حلقة تداول ونقاش حول «المركزية الديمقراطية كنظام إدارة» في الأحزاب الكردية في سوريا

بدعوة من المكتب الإعلامي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا “حركة الإصلاح” تم بتاريخ 7/5/2010 عقد ندوة حوارية بعنوان “المركزية الديمقراطية”، وأعد مكتب الإعلام في “حركة الإصلاح” ورقة عمل حول الموضوع، تم تقديمها للمشاركين في هذه الندوة، وبغية الاستفادة من أكبر قدر من الآراء حول هذا الموضوع فإننا ننشر إلى جانب تفاصيل الندوة نص ورقة العمل المقدمة من مكتب الإعلام في مسعىً لطرح هذه الورقة في سياق مبادرة ذات منحى ثقافي تتناول مبدأ “المركزية الديمقراطية” علها تفتح باباً أوسع للنقاشات من قبل الأخوة الكتاب والمثقفين والمهتمين سواء داخل أو خارج الوطن والذين حالت الظروف دون دعوتهم وحضورهم.
ورقة عمل “المركزية الديمقراطية كنظام إدارة”

“إن الحزب جسم نشيط ويتطور خلال النضال ضد عقبات خارجية وتناقضات داخلية” ليون تروتسكي.
كيف يمكن لأي حزب تجاوز ما وصفه تروتسكي بالتناقضات الداخلية، والسؤال ليس مرتبطاً بطبيعة التناقضات الطبقية التي كانت سائدة في تلك المرحلة وحسب، بل ما يهمنا هي التناقضات التي تنشأ دوماً وباستمرار داخل أي من الأحزاب سواء الثورية أو الديمقراطية أو الليبرالية وسبل تعاطي كل من تلك الأحزاب مع التيارات المتجددة داخل الجسد الحزبي.
اعتمدت الأحزاب “اللينينية” أو “الماركسية” في إدارتها الداخلية لتنظيماتها مبدأ “المركزية الديمقراطية” وأنتقل هذا المبدأ إلى إدارة الدولة مع وصول مثل تلك الأحزاب إلى سدة الحكم في بلدان عديدة “الدول الاشتراكية” نموذجاً.
ومن أهم أسس المركزية الديمقراطية التي تدار وفقها الأحزاب “الراديكالية” :
– يوجد مركز واحد يقود الحزب داخل الدولة وخارجها.
– يتم انتخاب كافة هيئات الحزب من القاعدة للقمة بما فيها الهيئات القيادية.
– كل هيئة حزبية تتخذ قراراتها بالتصويت وتخضع الأقلية لرأي الأكثرية.
– الانضباط الصارم وتنفيذ كل المهام والالتزام بسياسة الحزب.
– العمل الجماعي من خلال المسؤولية الفردية بحيث لا يكون العمل الفردي مغايرا لسياسة الحزب.
– وحدة الإرادة والعمل وخضوع الأقلية للأكثرية بحيث يمنع منعا باتا التكتل داخل الحزب.
بناء على تجربتك الشخصية أو إحاطتك بتجارب أخرى من هذا القبيل:
كيف تقيم “المركزية الديمقراطية” كمبدأ إدارة للتنظيمات السياسية، هل يشتمل المبدأ على تناقض، أم أن العلاقة بين المركزية والديمقراطية علاقة متبادلة يرجح أحد طرفيها على الآخر في حدود عملية توازن بين الخط السياسي والعمل التنظيمي.
ما الآلية التي يعتمدها الحزب في التعامل مع الأطروحات التي يتم تبنيها من قبل أجنحة داخل الحزب، وهل من الطبيعي برأيك أن يشتمل الحزب على أجنحة؟
ما مفهوم الأقلية داخل الحزب، وكيف يتعامل الحزب معها؟
ما هي النظم البديلة للمركزية الديمقراطية في الإدارة؟

“فيصل يوسف” عضو اللجنة المركزية الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا “حركة الإصلاح”
أيها الضيوف الأعزاء
نرحب بكم من الأعماق ونأمل أن تكون حلقتنا النقاشية اليوم حول مسالة “المركزية الديمقراطية” جهدا متواضعا من قبلنا نقوم به سوية من موقع إننا وانتم فريق عمل واحد ونأمل أن نضع تجاربنا في خدمة مجتمعنا وشعبنا وسبل إشراكه في مختلف القرارات على صعيد أحزابنا السياسية التي باتت تعاني من انقسام واضح ينعكس على أدائها وابتعاد الأجيال الصاعدة عنها وباعتقادنا فان احد الأسباب الرئيسية لذلك هو غياب الديمقراطية التي تحفز الناس للمشاركة في صياغة القرارات التي تخصها وإلغاء الرأي المختلف والاستئثار والأحادية ولنا في حزبنا الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا تجارب كثيرة في هذا المجال وسنخضعها للتقويم والدراسة بعيدة عن الذاتوية والشخصنة والمهاترات واسمحوا لي الإشادة والتقدير بتجربة حزب “يكيتي” في مسالة تداول مركز السكرتير وانتخاب قياديين من المناطق فهي لاشك بحاجة للتصقيل والتقويم الصحيح.
 نعم هناك مشكلة حقيقية داخل مختلف التنظيمات السياسية وغير السياسية التي تنشط في المجتمعات المتخلفة أو فلنقل النامية.

وهذه المشكلة ترتبط دون شك بالثقافات السائدة في تلك المجتمعات ولعل ما يعنينا هو تلك المحركات والمحرضات الاجتماعية التي غالبا ما تكون مرتبطة بالتربية وما تنتجه من ذهنية عصبية غير معلنة ولا تكون شكلية كالأنانيات والاستئثار والعصبيات إضافة إلى رفض المختلف فكرياً وعدم قبوله وهذا ما يجعل مجرد التشخيص سعياً نحو المعالجة أمرا غاية في الصعوبة ومما عزز وساهم في ذلك اعتماد مبدأ المركزية الديمقراطية كنظام إدارة من قبل الأحزاب السياسية في بلادنا عربية وكردية وآشورية، حيث ساعدت لتغذية هذه النزعات داخل تلك التنظيمات السياسية لأنها ومن الناحية العملية أعطت الصلاحيات التامة للمركز ليقود التنظيم دون مشاركة فعلية لباقي الهيئات وفق مفهوم الحزب اللينيني “الذي هو نتاج نظرية لينين حول الحزب الثوري المعروفة، الحزب من النوع الجديد، حزب أكثر أقسام الطبقة العاملة وعيا وثورية، حزب يقوم في تنظيمه على الطاعة الواعية والمركزية الديمقراطية، وخضوع الأقلية للأغلبية وخضوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا، ويخضع في إستراتيجيته وتكتيكه لمركز دولي، للوصول للسلطة لابد من حزب عمالي صلب من الثوريين، وان هذا الحزب باستمرار يتطهر من العناصر الانتهازية والمترددة، وجذب أكثر عناصر الطبقة العاملة وعيا إلى صفوفه.

وان الحزب كيما يدخل الوعي في صفوف الطبقة العاملة عليه أن يتوجه إلى كافة طبقات وفئات المجتمع، وان الحزب يستند في نظريته إلى الماركسية، وغير ذلك من مفاهيم لينين حول الحزب الثوري من النوع الجديد”.

