رسالة الاعلامي عدنان حسين الى ندوة كاوا

  وجه الاعلامي العربي العراقي المعروف الأستاذ عدنان حسين رسالة الى المشاركين في الحلقة الدراسية المعقودة في مؤسسة كاوا الثقافية بأربيل تحت عنوان ” مستقبل العلاقات الكردية العربية بعد جولة رئيس الاقليم ” وقد تليت في اليوم الأول 20 – 7 ولاقت استحسانا واهتماما ملحوظين من جانب الحضور ووسائل الاعلام وتنشر مؤسسة كاوا النص الكامل للرسالة التي ستضاف أيضا الى ملف الحلقة بعد اختتامها.
الصديقات والأصدقاء الأعزاء

وافر الشكر لمؤسسة كاوا الثقافية ولرئيسها الصديق الأستاذ صلاح بدر الدين عن الدعوة الكريمة التي وُجهت إليَ للمشاركة في ندوتكم العتيدة هذه.

فقط التوقيت كان يتعارض مع توقيت آخر لي، والا لكنت حضرت الندوة ولو مشيا على الاقدام، فالموضوع الذي تبحثونه وتتداولون فيه هو من أكثر الموضوعات الأثيرة عندي.

ولقد كرست جانبا مهما من حياتي ومن نشاطاتي المهنية والسياسية له، ذلك انني أدرك بعمق الأهمية الفائقة لوجود علاقات وثيقة وراسخة بين عرب العراق وكرده وبين الأمتين العربية والكردية، فالجغرافيا وضعتنا في مصير مشترك، ولا أحد بإمكانه ان يغيّر في الجغرافيا.
أتحمس للغاية لكل عمل من شأنه أن يصنع تاريخا مختلفا بين العرب والكرد، منقطعا عن التاريخ الممتد على مدى الثمانين سنة الماضية، الا لجهة أخذ العبرة مما جرى خلال هذه الحقبة الطويلة..

وما جرى هو إلحاق أفدح الأضرار بالعرب ومصالحهم وليس فقط بالكرد ومصالحهم.

تخيّلوا، أيتها الأخوات أيها الأخوة، معي لو ان حكومات العهد الملكي في العراق كانت قد التزمت بما تعهدت به أمام عصبة الأمم وما تضمنه دستور 1925 المعدل والمعاهدة العراقية – البريطانية الموقعة في العام  1926بشأن الحقوق الكردية… وتخيلوا لو ان قيادة ثورة 14 تموز 1958 قد نفّذت فعلا ما نص عليه الدستور المؤقت من ان الكرد شركاء العرب في العراق وان هدف الثورة إقامة نظام ديمقراطي في العراق… وتخيلوا لو ان نظام البعث كان قد التزم باتفاقية 11 اذار 1970 ونفّذ بنودها بالكامل ..

تخيلوا كيف كانت حال العراق ستكون الآن! ..

تخيلوا كيف كانت حال عرب العراق ستكون الآن! ..

بالتأكيد كنا سنعيش الآن، انتم الكرد ونحن العرب ومعنا التركمان والكلدان والاشوريين وسواهم من قوميات العراق، عراقا أسطورة تبزّ كثيرا أسطورة دبي، ويمكن فقط مقارنتها بالأسطورة اليابانية.
الجغرافيا لا تتغير ولكن بوسعنا ان نغيّر التاريخ ..

كان يمكن ان يكون لنا تاريخ آخر، ولم يحصل ، لكننا يمكن أن نفعل هذا في المستقبل إن عملنا  سوية بنشاط من أجل أن يصح الصحيح ، والصحيح هو أن نعيش مع بعضنا البعض كأخوة متحابين وأصدقاء أوفياء وجيران مترابطين..

مصلحتنا الحيوية في أن تكون علاقتنا وثيقة، ولكي تكون كذلك لا بد ان تقوم على أسس التكافؤ والاحترام والاعتراف بالحقوق القومية لكل منا، وأولها الحق في تقرير المصير ..

البشرية تعيش الآن عهدا زاهرا بالمقارنة مع كل حقب التاريخ السالفة، فالفرد أصبحت له حقوق مقدسة تعاقب القوانين على انتهاكها، وأصبحت للحيوان والشجر والحجر حقوق مقدسة تعاقب القوانين على انتهاكها ، فما بالكم بحقوق الجماعات والأمم والشعوب.
أخواتي وأخوتي الحضور
نحتاج ، أنتم الكرد ونحن العرب الذين نعتز بجيرتكم ونؤمن بحقوقكم ونعترف بان البعض منا قد انتهك هذه الحقوق على نحو سافر مثلما انتهك حقوقنا نحن العرب..

