة من الذي وجّه الكتاب إلى دائرة الزراعة في الحسكة والمالكية، خاصة بعد أن أنكرت جميع الجهات الرسمية في المحافظة «اتحاد الفلاحين، محافظة الحسكة ـ اتحاد عمال المحافظة ـ فرع حزب البعث العربي الاشتراكي ـ دائرة الزراعة نفسها» علمها بالقرار؟
4- أما إذا كان الهدف من القرار استثمارياً كما نسمع «طرا طيش حكي»، فلماذا لا تستولي الوزارة على الأراضي التي تستثمرها شركات (غدق ـ نماء والشركة السورية -الليبية) منذ عشرات السنين دون أية فائدة تذكر، أو دون تقديم أو إدخال أية تطورات حديثة على عمليات الزراعة والإنتاج؟ ولماذا لا يتم الاستفادة من الأراضي التي مازالت لمزارع الدولة مثلاً؟
5- أي تناقض في القرارات هذه؟ فبينما الوزارة ورئاسة مجلس الوزراء تقومان بزيارات رسمية وتعقد المؤتمرات لتنمية المنطقة الشرقية ومساعدتها على مواجهة الجفاف الذي ضرب مناطقها كافة خلال السنوات الماضية، تأتي وتستولي من جهة أخرى على أراضي الفلاحين لتزيد من أضرار وهموم هذه الشريحة، وتزيد من أعبائها فيضطر أبناؤها إلى الهجرة لمحافظات أخرى بكل ما يعني ذلك من تكريس للبطالة، وضرب للاستقرار، وتعريض الأمن الاجتماعي للخطر، والذي يؤثر بدوره على الأمن الوطني.
6- يتحجج الرد بأن الأسماء شطبت لأنها كانت بموجب عقود ومحاضر أجور المثل، وهذه الحجة لن تنطلي على أحد، فالذين شطبت أسماؤهم حسب القرار يدخلون ضمن كل التسميات والتوصيفات: (انتفاع، أجور المثل، عقود، أراضي مرخصة، وغير مرخصة، مواطنين سوريين، «أجانب» الإحصاء الاستثنائي…)، وهناك فرق كبير بين الرخصة القانونية والرخصة الزراعية قانونياً، وهناك أسماء واردة في الجداول بإمكاننا الحصول على وثائق تثبت بأن أصحابها رخصوا أراضيهم قانونياً..
ومثال ذلك فلاحو قرية قلعة الحصن الذين سلموا التراخيص بشكل نظامي ورسمي إلى دائرة الزراعة بالمالكية وكذلك بعض فلاحي قرية طبقة.
7- ثم، ومن ناحية إجرائية، لنفترض أن الفلاحين لم يرخصوا هذه الأراضي، فهل هذه حجة كافية لشطبهم؟ ولماذا لم يتم ذلك بالطرق القانونية أي بإنذار الفلاحين أولاً عن طريق دائرة الزراعة في المالكية أو الحسكة، أو عن طريق الجمعيات الفلاحية التي ترخص هذه الأراضي سنوياً منذ عقود، أو بالنهاية حسب أصول التبليغ والإنذار، أو مخالفتهم لحين القيام بإجراءات الترخيص، أو يتم ذلك بالإعلان في الجريدة الرسمية ولفترة محددة كما يتم ذلك في كل الوزارات… ووقتها من حق الوزارة والجهة التي أصدرت القرار أن تقول «لقد أعذر من أنذر» فهل بإمكان الوزارة أو الجهة المصدرة للقرار أن تجيبنا على هذه الأسئلة والاستفسارات؟!
أخيراً أصبح من الضروري أن تكشف الوزارة بعد هذا الرد الذي يعد أول وثيقة رسمية تعترف بالقرار، عن مشروعها القادم والمنتظر والمخطط له بعد الاستيلاء على هذه الأراضي؟ وكيف ستستثمرها لاحقاً؟ ومن هم المستفيدون الجدد؟
■■
6- قاسيون العدد459
علاقة قضية فلاحي أجور المثل بالقانون
في الوقت الذي لا يجوز لهم اتخاذ هذا الموقف، وبشكل مفاجئ، يتمترس بعض أصحاب القرار خلف القانون في محاولة لنزع يد فلاحي أجور المثل من الأرض، وبالأخص أولئك القابعين في المكاتب الوثيرة، والذين تشربوا بثقافة علاقات المجتمع الاستهلاكي، وتشكَّل وعيُهم السياسي في ظل سيادة المفاهيم الليبرالية، ولا يدركون، أو يتجاهلون قصداً، أبعاد الموضوع ودلالاته الخطيرة.