ولكن التطورات التي نشهدها اليوم في كل أنواع المعرفة الإنسانية ولاسيما علوم الإدارة التي تطورت مع الثورة العلمية التقنية الجارية بدأت تأخذ في الاعتبار الجوانب الإنسانية تجاه البشر، وضرورة إشراكهم بمختلف السبل والوسائل في تطوير التنظيم نفسه، واخذ رغباتهم وآمالهم وتطلعاتهم في الاعتبار.


وبالتالي فإن الحاجة اليوم إلى أشكال تنظيم أرقي تتميز باحترام عمليات اتخاذ القرارات الديمقراطية  بتحمل وجهات النظر المختلفة بالتعقل والحساسية إزاء البشر حتى تكون تنظيمات حقيقية تنجح في تحقيق أهدافها وبدون ذلك تتجمد هذه التنظيمات وتصاب بالعقم والركود..

وتسود فيها البيروقراطية  وتتسلل إلى قيادتها العناصر غير المؤهلة التي تعوق تطورها وازدهارها وتخنق كل جديد وحي فيها وتفرض على التنظيم أساليب عمل بالية وعقيمة وهو ما أصبح ملموسا بصورة جلية في بعض التنظيمات الكردية في سوريا وفي المقدمة منها حزبنا الذي بات يختزل بشخص السيد سكرتير الحزب حصريا في السراء والضراء ويشغل سدة السكرتارية منذ زهاء نصف قرن من الزمن ويصر على إشغاله هذا الموقع لمدى الحياة وهو يمهد الآن للتوريث مستخدما كل الوسائل المتاحة له.


ولاشك بان الحزب كتنظيم سياسي وككائن اجتماعي يتفاعل ويتكيف مع المتغيرات الجديدة في الحياة والمجتمع الذي لا يعرف الاكتمال والنهائية.

وبالتالي فإن مفهوم المركزية الديمقراطية الذي تعتمده أحزابنا السياسية هو مركب من عنصرين: المركزية والديمقراطية، وهو أيضا لابد أن يخضع للتطور والتغير مع تطور الحياة وبالتالي فإن المركزية يجب أن تتقلص وتنكمش وتزداد الديمقراطية وتتسع بحيث أن مفهوم المركزية يؤول إلى الديمقراطية عندما تكون كل المراكز منتخبة، ولا مركز آخر شرعي غير منتخب – ولن يستطيع هذا المركز أن يفرض نفسه على جماهير لم تنتخبه.

كما أن احترام الأقلية (وليس الخضوع) لرأى الأغلبية هو نفسه ديمقراطية مع احتفاظ الأقلية برأيها، على أن تصارع بوسائل ديمقراطية ليسود رأيها – ويمكن أن تصبح أغلبية في فرص لاحقة.

والتزام الهيئات الدنيا بوجهات الهيئات العليا مفهوم يتحقق بالاقتناع، ويعني أيضا العكس استجابة الهيئات العليا لرغبات ومقترحات وآمال وتطلعات الهيئات الدنيا، أي أن له اتجاهين وليس اتجاه واحد: من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى.

وبالتالي، فإن مفهوم المركزية الديمقراطية يتقلص إلى الديمقراطية.


“والحزب الديمقراطي الحديث يسمح بسيادة التيارات الفكرية داخله لأنه من خداع النفس منع تلك التيارات، والتيار هو عبارة عن أفكار توحد مجموعة من الناس داخل التنظيم التي تصارع بوسائل ديمقراطية ومكشوفة من أجل إقناع الآخرين بوجهة نظرها داخل الهيئات الحزبية، وفي صحافة الحزب الداخلية والجماهيرية” وهو ما ندعو إليه كحركة إصلاح في حزبنا بديلا عن الطغيان والفردية السائدة ودعونا إليه سابقا ولكن دون جدوى وتم مواجهتنا من قبل السكرتير.
“ووحدة الحزب نفسها تتم من خلال تعدد وتنوع واختلاف الآراء والتيارات داخله والصراع الفكري المكشوف المتصل والمستمر، والديمقراطية تعنى انتظام مؤتمرات الحزب وانتظام انتخابات هيئات الحزب القيادية، كما تعني تحديد دورة محددة للقيادة المنتخبة.

(ولاسيما للسكرتير في أحزابنا الكردية –  بتصرف) وأخيرا، فإن ترسيخ الديمقراطية داخل الحزب أولا أو الأحزاب هو الشرط لترسيخها في المجتمع ككل”.


بهذا الشكل وكعملية منطقية للتطور يتم تجاوز مفهوم الحزب المعتمد على المركزية في أوسع مجالاته ورجحانها حتى على بعض الهوامش الديمقراطية المتاحة في إبداء وجهات النظر في بعض القضايا المحلية التنظيمية البحتة إلى الحزب الديمقراطي بمضمون برنامج سياسي شفاف وواضح يأخذ في الاعتبار انجاز بناء الدولة الديمقراطية التي تكون حاضنا لكل مواطنيها دون استثناء أو تمييز.

نصر الدين إبراهيم..

سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا “البارتي”
بدايةً أشكر الأخوة الذين دعونا إلى هذه الندوة للحوار وتبادل الرؤى حول مبدأ “المركزية الديمقراطية” الذي اُعتمد في إدارة الحياة الداخلية للأحزاب الثورية بشكل عام.
لقد أكدت التجربة في حياة تلك الأحزاب التي انتهجت هذا المبدأ في التنظيم الحزبي طغيان المركزية شيئاً فشيء في حياة تلك الأحزاب وتقلص حقوق الأعضاء والممارسة الديمقراطية وتهميش دور الأقلية في إدارة النشاط العام للحزب بل تصفية وتخوين الأقلية بحجة حماية التنظيم من التكتلات و(الشللية)، وارتبطت ممارسة مبدأ المركزية الديمقراطية في الكثير من التنظيمات السياسية الهادفة إلى إحداث تغييرات ثورية جوهرية في المجتمع لصالح طبقة أو عدة طبقات بالمنهج السياسي لها، الأمر الذي أدى إلى تحل هذه التنظيمات إلى نمط من الشمولية والمركزية الشديدة، وأحياناً التفرد والاستبداد للقائد الفرد أو حلقة ضيقة من القيادة قبل وبعد الوصول إلى السلطة.
لقد تخلى حزبنا الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) عن مبدأ المركزية الديمقراطية في مؤتمره التاسع الذي انعقد في تموز 2002، حيث اعتمد الديمقراطية في تنظيمه عوضاً عن المركزية الديمقراطية، والديمقراطية تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات وتحقق تكاملاً عضوياً لهما، فيغدو السبيل إلى ترسيخ مبدأ الانضباط الحزبي سبياً لا غنى عنه أبداً، وإلا ستفرغ الديمقراطية في الحزب من كثير من معانيها السامية، لأن الديمقراطية في الحزب تستوجب وجود الوعي والانضباط، وهو إحدى القيم التنظيمية التي تعطي الديمقراطية في التنظيم نوعاً من الليونة والمرونة ولكي تكون الديمقراطية منسجمة وتصبح جزءاً من حياة التنظيم الداخلية من الضروري جداً معرفة حقوق الأعضاء لأن الحقوق مقدسة لذا يجب توفير جو ديمقراطي يحد من تسلط هيئة على أخرى وفئة على تنظيم، وسيادة المساواة في التنظيم وبين المراتب المختلفة ويضمن بقاء الهيكل التنظيمي للحزب إطاراً عاما للحوار والنقاش والنقد ويحول المراتب إلى شكل من أشكال تسيير العمل لا لخلق فئة أدنى من أخرى وفرد من آخر، إن التمسك بالحقوق يضمن عدم تضخم صلاحيات هيئة على حسب هيئة أخرى وفرد على حساب آخرين ويضمن حقوق الأقلية حيث أن للأعضاء حقوق أساسية وهي تتعلق بقضايا أساسية تعتبر من مقتضيات وجودهم في الحزب وإن الحقوق التي أسلفناها تمنع تحول الأعضاء إلى منفذين والقادة إلى حكام بل تفرض الاحتكام إلى الحوار وإلى احترام النقد والشفافية والتعامل الديمقراطي.

