الكرد السوريون – ما الحل

حسين عيسو

هذه الرسالة “صرخة” صرخة قد لا ينشرها أحد وقد لا يسمعها أو يقرأها أحد , وقد يستهزئ بها بعض المستفيدين من الوضع الحالي في العلن , خشية أن تصبح مادة للقراءة , وتفتح أعين المغلوبين المقهورين , على ما هم فيه من مآسي , وهذا قد لا يعجب بعض أحزابنا التي يبدو أنها منهمكة في ترتيبات وأشياء ليس بينها مصلحتنا ككرد سوريين , ومثل هذا الكلام يثير غضبهم بينهم وبين أنفسهم , لأنه يفضح استهتارهم بمعاناة الناس , وعبوديتهم لمصالحهم الحزبية الضيقة , بل وأنانيتهم , على حساب كرامة شعبهم الذي بدأ يفقد حتى أعز ما لديه , ألا وهي كرامته.
 منذ فترة نشرت مقالات بعناوين : “أزمة المثقف السوري , الكرد السوريون – أين الخطأ والى أين” , متوقعا أن يكون رد الفعل عليها قويا , سلبا أو إيجابا , لكن يبدو أن أحدا لم يقرأها , أو اهتم بها , لأني لم أتلق ردا مفيدا , حيث يبدو أن اللامبالاة وصلت حتى الى القراء , إذ أن الأغلبية يئست من وجود نور في آخر النفق , نتيجة الإحباط , وكمحاولة لنسيان الواقع المرير  والمستقبل المجهول , فلم تعد تقف إلا عند مقالات الشتائم , وناشري جرعات أحلام اليقظة , والدونكيخوتيين الذين يعيشون في واد , والحقيقة والواقع في واد آخر , كم كنت أتمنى أن يرد علي أي من قادة أحزابنا الكردية أو أحد أتباعهم , ويكشف مدى الخطأ الذي أنا فيه , وينير لأمثالي الطريق لمعرفة ما يفكرون فيه , ومدى واقعيته وجديته , ليس لأني لست قائدا حزبيا , وليس لأني إنسان عادي لا أهمية لرأي أمثالي من النكرات , بل لأني حاولت كشف الحقائق , بلا روتوش , ومدى المعاناة التي نحن فيها , والتي تستلزم من كل ضمير حي , الوقوف عندها ليتبين أن الوضع لم يعد يحتمل , لذا لم يجرؤ أي منهم على الرد , اعتمادا في ذلك على ضعف ذاكرة الإنسان الكردي , وسرعة تبخر الصرخة دون جدوى في الهواء , ومن ثم نسيانها كما ننسى كل هفواتنا بسرعة البرق , ونعود الى عادتنا القديمة , وكأن شيئا لم يكن , وتزداد معاناة هذا الشعب المغلوب على أمره , مرة أخرى أقول ماذا بقي لنا , الأسماء تتغير , والأرض تسحب من أيدي أصحابها , ويمنع البيع والشراء , والبشر في هجرة مستمرة , صحيح أن بعض الأحزاب تستفيد ماديا من تهجير الناس , إذ البعض منها يعمل بأسلوب مهربي البشر , وتمتد استفادتهم الى ما بعد الهجرة , (البعض من قادتها تقيم اليوم بشكل دائم في الخارج وتدير أحزابها بالريموت كونترول , وقد يكون البعض سائرا في نفس الاتجاه , فالإقامة هناك أجمل , ويستطيع القائد توجيه ما يشاء من الخطب النارية, أيا تكن نتائجها الكارثية على الشعب المضطهد دون صديق , مادام هو متمتعا بالطبيعة الخلابة لتلك البلدان الجميلة , كأغرب ظاهرة يندر وجودها لدى غيرنا من الشعوب), أليست مهمة هذه الأحزاب خدمة هؤلاء البشر وتأمين مستقبل كريم لهم , وهل وظيفة تلك الأحزاب تهجير الناس أم تشجيعهم على التشبث بالأرض , ألا تعتبر هجرة كل إنسان خسارة كبيرة , ألا يفكر الشرفاء من هؤلاء القادة بأن الحال اذا استمر بهذه الوتيرة , فخلال عقدين قادمين , ستبقى قيادات الأحزاب وحدها فوق هذه الأرض , لا أقول انها مؤامرة تحاك ضد الكرد السوريين , لكني أستطيع القول أنها بسبب استهتار تلك القيادات ومزايداتهم , واستفادتهم من الوضع الحالي , دون تفكير الى أين ستودي بهم تلك التصرفات .

أتمنى أن لا تذهب مقالتي هذه كما غيرها , هباء في الهواء , الا أنني كانسان يعيش الواقع ويحس القلق لما يعانيه , ولا يحس بهذا الواقع إلا من يعيشها يوميا , لذا لابد أن أصرخ مرة أخرى , وأقول “ما الحل” ؟ متى سنخرج من الدوامة , وصرختي موجهة مرة أخرى الى كل من يهمه مصلحتنا ككرد سوريين , ولنفتح نقاشا حرا وموضوعيا حول الحل , لقد فكرنا كثيرا في مصالح أشقائنا في العراق وتركيا وتحملنا الكثير من الاضطهاد والمآسي في سبيل ذلك , ولم نلق من أشقائنا في تلك الدول غير الصمت لما يصيبنا , كونهم أكثر واقعية وموضوعية منا , ومع كل الحب لهم , خاصة أنهم التفتوا الى مصالحهم ضمن دولهم , وتخلصوا من عصر الشعارات النارية , ليقول زعيم مثل السيد مسعود البارزاني أن كردستان حلم , وأن مصلحة شعبه هو في بقائه ضمن العراق , والقائد الكردي التركي آبو عاد بعد عقود من الحرب والدمار الى المطالبة بالمساواة , أقول آن الأوان لنفكر نحن أيضا في مصالحنا ككرد سوريين , ونعرف ماذا نريد من شركائنا في الوطن ,  كحل نهائي وليس تكتيكا طفوليا أو استخداما ازدواجيا للتعابير , حتى نفهم بعضنا ونعمل على قاعدة ثابتة , واعتراف بأننا جميعا أصحاب هذه الأرض وأبناء هذا الوطن , ولن يحل مشاكلنا سوى المساواة في الحقوق والواجبات , وقد يقول مزاود : ما هي المساواة ؟, ويدخلنا في متاهات هي المجال الرحب للعبهم بالألفاظ , أقول : باختصار وتحديد “أن يكون لي ما للآخر السوري عربيا أو غيره , نفس الحقوق الثقافية والقومية وكل ما يتمتع بها” .
الحسكة في 14/06/10

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…