وهاهو النظام الإيراني الذي يواجه شعبه بمزيد من الضغط، والممارسات القمعية، ويواجه المعارضة الإيرانية التي تتسع دوائر المؤيدين لها يوماً إثر آخر بالبطش والتنكيل خاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي لم تعترف المعارضة حتى الآن بشرعيتها، وتخرج للشوارع يومياً منددة بالنظام القائم.
يُكشِّر النظام عن أنيابه من جديد، ويتحدى المجتمع الدولي وجميع المنظمات الإنسانية والدولية، وبدم بارد يعلن عزمه على شنق معارضيه، فيقتلهم، وينصب أجسادهم في الساحات العامة، على الرافعات وأمام أعين المارة والأطفال، رغبة منه في زرع الرعب وتبذيره في قلوب ” كل من تسول له نفسه لمعارضة النظام” ، وكان آخر كوكبة من الشهداء خمسة من الشباب الكردي بتهمة حمل السلاح ضد الدولة وانتمائهم لتنظيم بيجاك، أما التهمة الرئيسة الموجهة لكل معتقل معارض فهي باللغة الفارسية: «محارب با خدا ومفسد في الأرض» أي «محارب الله والمفسد في الأرض» ومفردة «محارب» مختصر هذه العبارة (التهمة) في جهاز قضاء النظام الإيراني وقانون العقوبات فيه، أي محاربة الله» وكل من يتهم ويدان بهذه التهمة أمام محاكم النظام الإيراني، يحكم عليه حتمًا بالإعدام، وكأن هؤلاء قد نصبوا أنفسهم خلفاء الله والرسول على الأرض، وبالتالي أية معارضة لهم تعد معارضة للمقدس الديني، وتستحق القتل وزهق الأرواح.
هؤلاء الشباب المناضلون الكرد الذين دفعوا دماءهم على مذبح الحرية يدافعون اليوم وغداً عن عزة شعبهم، واستعادة كرامته التي هدرها رهط من رجال اعتبروا أن الإمام المهدي الغائب قد عَهِد إلى الفقيه الذي يمتلك القدرة الفقهية العالية بأن يقوم بما كان سيقوم به الإمام المعصوم في حالة وجوده.
ويعتبر نظام الملالي أن الشعوب والاثنيات التي تتعايش مع بعضها البعض منذ مئات السنين خطرة على مشروعهم الظلامي، والذي يدار تحت ستار الدين والتشيع، واعتبار جميع الأصوات التي تنادي بالحرية والعدل والمساواة أصواتاً أفاقة ينبغي – بحسب زعمهم – إقامة الحد عليها، لأنها” تطلب تدمير أساس ومرتكز الدولة الإسلامية الإيرانية، وتساهم في تقويض أركانها وهدم عُمُدِها، كما أنها ترى الشعب الكردي على وجه التحديد مُتخلِّياً عن طاعة ولاية الفقيه، وترى في مقاومة الظلم والطغيان والتسلط جريمة في حق الله قبل أن تكون جريمة في حق النظام أو القائد.
ويوماً فيوم يضيق الحصار الدولي على هذا النظام جرَّاء تصريحات نجاده النارية، وتحديه المجتمع الدولي، وتقويضه لأصدقاء إيران حول العالم، وكذلك برنامجه النووي المثير للريبة!!
لكن يبدو أن ضغوط المجتمع الدولي غير كافية لردع هذا النظام الذي يقوم بعنتريات و” استعراض عضلات” في مياه الخليج، وعلى الأرجح ثمة مساومات تتمُّ في الخفاء فيما يخص ملفه النووي، وبالتالي سيمعن النظام في ضرب المعارضين له بأيد من حديد خاصة بعد الرعب والهلع الذي أصابه جراء المظاهرات والاعتصامات المستمرة في كبرى المدن الإيرانية والعاصمة بشكل يومي.
كما يُفهَم أن النظام الإيراني مازال يعيش عقلية الحرب والقسر، فقد سجلت منظمة العفو الدولية مخاوفها من تنامي تنفيذ حالات الإعدام في إيران، واعتبرتها الأعلى في العالم، وقالت إنه منذ بداية العام الحالي تمَّ تنفيذُ ما يزيد عن 80 حالة إعدام بحق معارضي النظام.
ولا يلتفت النظام إلى أصوات الحق، وقرر – من جانبه- أن ” يحل” المشكل الكردي في إيران بالنار، ولا يؤمن أصلاً بالتفاوض والحلول السلمية، وهذا سيزيد من أوار النار دون أفق لحل المشاكل بين الجانبين الكردي والإيراني، وكان ردُّ قوات شرقي كردستان الجناح العسكري لحزب الحياة الحرة الكردستاني سريعاً بأن ثأر لرفاقه شيرين هولي, فرزاد كمانكر, فرهاد وكيلي و علي حيدريان بقتل خمسة عشر جندياً قتلوا خلال الهجمات التي شنتها القوات الكردية في منطقتي صوما و هورامان.
وفيما يخص الكرد، لن تكفي بيانات الإدانة والتنديد، بل آليات إضافية ينبغي القيام بها، وفضح النظام الإيراني عبر القيام بنشاطات أشد تأثيراً، وخاصة في أوروبا.