استملاك منازل المجردين من الجنسية

  نشرة يكيتي *

تتوالى بشكل متسارع الإجراءات والقرارات التي يتخذها النظام في المناطق الكردية ضد الشعب الكردي وخصوصاً في منطقة الجزيرة, حيث يفاجأ المواطنون الكرد كل بضعة أيام بوجود قرار استثنائي وإجراء عنصري شوفيني جديد, فقد جرى مؤخراً تبليغ عدد كبير من الكرد المجردين من الجنسية بموجب الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة عام 1962 بدعاوى قضائية مرفوعة ضدهم للاستيلاء على منازلهم واستملاكها لصالح الدولة بذريعة أنه لا يجوز للأجانب التملك في سوريا, رغم وجود قانون ينظم عملية استملاك الأجانب, ورغم أن هؤلاء المجردين من الجنسية لا تنطبق عليهم صفة الأجنبي التي يحددها القانون السوري بأي حال من الأحول لأنهم ضحايا لعملية عنصرية منظمة جرت منافية لكل القوانين والشرائع
 ولكن الواضح أن تحريك هذه الدعاوى وفي هذا الوقت بالذات يصب في إطار تشديد الخناق على الشعب الكردي في مناطقه تحت دوافع سياسية عنصرية واضحة, لم تعد تحجب تحت ستار القواعد القانونية العامة والمجردة, لأن تملك هؤلاء المواطنين لهذه المنازل ليست حديثة العهد وإنما هي قديمة جدا,ً أما صدور مثل هذه الفرمانات ومواكبتها للقرارات الاستثنائية الأخرى مثل القرار 2707 تاريخ 18/3/ 2010 الصادر عن مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في محافظة الحسكة والذي يقضي بنزع يد المئات من الموطنين الكرد من أرض آبائهم وأجدادهم, وبدأت الأجهزة الأمنية من خلاله ابتزاز المتضررين باستدعاء العديد منهم إلى مفارز وأقسام الأمن السياسي للتوقيع على تعهدات تطلب منهم التعاون مع هذه الأجهزة الأمنية والابتعاد عن أي نشاط سياسي, والإيحاء لهم بأنه ربما تجري السلطة إعادة النظر في قرارها بانتزاع يد صاحب التعهد من أرضه إذا وقع التعهد والتزم بتنفيذه, وكذلك استمرار المفاعيل الكارثية للمرسوم 49 تاريخ 10/9/2008 وغيرها من القرارات السرية والعلنية, هي عملية إعلان حرب مفتوحة تستخدم فيها القوانين بدل السلاح تهدف بالنتيجة إلى تصفية وجود الشعب الكردي وقضيته القومية والإسراع في إفراغ المنطقة الكردية وتغيير تركيبتها القومية وتعريبها

وفي السياق ذاته جرى إصدار تعميم على دوائر السجل المدني(دوائر النفوس) في محافظة الجزيرة (الحسكة) أيضاً بأسماء عدد كبير من السوريين المقيمين في الدول الغربية, يمنع إعطاءهم أية وثائق شخصية أو وثائق عائلية تتضمن تلك الأسماء دون الحصول على موافقة من إدارة المخابرات العامة (إدارة أمن الدولة), الأمر الذي يفسره كثيرين على إنها عملية إسقاط جنسية غير مباشرة وغير معلنة, وهي عملية تهديد للمقيمين في الخارج لعدم الانخراط في النشاطات السياسية المناهضة لسياسات النظام.
إذا كان النظام يعتقد بأنه بمثل هذه القرارات سيتمكن من جعل الشعب الكردي يستسلم لرغباته وطيش أجهزته الأمنية, ليتخلى عن مهمة الدفاع عن نفسه وحقوقه, فإننا نؤكد بأن الشعب الكردي أقوى من أن ينال منه مثل هذه السياسات والإجراءات الخائبة التي لن تكون إلا وبالاً على أصحابها, فهو سيبقى متجذرأ في أرضه ومسكنه يدافع عنها بل ما يملك في وجه كل من يريد إخراجه منها بالقوة ومن غير وجه حق, ونؤكد أيضاً بأنه رغم المحن سيبقى يملك الكثير من عناصر المقاومة سيفجرها في اللحظة التاريخية المناسبة في وجه كل من يريد به له, ونحن على يقين بأنه سيفعلها, لأنه لم يعد يملك ما يخسره أو يخشى عليه, طالما أن كل حقوقه وكل شيء في حياته باتت مستباحة.

* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – العدد 182 حزيران 2010 م  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…