في الذكرى الـ 53 للتأسيس

  افتتاحية الديمقراطي *

تأسس حزبنا في الخمسينيات من القرن الماضي على يد نخبة تتمتع بدرجة عالية من الثقافة والوعي السياسي ليس على مستوى الشعب الكردي وحسب بل وعلى مستوى البلاد برمتها، وهذه النخبة هي التي وضعت أسس البرنامج السياسي للحزب بعد دراسة مستفيضة للظروف الذاتية والموضوعية التي كانت تمر بها بلادنا سوريا.

وعلى هذا الأساس وضعت القيادة برنامجا سياسيا كان في غاية الدقة والموضوعية، بعيدا عن العواطف والمشاعر القومية الضيقة، آخذة بعين الاعتبار مصالح الشعب السوري على اختلاف انتماءاته القومية والدينية والسياسية، الذي يتطلع إلى حياة ديمقراطية حقيقية يتوفر فيها حرية الرأي والتعبير، ولهذا فقد أكد برنامجه السياسي على ان القضية الكردية هي إحدى القضايا الوطنية بامتياز وهي إلى جانب سائر القضايا الأخرى في البلاد تتطلب حلا عادلا وديموقراطيا من خلال نضال سلمي سياسي مع القوى والأحزاب الوطنية في البلاد، وانطلاقا من هذا المفهوم ناضل بكل إصرار لكي يقيم علاقات نضالية وتفاهم مع الأحزاب والقوى الوطنية.
و قد أقر برنامج حزبنا عندما كانت سورية تعيش حياة ديمقراطية و لم تكن هناك أجواء قمعية أو خوف  من الاعتقالات ، بل هذه كانت رؤية حزبنا السياسية ، ولم يحد عن هذا المفهوم خلال نصف قرن رغم جميع الظروف التي مر بها من اضطهاد قومي وتنكيل وقمع للحزب والأحزاب الأخرى، ولم يرضخ للأفكار القومية الضيقة نتيجة للسياسات الشوفينية من بعض الحكومات والأوساط المتطرفة التي مارست العنف والقمع والتنكيل ضد حزبنا، وبنفس الوقت لم يرضخ للإرهاب الفكري الذي مورس تجاهه من الوسط الكردي على مر السنوات الطويلة الماضية، وظل مؤمنا بأهدافه يدعو باستمرار الى وحدة القوى والأحزاب السياسية التي تناضل في سبيل الحرية والحياة الديمقراطية لايمانه بانه يمكن من خلالها تامين الحقوق القومية العادلة للشعب الكردي في البلاد.                                                       
ونستطيع القول بعد هذه المسيرة الطويلة من النضال بان حزبنا لم يساوره الشك يوما في صحة وموضوعية برنامجه السياسي، ولم تهتز مواقفه ولم يأبه بالشعارات الانعزالية التي حاولت اشغاله لفترات طويلة، ومر من خلالها بأوضاع عصيبة تضاف إلى ماكان يتعرض له من الوسط الشوفيني….
لقد عانينا الكثير بسبب هذه السياسة و لم ننحني أمام الخطأ ، و سيبقى حزبنا ذلك الحزب الذي كان دائما سندا للقوى الوطنية و التقدمية و مطالبا بحقوق الشعب الكردي المضطهد ، و هنا فإننا ندعو جميع القوى الوطنية العربية و الآشورية لمساندة شعبنا للتخلص من الظلم القومي و الاضطهاد .
لقد كان حزبنا ولا يزال يؤمن بأن أي حزب سياسي مهما بلغت قوته التنظيمية والذاتية سيبقى عاجزا عن تحقيق طموحاته ما لم يكن مدعوما من جماهير الشعب، وما لم تكن سياسته قائمة على أسس موضوعية، تأخذ بعين الاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية.
 وفي هذا الصدد لقد حققنا تقدما ملحوظا حيث تلقى سياسة حزبنا التأييد من أوساط واسعة من جماهير الشعب الكردي وان كان قد واجه مصاعب جمة في هذا المجال فيما مضى، نظرا لان القوى المعادية له بذلت جهودا حثيثة ونشاطا مكثفا لتشويه سياسته ووصفه بشتى النعوت البذيئة بقصد عزله عن جماهير الشعب وبالفعل حققت بعض أهدافها في هذا المجال نتيجة هذا التضليل، نظرا لان تلك القوى كانت تطرح شعارات قومية عاطفية براقة وهي ليس فقط لم تحقق شيئا للشعب الكردي وإنما على العكس من ذلك فقد وفرت الذريعة للقوى الشوفينية التي جلبت لأبناء الشعب الكردي المزيد من التمييز والاضطهاد القومي والقمع والإجراءات والتدابير الاستثنائية.


ونحن اليوم نقول بأننا حققنا جزءا هاما مما كنا نتطلع إليه وهو إيجاد التفاهم والعلاقات الطيبة مع النخب والقوى السياسية في البلاد التي باتت تتفهم أبعاد القضية الكردية على حقيقتها وتؤمن بعدالة هذه القضية وضرورة إيجاد حل وطني وديموقراطي لها ضمن إطار وحدة البلاد.


وهنا نرى من المفيد بل ومن الضروري ان نتطرق لموضوع هام، وهو ان القوى الشوفينية في السلطة وخارجها تستغل استغلالا بشعا بعض الشعارات الانعزالية والغير موضوعية التي تطرحها بعض القوى الكردية والتي تشكل ذريعة لاضطهاد الكرد وحرمانه من ابسط حقوقه القومية والانسانية وتعمل بكل طاقاتها وما يتوفر لها من إمكانات لتشويه عدالة القضية الكردية والتشكيك بنوايا الكرد الوطنية ومواقفهم تجاه الوحدة الوطنية ووحدة البلاد.
كما نجدد التأكيد إن طرح الشعارات الغوغائية و التضليلية تضر بالشعب الكردي و قضيته و لذا من الواجب  الوقوف أمامها فقضيتنا قضية وطنية يمكن حلها في دمشق و ليس في مكان آخر ، نعم نحن أكراد و نساند حركة شعبنا في بقية الأجزاء لكن يجب أن نفهم إن القضية الكردية في سوريا حلها هنا ، و ليس في مكان آخر.

* جريدة نصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا- العدد (539) اوائل حزيران 2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…