نحتاج الى ان نعمل معا بجد واجتهاد من أجل ان تُوضع الأمور في نصابها… ان قطاعات واسعة من الرأي العام العربي تقف ضد قضيتكم، بل قضيتنا المشتركة، وهذا راجع الى سوء فهم لهذه القضية، وهذا بدوره ناجم عن جملة عوامل: أولها جهل مجتمعاتنا العربية وتخلفها، وثانيها التشويه المتعمد لطبيعة ومحتوى وأهداف هذه القضية من جانب الحركات القومية العربية الشوفينية وانظمتها الحاكمة ليس في العراق وحده وانما في معظم الدول العربية، وقد استغلت عملية التشويه هذه على نحو متعمد القضية الفلسطينية لتشبيه الحركة التحررية الكردية بالحركة الصهيونية واسرائيل، مع ان وجه الشبه والمقارنة الحقيقي انما هو بين الحركة التحررية الكردية وحركات التحرر الوطني العربية التي سعت الى تحقيق الحرية والاستقلال والوحدة القومية للعرب.
ان زيارات الزعماء والوفود الحكومية الاقتصادية والثقافية هو أمر جيد وذو فوائد وعوائد لا ينبغي الاستهانة بها، لكننا نحتاج الى ندعم هذا بمؤسسات تهتم بالرأي العام وتؤثر فيه عن طريق ايصال الحقائق اليه.

وعلى هذا الأساس سبق لي ان اقترحت منذ عدة سنوات على مؤسسات وشخصيات رسمية وحزبية واعلامية وثقافية في الإقليم مشاريع تهتم بالتعامل مع الرأي العام العربي داخل العراق وخارجه.

اقترحت على وجه التحديد انشاء مؤسسة اعلامية متكاملة موجهة الى هذا الرأي العام، تضم نخبة من الكوادر الاعلامية العراقية من مختلف القوميات ومن دول عربية اخرى.

يمكن لهذه المؤسسة ان تبدأ بفضائية وتوازيها محطة اذاعة وموقع الكتروني ثم صحيفة ورقية.

وأكدت في ما اقترحته على ان الشرط الرئيس لهذه المؤسسة الا تكون حكومية أو حزبية، ذلك ان أفشل الاعلام هو الاعلام الحكومي والحزبي..

هذه المؤسسة يجب ان تكون استثمارية تتمول ذاتيا بعد فترة التأسيس وان تتمتع بالاستقلالية وتحكمها قواعد العمل الاعلامي الحر وتتقيد باخلاقيات مهنة الاعلام.

منذ مدة لاحظت ان الزميل الاستاذ كفاح محمود كريم يوظف كل كفاءته الكتابية للترويج لفكرة هذه المؤسسة..

شخصيا أؤيده كل التأييد في هذه الفكرة الصائبة وآمل ان يلقى الزميل الإسناد القوي منكم جميعا ومن كل افراد النخبة الثقافية الكردية لتحقيق هذا المشروع الحيوي.
بوسعي ان أشير ايضا الى ان مما اقترحته على المسؤولين في الاقليم انشاء مؤسسة (مكتب او مركز) يهتم بمتابعة اتجاهات الرأي العام العربي وتحليل مضمون ما ينشره ويبثه الاعلام العربي بشأن القضية الكردية والشؤون العراقية عامة، ويسعى (هذا المكتب او المركز) لوضع واقتراح الخطط لمواجهة الخاطئ من هذه الاتجاهات وتدعيم الصحيح منها.
بطبيعة الحال هناك الكثير من الافكار التي يمكن ان تدعم العمل لتعميق العلاقات العربية – الكردية كانشاء جمعيات للصداقة، والمشاركة في المهرجانات واللقاءات الثقافية والفنية، وتعزير الروابط بين الجامعات في الاقليم والدول العربية، وما الى ذلك مما أتركه الى ذوي الاختصاص في هذه المجالات فهم أقدر مني في هذا بحكم اختصاصهم ، وانا كإعلامي ركزت على مجال اختصاصي.
اتمنى لندوتكم النجاح ، وارجو وان نلتقي دائما ، عربا وكردا، على المحبة والتآخي والوئام.
لكم محبتي

عدنان حسين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…