لقد تأسست مستشارية الأمن العام ، أعتقد أن “معمّر غولار”(مستشار الأمن العام) ذهب مع وزير الداخلية إلى انكلترا بشأن هذا الموضوع على الأغلب .
إن هؤلاء ذهبوا للحصول على الإذن مرة أخرى .
وسيتم تنفيذ التوافق الجديد ، مثلما ذهب “دوغان غوريش”(رئيس هيئة الأركان في التسعينيات) إلى انكلترا تماماً وحصل على الضوء الأخضر في أعوام التسعينيات .
مع الأسف الانكليز هم الذين يحددون مصير كردستان منذ قرن ، كما أن القول أنها انكلترا وحدها ليس صحيحاً ، فهي سياسة انكلوساكسونية .
في حال قبول إيران يمكن أن يبدأ مسار للحوار ، أما إذا لم تعمل إيران بالحوار فإنها ستواجه صعوبات كبيرة ، فهاهي تتعرض لضغوط دولية كبيرة وللحصار ، وستعجز عن النفاذ من ذلك ، ولا يمكنها أن تتخلص من هذا الحصار سوى بالحوار مع الأكراد وإلقاء خطوات الدمقرطة لتحقيق الوحدة الديموقراطية داخلياً .
في هذه الأثناء حدثت بعض التطورات في سوريا ، وقد انعكس في الصحافة أنهم قتلوا أحد عشر شخصاً من المنتمين إلى PKK ، لا أعتقد فسوريا لا تمارس مثل هذه الأعمال .
الدولة السورية لن تأخذ مكانها في فكرة إبادة الأكراد تماماً ، هذا هو تفكيري ، وعلى الأكراد هناك أن يطوروا نضالهم الديموقراطي وتنظيمهم .
ذهب مسعود البارزاني لزيارة ألمانيا وفرنسا بعد تركيا ، ربما هو أيضاً ذهب للتحادث حول الفكرة الجديدة مع ألمانيا وانكلترا .
وفي هذا الموضوع كنت قد كتبت إليهم سابقاً وحذرتهم .
فهناك خطر إبادة تستهدف جميع الأكراد ، فليكونوا مدركين للخطر ، وأن لا يثقوا كثيراً بالقوى الخارجية ، فالقوى الخارجية يمكنها أن تبيع الأكراد دون أن يرف لها جفن إذا تطلبت منافعها ، وهي لن تتورع عن بيع الدولة في الجنوب بمنتهى السهولة .
نعم مستوى النساء يبدو جيداً ، ولكن أمامهن طريق طويل ، ولدينا نساء قيِّمات جداً ، لقد أفلحن في مسألة “لنتجاوز ثقافة الاغتصاب” هذه ، ولكن يبدو أنهن يتقرَّبن بشكل ملموس وضيِّق بعض الشيء ، فحسبما ينعكس في الإعلام يتركن انطباعاً وكأنهن يستنكرن حوادث الاغتصاب الملموسة كما حدث في سيرت .
بينما ثقافة الاغتصاب هذه بدأت عندما قام النظام البطريركي بأسر المرأة منذ آلاف السنين وصولاً إلى يومنا .
ويجب على نسائنا مكافحة هذه الذهنية .
لدى الفامينيين أيضاً مشكلة السطحية وضيق الأفق هذه .
أنا أتكلم عن الإغتصاب الحاصل في البيوت العادية .
فهل تظنون أن كل ما يحدث في هذه البيوت هو بإرادة المرأة الحرة واختيارها ؟ كلا .
فليس للمرأة حق في اتخاذ القرار في أي موضوع ، والرجل هو الذي يحدد كل شيء ، ويجري كل شيء حسبما يريد مزاجه .
انظروا ، وأتمنى أن لا يُفهم بشكل خاطئ ، فأنا لست ضد مؤسسة الأسرة ، فربما يمكن أن تكون بشكل مبدئي جداً ، وأن يثق الطرفان ببعضهما حقاً .
أفكر أحياناً ، هل سأتمكن من تسيير مثل هذه العلاقة إذا ماكنت في الخارج ؟ فحسب قناعتي علاقة المرأة والرجل ، وعيشهماً معاً يجب أن تكون كأحد الفنون ، فإن كان هكذا سيكون ذو معنى .
