عمر كوجري
تكثر في هذه الآونة مقالات كتابنا عن الأحزاب الكردية في سورية وجدواها، وثمة اجتهادات كثيرة في هذا السياق، ويفترض من جميع المساهمين في هذا الموضوع الحيوي أن تكون نواياهم طيبة، باتجاه البحث عن بوصلة الأمان لواقع هذه الحركة التي ينوف تواجدها على ساحة كرد سورية أكثر من نصف قرن.
تكثر في هذه الآونة مقالات كتابنا عن الأحزاب الكردية في سورية وجدواها، وثمة اجتهادات كثيرة في هذا السياق، ويفترض من جميع المساهمين في هذا الموضوع الحيوي أن تكون نواياهم طيبة، باتجاه البحث عن بوصلة الأمان لواقع هذه الحركة التي ينوف تواجدها على ساحة كرد سورية أكثر من نصف قرن.
بيد أن هذه الاجتهادات تأخذ أحياناً طابعاً عنيفاً وتعنيفاً وتقزيماً في قراءتها للحركة، وتستعين بالبلاغة والنصوص المقدسة وحلف اليمين البائنة البينونة الكبرى بأن” المحازبين لا يرون أيّ بديل عن أحزابهم وكراسيهم وكراكيبهم وكراتينهم السياسيّة وليست هذه الأحزاب إلا خراباً سياسياً، وآفة ينبغي قطع شأفتها نهائياً !!
وهناك من يتطرف من جانبه أيضاً بأن لا يرى بديلاً عن الأحزاب الكردية الموجودة باعتبارها حاملة ” لواء النضال منذ ستينيات القرن الماضي وإلى اللحظة، وهؤلاء أيضاً لهم قناعاتهم، وبعضها يرى أن ثمة تقصيراً كبيراً حدث في عمل هذه الأحزاب من فترة تأسيسها وإلى الآن.
وهناك من يضع اللوم على الحالة القطيعية التي يعيشها الرفاق ضمن حزبهم، ويفتقدون لعنصر المبادرة والمثابرة، وهم مَنْ يُؤلِّهون زعاماتهم الحزبية، ويقدسونها، وهم من شكلوا الصَّنم بتمرهم وبأيديهم، ويتباهون بعبادته دون أن يفكروا بالتهامه حين “تزقزق عصافير بطونهم” ويسيرون خلف هذه الأصنام دون أن يعوا أنهم ذاهبون إلى هاوية سحيقة لا قرار لها، تستبد بهم جميعاً مركزية شديدة.
وثمَّة مَن يحلم بمدينة حزبية فاضلة، ويفكر بطوباوية نبيلة بحزب كردي، وجوده – واقعاً- أقرب للمحال منه للواقع، يبحث عن حزب عنده كل مفاتيح الحل والربط لكل مشاكل الكرد الراهنة وفي المستقبل أيضاً، ليس في هذه الساحة فحسب، بل في السُّوح الأُخَر، و”يجيب عن كل الأسئلة التي تتعلق بهذه القضية، ولا يترك المجال لأي تساؤل تجاه أية نقطة، ويدرك كيف يحقق أهدافه ومطالبه”
بطبيعة الحال، لستُ ممن يتوارون تحت ظلال نظرية المؤامرة، هذه النظرية التي تقفل الباب أمام أي تطلع نحو الأفضل.
ولا يحدوني شك في أن أحداً من هؤلاء الذين ساهموا، ويساهمون في ملف الأحزاب الكردية الذي قرأنا لهم مؤخراً مطعون بكرديته، أو يعمل مع الشيطان من أجل إطفاء كل الشموع التي أضيئت، وتضاء حول حاضر ومستقبل الحركة الوطنية الكردية في سوريا، ولا أظن أن أحداً من هؤلاء ينفذ أجندات الآخرين، ويحقق خطط و” شرور” الآخرين، ولا أشك بالمطلق بغيرية هؤلاء على شعبهم الكردي المقهور الذي تكويه ظروفه المادية والمعيشية إضافة إلى ظروف كونه كردياً كيَّاً مقيتاً.
على العكس، كلُّ هذا الحراك يفترض به أن يكون إيجابياً للخروج من العتمة التي وضعنا طاقاتنا المبيتة فيه دون أن نعرف طريق النجاة أين؟؟ هل هو في ترك الأحزاب الكردية لتتلاشى، وتتبخر ،ونبحث بالميكروسكوبات عن الرفاق دون أن نظفر بحزبي واحد ” يناضل ” من أجل حقوق شعبه على هذه الساحة النضالية التي يرى البعض أنها ما إن تتسع حتى تضيق بفعل ظروف وعوامل وضغوطات فوق طاقة وتحمل من “يناضل” عليها!!
وبهذا نريِّح رؤوس من يتقاتل، ويتبارى كل لحظة، ليزيل الكرد من رؤوسهم أي ذكر أو حلم بحزب، أو بسياسة، أو بمطالب حتى لو كانت ردم مطبات في زقاق منسي!!
