الرد الدونكيشوتي من بلد الجليد المائع؟!

سيامند إبراهيم *

كم نحن مغفلين بحيث لم ندري بأنه ثمة حزبيون يحملون شهادات عالية في العلوم ولا ندري أنهم أصحاب عبقريات تزدهر في موسم الصيف, ولا ندري أنه هناك أيقونات تسبغ على نفسها الرقي والسمو والكمال في الحياة السياسية الكردية! وهي في حقيقة الأمر بحاجة إلى معالجة أخلاقية وتقويم اعوجاج نفسياتها!  ومن المؤكد حتى يعجز باستور في تحليلها؟! ولو خرج اسحق نيوتن من قبره لتعجب من معرفة ماهية واستكشاف الآفاق السياسة التي تتسم بها عقول هؤلاء الذين يشبهون أولئك الدونكشتيون الذين يحاربون طواحين الهواء!
 مع احترامي وتقديري للمناضلين الذين يعملون بصمت وإخلاص وأولئك القابعين في السجون يقفون بصلابة وإيمانهم بقضيتهم, ولا يحيدون قيد أنملة عن مواقفهم الثابتة,  لكن في أوروبا للنضال طعم آخر لدى العديد من الساسة, وذوق آخر في معالجة الأمور, وتقوقع يتستر ويهرب من الإفلاس السياسي للقضية الكردية والأجدر منه اللجوء إلى حصان طروادة ليدخل باب السياسة الواضحة تحت جنح الظلام؟!

وبعد هذه المقدمة الطويلة نعود إلى موضوع الدكتور السياسي سعد الدين والصراع الحزبي بين رفاق الأمس وأعداء اليوم حزبياً, ولابد أولاً أن لا يتحفنا بالتاريخ النضالي له في أوروبا,   فتاريخ الشعب الكردي زاخر بمناضلين من طراز رفيع نفتخر بهم, نحن نسير في الوطن على خطاهم وبصمت ولا جعجعة, وأستغرب من هذا الملاك الذي يوزع الوطنية والرحمة إلى شعبه يميناً ويساراً, وهذا ما اتسم به خطابه الذي دبجه لنا بشكل متشنج؟!
 بداية ليسمح لي السيد السياسي صاحب النضال الوطني الكردي الطويل الذي ينعت المثقف الكردي بالسذاجة, بأنه بعيد كل البعد عن رسالة الإعلام المرئي منها والانترنيتي بشكل عام, وأحب أن أهمس في أذنيه, بأن الانترنت قد كسر وحطم حدود الدول وخرق رقابات وزارات الإعلام في الأنظمة الشمولية والتقدمية منها, وخدم قضيتنا الكردية بشكل رائع, والانترنت هو أجمل وسيلة تواصل بين البشرية على العموم, فقد سمع العالم صوت الأكراد في كل أصقاع الدنيا! ويبدوا ذهنية هذا السياسي مثل عقلية القرون الخشبية بحيث لم يفهم وظيفة الاعلام والخبر وهو يسير على شاكلة الكثيرين من تفكير ومنطق السياسيين العرب والفرس والأتراك والأكراد في مخاطبة الآخرين بلغة تخوينية والعيش في برج عاجي, لكنه في الواقع يعيش في برج عاجي مسوس ومنخور بكل تأكيد, وقبل أن أحيله إلى فن الخبر, أود أن أبين للقراء :” أنه عندما قامت دولة إسرائيل عرضوا على (اينشتاين) أن يتسلم رئاسة الدولة, فضحك وقال إنني لا أستطيع قيادة عدة أشخاص فكيف لي أن أقود شعب” وهذا تذكير بأن من يحمل شهادات عليا في أي اختصاص كان ليس بالضرورة أن يكون ناجحاً في السياسة, وأذكره بأن السياسة فن, وذوق وأخلاق وغيرها من التعريفات.
وأحب أن أوضح أنني لا أنتمي إلى أي حزب من الأحزاب السياسية الكردية والعربية, ولا أدافع عن أي حزب ضد الآخر, إنما أنا معني بقضايا الشعوب المضطهدة وبالأخص قضية شعبي الكردي المظلوم في كل مكان, شعبي الذي يئن تحت أثقال المشاريع الاستثنائية والقمع بشتى ألوانه في كل مكان يعيش فيه, وعندما كتبت عن قضية الكرد المعتصمين في قبرص فإن الدافع الأول والأخير هو معرفة من خذلهم, ومن أقحم نفسه ليستفاد ويكسبهم لأجل مصالح حزبية ضيقة, وأقول إن كلا الحزبين المتناحرين هما اللذان يتحملان مسؤولية هذه المأساة التي انتهى  إليه مصير المعتصمين بالتسفير, والترحيل الذي ينتظر الباقي لا سمح الله؟!   
وأقول مرة ثانية وأذكر دكتورنا والذي خذله لسانه الفصيح بمقولة (ماكلوهان):” ببساطة أن المجتمع يتشكل عن طريق وسائل الاعلام الذي يتصل بها الناس أكثر مما يتشكل بمضمون الاتصال” (راجع كتاب المدخل إلى وسائل الاعلام – الدكتور عبد العزيز شرف صفحة 97 )؟
وأحب أن أوضح نقطة ثانية وهي بعد كتابتي ذاك المقال عما فعله السيد سعد الدين بحسب ما قرأنا في موقع (كميا كردا) وباسم (الشيخ خالد خلف) والمحامي القبرصي (قسطنطينو) وأرقام هواتفهم أصابنا الحزن والألم تجاه هذه التصرفات, ونحن نعلم سابقاً عن تصرفات الأحزاب من كيل الآخرين بتهم رخيصة وتخوين المعارض الآخر بالعمالة وهذه معروفة ومتداولة في جميع أحزاب العالم الثالث المتخلف؟! فقد تلقيت عدة اتصالات من أصدقاء قدامى انقطعت عني أخبارهم منذ عقدين من الزمن, وصرحوا بأنهم يعرفون سعد الدين جيداً وهو بعيد كل البعد عن هكذا تصرفات والسلوك الأعوج.