أما في يومنا هذا فإن أكثر النساء ثقة بنفسها ، مع أي رجل من الرجال ، حتى ولو كان أكثر الرجال مثالية ، فخلال أربع وعشرين ساعة من العيش معاً تبدأ بالدخول تحت هيمنة الرجل ، لأن النظام تأسس هكذا .
وكنت قد قلت هذا القول من قبل .
أنا تهربت دائماً من هذا النوع من العلاقات حتى عمري هذا ، ولا زلت أتهرب .
هناك أفكار أخرى وكتب أخرى بشأن هذا الموضوع ، لقد قرأتها .
فهناك بعض كتب “فاطماغول بركتاي” المتعلقة بهذا الموضوع ، يمكن الاستفادة منها أيضاً .
النظام جعل من المرأة أسيرة تماماً ، فهي غير موجودة في أي مكان بالمعنى الحقيقي ، غير موجودة في دنيا العمل ، ولا في الحكم …وهكذا ، ولكن في الأصل المرأة تمتلك هذه المهارات طبيعياً .
فالمرأة هي التي أولدت وغذَّت في العهد النيوليتي .
وثقافة المأكل من إنجازها ، وهي التي أقامت الحياة ، واليوم أيضاً هن يملكن هذه المهارات طبيعياً .
في مرافعاتي أتحدث دائماً عن ثقافة الإلهة الأم للعهد النيوليتي ولكن يجب عدم فهم ذلك أيضاً بشكل خاطئ ، فأنا عندما أقول إلهة ، فأنا لا أتحدث عن القدسية بالمعنى الديني ، فالمرأة مقدسة طبعاً ولكن عندما أتكلم عن ثقافة الإلهة فأنا أتكلم عن موقعها الاجتماعي في تلك العصور ، وأتحدث عن كيفية حمايتها لنفسها ، فذلك ما أقصده ، وأتحدث عن العودة إلى التاريخ لمعرفة ثقافة الإلهة وفهم كيفية إسقاطها من الالوهية إلى وضعها في يومنا هذا .
هناك ثلاث رؤى مختلفة في مسألة المرأة ؛ 1 ـ المقاربة العاطفية .
2 ـ المقاربة التصورية .
3 ـ المقاربة الفكرية والفلسفية .
هاهو “ناظم حكمت” والآخرون وبعض الكتاب والشعراء والأدباء الآخرون يتناولون المرأة بشكل عاطفي وتصوري .
بل حتى البعض منا وخاصة الرفاق الذين في السجون يتناولونها بشكل تصوري وخيالي .
ولكن مقاربتنا ليست تصورية ـ خيالية ، بل هي مقاربة حقيقية فكرية فلسفية ، فلا يمكن تجاوز ثقافة الاغتصاب للرجل المهيمن السائدة منذ خمسة آلاف سنة إلا بهكذا مقاربة فكرية فلسفية ، بينما المقاربات العاطفية والتصورية فغير مُنقذة .
الحداثة الرأسمالية جعلت من المرأة موضوعاً للجنس ، فهاهي التزيينات والبهرجات تحت أسم الموضة ، ففي الحقيقة يجري تسويق المرأة بحجة أنها تتواءم ، حيث يُنظر إلى المرأة وكأنها آلة للجنس .
لقد جعلوا الرجال ينظرون إلى المرأة من منظور الجنس فقط ، إنهم يفكرون في هذا على مدى أربع وعشرين ساعة ، وينظرون إلى المرأة بهذه النظرة ، فهذه هي الوظيفة الأهم التي أعطيت للمرأة ، أي تلبية الغريزة الجنسية اللامحدودة للرجل ، علماً بأن الأمر ليس هكذا حتى لدى الحيوانات ، حيث للأمر مستواه ونظامه ، فالذكر والأنثى يتزاوجان في فصول معينة على أساس الحاجة المتبادلة .
حتى تتمكن الحداثة الرأسمالية من التستر على واقع المرأة تقوم بإبراز جوانبها الجسدية والجنسية ، وتسوقها تحت أسم الموضة لحجب رؤية المرأة بينما في الجوهر هي تستعبدها .
حيث أن النظام والرجال هم الذي يقررون ماذا يجب أن تلبس ، وكيف تقص شعرها ، وبماذا تتعطر ، وحتى التدخل في وزنها وكل ما يخصها ، كما يقومون بتحريف مصطلحات المحبة والعشق .
