حزب البعث هو الانفصالي وليس الكرد!

  سيروان حجي بركو- برلين

بتهمة محاولة “اقتطاع جزءاً من الأرض السورية لضمه إلى دولة أجنبية” حكمت محكمة أمن الدولة العليا بدمشق في 18 نيسان 2010 بالسجن خمس سنوات على أربعة مواطنين أكراد وفق المادة 267 من قانون العقوبات.

هذه الأحكام ليست للمرة الأولى التي تصدر عن هذه المحكمة على مواطنين أكراد، ففي سوريا من يعلن أنه كردي أو من يقرأ أو يكتب باللغة الكردية، أو يطالب بحقوقه الطبيعية كمواطن سوري كردي، يعرّض نفسه لخطر أحكام المادة 267 من قانون العقوبات التي تحكم عليه كشخص “انفصالي”.
فمنذ مجيء حزب البعث إلى سدة الحكم، عمل النظام على إفهام المواطنين أن الشعب في سوريا هو عربي فقط.

فاسم الدولة هو “الجمهورية العربية السورية”، أما في البطاقة الشخصية للمواطن السوري فقد دُوِن فيها “مواطن عربي سوري”.

و اسم الحزب الحاكم هو “حزب البعث العربي الاشتراكي” وشعاره “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.

فحسب دستورهذا الحزب وفي المبدأ الأول من المبادئ الأساسية فإن “العرب أمة واحدة لها حقها الطبيعي في أن تحيا في دولة واحدة…”، ومذكور فيه أيضاً أن “الوطن العربي وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأي قطر من الأقطار العربية أن يستكمل شروط حياته منعزلاً عن الآخر”، تليها فقرة أخرى تقول: “الأمة العربية وحدة ثقافية…” و في نهاية هذا المبدأ يقول الدستور:” الوطن العربي للعرب ، ولهم وحدهم حق التصرف بشؤونه وثرواته وتوجيه مقدراته.”
حسب دستور حزب البعث فإن على محكمة أمن الدولة العليا بدمشق أن تحكم على جميع قياديي وأعضاء حزب البعث وفق المادة 267 من قانون العقوبات وتزجهم في سجونها العديدة لمدة خمس سنوات، لأن هذا الحزب يدعو صراحة ويطالب بإلحاق سوريا بدولة أجنبية!
إن سياسة نظام البعث جعلت السواد الأعظم من المواطنين السوريين أن يجهلوا حقيقة من هو الشعب الكردي .أما الأشخاص الذين يعرفون القليل عن الكرد فإنهم يندهشون حينما يسمعون أو يرون مواطنأ كرديا يطالب بحقوقه و كأنه كائن قادم من كوكب آخر ويطالب بحقوق بعيدة عن الواقع.

هناك حقيقة صرفة أنه مثلما العربية هي لغة العربي فإن الكردية هي لغة الكردي، ومثلما هناك الوطن العربي والذي هو حلم يراود كل عربي ويود أن يجتمع العرب جميعا تحت اسمه؛  فإن هناك وطن للكرد وهو كردستان.

باختصار فإن الكورد ليسوا عرباً، وللمواطنين الكرد مثلما للعرب حق التعلم بلغتهم وإحياء ثقافتهم و حق تمثليهم في هيئات الدولة.

وهنالك نقطة رئيسة وهي أن الكرد والكثير من العرب وغيرهم من القوميات والفئات الأخرى في سوريا محرومون من  انتخابات حرة وديمقراطية تعطيهم فرصة اتخاذ قرار حياتهم اليومية.
الكرد لا يرغبون في الانفصال عن سوريا، بل يريدون أن يُعترف بهم كأكراد وألا يُطهضدوا وألا يُسجنوا وألا يُقتلوا بسبب هويتهم القومية، ويطالبون بالعيش في دولة سورية حرة وديمقراطية لا تفرق بين موطنيها و لا تسحق حقوق أحد منهم ليقرروا مصيرهم بنفسهم.

 
sirwan@amude.com
*المقال مترجم من اللغة الكردية.
————

سيروان حجي بركو صحفي كردي يكتب للاعلام الألماني و الكردي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…