وبغية وضع النقاط على الحروف نوضح التالي:
ـ أولا: لا يمكن التعاطي مع الموضوع من وجهة نظر القوانين المجردة، وتصوير الأمر وكأنه مجرد علاقة بين المالك والمستأجر، وبالتالي يخلصون إلى القول: «من حق المالك نزع يد المستأجر»… فاستثمار الفلاحين لهذه المساحات من الأرض لا يعود إلى شهر أو سنة، بل يمتد إلى ما يقارب نصف القرن، وفي بعض الحالات إلى أكثر من ذلك، عقود طويلة مجبولة بالتعب والعرق والدم، وقبل أن يتباكى البعض على أملاك الدولة، عليهم أن يسألوا أولاً: كيف آلت هذه الأرض إلى الدولة أصلا وأصبحت من أملاكها؟ إن أغلبية مساحة هذه الأراضي كانت بالأصل لكبار الملاكين، الذين استحوذوا عليها في فترات الاحتلال العثماني والفرنسي لبلادنا، أو «تسلبطوا» عليها بالقوة العشائرية، وبعد فرض قانون الإصلاح الزراعي في نهاية الخمسينيات والستينيات، برز دور الفلاحين ونضالهم كإحدى روافع تشكل جهاز الدولة السورية، وتمت مصادرة هذه الأراضي وضمها لأملاك الدولة، وبمعنى آخر فهذه الأراضي لم تصبح أملاك دولة إلا بنضال الفلاحين أنفسهم، وفي ظل ظروف تطابقت فيه توجهات الدولة وقراراتها مع مصالح الفلاحين، ومن هنا يمكننا القول إن كل إجراء يضر بمصلحة الفلاحين، كشريحة اجتماعية كان لها تاريخياً دورها النضالي، يلحق الضرر المباشر بالدولة أيضاً، إذا لم يكن هناك في داخل الدولة من يريد ذلك عن قصد!! وإذا كان أحد طرفي المعادلة (الدولة – الفلاح) مَدين للآخر، فإن الدولة في هذه الحالة هي المدينة للفلاحين، وكل نص قانوني لا يأخذ ذلك بعين الاعتبار، إنما هو قانون أصم وأعمى.
انطلاقا من كل ذلك، فإن الاتجاه القانوني الوحيد الذي يجب أن يُتَّبَع هو التحقيق في سبب عدم منح الفلاحين المستثمرين سندات تمليك حتى الآن، رغم مرور خمسة عقود على استثمارها، لاسيما وأن مقولات «الأرض لمن يعمل بها» و «دولة العمال والفلاحين» أصبحت جزءاً من الوعي الاجتماعي منذ أوائل الستينيات، وقبل أن تصاب البلاد بحمى التحولات الليبرالية الجديدة.
وإن تجاهل أو تناسي أوالتراجع عن هذه الشعارات نعتبرها جريمة بالمعنى السياسي، طالما أنها تعبر موضوعيا، بالحد الأدنى، عن مصالح أغلبية أبناء الشعب.
ـ ثانياً: إن العلاقة بين المواطن والدولة قائمة على ثنائية الحق والواجب، وليس علاقة مالك ومستأجر، فكما أن المواطن ملزم بالدفاع عن الدولة بالمعنى القانوني والسياسي والأخلاقي، فان الدولة مُلزَمة، كي تبرر وجودها، أن تلبي حاجات الشعب وتضمن أمنه الغذائي وصيانة كرامته، وأي خلل في هذه العلاقة يضر بالاثنين معاً، وانطلاقاً من ذلك نقول: لا يوجد ما يبرر للدولة أن تنتزع الأرض من آلاف المواطنين ومهما كانت الأسباب، حتى وإن كان البعض يحاول أن يوجد لها مسوغات «قانونية» مستحدثة، فإن مثل هذه القوانين المقلوبة على رأسها، والتي تضر بمصالح فئات جماهيرية واسعة، تتناقض مع مسوغات بناء الدولة واستقرارها، التي هي غاية وجود كل قانون، لاسيما وأن بلادنا تقع على تماس جغرافي مع عدو توسعي صهيوني استيطاني حاقد، وفي منطقة مضطربة بحكم المشاريع الاستعمارية المتلاحقة، ومن الممكن أن تستفيد القوى المعادية من أية ثغرة أو خطأ، فما بالك بهذه القرارات الارتجالية التي من الممكن أن تفسح المجال للقوى التي تستغل مثل هذه القرارات لبث النعرات والفتن، ومن المستغرب عدم أخذ ذلك بعين الاعتبار.