وهل طريق النجاة هو الكفر برب الأحزاب والانضواء في معسكر المستقلين الذين يرون أن الحزبية والتَّحزُّب خراب للدورة الدموية الكردية، و ” رجْسٌ من عملِ الشيطان فاجتنبوه” ؟؟
أم هو في التَّحزُّب الأعمى، والدوران حول المحرق المركزي للدائرة نفسها دون ابتكار أي جديد، بل الخوف الشديد من النور لكثرة ما كانت العيون معصوبة؟؟
يقيناً، أن الموضوع شائك، لكن بالمختصر:
مطلوب من الأحزاب الكردية الكثير الكثير بمختلف مشاربها وتعداداتها وتفريخاتها” البغيضة” وهي اجتهدت، وجاهدت، وأخطأت، وقصَّرت، وفرخت شظايا كثيرة في وجوهنا، ولم تكن بمستوى المرحلة أو الراهن الذي عاشته، ولم تقرأ بعيون استراتيجية الأحداث الجسام التي مرَّ عليها شعبنا الكردي، ولم تجب على عديد الأسئلة النضالية، ولم تطور أدواتها، بل لم تحقق شيئاً “عليه القيمة ” لشعبها، لكن هي ليست مأجورة، ولا عميلة، ولا خائنة لشعبها، بل هي على علاتها مثار قلق ورعب الآخرين!!
ويمكننا أن نستعين بالإنشاء، وبضروب السجع والمقابلة والجناس، وباقي الزخارف اللفظية والمعنوية، ونكتب عن هذا الجانب ما طابت لنا الكتابة!!
ومطلوب من مثقفينا الذين يقفون على الضفة المقابلة لهذه الأحزاب، وينتقدونها آناء الليل وأطراف النهار، وهم محقون أن يقترحوا بديلاً واقعياً عن برامج الأحزاب ” الهشة” والتي أكل عليها الزمان، وأن تحرك عصاها السحرية لتأكل عصوات الآخرين غير السحرية والمريضة!!
مطلوبٌ من الأحزاب الكردية أن تعترف بأخطائها حتى تهتدي إلى خارطة طريق النضال الصحيح، وتنجو من متاهة الفرقة والتشيؤ والهلامية، وأن تفتح أبوابها وقلوبها للمثقفين الكرد، وتستوعب ” مشاغباتهم” المشروعة، ولا” تناضل” القيادات الأمية لقمع هؤلاء، وبالتالي تطفيشهم من ضمن صفوفها.
ومطلوب من المستقلين ممن يعدُّون ذواتهم مثقفين – العديد منهم يدَّعون الثقافة – أن يعترفوا بتقصيرهم تجاه شعبهم، وأن يشجعوا على التنظيم، والتغيير في الأحزاب بفعالية، والكثير منهم – لشديد الأسف – لم يفكر أن ينزل إلى شوارع مدن وقرى كرده ليرى البؤس والألم عينهما، وكلاهما كافيان بأن يمنحاه منسوباً أرقى، وأغزر للكتابة، وأبراجهم العاجية مازالت أبراجاً، بل صَيَّروها ناطحات سحاب!!
لكن!!؟؟
ما ليس مطلوباً منا أن نقتفي أثر علي بن الجهم الشاعر العباسي مع “متوكله” في قراع الخطوب كالتيوس حين كان في أقاصي الصحراء، وبعيون المها من حيث يدري، ولا يدري حين اصطاف في مرابع بغداد، على شاطئ دجلة الخير.
لنختلفْ، لكن بود، وعدم تجريح مشاعر، وتعريض كرامات المختلفين للسباب والهتك.
وهناك من يضع اللوم على الحالة القطيعية التي يعيشها الرفاق ضمن حزبهم، ويفتقدون لعنصر المبادرة والمثابرة، وهم مَنْ يُؤلِّهون زعاماتهم الحزبية، ويقدسونها، وهم من شكلوا الصَّنم بتمرهم وبأيديهم، ويتباهون بعبادته دون أن يفكروا بالتهامه حين “تزقزق عصافير بطونهم” ويسيرون خلف هذه الأصنام دون أن يعوا أنهم ذاهبون إلى هاوية سحيقة لا قرار لها، تستبد بهم جميعاً مركزية شديدة.
وثمَّة مَن يحلم بمدينة حزبية فاضلة، ويفكر بطوباوية نبيلة بحزب كردي، وجوده – واقعاً- أقرب للمحال منه للواقع، يبحث عن حزب عنده كل مفاتيح الحل والربط لكل مشاكل الكرد الراهنة وفي المستقبل أيضاً، ليس في هذه الساحة فحسب، بل في السُّوح الأُخَر، و”يجيب عن كل الأسئلة التي تتعلق بهذه القضية، ولا يترك المجال لأي تساؤل تجاه أية نقطة، ويدرك كيف يحقق أهدافه ومطالبه”
بطبيعة الحال، لستُ ممن يتوارون تحت ظلال نظرية المؤامرة، هذه النظرية التي تقفل الباب أمام أي تطلع نحو الأفضل.