بينما المحبة والعشق أو العيش معاً لا يكون ذو معنى إلا بقبول الإرادة المتبادلة ، وباحترام إرادة المرأة وعلى أسس تتناسب مع طبيعة المرأة وجوهرها .
وفي حال العكس فإن “المحبة والعشق” المعاش بمفهوم وثقافة الاغتصاب المهيمنة يقضي على المرأة .
فهاهي نظرة أردوغان إلى المرأة في الميدان ، إنها مقاربة فاشية عرقية ـ قوموية .
فمفهوم الإسلام لدى هؤلاء يريد ترسيم المرأة من الرأس إلى أخمص القدمين ، فهم الذين يحددون ماذا تلبس ، ويتدخلون في زيها وملابسها وفي كل مايتعلق بها .
ويمنحونها دوراً محدوداً جداً ، فيضعون المرأة في القالب الذي يطلبه الرجل .
فأردوغان تجاهل إرادة المرأة تماماً وطالب بـ”ثلاثة أطفال على الأقل” ، لست أنت من تستطيع اتخاذ هذا القرار ، فهي مسألة لا تستطيع سوى المرأة اتخاذ القرار فيها .
لأن المرأة بالذات هي أكثر من تتأثر بهذا الأمر .
وهذا يتطلب إحترام طبيعة المرأة هذه ، وترك القرار في هذا الموضوع للمرأة .
أما إذا أنجبت المرأة الأطفال كثيراً فهي تنقطع عن الحياة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وتتحول إلى نكرة .
أتمنى أن لا يُفهم خطأً ، أنا لا أعترض على الأسرة والأطفال ، ولكن ولادة طفل واحد تتسبب في الاهتراء الشديد للمرأة جسدياً ونفسياً ، فحتى تنشئة طفل واحد تسبب انغلاق المرأة في البيت واهترائها كثيراً .
اعتماداً على الوعي بهذا الأمر، على المرأة أن تحمي نفسها وأن لا تسمح لسقوطها في هذا الوضع، وتنظم نفسها وتخوض النضال من أجل حريتها .
أردت اليوم التكلم عن بعض الأمور عن مسألة العلوية و”قيليجداروغلو”(رئيس CHP الجديد) ، حتى نفهم مسألة قيليجداروغلو ، يجب علينا أن نفهم لماذا أسقطت شرائح الحرب الخاصة “بايكال”(رئيس CHP السابق) .
والآن ، هل تم إسقاط بايكال لأنه كان يبدو كعقبة أمام الحل ، أم أنه أسقط من طرف لوبي الحرب الخاصة لأنه لم يتموضع حسب رغبتهم بما فيه الكفاية ، فوجدوه غير كافي فقاموا بتصفيته ؟ ويمكن أن نسأل هذا السؤال بشكل معاكس أيضاً .
هل جيء بقيليجداروغلو من أجل فتح المجال أمام حل ما ، أم أنهم وجدوا أن السياسات القومية لـ”دنيز بايكال” غير كافية فقاموا بوضع قيليجداروغلو مكانه ؟ ، الإجابة على هذه الأسئلة ستظهر مع الزمن ، ولهذا السبب لا أريد التعبير عن فكر حاسم بشأن قيليجداروغلو .
حيث يمكن لسياسات ومواقف BDP (حزب السلام والديموقراطية) أن تكشف عن ذلك وتحسمه .
الاحتمال الأول ؛ أي إذا كان تم جلب قيليجداروغلو من أجل الحل ، فيمكن أن يكون جلبه من أجل حل الكمالية الديموقراطي كما عبرت عن ذلك سابقاً ، فإذا حدث ذلك فسيكون إيجابياً على صعيد الحل ، ولكن يبدو أنهم لم يجلبوه من أجل الحل .