فؤاد عليكو “عضو اللجنة السياسية في حزب يكيتي الكردي في سوريا والسكرتير السابق للحزب.
بداية أشكركم على أحياءكم لهذه الندوة النوعية ونأمل أن توفقوا فيما تصبون إليه.
-علينا أن نعترف منذ البداية بأن الحركة الكردية في سورية تعيش أزمة حقيقية، وهذه الأزمة تتمفصل حول ثلاث محاور أساسية سياسي –تنظيمي- عملي أو نضالي وبما أن موضوع الندوة تمس مباشرة الجانب التنظيمي فأنني أوجز رأيي على الشكل التالي:
– المركزية الديمقراطية مبدأ لينيني وقد مارسه لينين بكل موضوعية وكان يملك القدرة في التعامل مع كل التيارات الموجودة داخل حزبه بكل حنكة التروتسكية-الستالينية…الخ وبعد سيطرة ستالين على الحزب اختزل المبدأ بشخصه ومارس القسوة المفرطة بحق كل من يخالف رأيه وشوه المبدأ كلياً ونتيجة سيطرة معسكرين اشتراكي-رأسمالي على الحياة السياسية الدولية ، فقد انحازت الحركة الوطنية السورية إلى جانب المعسكر الاشتراكي وعلى أثرها أنتشرت المبادئ الستالينية في التنظيم بين جميع الأحزاب السورية الشيوعيين – البعث –الناصريين- الكر د
– نشأ أول تنظيم كردي في نهاية الخمسينات في أوج انتشار الستالينية وقد تأثرت نظامها الداخلي مباشرة بهذا المبدأ التنظيمي ونتيجة لافتقار الكرد لبيئة ثقافية متطورة ووجود كوادر متقدمة في الحزب ذو خلفية شيوعية ، فقد اخذوا النظام الداخلي الستاليني من الحزب الشيوعي مع تحويرات طفيفة ، مما خلق والوضع هذه سيطرة مجموعة قيادية على قرار الحزب وكل من يعارض أي قرار مركزي يصبح خارج الحزب .

وبالإضافة لهذا العامل المؤثر وغياب الثقافة الديمقراطية الحقيقية والتي كان يعتبر المنادي بها يدخل في خدمة الامبريالية والرجعية لأن الكتلة الرأسمالية العالمية كانت تتبنى المبدأ الديمقراطي الحر في إدارة الدول عندهم.
ناهيك عن تأثير العقلية الريفية القبلية بقوة على الحياة السياسية بحيث أصبح الحزب صورة مكبرة عن الحياة القبلية .

لذلك انتشرت ظاهرة حب الزعامة والقيادة وأي تهديد لهذا الموقع قد يدفع بهذا الشخص إلى الانشقاق عن حزبه .

وبذلك نشاهد عدداً كبيراً من الأحزاب خرجت جميعها من رحم الحزب الأم ، ورغم كل دعوات الجماهير إلى الوحدة إلا أنها لم تجد أذانا صاغية لدى قيادات هذه الأحزاب ، ومن خلال التجارب الكثيرة التي عشناها مع الحياة اليومية للحركة الكردية ،والتجارب الوحدوية التي مررنا بها وجدنا أنه من الممكن للفصائل الكردية أن تتفق على البرنامج السياسي الموحد تجربة المجلس السياسي اليوم لكننا في المقابل نجد صعوبة كبيرة للاتفاق على نظام داخلي موحد يؤطر هذه الفصائل في حزب واحد ولسبب بسيط  وهو رفض الكثير من قيادات هذه الأحزاب التخلي عن موقعه المتقدم في حزبه لصالح وحدة فصائل الحركة الكردية ، والسبب يعود إلى تداخل العوامل الثلاث الانف الذكر معاً / المركزية الديمقراطية- غياب الثقافة الديمقراطية- العقلية العشائرية المهيمنة/
ولقد بدأ يكيتي خطوات ملموسة في الاتجاه الصحيح لأننا مازلنا في بداية الطريق الطويل ونعاني كثيراً في التطبيق العملي للممارسة الديمقراطية الحقيقية ونحتاج إلى وعي معرفي كبير لتجاوز الكثير من العقبات.

صالح كدو “عضو المكتب السياسي ونائب السكرتير في الحزب اليساري الكردي في سوريا”
ينبغي أن لا نذهب بعيداً وأن نكرس هذه الندوة لمسيرة الحركة الكردية وما أفرزته ظاهرة المركزية الديمقراطية من سلبيات عبر تعميق البعض لهذه لظاهرة التي شكلت إخطبوطا قاتلاً.
لا بد من العمل بأساليب ديمقراطية وخلق حالة مؤسساتية في الحركة الكردية واحترام القيادة الجماعية وعدم اختزال القضية بالفرد ونبذ الممارسات العشائرية ضمن التنظيم.
في الحقيقة حدثت تغييرات إيجابية نحو تقليص المركزية وإشاعة نوع من الديمقراطية عند بعض الفصائل الكردية وتم إيجاد نوع من التداول مما كان له أثر إيجابي.
اعتقد بأن حركة الإصلاح التي دعت إلى هذه الندوة شكلت شرارة وخطوة بالاتجاه الصحيح مما يستدعي دعم ومساندة هذه الخطوة وحمايتها.

فالخلاف لم يكن شخصياً بتقديري كما يحاول البعض ترويجه بقدر ما هو تباين بين عقليتين مختلفتين فحركة الإصلاح تسعى إلى دفع الحركة الكردية نحو مواكبة العصر بينما الطرف الآخر يسعى إلى الحفاظ على حالة الولاء والتبعية والتخلف.
اعتقد بأن إشاعة القيم الديمقراطية والحد من المركزية التي تفرز الاستبداد بات اليوم مطلباً لا يقتصر على كوادر وأعضاء أحزابنا فحسب بل طال أوسع القطاعات الجماهيرية التي تدرك مخاطر الاستبداد والأفكار التي تتشبث بها.

بافي احمد

في البداية اشكر القائمين على إدارة هذه الأمسية وأتمنى لهم كل الموفقية واقترح تقسيمها الى محاور رئيسية يتم مناقشتها كل على حدة ليتم إشباعها بالحوار والاستفاضة في النقاش.

