saalamdari@yahoo.com
متمسكون بتاريخهم وتراثهم ولهجاتهم وعاداتهم … مخلصون لقادتهم وساستهم … متشبثون بالارض التي يسكنونها …
متعايشون بسلاسة ووئام مع جيرانهم من كل الطيف السوري ولكن …
لم ينعم الاكراد في سوريا بنعم الانتماء الى الوطن ولا بخيرات الوطن الا يسيرها ولا زالوا مهمشين في اريافهم النائية او احيائهم الفقيرة حول المدن الكبيرة بعيدون عن وظائف الدولة الهامة وعن مراكز صنع السياسة والقرار الوطني يدافعون عن وجودهم وعن قضيتهم وعن احلامهم من حيث هم … مساحات محاصرة بالفقر وبالتهديدات والاتهامات الامنية ….
سياسات التمييز والتهميش التي انتهجها الدولة والقوانين الجائرة التي تسنها باستمرار لجمت على طول العقود الماضية ولا زالت الى الان حركة وحماس الاكراد المتجهة صوب الداخل السوري وقللت من التفاعل الكردي مع العمق الوطني الرسمي والشعبي واضعفت من ثقافة وروح ومسؤولية الانتماء.
اذ كانت هذه السياسات دائما بمثابة العائق و السد تقيمه السلطات امام الجدول الكردي لكي لا يصب في النهر السوري .
ولا نعني بالانتماء هنا فقط العامل الجغرافي بل نقصد بالانتماء ذاك الشعور الغامر بالكرامة والعزة و الذي يتولد في ” الجماعة” نتيجة اشتراكها في الارض والتاريخ والمعيشة..
في ظل مؤسسات ومواثيق تحدد الواجبات وتصون الحقوق وتضمن لها الامن والاستقرار والرفاه ..
الانتما الوطني – اذا- هو ذاك الاحساس الدافئ الذي تولده المشتركات (الارض والثقافة والمصالح والمستقبل….) وتعززه رعاية الفوق السياسي (السلطة ).
النخبة السياسية الكردية وعلى مدار ثلاثة وخمسين عاما من عمرها – تكتمل هذه الايام – لم ترتقي باساليب نضالها ولم تتمكن حتى من بناء ذاتها القادر على تشكيل ثقل جماهيري وسياسي في الساحة الوطنية يمكن ان يتصدى للسياسات والقوانين الجائرة التي تستمر سلطات البلاد في سنها وتطبيقها بحق مواطنيها الاكراد .
انشغال القيادات والاحزاب الكردية او ربما اشغالها من قبل السلطة في مشاكل حزبية داخلية صغيرة تركت الباب مفتوحا على مصراعيه لخروج كل السياسات والخطط التي ترسمها بعض الاوساط العنصرية في السلطة الى حيز التطبيق لتجني هذه الاوساط ثمارها اليوم ويجد الاكراد انفسهم محاصرون في مساحة وطنية ضيقة مشكوك في انتمائهم من قبل الكثيرين حتى من بعض النخب خارج السلطة!.
لم تفرز الحالة الكردية في سوريا مفكرين ومنظرين واكاديميين يشخصون الوضع الكردي في البلاد بدقة وجرأة ويحددون أهداف حركتهم السياسية وبالتالي تحديد الاتجاه ومسار النضال وصياغة المطالب الموضوعية القابلة للتحقيق فالاحزاب بمجملها لا زالت – رغم عمرها الطويل- مترددة وخجولة في توجهها الكردستاني وضعيفة في توجهها الوطني لم تحدد “قبلتها” بعد .