يمكن وضع أفكاري بشأن العلوية وما عبرت عنه سابقاً في كتاب باسم “قضية ديرسيم العلوية ـ الكردية والحل الديموقراطي” ، في هذه الأثناء ربما لن يكون من المناسب كثيراً تسمية الأكاديميات في كل من ديرسيم وأورفا بأسمي الأكاديمية العلوية وأكاديمية الإلهيات ، فهذه المصطلحات أو الأسماء تُذكِر بالدين غالباً ، كما يمكن أن تُذكِر بالتفرقة العلوية السنية أيضاً ، ولهذا السبب يمكن أن يكون أسم الأكاديمية في ديرسيم هو “أكاديمية ديرسيم للسياسة الديموقراطية” ، أما في أورفا فبنفس الشكل يمكن أن يكون “أكاديمية أورفا للسياسة الديموقراطية” ، أي يمكن إعطاءها الأسماء الجغرافية والتاريخية للمنطقة التي تفتتح فيها ، ففي المستقبل مثلاً يمكن افتتاح أكاديميات باسم “أكاديمية سرحد للسياسة الديموقراطية” أو “أكاديمية بوتان للسياسة الديموقراطية” .
رئيس الوزراء أيضاً أدلى بتصريحات بشأني واتهمني ، وهذا يمنحني الحق في الرد ، فسأرد عليه .
يتم تداول ما أدليت به في الأسابيع الماضية في الصحافة ، حيث تناقش مسائل أجويد وأرباكان وأوزال .
وأنا لن أتكلم عن تلك المسارات مطولاً ، ولكن لأتكلم عما حدث في عام 2002 .
فأول ما أوتي بي إلى هنا ، سواء الذين جاؤوا والتقوا بي باسم أجويد(رئيس وزراء راحل) ، أو الذين جاؤوا والتقوا بي باسم كيفيريكوغلو(رئيس هيئة أركان سابق) ، قالوا لي ؛ “عندما يتم التخلي عن الإنفصالية والعنف في المسألة الكردية هذه ، فيمكن طرح كل أشكال الحل بالأساليب السياسية ونقاشها” .
وهذا الأمر في الأصل كان متوافقاً مع مفهومي أيضاً ، وفي الحقيقة كنت قد عبَّرت عن آرائي في هذا الموضوع مرات عديدة منذ سنوات التسعينيات ، فقلت لهم “هذا ممكن” ، حتى أننا قمنا بسحب كامل قواتنا المسلحة إلى خارج الحدود من أجل هذا ، واستمر هذا المسار لسنوات ، ولكن لم يتم تقييمه ، ولم يتم إلقاء أية خطوة .
أجويد أراد القيام ببعض الأمور ، فقد نوقش عفو “راهشان”(زوجة أجويد) وما إلى ذلك ، فأصلاً كان التفكير يجري حول عفو أوسع ، ولكن لم يحدث .
فمن الداخل أصبح “باخجلي”(رئيس MHP) عقبة سياسية أمام ذلك .
حيث أن باخجلي سدَّ المجال أمام الحل الديموقراطي بشكل مكشوف .
أما خارجياً فالسياسات الأنكلوساكسونية عرقلت ذلك الحل ، انكلترا وأميريكا .
فالسياسة الأنكلوساكسونية كانت قد وضعت التدخل في العراق نصب عينيها ، وكان أجويد يعترض على ذلك ، كما كانت هناك خطوات يريد إلقاءها على صعيد حل المسألة الكردية أيضاً ، ولهذا قاموا بتصفية أجويد ، هذه القوى صادقت على سحق أكراد الشمال و PKK وتصفيتهم مقابل دولة فيدرالية كردية مرتبطة بها في الجنوب .
وبهذا الشكل تمت التضحية بأكراد الشمال من أجل كيان جنوبي مرتبط بالأنكلوساكسونية .
العلاقات التي أقامها AKP (حزب العدالة والتنمية) معهم تأتي ضمن هذا الإطار .
كما أن AKP لم يقبل كيان الجنوب حقاً بهويتهم ، ويتقارب منهم على أساس استخدامهم في تصفية أكراد الشمال و PKK فقط .
ولهذه الغاية يعترف ببعض الإمكانيات الإقتصادية لهم ضمن علاقات مزيفة مرائية .
يجب أن يفهم كل من البارزاني والطالباني هذا الأمر ، وأن يكونوا متيقظين في هذا الموضوع .
لقد جيء بـAKP هذا إلى السلطة من أجل السياسات الأنكلوساكسونية ، وليس لدى AKP أي مشروع للحل ، فبعد أن استمعت إلى حديث رئيس الوزراء أردوغان يوم أمس توصلت إلى هذه النتيجة بشكل حاسم .
إن AKP ينفذ السياسات الأنكلوساكسونية تماماً ، ففي الحقيقة مشروع الانفتاح هذا أيضاً سياسة انكلوساكسونية ، وتعود إليهم .