في البداية اعتقد يجب علينا إعادة ضبط المفاهيم ، ليتم استعمالها بدقة بدلاً من الفوضى والخلط ، لذا سوف انطلق في مداخلتي من تعريف الحزب
الحزب : تنظيم اجتماعي- سياسي يعبر عن شريحة اجتماعية داخل مجتمع معين  أو أحيانا  كتل اجتماعية متناغمة ، يدافع عن مصالح الكتل الاجتماعية التي يمثلها, وبالتالي فهو لا يعبر عن جميع مصالح أفراد المجتمع, مهما يحاول أن يظهر ذلك في خطاباته وبرامجه ورؤاه, إلا إذا كان الشعب كله كتلة موحدة المصالح وخالي من التناقضات ، وهذا مستحيل من الناحية العملية .

سوف اقسم مداخلتي الى شطرين الاول يتعلق بالمركزية الديمقراطية وضرورة وجود أجنحة داخل الأحزاب ومن ثم تحديد مفهوم الأقلية وكيفية ضمان حقوقها .
1- المركزية الديمقراطية:
المفهوم الأساسي الحاكم لسلوك معظم الأحزاب الكوردية القائمة  ، هو “المركزية الديمقراطية” باعتبارها طريقة مضمونة لهيمنة النخب العليا في الحزب على الحزب بأسره، لان الديمقراطية فيها ليست إلا ديمقراطية مقلوبة؛ لا تحمل سوى اسمها.

وهي نظرية استبعادية؛ وليست استيعابية،والمفهوم بحد ذاته تناقضاً لا يمكن حله ، فالعلاقة بين المركزية والديمقراطية يقوم على نظام الطاعة ، وهذا ما يفسر طبيعة الانشقاقات في هذا النمط من الأحزاب حيث تلعب ثقافة «إقصاء الآخر» ، دوراً تدميرياً داخل كل حزب.ويؤدي ذلك إلى سيادة الرأي الواحد، وإقصاء الآخرين.

وتقليص الحزب إلى « المكتب السياسي» ثم إلى الزعيم التاريخي الملهم.

وبذلك تفقد الأحزاب حيويتها وإمكانية تطورها.

وتصبح معزولة عن المجتمع.

وتبرز الخلافات  الشخصية في البداية  ثم الانشقاقات.

وتتحول الأحزاب إلى دكاكين صغيرة تتبادل اتهامات التخوين والعمالة، وتبحث عن الثروة والسلطة ضمن مناخ الفساد السرطاني الذي تزرعه الدولة الأمنية.
وفي أحزاب المركزية الديمقراطية يتم ّ تغييب “ثقافة نقد الذات” ويوصف الناقد لحزبه وقومه  بالمتآمر الذي يخدم العدو، ولذلك لم نجد حتى الآن  أية مراجعة نقدية معمقة لا عند القوميين ولا اليساريين الكورد ، لان ثقافة نقد الذات، يتم إجهاضها بسبب انعدام الثقة،
لعبت جذور وهوية المؤسسين الأوائل للأحزاب الكوردية في سوريا،  تأثيراتها عليها،  وأدت الى ظهور صراعات وانشقاقات في المراحل التالية ،  ساهمت في عجزها عن الاستقطاب والانتشار في المجتمع الكوردي،  وتحولت أحزابها إلى أحزاب نخبوية للتميز والتفاخر الاجتماعي في ظل مباركة السلطة لهذا النوع من الأحزاب
لذلك أرى انعدام الأمل في ديناصورات الفكر الكوردي القائم ، لأنهم يعيدون إنتاج نفس الفكر المتخلف ويبررونه بنفس الآليات والطرق القديمة تحت يافطة عدم إنضاج الظروف الذاتية والموضوعية ، وحماية الشعب الكوردي من بطش النظام  ، لذلك  يبقى الرهان على الأجيال الصاعدة من أبناء الشعب الكوردي  وقدرتهم في إحياء ثقافة متصالحة مع الذات ومع العالم.
2- من الطبيعي أن يكون هناك أجنحة داخل الحزب إذا أراد أن يكون موحداً وفاعلاً ، والحل يكمن في التنظيم الديمقراطي الذي سنبين  ملامحه لاحقاً لان الحزب لا يمكن أن يتطور أو ينمو إلا في إطار صراع الأفكار الايجابي  ضمن إطار الحزب التي يجب عدم المساس بوحدته التنظيمية مع ضمان حق الأقلية في التعبير عن رأيها وممارستها في كافة منابر ونشرات الحزب ومحافله التنظيمية
3- الأقلية هي مجموعة من الأعضاء الذين يتبنون موقفاً او مشروعاً سياسياً موحداً داخل الحزب تصل نسبتهم دون النصف ولا يستطيعون إقناع الآخرين بتبني سياساتهم اومواقفهم ، لذلك يجب ان تكون هناك ضمانات لحقوقهم لان الأقلية الحالية قد تصبح أكثرية في المستقبل .
لماذا الديمقراطية :
لأنها أرضية خصبة لكي يعي الناس مكانتهم وحقوقهم وواجباتهم  وتقرير  مصيرهم ، وذلك من خلال فسح المجال للجميع بالنقاش الحر ، والاتجاه إلى العقل لإقناع الآخر مع ضمان حقوق الأقلية
ماهو الحزب الديمقراطي:
نعني بالأحزاب الديمقراطية تلك التي نشأت في مناخات ديمقراطية ملائمة, وتعمل بشفافية ونزاهة في الضوء لا في الغرف المظلمة, وترتكز في نشاطاتها وبنائها التنظيمي وهيكلتها على الديمقراطية, فتكون الديمقراطية حاضرة في مؤسساتها وقيمها وسلوكها اليومي, ويتساوق نشاطها مع النظام واحترام الهيئات والكفاءات والتخصصات وعدم دمج السلطات أو الالتفاف على المؤسسات الحزبية والشعبية, , ويتم تناوب السلطات في الأجهزة الحزبية بطريقة ديمقراطية واعية بعيداً عن العقلية الشمولية والتآمرية وتمشياً مع روح ومضمون البرنامج والنظام الداخلي للحزب والوثائق الحزبية الملتزمة بالديمقراطية.
ملامح أولية للحزب الديمقراطي
1-  المؤتمرات الحزبية الدورية من القاعدة إلى القمة مع حرية النقاش المفتوح للأعضاء.2-الوثائق الديمقراطية(البرنامج والنظام الداخلي والوثائق الحزبية الأخرى).3-  انتخابات القيادات الحزبية.4-عــدم احتكار السلطة في الهيئات والتغير الدوري للقيادة.5-المناقشات والحوارات الديمقراطية في إطار الحزب والمجتمع بوجه عام.6-  المؤسسات الديمقراطية المنتخبة.7-  احترام الرأي والرأي الآخر.8-الإعلاء من شأن العقل والعقلانية في النهج والممارسة.9-عدم التمييز في حقوق العضوية.10- ممارسة النقد على مستوى واسع ومسؤول للحد من التجاوزات.11-  إطلاق الحريات وتشجيع المبادرات الفردية المبدعة ودعمها وإبرازها.12- نبذ العنف والإقصاء والتصفيات الجسدية والقمع المادي والمعنوي.13-الاعتراف بمبدأ التعدد والتنوع والاختلاف.14- احترام الأقلية وضمان حقها وعدم تصفيتها أو تضييق الخناق عليها.15-اعتماد مبـدأ الثواب والعقاب.16- الاهتمام بالثقافة الديمقراطية.17 -عدم احتكار إمكانيات الحزب (السلطة, المال, الإعلام من قبل نخبة متسلطة).18-  إنتاج خطاب ديمقراطي متزن وسياسة إعلامية منفتحة.19- احترام حقوق الإنسان.20-الشفافية والعلنية.

