بيان في الذكرى الثالثة والخمسين لميلاد الحزب

الرفاق ممثلي المجلس السياسي الكردي في سوريا
السادة ممثلي الأحزاب الكردية الشقيقة
السادة ممثلي الأحزاب السورية الصديقة
السادة الحضور
في الرابع عشر من شهر حزيران تمر الذكرى الثالثة والخمسون لميلاد حزبنا ، الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ، كأول تنظيم سياسي كردي ، والذي جاء استجابة ذاتية وموضوعية لظروف المرحلة سواء كانت وطنية أو إقليمية أو دولية
جاء ميلاد الحزب من رحم معاناة شعبنا ومن صميم آلامه وآماله ، جاء تعبيراً صادقاً عن طموحات شعبنا الكردي في سوريا للتمتع بحقوقه القومية في حدودها الدنيا ، في الحدود التي تحافظ على خصوصيته القومية وهويته الثقافية ، انطلاقاً من أن الشعب الكردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية ، وأن الدولة السورية التي رسمت حدودها السياسية بمشيئة وإرادة دوليين من خلال اتفاقية سايكس/بيكو والتي لم تعط رغبات سكانها وشعوبها أبداً أي اهتمام فقط المصالح الاستعمارية هي التي رسمت هذه الحدود ، ومع ذلك فقد ارتضى الشعب الكردي بل سعى إلى العيش المشترك مع باقي مكونات الشعب السوري بشكل يحقق معادلة وطنية صادقة وقابلة بل واجبة التحقيق وهي تحقيق هوية وطنية سورية مع الحفاظ على الخصوصية القومية للشعب الكردي وكل مكونات الشعب السوري أي التوافق الوثيق بين العام السوري والخاص الكردي ، مطاليب هي مشروعة بكافة المقاييس وفي جميع التشريعات السماوية والوضعية ، فأية تشريعات وقوانين فيها القليل من الروح الإنسانية الوطنية تمنع على شعب أصيل التمتع بالحدود الدنيا لحقوقه ، نعم لقد تنازل الشعب الكردي عن جزء كبير من حقوقه لصالح الدولة السورية والوطن السوري بغية تحقيق أقصى درجات التعايش والتآخي والوحدة الوطنية الحقيقية القائمة على عقد اجتماعي جديد قوامه اتفاق مكونات الشعب السوري على وضع دستور البلاد بما يحقق الهويتين معاً الوطنية والقومية (العامة والخاصة ) ولكن لأن السلطات السورية المتعاقبة قد استكثرت على الشعب الكردي التمتع بحقوقه ولو بشكل متواضع لا بل الأمر لم يتوقف عند التنكر التام لوجوده وبالتالي لحقوقه ، بل مورست بحقه جملة متتالية ومتصاعدة من الإجراءات الشوفينية والتي تهدف في المحصلة إلى صهر القومية الكردية في البوتقة العربية والعمل على تشتيت الشعب الكردي وبعثرة وجوده وتهجيره من مناطقه التاريخية بذرائع قانونية ودستورية ….