ولا يحدوني شك في أن أحداً من هؤلاء الذين ساهموا، ويساهمون في ملف الأحزاب الكردية الذي قرأنا لهم مؤخراً مطعون بكرديته، أو يعمل مع الشيطان من أجل إطفاء كل الشموع التي أضيئت، وتضاء حول حاضر ومستقبل الحركة الوطنية الكردية في سوريا، ولا أظن أن أحداً من هؤلاء ينفذ أجندات الآخرين، ويحقق خطط و” شرور” الآخرين، ولا أشك بالمطلق بغيرية هؤلاء على شعبهم الكردي المقهور الذي تكويه ظروفه المادية والمعيشية إضافة إلى ظروف كونه كردياً كيَّاً مقيتاً.
على العكس، كلُّ هذا الحراك يفترض به أن يكون إيجابياً للخروج من العتمة التي وضعنا طاقاتنا المبيتة فيه دون أن نعرف طريق النجاة أين؟؟ هل هو في ترك الأحزاب الكردية لتتلاشى، وتتبخر ،ونبحث بالميكروسكوبات عن الرفاق دون أن نظفر بحزبي واحد ” يناضل ” من أجل حقوق شعبه على هذه الساحة النضالية التي يرى البعض أنها ما إن تتسع حتى تضيق بفعل ظروف وعوامل وضغوطات فوق طاقة وتحمل من “يناضل” عليها!!
وبهذا نريِّح رؤوس من يتقاتل، ويتبارى كل لحظة، ليزيل الكرد من رؤوسهم أي ذكر أو حلم بحزب، أو بسياسة، أو بمطالب حتى لو كانت ردم مطبات في زقاق منسي!!
وهل طريق النجاة هو الكفر برب الأحزاب والانضواء في معسكر المستقلين الذين يرون أن الحزبية والتَّحزُّب خراب للدورة الدموية الكردية، و ” رجْسٌ من عملِ الشيطان فاجتنبوه” ؟؟
أم هو في التَّحزُّب الأعمى، والدوران حول المحرق المركزي للدائرة نفسها دون ابتكار أي جديد، بل الخوف الشديد من النور لكثرة ما كانت العيون معصوبة؟؟
يقيناً، أن الموضوع شائك، لكن بالمختصر:
مطلوب من الأحزاب الكردية الكثير الكثير بمختلف مشاربها وتعداداتها وتفريخاتها” البغيضة” وهي اجتهدت، وجاهدت، وأخطأت، وقصَّرت، وفرخت شظايا كثيرة في وجوهنا، ولم تكن بمستوى المرحلة أو الراهن الذي عاشته، ولم تقرأ بعيون استراتيجية الأحداث الجسام التي مرَّ عليها شعبنا الكردي، ولم تجب على عديد الأسئلة النضالية، ولم تطور أدواتها، بل لم تحقق شيئاً “عليه القيمة ” لشعبها، لكن هي ليست مأجورة، ولا عميلة، ولا خائنة لشعبها، بل هي على علاتها مثار قلق ورعب الآخرين!!
ويمكننا أن نستعين بالإنشاء، وبضروب السجع والمقابلة والجناس، وباقي الزخارف اللفظية والمعنوية، ونكتب عن هذا الجانب ما طابت لنا الكتابة!!
ومطلوب من مثقفينا الذين يقفون على الضفة المقابلة لهذه الأحزاب، وينتقدونها آناء الليل وأطراف النهار، وهم محقون أن يقترحوا بديلاً واقعياً عن برامج الأحزاب ” الهشة” والتي أكل عليها الزمان، وأن تحرك عصاها السحرية لتأكل عصوات الآخرين غير السحرية والمريضة!!
مطلوبٌ من الأحزاب الكردية أن تعترف بأخطائها حتى تهتدي إلى خارطة طريق النضال الصحيح، وتنجو من متاهة الفرقة والتشيؤ والهلامية، وأن تفتح أبوابها وقلوبها للمثقفين الكرد، وتستوعب ” مشاغباتهم” المشروعة، ولا” تناضل” القيادات الأمية لقمع هؤلاء، وبالتالي تطفيشهم من ضمن صفوفها.
ومطلوب من المستقلين ممن يعدُّون ذواتهم مثقفين – العديد منهم يدَّعون الثقافة – أن يعترفوا بتقصيرهم تجاه شعبهم، وأن يشجعوا على التنظيم، والتغيير في الأحزاب بفعالية، والكثير منهم – لشديد الأسف – لم يفكر أن ينزل إلى شوارع مدن وقرى كرده ليرى البؤس والألم عينهما، وكلاهما كافيان بأن يمنحاه منسوباً أرقى، وأغزر للكتابة، وأبراجهم العاجية مازالت أبراجاً، بل صَيَّروها ناطحات سحاب!!
لكن!!؟؟
ما ليس مطلوباً منا أن نقتفي أثر علي بن الجهم الشاعر العباسي مع “متوكله” في قراع الخطوب كالتيوس حين كان في أقاصي الصحراء، وبعيون المها من حيث يدري، ولا يدري حين اصطاف في مرابع بغداد، على شاطئ دجلة الخير.
لنختلفْ، لكن بود، وعدم تجريح مشاعر، وتعريض كرامات المختلفين للسباب والهتك.