غربي حسو “عضو مكتب العلاقات العامة في تيار المسقبل الكردي في سوريا”
في البداية لابد من الشكر العميق للقائمين بهذا العمل الجاد ، و التقدير لهم لجرأتهم باختيار هكذا موضوع الذي شكل جدلا في الوسط السياسي الكردي.


و من خلال مداخلات بعض الرفاق ، قد نكون متفقين بان، السبب الأساسي في تفاقم هذه المشكلة في الحركة الكردية هم القائمين على العمل السياسي الكردي، اللذين استوردوا الهرم التنظيمي لأحزابهم من الأحزاب الستالينية، ولكن دعونا لا نكون مجحفين جدا بحق الحركة الكردية، تمام الإجحاف، في تاريخها، لأنها نجحت في إدارة تنظيماتها في مرحلة من مراحل نضالها لإثبات ذاتها القومي، والحقوقي، فلا ننسى أن المجتمعات التي أنجزت ثورتها الاجتماعية، و رسخت ركائز بناء الدولة فيها، تجاوز العمل السياسي فيها إطار الواجب إلى إطار الحق، فيعمل بالسياسة كأداة داعمة لبناء الاستقرار أي بمعنى آخر تخرج السياسة من الأقبية إلى النور، أي إن العمل السري في ممارسة السياسة هي من كوابح نجاح المركزية الديمقراطية، بإفساحها المجال أمام التكتلات التنظيمية، وخاصة في حالة الانتخابات (الاقتراع السري والفرز السري) و اعتقد أن تجربتنا المتواضعة في التيار المستقبل الكردي في سوريا استطعنا ولو جزئيا أن نجد بديلا لتلك الحالة باعتمادنا اللامركزية الديمقراطية، وبناء مكاتب شبه مستقلة تكون تأسيسا للحالة المؤسساتية التي يطمح إليها الشعب الكردي عموما، لربما لم نحقق ذلك النجاح الهائل، لآن ممارسة الديمقراطية يحتاج إلى وعي بهذه المسألة، فمثلا (لابد من التمييز بين اللامركزية والفوضى) لكنني اعتقد أن تبني الشفافية مع اللامركزية الديمقراطية في العمل التنظيمي هو الرادع حتى للانشقاقات الحزبية.

دهام حسن “كاتب وشاعر”
المركزية الديمقراطية هي وثيقة تاريخية، وهي بنت ظروفها الاجتماعية والحزبية، وبالتالي لا نستطيع أن نحكم عليها سلبا أو إيجابا برؤية اليوم، وقد شهد هذا المصطلح أو المفهوم عند تبنيه منذ أكثر من قرن بعض الاختلافات أو التباينات حول الصيغة، فرأينا كيف أن البلاشفة والمناشفة انقسموا في حزبين…
ما يهمنا هنا هو: هل هذا المبدأ التنظيمي في الحياة الداخلية للأحزاب بصيغته الراهنة صالحة لمواكبة حركة المجتمع والأحزاب..؟
لا شك أن الصيغة المعمول بها حاليا بحاجة إلى تطوير وتحسين، وأن الصيغة المثلى تبقى حلما، وهي متوقفة قبل أي شيء إلى تطور البيئة الاجتماعية، فالمجتمع المتخلف تقاد فيها الأحزاب بممارسات متخلفة، رغم أن إيجاد البديل المنشود صعب للغاية، لكن هذا لا يمنع أن يناضل الأعضاء الحزبيون، ويجتهدوا بغاية إيصال الكوادر الجيدة، والكفاءات، والعناصر العملية، إلى المواقع الأمامية في الحزب، ولابأس من طرح بعض الضوابط التي تحد من المركزية..

لا بد من الشفافية، والحد ما أمكن من سطوة المركزية المشددة، لابد من إيلاء المؤسسات الحزبية الأهمية والمكانة، لتلعب دورها دون كابح من أحد إلا ما تملي عليها مصلحة الحزب، رغم ما للفرد من دور قد يتميز به، ينبغي عدم تعظيمه لدرجة حصر المهام أو الحزب به وحده، عندما يتقمص الحزب بشخص السكرتير وحده، هذا أمر خطر جدا يجب التنبه له، فإن تدجين القائد من قبل جهة ما، هذا يعني تدجين الحزب واحتوائه بكامله..

لابد من التغيير في القيادات، لكن ليس بشكل ميكانيكي، على قاعدة (قم لأقعد مكانك) فيمكن للقائد الجيد أن يلعب دورا جيدا حتى لو لم يكن في القيادة الحزبية، وأيضا ينبغي أن تتمتع الأقلية داخل التنظيم بكامل نشاطها داخل الحزب وفي صحيفته وعلى المنابر بصيغة يمكن أن يتفق حولها..

إن لفظة الخضوع (خضوع الأقلية للأكثرية) أصبحت ممجوجة وغير محبذة، فالمستقبل أمامها وقد تتحول إلى أكثرية في المستقبل…
ليس بالضرورة أن يكون الحزب جسما واحدا موحدا جامدا، فالحزب يقوى من خلال النضال الدائب، ومن خلال التناقض في داخله، ولا تستدعي الحالة إلى الانقسام، يمكن أن يتعايش المختلفون داخل الحزب الواحد..


إن النظام الداخلي حتى بصيغته الحالية يهمل في كثير من بنوده كالتأكيد على القيادة الجماعية..

على العموم يتوقف نشاط أي حزب على طبيعة المجتمع وتقدمه وعلى المدنية عموما، كما قلنا قبل قليل، ولا ننسى أننا ننحدر من الريف، ونحمل عقلية المالك والفلاح، مجتمع تسود فيه العقلية العائلية أو العشائرية..

لكن هذا لا ينفي أن نسعى بكل جهد في سبيل بناء حزب طموح، فما يتم تحقيقه يعتبر أمرا جيدا وهكذا دواليك…!

