باريس تستقبل البارزاني كرئيس دولة وتوقع معه اتفاق تعاون يتضمن مشاريع طاقة

 

خصت الدولة الفرنسية السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كوردستان العراق، باستقبال يليق برؤساء الدول، إذ جاء إلى فرنسا بدعوة من الرئيس نيكولا ساركوزي الذي استقبله أمس في قصر الإليزيه، كما التقى رئيس مجلس الشيوخ واستضافه وزير الخارجية برنار كوشنير إلى غداء عمل شارك فيه السفير الفرنسي في بغداد بوريس بوالون والسفير العراقي في باريس فريد ياسين والوفد المرافق لرئيس الاقليم (وزيرا العمل والشؤون الاجتماعية ووزير الزراعة والثروة المائية) وكذلك مستشارو الوزير الفرنسي.

ورفعت في قاعة المؤتمر الصحافي الأعلام الفرنسية والأوروبية والعراقية والكوردية.

وحرص كوشنير في المؤتمر الصحافي المشترك، الذي وقع في بدايته اتفاق تعاون بين فرنسا ومنطقة كوردستان في ميادين الاقتصاد والصحة والتعليم والتربية والمنح، على إضفاء طابع من الحميمية على اللقاء، فوصف بارزاني بأنه «صديق منذ ثلاثين عاما» في إشارة إلى الدور الذي لعبه في مساعدة كورد العراق عندما كان ناشطا في العمل الإنساني خصوصا بعد حرب الخليج الأولى وإقامة منطقة محمية دوليا وممنوعة على الطيران الحربي العراقي.

وأضاف الوزير الفرنسي أنه «انتظر هذه اللحظة منذ ثلاثين عاما».

وقبل عامين، دشن كوشنير القنصلية الفرنسية العامة في أربيل كما افتتح في العام الماضي المركز الثقافي الفرنسي في المدينة نفسها.

ويعتبر كوشنير نفسه «صديقا» قديما ودائما للشعب الكوردي.

وسعت الحكومة الفرنسية إلى تأكيد أن انفتاحها على منطقة كوردستان يأتي في إطار سعيها لتعزيز العلاقات مع الدولة العراقية التي يتيح دستورها التعاون مع منطقة كوردستان، وهو ما أكدته الخارجية أكثر من مرة لتفادي تهمة تفضيل العمل مع كوردستان على التعاون مع الحكومة المركزية العراقية.

وبعد فترة طويلة من التردد، حزمت باريس أمرها وقررت استعادة الوقت الضائع وتمتين علاقاتها مع العراق، مما تمثل في زيارة ساركوزي إلى بغداد ثم زيارة رئيس الحكومة فرنسوا فيون إلى العاصمة العراقية فضلا عن زيارات الوزراء المختصين ورجال الأعمال.

وأعربت باريس عن استعدادها للتعاون مع العراق في الميدان العسكري وتوفير العتاد والأسلحة التي يحتاجها.

ووقعت بين الجانبين صفقة أولى تناولت بيع طوافات فرنسية عسكرية ويجري البحث في عقود متنوعة «بر وبحر وجو..».

وقال كوشنير إن اتفاق التعاون يتيح الارتقاء بالعلاقات التجارية والصناعية والتكنولوجية والطبية والتعليمية.

وأثنى بارزاني على ذلك معتبرا أن هناك «إمكانيات واسعة للتعاون» بين الجانبين.

ومن المشاريع التي يعمل عليها الطرفان فتح معهد الآثار والعلوم الاجتماعية في أربيل ومدرسة للعلوم الزراعية ومشاريع في قطاع المياه والطاقة وغيرها.

وكان الوضع السياسي العراقي، وفق مصادر فرنسية، موضع تبادل لوجهات النظر بين الجانبين.

وبدا كوشنير متفائلا بمستقبل الوضع الأمني بعد رحيل أربعين ألف عسكري أميركي في أغسطس (آب) المقبل.

وقال ردا على سؤال عما قد يترتب على هذا الانسحاب من نتائج إنه «سيحرم الإرهابيين من كثير من الحجج» التي يختبئون وراءها للاستمرار في أعمال العنف.

وكشف أنه نصح بارزاني بألا تتدخل القوات الأميركية التي ستبقى في العراق حتى عام 2011 إلا بناء على طلب من السلطات العراقية نفسها.

ونوه كوشنير بالوضع الأمني المستقر في المنطقة الكوردية الذي هو «الأكثر أمانا» في كل أنحاء العراق، مضيفا أنه «واثق» بالوضع العراقي رغم أن الانسحاب الأميركي سيرتب على القوات العراقية مزيدا من الأعباء الأمنية وعلى الحكومة التي ستتشكل يوما.

ومن جانبه، قال السيد مسعود بارزاني إن كوردستان «يجب أن تكون نقطة الانطلاق للعلاقة مع فرنسا ومن أجل الأمن والاستقرار في المنطقة».

وفي الموضوع الحكومي، قال بارزاني إن الأطراف الكوردية «ليس لديها فيتو على أحد» وأن تركيزها «سينصب على البرامج» لكنها في أي حال تفضل التوصل إلى تشكيل «حكومة شراكة وطنية» لأنها ليست مع «إقصاء أي مكون من المكونات الأساسية» العراقية.

أما بشأن مشكلة كركوك، فقد التزم بارزاني بالموقف المعروف وهو التمسك بما نص عليه الدستور العراقي في مادته رقم 140، معتبرا أن من هم ضد ما تنص عليه هذه المادة هم في الوقع ضد الدستور الذي «أقرته نسبة 85 في المائة من الشعب العراقي».

وفي موضوع النفط، أشار  البارزاني، بحسب صحيفة الشرق الاوسط، إلى خلاف مع الحكومة المركزية حول تفسير بنود الدستور الخاصة به، مشددا على تمسك الكورد بحصة 17 في المائة من العائدات التي أعطاهم إياها الدستور المذكور وبالقيام بالتنقيب عن النفط.

لكنه نوه بالتطور الذي حصل مؤخرا حيث وافقت الحكومة المركزية على كل العقود التي سبق لحكومة كوردستان أن أبرمتها.

ولم يعط البارزاني تاريخا محددا لبدء التصدير لكنه توقع أن يتم العمل به بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
——

الشرق الأوسط – ميشال ابو نجم – باريس

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…