ـ ثالثاً: يجب التمييز بين نوعين من استثمار أملاك الدولة والاستفادة والإفادة منها أو استغلالها، فأملاك الدولة التي استولى عليها البعض بقوة النفوذ أو بدفع المعلوم بعد استشراء الفساد في الكثير من مفاصل جهاز الدولة، من حق الدولة، بل من واجبها نزعها منهم، أما استثمار الفلاحين للأرض بعد نضال وتضحيات، وكإحدى تجليات الإصلاح الزراعي الذي تحقق بفضل نضال القوى الوطنية، ولا يجوز الخلط بين هذه وتلك، كما يحاول البعض.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، نسأل كل من يحرص على أملاك الدولة: كيف يجوز أن العشرات من المؤسسات والشركات التي كانت بمعنى ما من أملاك الدولة، أصبحت في حوزة المستثمرين تحت يافطات الاستثمار والتأجير، وغيرها من الستارات الخجولة لعملية الخصخصة؟! فلماذا تغيب النخوة ويغيب الحرص على أملاك الدولة هنا؟ وتحضر في حالة فلاحي أجور المثل؟!!
■ القامشلي – مكتب قاسيون
بقلم: المحامي قاسم عسكر
شطب أسماء الفلاحين من جداول عقود الإيجار وأجور المثل..
خطأ في تطبيق القانون وخرق للدستور
إن القرار الصادر عن وزارة الزراعة والموجه إلى مديرية الزراعة بمحافظة الحسكة تحت الرقم /2707/ تاريخ 17/3/2010، والقاضي بشطب أسماء الفلاحين التابعين لمنطقة المالكية من جداول عقود الإيجار وأجور المثل لعدم حصولهم على الترخيص القانوني المنصوص عليه بالقانون رقم 41 لعام 2004 وتعديلاته وفق التعليمات التنفيذية؛ هذا القرار، ارتكبت فيه أخطاء كثيرة..
فبتدقيق هذا القرار من الناحية القانونية ومدى انسجامه مع القانون 41 لعام2004 وتعديلاته، ألا وهو المرسوم التشريعي/ 49/ لعام 2008، ولاسيما المادة الأولى من هذا القانون، وكذلك من المرسوم المذكور، والتي تقول في آخر تعديل له (المادة /1/: لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على عقارٍ كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار، أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري، إلا بترخيص مسبق، سواء كان العقار مبنياً أم غير مبني، واقعاً داخل المخططات التنظيمية أم خارجها).
وما يهمنا في هذا القانون وتعديلاته وله صلة وثيقة بموضوعنا هذا، هي عقود الإيجار, فوفقا لنص المادة الأولى من المرسوم /49/ المعدل للقانون/41/ 2008 نقول إن القانون واضح وصريح كالتالي:
1- إن عقود الإيجار التي تتطلب الحصول على الترخيص القانوني المنصوص عليه في القانون السابق الذكر هي عقود الإيجار التي تزيد مدتها على ثلاث سنوات, أما عقود الإيجار التي تقل عن ثلاث سنوات، فلا تحتاج إلى الترخيص القانوني, فقط في هذه الحالة – حالة أقل من ثلاث سنوات- يتعين حسب المادة رقم /7/ فقرة /أ /على شاغل العقار عن طريق الاستئجار إعلام الجهة الإدارية المختصة في موقع العقار خلال المهلة المحددة في المادة السادسة من هذا القانون، وهي ثلاثة أشهر من تاريخ الإشغال.