ها هم يدّعون بأنهم سيحلون هذا الأمر في تركيا بالحقوق الفردية ! وهذا يشبه الحقوق الفردية التي منحتها انكلترا لكادحيها ، فبهذا الشكل استطاعوا تهميش الحركات اليسارية والإشتراكية والنقابات ، وبالحقوق الفردية استطاعوا إلحاق حزب العمال بالنظام والقضاء على ماهيته الثورية .
أما بالنسبة للأكراد فيقولون الحقوق الفردية وذلك تصور من أجل تصفية PKK .
إنهم يخدعون الأسماء القوموية أمثال “ياشار كايا” ومحامينا “اوكجوغلو” وأمثال “كمال بوركاي” بسياسة الحقوق الفردية هذه ، وهم ينزلقون إلى هذه اللعبة .
ها قد رأيتم أجويد ، أدعوا أنه كان يتعالج في مستشفى “هابيرال” ، ولكن في الحقيقة لم يكن يدرك ما يجري له ، فقد تم تعريضه للشلل عن قصد وإدراك في مستشفى هابيرال لتحطيمه .
ومن الجانب الآخر قاموا بتصفية فريق كيفيريكوغلو أيضاً في الجيش ، وما جرى لأجويد وكيفيريكوغلو في حقيقة الأمر هو انقلاب ، حتى أن الذين التقوا بي في تلك المرحلة باسم كيفيريكوغلو يتعرَّضون الآن للمحاكمة بتهمة الانتماء إلى أرغنكون ! .
فقد تم تقديم AKP إلى المقدمة على المسرح السياسي ، ومن أجل تطبيق نفس السياسات في الجيش تم تقديم “أوزكوك”(رئيس هيئة أركان سابق) وفريقه ، واستمر كل من “بيوكآنيت”(رئيس هيئة أركان سابق) و”باشبوغ”(رئيس هيئة الأركان الراهن) بنفس النهج .
انكلترا تحدد مصير الشرق الأوسط وكردستان منذ قرن ، السياسات الأنكلوساكسونية التي ذكرتها قبل قليل طبقها الانكليز في العشرينيات من القرن الماضي أيضاً ، فعندما كان مصطفى كمال يحدد سياساته فيما بين 1916 ـ 1924 على مدى ثماني سنوات تحرك دوماً في تحالف عقده مع الأكراد ، بينما كان بترول كركوك والموصل مهماً جداً بالنسبة للانكليز ويريدون السيطرة عليه مهما حدث ، ولكن كركوك والموصل كانتا ضمن حدود الميثاق الميلّي حينذاك بشكل صريح جداً ، ومناطق كركوك والموصل كانت مسكونة بكثافة كردية كما في شمالهما ، أي أن الميثاق الميلّي كان يضم تلك المناطق أيضاً ، وسياسة مصطفى كمال هي التحرك في وحدة مع الأكراد ، ففي خطابه في “إزميت”(مدينة قرب استانبول) يتكلم عن منح الأكراد حكماً ذاتياً ، ويشير إلى ذلك في دستور 1921 ، وهناك ترتيبات في هذا الاتجاه في ذلك الدستور .
وفي خطاب له في تاريخ آخر يتكلم عن أنه سيمنح الأكراد حكماً ذاتياً .
بينما الانكليز تحرّكوا من أجل أخذ كركوك والموصل تحت سيطرتهم .
مثلما توجهوا إلى وضع التكوين الفيدرالي تحت سيطرتهم في يومنا ، كانوا قد سعوا إلى دولة العراق لتكون تحت سيطرتهم وتتضمن كركوك والموصل .
من الجانب الآخر قام الانكليز بتنظيم كوادر الاتحاد والترقي من خلال “عصمت إينونو”(رئيس الوزارة في عهد أتاتورك) و “فوزي جاكماك”(رئيس هيئة الأركان في عهد أتاتورك) اللذين كانا من رجال الانكليز ، وقاموا بحصار مصطفى كمال وتهميشه وفرض العزلة عليه ، فقد كان مصطفى كمال في وضع الأضعف من بين اينونو و جاكماك و مصطفى كمال .
وعندما أدرك مصطفى كمال قوة هؤلاء اضطر إلى التوافق معهما ، ونتيجة لذلك حدث مسار إنكار الوجود والإبادة المعلوم .