إلخ
تلك الإجراءات التي باتت معروفة للقاصي والداني من إحصاء استثنائي رجعي ، وحزام عربي عنصري شوفيني ، وفصل الموظفين والطلاب ، وسياسات تعريب شاملة ، وسياسات اقتصادية ممنهجة تهدف إلى إفقار الشعب الكردي من خلال جملة من التدابير والمشاريع منها ما يتعلق بالمسألة الزراعية وتراجع اهتمام الدولة بها ووضع العراقيل أمام تطويرها ، وكذلك المرسوم /49/ المتعلق بالعقارات ، والقرار /2707/ القاضي بإلغاء عقود الإيجار وآجار المثل لمئات الأسر الفلاحية الكردية ، وكذلك سعي الدولة إلى امتلاك مساكن الكرد المجردين من الجنسية السورية إضافة إلى افتقار المناطق الكردية لأية بنية تحتية تساهم في الاستقرار الاقتصادي رغم غناها بمعظم الموارد الأولية التي تحتاجها الصناعات الغذائية والتحويلية والبتروكيمائية وصناعة الأنسجة والزيتون والزيت … إلخ
إضافة إلى ممارسة المزيد من الضغط على الشعب الكردي ومثقفيه وحركته من خلال الاعتقالات التعسفية والاستجوابات الكيفية وحالات منع المغادرة التي شملت العشرات من المناضلين الكرد والسعي إلى لجم كل نشاطات الحركة الكردية ليس التي ذي الطابع السياسي بل حتى الثقافي والاجتماعي ، وازدياد القبضة الأمنية وشدتها وقساوتها في المناطق الكردية وتدخلها السافر في كل صغيرة وكبيرة حتى في خصوصيات الأفراد ، وانعدام الحد الأدنى من الالتزام بحقوق الإنسان والتي وقعت عليها سوريا وتعهدت بتنفيذها وصولاً إلى قتل أبناء الشعب الكردي بدم بارد كما حصل في آذار 2004 والتي أدت إلى اندلاع انتفاضة آذار وكذلك عشية نوروز 2008 وخريف 2007 .
إن اجتماع كل هذه العوامل يعطي دلالات واضحة على أن الحكومة مهما حاولت تبرير أفعالها وإجراءاتها فإنها تهدف إلى شيء واحد هو إنهاء القضية الكردية كقضية شعب ، وبعثرة وجود الشعب الكردي ، وتشتيته في الداخل السوري وخارجه ، ومنع حركته السياسية من القيام بأي نشاط للدفاع عن النفس وعن الحقوق .
كل هذه الأوضاع الكردية والتي تعيدنا إلى الوراء عقوداً من الزمن في بداية الستينات من القرن الماضي حين كانت الأجهزة الأمنية لها الكلمة الفصل في كل شيء ، كل ذلك في ظل أوضاع وطنية عامة انعدم فيها هامش الديمقراطية مع إطلاق العنان للأجهزة الأمنية ووضع القوانين السورية على الرف أو إرضاخها إلى مشيئة الأجهزة الأمنية في ظل محاكم شكلية وصورية ليس للقاضي فيها أي دور سوى دور الممثل الذي كتبت له السيناريو والإخراج الأجهزة الأمنية القمعية للدولة ، ومع استمرار الأحكام العرفية وحالة الطوارئ ، وغياب أي قانون عصري للانتخابات وآخر للمطبوعات يجعلنا نضع سوريا في خانة دولة تعيش خارج عصرها ، دولة لا تنتمي بسلوكها وقواعدها العامة التطبيقية إلى القرن الحالي ، الأمر الذي يستوجب تكاتف القوى الوطنية لكافة مكونات الشعب السوري من أجل النضال لغد أفضل لهذا الشعب .
ونحن كحزب وكطرف في الجبهة الديمقراطية الكردية ، ويفتخر بأنه ساهم بفعالية في إقامة أوسع ائتلاف كردي هو المجلس السياسي الكردي من خلال اعتماد الرؤية المشتركة المتفق عليها والذي يضم تسعة أطراف كردية ، يعني أننا نسعى إلى رص الصفوف وتهيئة العوامل الذاتية للدفاع عن شعبنا وقضيته وكذلك من خلال ائتلاف المكون الكردي مع باقي مكونات الشعب السوري والقوى الوطنية والديمقراطية بكل تياراتها القومية والدينية والليبرالية من عرب وكلدو آشوريين سريان من خلال إعلان دمشق والذي يشكل مظلة وطنية متطورة وائتلافاً يمكن البناء عليه وتوسيعه وتفعيله بما يحقق آمال وطموحات شعبنا السوري في تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي المتدرج المنشود .