أحمد حيدر “كاتب وشاعر”
في البداية اسمحوا لي أن أشكر القائمين على هذه الندوة نظراً لأهمية البحث في هذا الموضوع الذي يمكن أن يساهم في اغناء الحياة الحزبية وتصحيح مسار العلاقات الداخلية بين القيادة والقاعدة للتغلب على المشكلات المتفاقمة التي تعاني منها أغلب الأحزاب الكردية في سوريا ولعبت النظم الداخلية دوراً في تعميق الأزمة وعرقلة عجلة تطويرها على أسس ديمقراطية تستجيب لمتطلبات التغيير والإصلاح والديمقراطية   
أن تشخيص الأمراض بعد أكثر من نصف قرن يعتبر خطوة ايجابية لاستخلاص الدروس وتجاوز هذا المأزق  
أرى بأن أي إلحاق بالديمقراطية هو معوق للديمقراطية لأن الديمقراطية مفهوم ملتبس يخفي أكثر مما يظهر وتصور أكثر مما هو تجربة معاشة : الديمقراطية الشعبية والديمقراطية البرجوازية والديمقراطية المركزية والمركزية الديمقراطية ….الخ تستوقفني فكرة أن تكون هناك وحدة بين المركزية والديمقراطية في مجتمعاتنا ؟ أذكر أثناء فترة الشعارات الثورية  في الثمانينات كنا نرفض الديمقراطية التي تتبناها السويد كونها لا تلبي طموحاتنا الثورية وأنها ديمقراطية برجوازية تنتهك حقوق الفرد ونغض الطرف عن جرائم بشعة ترتكب بحق الإنسانية في أماكن أخرى ؟ 
من هنا أرى ضرورة التخلص من الهرمية الصارمة المركزية المشددة وخضوع الأقلية للأكثرية – فقد تكون الأقلية على صواب والأكثرية انتهازية تخاف على مصالحها ومناصبها – وإعادة النظر بهذا المبدأ الذي أخذت به الأحزاب الكردية وأكد عبر ممارسته بروز مظاهر البيروقراطية و الفردية والاستبداد وعبادة الفرد وبقاء القائد في الحزب ( أطال الله في أعمارهم ) حتى الممات وممارسة الكثير من الصلاحيات على حساب الحياة الديمقراطية ومحاولات شرعنة وجوده بشتى الوسائل سببت في نشوء صراعات حادة بين هيئات الحزب المختلفة كانت تقود إلى انشقاقات وتكتلات ترفض الانصياع للقرارات للمركزية  وتطالب بالتغيير والتطوير كما هو حال معظم الأحزاب الكردية في سوريا ان التنفيذ اللاشرطي للقرارات السياسية والتنظيمية على مبدأ – نفذ ثم ناقش – بصرف النظر عن قناعات العضو تخلق لديه حالة ازدواجية بين رأيه – الذي لا يستطيع التعبير عنه إلا في هيئته الحزبية الضيقة- وبين ضرورة التقيد للرأي الذي قرره حزبه سببت في عزوف المئات من الشخصيات الوطنية والثقافية عن العمل السياسي
وأفضل وسيلة لتدعيم الديمقراطية هي ممارسة المزيد من الديمقراطية.

جوان  يوسف “كاتب وناشط حقوقي”
بداية لابد من شكر حركة الإصلاح على إتاحة الفرصة لنا لمناقشة مفهوم المركزية /الديمقراطية في الإدارة والتنظيم وأضيف على أن هذه الأمسيات وهذه الدردشات مساهمة جادة في تشكيل ما تسمى بالممانعة الناعمة (واستخدم الممانعة بدلا من المعارضة لتحسس البعض من التعبير ولتجنب الخلاف والنفور) لقوى الحراك الديمقراطي في مواجهة حالة الجذر الحاصل وانفصال المجتمع عن السياسة واعتقد أننا لن نختلف على الأسباب وان تباينت، من هنا أؤكد على ضرورة الاستمرار وتفعيل هذه الأمسيات.
 أما عن المفهوم المطروح للنقاش فإني أعتقد أننا كـ كورد تعودنا على جلد ذاتنا في مناقشة أية قضية حدث فيها انتكاس وتراجع أو أي مفهوم لم يأخذ الحظوة المناسبة في تجسيداته الواقعية وهي مسألة ذو أهمية لابد من الوقوف عليها لفهم أسبابها، كونها ترخي بظلالها على مجمل نقاشاتنا وحواراتنا في جميع القضايا وتأخذ اتجاه واحد في النقاش، وكأننا نحن المسؤولون الوحيدون عن ذلك.
ومنها ممارسة مفهوم المركزية /الديمقراطية في الإدارة والتنظيم الذي يعتقد البعض أنها السبب الأساس في ترسيخ الفردانية والاستبداد في الإدارة والتنظيم الذي هو موضوعنا.
لكون المفهوم وفق رأي البعض يحمل في داخله الاستبداد، وارى أن الفصل والقص الميكانيكي بين طرفي المفهوم الذي هو المركزية / الديمقراطية هو تجسيد مخالف للموضوعة الديالكتيكية وحدة وصراع الأضداد الذي بنى عليه ماركس تصوره للعالم، فبغياب الديمقراطية يحل مفهوم المركزية والتماثل والوحدة الفكرية في النسق الفكري والتنظيمي وبالتالي الاستبداد والفردانية،  فيتغلب عامل النبذ على الجذب لان القوى تغدو باتجاه واحد.

وتفقد الوحدة توازنها النسبي (وهذا قانون علمي حتى تبقى المادة في استقرار نسبي لابد من تعادل في القوى النابذة والجاذبة) وهي ما لم تتسم بها الحياة الحزبية الكردية منذ بداياتها واعتقد أن الخلل ليس في المفهوم بذاته بقدر ما هو نتاج لغياب الحامل المدني أساساً الناتج عن التخلف المجتمعي عموما، إضافة إلى مجموعة أخرى من العوامل لها علاقة بالبيئة المحيطة من استبداد وقمع، من هنا أقول أن تهيئة البيئة الموضوعية هي التي تعطي القوانين حق الحياة أو الممات، والتنظيمات الكردية أخفقت بالحياة الداخلية السليمة كونها لم تعد ولا تعد روافدها التنظيمية بشكل سليم لممارسة الحياة الحزبية سواء لجهة إعدادها سياسيا (امتلاك المشروع السياسي) أو تنظيما (الإدراك لواجباته ومهامه) لذلك هي لا تمارس الحياة الحزبية ولا تنطبق عليها أية معايير تنظيمية من وجهة نظري.
أشار البعض مشكورا لموضوعة الاختلاف والاجنحة وأوافقهم الرأي بضرورة وجود الحرية الكاملة لتنظيم المعارضة الداخلية لان غياب مفهوم التعدد والاختلاف الذي هو أساس قوام وحدة المجتمع والحزب وغياب الحرية الفردية والاعتراف بالكيان الطبيعي للأفراد، تغيب معها الحرية (الديمقراطية) ويهيمن مبدأ الواجبات (المركزية) وغياب الحقوق فيصبح العضو الحزبي كالمواطن في دولة استبداد مركزية بدون ديمقراطية أو على الأقل طغيان المركزية على الديمقراطية ويصبح مفهوم المركزية / الديمقراطية  بحل منا.