في هذا السياق أخذ اليهود أيضاً مكانهم ضمن السياسات الانكلوساكسونية ، فقد كانوا يريدون دولة لهم في الشرق الأوسط ، وكانوا يسعون إلى إعداد البنية التحتية اللازمة لها ، فهاهم اليهود في تركيا، مثلاً والد “سامي كوهين” قالوا؛ “نحن تخلينا عن يهوديتنا وبتنا أتراكاً بعد الآن”.
وفي الحقيقة لم يكونوا كذلك، ولم يتخلوا عن يهوديتهم.
فهؤلاء هم الذين قاموا فيما بعد بدور الطليعة لمفهوم التركياتية البيضاء التي هي الإيديولوجية الرسمية للجمهورية.
مصطفى كمال لم يأت إلى تلك النقطة برغبة كبيرة منه ، بل وصل إليها مرغماً .
في المحادثات السرية الدائرة بشأن كركوك والموصل في لوزان يقول الانكليز لـ إينونو “يمكنكم أن تفعلوا ما تشاؤون بأكراد الشمال” مقابل أخذ كركوك والموصل وتركهما خارج حدود الجمهورية” ، ويتم الاعتراف بالجمهورية على هذا الأساس .
وأمام هذا يقيم الأكراد القيامة ، فهاهو الشيخ سعيد يتمرد ، والانكليز استخدموا ذلك التمرد أيضاً ليضيقوا الخناق على مصطفى كمال من هناك أيضاً .
ثم يتم إعدام الشيخ سعيد ، وبعدها تستمر تمردات آغري ثم ديرسيم ، ومسار سياسات الصهر واللاحل وصولاً إلى يومنا هذا .
وهذه السياسات تُنفذ على يد AKP منذ 2002 ، وفي الحقيقة إن مايجري اليوم هو طبق الأصل عما جرى في 1925 .
ففي ذلك العهد مقابل موصل وكركوك ، واليوم مقابل الدولة الفيدرالية في الجنوب ، منحوا دور تصفية أكراد الشمال لـ AKP تحت أسم مايسمى بالانفتاح .
أما اليهود وإسرائيل فيساندون هذه السياسات الانكلوساكسونية في يومنا مثلما كانوا في الماضي .
الآن أود الرد على أردوغان ، ففي أحاديثه الأخيرة في كتلته البرلمانية يتهم BDP ويتهمنا بشكل عنيف جداً .
هاهنا تكمن ثقافة الاغتصاب والعنف ، بينما BDP لم يستطع فهم الدافع وراء قيام أردوغان بذلك تماماً .
وكان من المفروض أن يرد BDP على أردوغان كما يلي ؛ “نعم ربما أكون كتلة حزبية صغيرة ، وهناك أكراد بين صفوفك ، كما هناك أكراد يساندونك ، ولكن هناك ما يقارب خمسة ملايين كردي يريدون أن يكونوا أحراراً في وجودهم ويساندونني بإرادتهم ” .
ربما يكون التعبير عن ذلك غير مستساغاً ولكن أردوغان يرى الأكراد كـ”الحُرمَة” ، فهل سيكون استخدامه مناسباً في التشبيه .
ولكن هذا هو الوضع ، فأردوغان ينظر إلى الأكراد بهذه العين ، حيث يريد الدخول في علاقة مع الأكراد بالإرغام عملاً بذهنية ثقافة الاغتصاب التي تشكلت نتيجة للبطريركية السائدة منذ آلاف السنين .
بينما الإرغام غير جائز حتى في العلاقة الزوجية ، فهل يستطيع الزوج الدخول في علاقة مع زوجته رغماً عنها ؟ إن الرضى المتبادل لازم للزوجين ، فهذا العمل ممكن بالإرادة الحرة .
كان على BDP قول الآتي ؛ هناك أكراد يقفون إلى جانبك ، ويؤيدونك بإرادتهم الحرة ، ويمكنك عقد العلاقات معهم على النحو الذي تريده ، وتفعل بهم ما تشاء ، لأنهم في وحدة معك بإرادتهم الحرة ، أما إذا أردت أن تكون في وحدة معنا ، فعليك أن تحظى برضانا ، وفي حال العكس إذا أردت إرغامنا على العلاقة ، فإن الطلاق سيكون مطروحاً على الأجندة ، هذا الأمر هو هكذا بالنسبة للمجتمعات أيضاً ، فهذه الأمور ممكنة بالوحدة الطوعية معاً ، وليس بالإرغام .