إننا في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي في الوقت الذي نحتفل فيه بميلاد حزبنا فإننا نعلن على الملأ استراتيجية حزبنا كالتالي :
 
 
على الصعيد الكردي :
1- العمل على إنهاء الصراع الكردي / الكردي بكافة أشكاله وألوانه مع الاحتفاظ بحق النقد المشروع ، والبناء عليه ، وإنهاء المهاترات من على الساحة الكردية وبمختلف وسائل الإعلام ، تلك المهاترات التي تلعب دوراً أكثر سلبية ، ولا يقل دورها عن دور السلطة من تكريس لحالة الانشقاق وخلق إحباط لدى أبناء شعبنا من جدوى العمل السياسي .
2- العمل على توحيد الشعب الكردي على برنامج سياسي واضح كردياً ووطنياً ، ويعتبر المجلس السياسي خطوة رائدة في هذا الاتجاه سوف نعمل على الحفاظ عليها وعلى تطويرها وتفعيلها بشكل ديمقراطي وهادئ .
3- إعادة رسم العلاقة بين الحركة وأبناء شعبنا الكردي بشكل يهيء الأرضية لتفاعل وتواصل أفضل بين الحركة وأبناء شعبنا من خلال آليات وأدوات سنتفق عليها مع أطراف المجلس السياسي .
على الصعيد الوطني :
1- تطوير وتعزيز العلاقة مع القوى الوطنية والديمقراطية السورية وبمختلف تياراتها الفكرية والسياسية واعتبار إعلان دمشق مظلة وطنية متطورة في هذا المجال .
2- المطالبة المستمرة بالحوار مع السلطة في البلاد على قاعدة التكافؤ والشراكة في الوطن والإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد .
على الصعيد الدولي :
الاستمرار في تعريف الرأي العام العالمي بمعاناة شعبنا الكردي في سوريا وتوضيح قضيته ومفهومنا لحل القضية الكردية في سوريا وذلك من خلال مختلف القنوات الشرعية وإعطاء أهمية قصوى لمنظمات الحزب والحركة في الخارج لتطوير هذا الدور وتوسيعه وتعميقه لدى الرأي العام العالمي على الصعيد القومي :
نسعى إلى تطوير العلاقات مع القوى القومية والوطنية الكردية في الأجزاء الأخرى من كردستان على أساس احترام استقلالية كل جزء وكل طرف واحترام خصوصيته وأسلوب نضاله وأدواته مع السعي ألى التنسيق في القضايا القومية العامة والمصيرية بما يحقق المصلحة القومية العليا وخاصة مع تلك القوى التي تربطنا بها رؤية مشتركة للقضايا الخاصة والعامة .
السادة المحترمون :
إننا إذ نطرح استراتيجية للعمل والنضال في خطوطها العامة والتي هي قابلة للنقاش والتعديل والتطوير وتقبل كل الآراء التي تساهم في تطوير حزبنا وتفعيل أدائه بما يخدم شعبنا الكردي وقضيته ، ومن هذا المنبر فإننا نعاهدكم باسم الحزب وقيادته وقواعده وأنصاره بأننا سوف نسير في النضال الديمقراطي بكافة أشكاله والدفاع عن قضايا شعبنا العامة والخاصة ، والدفاع عن حقوقه القومية المشروعة حتى يتم إلغاء كافة السياسات الشوفينية المطبقة بحقه ومعالجة آثارها وتداعياتها وتحقيق حقوقه القومية المشروعة من خلا ل الإقرار الدستوري بوجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية ويشكل ثاني أكبر قومية في البلاد .
سوف نواصل النضال على هدي نهج البارزاني الخالد الذي أكدت أحداث المنطقة وتطوراتها صوابيته وقدرته الفائقة على التلاحم مع الظروف والمستجدات.
فلنعمل معاً أيها السادة وأيتها القوى الوطنية الكردية وأبناء شعبنا بمختلف شرائحه يداً بيد حتى تحقيق الدولة الوطنية الديمقراطية التي ينتفي فيها الظلم والقهر والاضطهاد وتحترم فيها حقوق الإنسان والتعددية القومية والفكرية والسياسية في سوريا وبما يحقق الخصوصية القومية لكل مكون ، وتحقيق الحقوق القومية المشروعة لأبناء شعبنا الكردي.
11-6-2010 
اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا  ( البارتي )

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…