أمجد عثمان “كاتب وصحفي”
أبدأ من حيث التسمية إذ استخدم البعض مصطلح “المركزية الديمقراطية” والبعض الآخر استخدم “الديمقراطية المركزية” أما موضوعنا فهو “المركزية الديمقراطية” وكي لا نغرق في التنظير فإن التسمية جاءت بعد أن أدرك لينين ضرورة تطعيم تنظيمه بمبادئ الديمقراطية التي بدأ يواجهها في بدايات القرن الماضي نتيجة الامتدادات الديمقراطية لليبراليات القومية في غرب أوربة حينذاك، وبينما كان يعتمد المركزية فقط في إدارة حزبه وكان يصف الديمقراطية بـ”المسخرة” و”الطوباوية” وجد نفسه مضطراً لقبول الديمقراطية بعد ثورة عام 1905 وأعاد إخراج المركزية من خلال العمل بالمبدأ الانتخابي كآلية ديمقراطية في احد المؤتمرات بعد عام 1905، وبالتالي تم إنتاج “المركزية الديمقراطية”.
و”المركزية الديمقراطية” اليوم وفي بيوتنا التنظيمية باتت ممارسة يومية وإن لم يعلن عنها، فبات الحزب متمثلاً بالقيادة يمارس “المركزية الديمقراطية” داخلياً ويعلن التخلي عنها في ذات الوقت.
وأكثر ما يهمنا في بنود المركزية الديمقراطية هو مسألة “خضوع الأقلية للأكثرية” المشكلة تبدأ حين يتم اعتبار 49% من أعضاء الحزب أقلية ويتم التعامل معهم بشكل سلبي ويمنعون من توضيح مواقفهم ووجهات نظرهم بينما يسمح لهم في المجتمعات الليبرالية بطرح رؤاهم والسعي للتحول إلى أكثرية من خلال إقناع رفاقهم في الحزب.
أما مواجهة المركزية الديمقراطية فلا تتم إلا من خلال اعتماد مبدأ التداول في قيادة الحزب كما تم التفضل بالإشادة بتجربة حزب “يكيتي” في حدود مبدأ التداول، وعلى الحزب كشف مداولاته الداخلية أمام الإعلام إن أتاحت له الظروف وفي أقل تقدير لابد من دعوة بعض الأشخاص الحياديين من مثقفين وسياسيين لحضور المؤتمرات العامة للحزب ليكونوا شهوداً إن استدعى الأمر على ما يتم داخل هذا الحزب أو ذاك، كذلك وفيما يتعلق بالمؤتمرات فلابد لتخفيف وطأة المركزية من تقليص الفترات الفاصلة بين مؤتمر وآخر وفي أقصى حد أن لا تتجاوز هذه الفترة السنتين كل هذا سيساهم بلا شك في تقليص مساحة المركزية لصالح الديمقراطية داخل الحياة الحزبية.

لقمان حسين “ناشط في حركة الإصلاح”
تبنت الأحزاب الكردية المركزية الديمقراطية في أنظمتها ولوائحها الداخلية لإدارة الحزب تنظيميا  وبسبب ظروف العمل السري والبيئة السياسية العائقة للعمل السياسي العلني تم ازاحة الديمقراطية والتشدد في تطبيق المركزية التي أفرزت قيادات أبدية همها الوحيد الحفاظ على مواقعها وبالتالي إقصاء الرأي الأخر المختلف وبشتى السبل ويمكن القول ان الجزء الأساسي من أسباب الانشقاقات في صفوف الحركة الكردية يعود إلى غياب الديمقراطية في الحياة الحزبية وبالتالي تقوية دور المركز على حساب الأطراف والسكرتير على حساب اللجنة المركزية وهكذا تم  تقوية دور الفرد المتفرد على حساب الحالة المؤسساتية.
وسأركز في مداخلتي على وضع حزبنا الديمقراطي التقدمي الكردي والتي أعلنا مؤخرا عن حركة إصلاحية فيه في وجه ممارسات السكرتير وتفرده في الحزب بمؤازرة بطانة فاسدة حوله, ومن المعلوم إن الحزب التقدمي يشكل إحدى النماذج الرئيسة في الممارسة المركزية والتفرد حيث أن هذه الممارسة قضت وبالتدريج على الهامش الديمقراطي في الحزب, فالنظام الداخلي وعلى علاته يسمح ببعض الممارسات الديمقراطية كانتقاد أية هيئة قيادية وحتى السكرتير ولكن في حدود الهيئة الحزبية الضيقة وغالبا يأتي الجواب أخذنا علما بذالك دون أن يتم الوقوف جديا على الانتقاد والرد عليه وخلاصة القول أن الجانب الانتقادي والمحاسبة انتهت ولم يعد لها جدوى داخل الحزب ويتم فقط محاسبة العناصر المطالبة بالإصلاح بذرائع واهية ولا ننسى إن النظام الداخلي المركزي يشرع للقيادة القيام بحملات تطهيرية ضد العناصر المشكوك في ولائها للحزب..عفوا للسكرتير..؟؟
النقطة الثانية وهي غياب التداول في المراكز القيادية وخاصة المسؤول الأول وهذا يؤدي إلى تقوية النزعة الفردية والشللية والتكتل في مواجهة العناصر الداعية إلى الإصلاح والتغيير بحجة أن الوقت لم يحن بعد لتبني إصلاحات وتداول القيادة مع العلم إن التغييرات في اللجنة المركزية وعقب كل مؤتمر طفيفة وغير مؤثرة  وانتم تعلمون أن حزبنا لم يعرف سكرتيرا أخر غير السيد حميد وهذه تسجل علينا وليس لصالحنا حيث يتساءل البعض هل يفتقد حزبكم لشخصية قادرة على ملئ الفراغ إن حدث طارئ ما وهذا يفتح المجال للتكهنات والتأويلات بشأن التوريث في الحزب.
النقطة الثالثة هي غياب الشفافية في الحزب وخاصة في الجانب المالي وإدارة مقدرات الحزب  وأوجه الصرف والواردات.
النقطة الرابعة هي مسألة الفساد ومن المعروف إن غياب الشفافية والديمقراطية يؤدي إلى إنتاج الفساد والذي له أثار كارثية واستطيع أن أؤكد إن حزبنا قد تغير من حزب من المفترض أن يناضل من اجل حقوق شعبنا إلى حزب لمصالح فئة همها الوحيد حماية مصالحها حتى ولو كانت ضد قناعاتها.
وقد يقول قائل إن الحزب يعقد مؤتمراته ومحطاته الشرعية..الخ وجوابنا على هؤلاء إن التحضيرات التي تسبق المؤتمر تفصل غالبا على مقاس القيادة ويتم طبخ القرارات والتوصيات سلفا  ومهمة المؤتمرين المصادقة عليها وحتى أعضاء القيادة فيتم تحديد معظمهم قبل المؤتمر ونادرا يتم اختراق لائحة السكرتير وأعوانه.
واستطيع أن اقو لان هذه الممارسات في الجانب التنظيمي وغياب البديل المؤسساتي بالإضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بسياسة الحزب وتعامله مع الحركة الكردية كانت الدافع لنا لإعلان انطلاقة حركة الإصلاح داخل الحزب والتي رفعت شعارا هاما له مدلولاته نعم للإصلاح والشفافية… لا للفساد والتوريث واكتسبت وخلال فترة قصيرة عددا لا بأس به من الرفاق والأصدقاء ولاقت تعاطفا ودعما من قبل الرأي العام الكردي والوطني.

إبراهيم اليوسف “كاتب وصحفي كردي سوري”
 لئن كانت المركزية الديمقراطية، مصطلحاً، قد عرفتها الأدبيات الماركسية منذ مطلع القرن العشرين، كمحاولة أولى لتوحيد -الحلقات التنظيمية- في أول تجربة حزبية اشتراكية*، ضمن بلد مترامي الأطراف، كروسيا القيصرية، وكانت هناك حاجة قصوى إلى ذلك “الديسبلين” الناظم، الذي غدا ضرورة لا يمكن القفز فوقها، ضمن مناخ محدد، إلا إن التصور الذي قفز من حيز النظرية إلى التطبيق، لهذا “العمود الفِقري” التنظيمي، أو الأُسطون الأكبر في عمارة التنظيم، بات يراعي مفرداتٍ مهمةً: الديمقراطية الداخلية -الانتخابات-المؤتمر-القاعدة- القيادة- معيار الفصل بين الأكثرية والأقلية وهو فارق”الاثنين بالمئة”، الرأي الآخر، وحدوده إلخ.