فإما الوحدة الطوعية معاً ، وإما الإنفصال الطوعي .
فها هو مثال تشيكوسلوفاكيا في الميدان .
واليوم هاهي بلجيكا تناقش هذا الأمر ، فإن لم يحدث التفاهم فيمكن للمجتمعات أن تنفصل عن بعضها البعض ، ولكن الذي نريده ليس الإنفصال ، وقد قلنا ذلك مرات عديدة ، فنحن نؤيد الوحدة الطوعية الحرة التي تسودها المساواة .
في هذه الأثناء أدلى KCK بتصريح متحدثاً عن الحكم الذاتي في كردستان وعن إدارة كردستان .
إن هذا عمل جاد جداً .
إنكم تتحدثون عن حكم كردستان ، وأنا لا أقول لا تفعلوها ، فأنتم الذين ستتخذون القرار ، وفي الأصل قلت هذا في السابق .
وأنا لا أقول حاربوا أو لا تحاربوا .
ظروفي أمام الأنظار .
وعلى الجميع أن لا يقوموا بالعمل اعتماداً عليّ ، وليتخذوا قرارهم بأنفسهم .
كما ليس من الواضح ما سيحل بي هنا ، حتى يمكنهم أن يقتلونني هنا غداً ، فقد هددني أردوغان في حديثه البارحة ، ولكنني سأقاوم ، ولن أقدم تنازلاً من هويتي وكرامتي ، بل سأقاوم بكرامتي حتى الرمق الأخير ، وليعلم كل شعبنا هذا الأمر على هذا النحو .
إذا كانت الدولة تريد السلام فأنا موجود هنا .
وأنا أقول هنا بكل وضوح ؛ بقدر ما أستطيع رؤيته ، الدولة تخاف من إحداث السلام ، وPKK يخاف من إحداث الثورة .
أنا عملت في الشرق الأوسط على مدى عشرين سنة ، منذ اثني عشرة عاماً هنا في هذه الظروف الصعبة قمت بكل ما استطعت عليه من أجل السلام .
وعندما كنت أجهد هنا من أجل السلام على مدى اثنتي عشر سنة قام الرفاق بتقديم كل الدعم اللازم ، والتزموا بكل نداءاتي ضمن الانضباط ، وأتقدم بشكري إلى الجميع .
في الحقيقة عند بداية الإتيان بي إلى هنا قال لي أحد الضباط الذين استقبلوني ؛ “أوجالان ، لقد ارتكبت خطأً ، كان يجب عليك أن تكون على رأس جيوشك مثلما كان مصطفى كمال ، وأن تكون ضمن الحرب بذاتك” ، أي كان يقصد ؛ لماذا لم تذهب إلى قنديل لتكون على رأس قواتك العسكرية .
بالطبع أنا كنت قد فكرت أيضاً في هذا الاحتمال بشكل كثيف وقتذاك ولكن اتخذت قراري باتجاه أوروبا ، وقد لعب إيماني بالحل السياسي دوراً في اتخاذي هذا القرار ، ولا زلت واقفاً خلف ذلك القرار الذي اتخذته ، وهأنذا هنا ولست نادماً على قراري .
كما قلت إن تموضعي هنا هو تموضع السلام ، ولكن وكما قلت في السابق مراراً أنا لم أعد أجد محاوراً .
فإذا أرسلت الحكومة ممثلاً عنها ، وإذا استصدروا قراراً من البرلمان في هذا الموضوع لفتح المجال أمامي ، فيمكنني جمع كل القوات المسلحة في مكان واحد خلال يومين ، ولدي القدرة على ذلك وأراهن على ذلك ، فأنا واثق من نفسي .
حيث يمكننا سحب القوات المسلحة إلى منطقة تحت رقابة هيئة الأمم المتحدة أو الناتو ، حتى يمكن أن تكون ساحة يستطيع الجيش التركي أن يراها ، وليكن لدى الرأي العام في تركيا علم بذلك .
كانت هناك عدة رسائل آتية من السجون ، أبعث بتحياتي إلى كل الرفاق في السجون وإلى كل الرفيقات ، وإلى شعبنا في قارس وخنس وجينار .
تحياتي إلى الجميع ، طابت أيامكم .