وتلقيت بعض الرسائل الالكترونية التي تعاتبني بحس أخوي رقيق, ورسالة سخيفة باسم منظمة حزب اليكيتي في أوربا وفيها علامات الاستفهام ومؤرخة بتاريخ الإرسال؟!
فقلت لهم يجب على السيد سعد الدين إصدار بيان باسمه الشخصي لتبيان موقفه ونفي ما نسب إليه جملة وتفصيلاً مما أذيع وكتب عنه في خضم هذه الاتهامات الخطيرة التي أصابته بما أنكم تبرئون ساحته, وخاصة من جهة المثقفين الكرد, والشارع الكردي, فإذ نفاجأ ببيان حزبي مشوش يهاجم فيه الطرف الآخر – السيد عبد الباسط حمو؟ وبعد مرور ثلاثة أيام فإذا بالسيد سعد الدين يخرج علينا بالتوضيح العتيد, وهنا أسأله لماذا تأخرت في تبيان موقفك ؟! وهنا أحب أن أحيله إلى كتاب فن الخبر للدكتور( محمود أدهم) الذي يضع مائة شرح لفن الخبر الصحفي ومنها:” الرواية الأمينة وغير المنحازة والكاملة للأحداث ذات الأهمية والنفع بالنسبة للجمهور.
ثانياً: الأخبار هي التاريخ في حالة السرعة”
وهنا نام السيد سعد الدين في أذن الثور Di guhê ga de razayîye , وقد كتبت في مقالي بأنني انتظرت يوماً كاملاً حتى نسمع من الدكتور سعد الدين تكذيب هذا الخبر الخطير لكنه طنش وتصرف بلا مبالاة, وبعد أن زادت الشكوك حوله وضعف موقفه أكثر من الأول!
ونحن يا سيد سعد الدين لا نضرب بالمندل, ولا نعرف بشأن زيارتك المقررة منذ شهرين إلى قبرص, وأخيراً أنت ومنظمتك والطرف اليكيتي الآخر في أوربا تتحملون تبعيات هذه القضية, لأنكم لم تحسنوا التصرف على أرض الواقع ولا زلتم بحاجة إلى المزيد من الوعي الإعلامي والسياسي وكفاكم تخبطاً والوقوع في المزيد من الأخطاء الجسيمة ونذكركم بأن قضية شعبنا الكردي في سوريا أكبر وأهم من خلافاتكم الحزبية والشخصية.

القامشلي  19 حزيران 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…