وإذا كانت المركزية الديمقراطية، قد ّتعرضت لمزيد من النّقد، كي يُضاق بها ذرعاً، وبخاصة من قبل الانتلجنسيا، المذوَّبة افتراضاً، في التنظيم الماركسي اللينيني، والمتمايزة واقعاً، وتعاملاً، عند الضرورة، بقدر تمايزها عن البروليتاريا التي لا “تخسر في الثورة إلا قيودها” بعكس هذه النخبة التي قد لا تتطهر بسهولة عن انتهازيتها، إلا إن الديمقراطية غير الممركزة -بدورها- تبقى المطلب، الأوسع، والأكثر أهمية، وجدوى، وأولوية، والذي لا بدّ من ظهور دراسات معمَّقة في هذا المجال، تبين كيفية الحفاظ على الرباط التنظيمي، وكيف يمكن ل”الرأس” أن تتماهى في “الجسد” كي يغدو “الجسد” برمته “رأساً” أو تغدو الرأس-نظرياً- “جسداً”، وتفعيلا لفدرلة الحزبية، كي يكون توسيع الديمقراطية “الأصل”.

ولعلَّ من نافل القول: “إن أي سير بالخطى ذاتها التي أعقبت محطات بارزة على ظهور وإقرار المركزية الديمقراطية بين عامي 1905-1907 وبخاصة في العام 1906 حيث الالتقاء البلشفي/المنشفي”*، وما يتمخّض –هنا- من خطاطة مفاهيم ستتبلور، وتدخل حيِّز التطبيق، ويأخذ المصطلح سطوتين إحداهما:مفهومية والأخرى واقعية، وكان من الممكن أن يواجهه أكثر من تحدّ: الرأي الآخر- درجة المركزة- استنهاض المركزية بالديمقراطية لا مفهوم التلاغي بينهما، كما كان التصور الذي دعا إلى عدم تماهي المفهومين، وشلّ الديمقراطية، وهو ما سينعكس على التنظيم، بما لا أريد الخوض في مجاله هنا.

حقيقة، ثمّة نسقان من العلاقات بكل تأكيد في الحياة الداخلية، لأي حزب سياسي، لا بد من التمييز بينهما، وإدراك خصوصية كل منهما على حده.

إن هذين النسقين–المشار إليهما- يكادان يكوِّنان بنية الحزب-من جهة- ومجمل العلاقات الناظمة بين أعضائه، وتفاعل هؤلاء ضمن فلك هذه الضوابط، وإمكان الاستفادة من الطاقات الكامنة لدى هذا التنظيم الحزبي، ضمن شبكة العلاقات المشار إليها، أيضاً، والمحددة، في إهاب البنية المذكورة، نفسها، من جهة أخرى.

وإذا كنا قد حصرنا أحد النسقين المذكورين، ضمن إطار –البنية- التنظيمية، فإن النسق الآخر، ليكاد يكون الوظيفة الحزبية، أو جدوى الحزب، ومجمل رؤاه، وخططه في محوري: التكتيك والإستراتيجية، في آن واحد.

ويأتي مفهوم “المركزية الديمقراطية” كأحد المصطلحات التي حظيت بأهمية خاصة، ضمن مرحلة معينة من الوعي، بعد النجاحات الكبرى التي حققتها التجربة الاشتراكية في مطلع القرن الماضي، ليكون أنموذجاً، محتذى به، من قبل النخب السياسية التي تأثرت بها، وباتت تتبناه على نحو ميكانيكي، كمثال مستنسخ، دون أن تشفع له القراءة الواعية الموازية، البعيدة عن العاطفة، وأشكال المحاكاة، دون أن يتمّ تسويغ هذا التبني المفاهيمي، كواحد من منظومة مفاهيم متكاملة، وهو ما سيسهل الارتداد عنه – ولو بعد عقود- دون أن يلاقي ما يلزم من التنظير له، على غرار ما تم أثناء تبنيه في أمثلة كثيرة، طبعاً.

إن موقع الديمقراطية، من أية ترسيمة يكون إطارها الحزب، وحدودها:المركزية/الديمقراطية، هو من يحدّد إمكان الإجابة عن أية أسئلة لاحقة، لابدَّ من أن تظهر أثناء مسيرة التنظيم الحزبي، كمؤشر طبيعي عن ذلك الفصل غير المسوَّغ بين حدّي هذه الترسيمة، وكمدعاة لاختلالات لا بدّ منها، تأخذ أوجهاً كثيرة، كنتاج لشبكة الضوابط التي تربط العضو الحزبي –بالدائرة الواسعة، نسبياً من حوله، أيَّاً كان موقعه- ما لم يتمّ الانتباه إلى ذلك، ومعالجته.

صحيح، إنه على أساس قاعدة الثابت والمتحوّل، ثمّة ما يبقى محافظاً على مسوّغه، ودواعيه، وإن هناك ما هو متبدّل، كمعطى لسيرورة اللحظة الزمانية، مقرونة بازدياد الوعي، وهو ما لا علاقة له بمبدأي: الصواب والخطأ، إلا إن ثورة الاتصالات العارمة، التي هزت العالم برمته، من خلال تقديم صياغات جديدة، لكل ما حولنا، بل وما بدواخلنا من رؤى ومفاهيم، من شأنها إعادة النظر في قناعات كثيرة، وتقديم بدائل جديدة، وعلى سبيل المثال هنا: لم يعد الإعلام الحزبي الذي كان الإطار الأوحد لأية إيديولوجية هو الأُقنوم المعرفي الوحيد للتنظيم الحزبي، بل صار يهدم ما يضرب من أطواق محكمة، دون روافد الوعي، لدى العضو الحزبي، وإمحاء المسافات، واستجلاب ما يجري في العالم بكامله إلى المنزل، وبات سؤال “التنظيم الإلكتروني” ينسف الكثير من المفاهيم، والعلائق القديمة، كي تحيل بدائل جديدة في مكانها، بل وصلت الأمور إلى إيجاد “حكومات إلكترونية” فاعلة، ذات حضور حقيقي، وهو ما لم يعد مجرد علامة عرضية، فحسب، بل بات ينعكس أثر ذلك على وجدان عضو التنظيم الذي بات يخضع لتأثيرات عامة، فهو: مواطن عالمي، بامتياز، وعضو تنظيم عالمي، بامتياز، دون أن يدري، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً للتنظيم المحلي -في أي مكان كان من الكرة الأرضية- التي يتوزعها المليارات الستة من البشر، الأمر الذي يدفعنا من جديد، لنكون أمام قراءة أكثر صعوبة للتنظيم الحزبي، دون القفز من على مفرداته، ومكوناته، بنيةً، ورؤيةً، تطبيقاً وتنظيراً ، فهل نحن –الآن- على قدر من الكفاية لكي نفعِّل تنظيمنا الحزبي، و يكون بمستوى اللحظة، وتحولاتها ، في خدمة أوسع دائرة ممكنة، إنها مجرد تساؤلات أولى، أولى بها الحوار الذي يلغي حالة القطيعة، ويبقى مفتوحاً على الاتجاهات بكافة، دون تقوقع، أو دون حالتي تشرذم وتشرذم مضادين..!.

هذه المداخلة مقدمة للندوة التي تمت بعنوان:” المركزية الديمقراطية” بتاريخ ،ولم تتم قراءتها في وقتها ضمن الندوة لأسباب خاصة، اقتضى التنويه

 

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…