إلا أن المتتبعَ لهذه القضية التي باتت الشغلَ الشاغلَ للبعض الذي يعملُ ليل نهار على تضخيمها والتهويل لها، واتهام جهاتٍ بعينها دون أخرى بالتورط في اقتراف هذه الجريمة قبل ظهور نتائج التحقيق، وملء الشارع بالضجيج والقلق والتوتر والمشاحنات…، يُظهرُ أنّ هناك منْ وجدَ ضالّته لاستثمار هذه القضية الحساسة لإثارة القلاقل والفتنة في الإقليم بغية تصفية حسابات حزبوية صغيرة على حساب مصلحة الشعب الذي يكمن أولاً في الأمن والاستقرار وتوفير الخبز والحرية والكرامة للشعب.
إن أولئك الذين يمتطون موجة دم الشهيد الذي لا يُعرَفُ حتى اللحظة من هم الذين قتلوه، وما هي غايات ودوافع وأسباب اغتياله التي ربما تكون وراءها أيادٍ داخلية أو خارجية تبغي العبث بأمن واستقرار الإقليم وعودة أجواء المشاحنات والاحتراب الداخلي المشؤوم إلى ربوعه!!، أولئك، لا يبتغون من تحركاتهم ودموعهم وعويلهم معاقبةَ القتَلة الجناة، بقدر ما يريدونها ستاراً ومبرراً للعبث بأمن الإقليم من جهة، والنيلِ من وحدة موقف القوى والكتل السياسية الكردستانية في البرلمان العراقي من جهة أخرى، وهم بذلك، يقدمون خدمة مجانية لبعض القوى العراقية التي لا تريد الخير للكرد الذين ينعمون اليومَ بشيءٍ من الاستقرار وبعضٍ من الحقوق التي كانت محجوبة عنهم منذ عشرات السنين، وكذلك لبعض الدول الإقليمية التي ترى في استقرار العراق وتقدمهِ بصورة عامة، وكردستان العراق بصورة خاصة، تهديداً مباشراً لأمنها ومصالحها التي تقتضي -من وجهة نظرها- أن يظل الكرد أعداءً متحاربين ومنقسمين فيما بينهم إلى يوم الدين!!…
إن الوفاء لدمِ الشهيد سردشت عثمان يقتضي من المتباكين على حقوق الإنسان أن يفكروا قبل كل شيء بمصالح الشعب والوطن، والعمل على حماية الأمن والمكاسب الكردية التي تحمل في طياتها دماء وأرواح مئات آلاف الشهداء، وعدم تعريض الوطن الذي تتربص به الكثير من القوى الداخلية والخارجية إلى مخاطر كبرى، ومطالبة الجهات المعنية بإعلان نتائج التحقيق بشفافية على الملأ بعد الانتهاء منها.
من جانب آخر، تقع مسؤولية متابعة البحث والتحقيق المكثف في ملابسات هذه الجريمة النكراء والوصول إلى الجناة وإخراجهم من مخابئهم، وتقديمهم إلى العدالة على عاتق حكومة الإقليم، التي يجب عليها السهر على حماية أمن الوطن والمواطن، كما يجب عليها من جانب آخر مهمة العمل ليل نهار في خدمة المواطن وتأمين متطلبات عيشه وكرامته الحرة، فذلك، هو الردُّ الصحيح والمنطقي على كل المتربصين بأمن الإقليم واستقراره.
—————————