اذا كان الشعار و التوجه هو كردستان فاي كردستان نقصد؟ لكل جزء من كردستان اصحابه وساسته وقادته فقادة كردستان العراق يجدون مصلحتهم في العمق العراقي ويطالبون أكراد الأجزاء الأخرى بعدم الاعتماد عليهم وينصحونهم بالحوار مع سلطات بلادهم ومطالبتها هي بالحقوق وكذلك الحال في تركيا فأكرادها يميلون الى التجاوب مع توجهات حكومتهم الحالية ويتراجعون عن شعارات التحرير والاستقلال ويقبلون بالوطن التركي لكل أبنائه وكذلك في إيران فما لنا نحن اكراد سوريا من كردستان الآخرين ؟ بالنسبة لي قريتي هي كردستاني و”هولير” ليست مدينتي وموطني و”امد” ليست لنا ولن نجد فيها المأوى ولا أسباب العيش ولا الاستقرار والأمان لا بل سيطالبنا الاشقاء (أصحابها) بتأشيرات دخول !حتى لمجرد زيارتها …
اما اذا كان الشعار والتوجه هو الوطن السوري فلماذا لا تتخلى الأحزاب عن شعارات “كردستان سوريا” و “العمق الكردستاني ” والارض التاريخية”…..
وما إلى ذلك من شعارات تخاطب القلوب وليس العقول يستقز بها الشريك الوطني وتتخذ منها السلطات ذريعة لاتهام الأكراد باللاوطنية و أيضا ذريعة لزيادة الضغط على مجمل الحقل السياسي في البلاد وإصدار المزيد من المراسيم.
وليسمى أصحاب هذه الخطوة بالتيار الإصلاحي في الحركة الكردية !.
يدافع صراحة عن الانتماء الكردي للوطن السوري ككيان له خصوصية قومية يلتقي ويتحاور على هذا مع القوى والمنظومات والأطراف الوطنية وينخرط في الفعاليات والأنشطة الوطنية المختلفة.
في كل بلاد العالم ثمة تياران أساسيان اما ثوري متطرف او إصلاحي منفتح سواء كان علمانيا او دينيا وقد يوجد تيار ثالث هو الوسط ولكل تيار منظروه ورموزه الا الحركة الكردية في سوريا فلها تياراتها التي لا تقف عند ثلاثة بل تزيد باضعاف والتي لا تميزها عن بعضها حتى وان كنت عالم سياسة او فيلسوف وكذلك الحال بالنسبة للقيادات والرموز فعددهم مخيف وخطاباتهم “فتاويهم” بيزنطية غير مفهومة وغير صريحة البتة !.
في ذكرى مرور ثلاثة اعوام بعد الخمسين من عمر الحركة الكردية في سوريا لم يجني المواطن الكردي من جهده وحزبه ونضاله الا حصادا مرا قوامه استمرار الاضطهاد القومي واستمرار القوانين والمراسيم الاستثنائية وصدور اخرى اشد خطرا وازدياد الفقر وازدياد وتيرة تهجيرالاكراد من ديارهم ….
وازدياد عدد احزابهم وقيادييهم !.
بعد مرور اكثر من خمسة عقود من النضال السياسي يبقى الأكراد في نضالهم بحاجة الى الثنائي نفسه الذي كان من المفترض ان ينطلقوا به او ينتجونه عبر محطات عديدة من العمل السياسي والحزبي وهو تحديد الهدف والمطالب والتوجه .
اي” قبلة النضال” وتشييد وسيلة النضال المتمثلة في حزب او جبهة او حركة تلتف حول برنامجها النخبة ” ائمة العمل السياسي” وتقف خلفها جماهير القرى والأرياف الكردية تحتضنها وتؤازرها .
وفي كل الاحوال لابديل عن الانتماء السوري والدفاع بلا هوادة عن هذا الانتماء ولا بديل عن العمق السوري للاكراد ولا عن الانخراط في العمل الوطني العام الى جانب كافة القوى والاحزاب والتيارات التي تؤمن بالديمقراطية وسيلة للتغيير نحو الافضل وبالتعددية غنى للتراث الفكري وبالآخر المختلف ندا يحفز على التصويب في مسيرة العمل الوطني .