أما عقود الإيجار التي شملها قرار الشطب هي عقود إيجار سنوية، مدتها سنة واحدة، وهي تتجدد تلقائياً، وتخضع للتمديد الحكمي، ولا تحتاج – باعتبارها لسنة واحدة – إلى الترخيص القانوني المنصوص عليه بالقانون /41/ 2004 وتعديلاته، وبالتالي إخضاع هذه العقود – والتي مدتها سنة واحدة – لأحكام المادة الأولى من القانون /41/ 2004 وتعديلاته، يشكل خطأ في تطبيق القانون، وسوءاً في تفسيره وتأويله.
علماً أن طلب الحصول على الترخيص هو طلب متجدد, أي أنه يحق لمن رفض طلبه أن يتقدم بطلب آخر للحصول على الترخيص بشرط مرور سنة على تاريخ الرفض كما هو منصوص عليه بالمادة /3/ فقرة /ب/ من المرسوم /49/ 2008 كآخر تعديل للقانون /41/ لعام 2004.
2- العقوبات المترتبة على مخالفة نصوص القانون /41/ وتعديلاته، أي المرسوم 49 لعام 2008، واضحة وصريحة، ولا تحتاج إلى تفسير أو تأويل، وهي لا تتضمن أية عقوبة مثل استرداد الحيازة أو نزع يد عن العقار، وبالرجوع إليهما نجد العقوبات وفق آخر تعديل له وبموجب المادة /9/ منه هي كالتالي:
أ – يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية إلى مئة ألف ليرة سورية كل من يخالف أحكام المادة /1/، أو الفقرة أ من المادة /8/ من هذا القانون.
ب- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة سورية كل من يخالف أحكام الفقرتين /أ/ و/ج/ من المادة /7/ من هذا القانون، ويعاقب بالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة كل من يخالف أحكام الفقرة ب من المادة /7/ من هذا القانون.
إذاً قرار الشطب الصادر عن وزارة الزراعة جاء في غير محله القانوني، ولا يستند إلى أي أساس قانوني صحيح، وقد أتى نتيجة خطأ في تطبيق القانون وسوء في تفسيره وتأويله، وهو خرق فاضح لمبدأ الفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية.
ما بني عـلى الباطل فهو باطل
1- إن هذا القرار يتنافى مع المبادئ الأساسية من الدستور السوري، خاصة المبادئ الاقتصادية، فالمرسوم/49/ والمعدل للقانون /41/ الذي استند عليه قرار الشطب، قد انتهك حق التملك المنصوص عنه في المادتين/14/ و/15/ من الدستور.
2- القرار المذكور، ومن قبله القانون 41 والمرسوم 49- قد أتى على حق العمل المنصوص عليه في المادة 36 من الدستور، التي تنص على أن من واجب الدولة توفير العمل لكل المواطنين، حيث سيكون من نتائجه، في حال تنفيذه، القضاء على الآلاف من فرص العمل .
3- إن هذا القرار، ومن قبله القانون 41 والمرسوم 49، قد نقض وخرق مبدأ سيادة القانون، ومساواة المواطنين أمامه في الحقوق والواجبات، وممارستهم لحرياتهم المنصوص عنها في المادة 25 من الدستور, وذلك بفرضه لإجراءات معينة بحق مواطني المناطق الحدودية تختلف عن تلك المفروضة على باقي المواطنين، الذين لا يحتاجون في توثيق عمليات البيع والشراء، وغيرها من الحقوق العقارية، سوى إلى حضور الطرفين للسجل العقاري لإتمام المعاملة من وجهها القانوني، أو اللجوء إلى القضاء في حال وجود خصومة.
4- كذلك فإن المرسوم/49/ والمعدل للقانون /41/ 2004 والذي يشكل الأساس القانوني لقرار الشطب، خالف المادة /30/ من الدستور، حينما جعل له أثراً رجعياً، وطلب من القضاء رد كافة الدعاوى القائمة قبل صدوره.
5- كما أن المرسوم/49/ والمعدل للقانون 41 الذي استند عليه قرار الشطب، قد خالف مبدأ حق التقاضي، والدفاع أمام القضاء, المنصوص عنها في المادة 28 من الدستور وفي هذا خرق لمبدأ فصل السلطات، وإنكار لأبسط مبادئ العدالة.