في السابع عشر من نيسان من كل عام ، يستعيد الشعب السوري بكل فخر واعتزاز ذكرى يوم الجلاء ، جلاء المحتل الفرنسي عن أرض الوطن ، بعد كفاح مرير دام ربع قرن من الزمن ، خاضه الشعب السوري بكل أطيافه الدينية والمذهبية وكافة شرائحه المختلفة ، وقد تجلى ذلك بأنصع صورة في الثورات والانتفاضات التي عمت سائر ربوع الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه في جبل الدروز والغوطة وجبال العلويين وجبال الأكراد وجبل الزاوية والجزيرة
وكان لشعبنا الكردي شرف المساهمة فيها دون تقصير إذ يكفيه فخراً أن أول رصاصة أطلقت في وجه المحتل كانت من بندقية ثائر كردي وقاد أهم ثورة في الشمال في جبل الزاوية إبراهيم هنانو وإلى شمالها كانت ثورة جبل الأكراد عام 1938 ، وفي الجزيرة خاض أبناؤها معركة بياندور عام 1925 والتي أزاحت سيطرة قوات الاحتلال من المنطقة أكثر من عامين بعد مقتل الضابط الفرنسي روغان ، وتعرضت بلدة عامودا الصغيرة للقصف الجوي من قبل طيران المحتل ، واستمرت مقاومة الشعب السوري على اختلاف انتماءاته بالمزيد من التصميم على دحر الاحتلال وانتزاع حريته وتحقيق أمانيه في الاستقلال الناجز إلى أن تحقق ذلك في يوم الجلاء السابع عشر من نيسان عام 1946 .
ولكن مما يحز في النفس ألماً وبالرغم من كل تلك المواقف الوطنية لأبناء شعبنا الكردي في سوريا فإنهم لم ينصفوا وسرعان ما قلب لهم ظهر المجن على مدى العهود والحكومات المتعاقبة منذ باكورة سني الاستقلال ، فبدلاً من الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا كأحد المكونات الرئيسية فيها وثاني قومية في البلاد ، وتأمين كافة حقوقهم القومية المشروعة ، فقد اعتبروا مواطنين من الدرجة الثانية ومورست بحقهم سياسة القهر والاضطهاد القومي ، وتعالت الأصوات من الأوساط الشوفينية مطالبة بتجويعهم وتجهيلهم وتشريدهم ، ثم تصاعدت وتيرة الاضطهاد والتفرقة والسياسات التمييزية منذ بداية الستينات من القرن المنصرم ، حيث طبقت بحقهم المشاريع العنصرية وكان من أخطرها وأكثرها وطأة مشروع الإحصاء الاستثنائي الجائر 1962 الذي بلغ عدد ضحاياه اليوم أكثر من ثلاثمائة ألف كردي مجرد من الجنسية السورية ، ثم المشروع الذي لا يقل عنه إيلاماً الحزام العربي الذي حرم الآلاف من العائلات الفلاحية الكردية من الانتفاع بأرض الآباء والأجداد ، وتتالت الإجراءات والتدابير الاستثنائية الجائرة بحق الكرد كتعريب أسماء القرى الكردية وعدم توظيفهم واستخدامهم لدى دوائر الدولة ومؤسساتها وسائر شركات ومؤسسات القطاع العام ، وعدم قبول أو فصل طلبتهم من المعاهد الدراسية ، وترك المناطق الكردية عرضة للتسيب والإهمال وشحة الخدمات العامة ، ثم توجت تلك الإجراءات والتدابير التعسفية أخراً وليس آخراً بالمرسوم /49/ تاريخ 1/9/2008 الذي حرم بموجبه المواطن الكردي وسائر مناطقه من التصرف بعقاراته بيعاً وشراء وإيجاراً واستثماراً … إلخ دون رخصة تحتاج إلى موافقات أمنية من شبه المستحيل على المواطن الكردي الحصول عليها وهذا ما أدى إلى إصابة الحياة الاقتصادية بالشلل شبه التام في المناطق الكردية ، وكذلك القرار الصادر عن مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بالحسكة مؤخراً القاضي بشطب أسماء الفلاحين الكرد من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار وقد شمل هذا التدبير التعسفي /78/ قرية في منطقة ديريك ناهيك عن اتساع دائرة حملات الاعتقال الكيفي والتعسفي في تلك المناطق في الآونة الأخيرة والتضييق على أي حراك أو نشاط جماهيري فيها من خلال منع المواطنين الكرد من الاحتفال بحرية في مناسباتهم القومية أو التجمهر للمطالبة برفع الغبن والاضطهاد عنهم بقساوة وصلت أحياناً إلى حد القتل كما هو الحال في نوروز 2008 في القامشلي ونوروز الرقة هذا العام ، وغني عن الذكر ضحايا مجزرة آذار 2004 في القامشلي وتداعياتها .
يا أبناء شعبنا السوري الأبي :
تمر ذكرى الجلاء هذا العام ونضال شعبنا السوري يمر بأدق المراحل وأكثرها حساسية على مختلف الصعد الدولية والإقليمية والداخلية ، فعلى عاتقه تقع مهمة صيانة الاستقلال الوطني واستعادة ما أحتل من أرضه منذ عقود ، وتقدم البلد وازدهاره وتأمين العيش الكريم والحياة الحرة لأبنائه ، في ظل تشابك المصالح الدولية وتعقيداتها في المنطقة ، وحيث تتسارع الأحداث والتطورات الإقليمية فيها في أجواء نظام عالمي غير مستقر ، على أطراف الوطن وبالقرب منه ، فالقضايا الأساسية التي يتوقف عليها إلى حد بعيد أمن واستقرار شعوب المنطقة مازالت دون حلول أو تسويات سلمية منصفة مثل قضية النزاع العربي الإسرائيلي والقضية الكردية وقضايا أخرى برزت على الساحة في الأعوام الأخيرة كانت في معظمها ناجمة عن استفحال القضايا الأساسية والمزمنة ، كقضية تعثر العملية السلمية في العراق وتقدمها ببطء شديد ، وقضية تحريك العملية السلمية على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي في إطار رغبة الإدارة الأمريكية بزعامة أوباما البحث عن الحلول والتسويات السلمية في منطقتنا بغض النظر عن الدوافع الكامنة وراء هذه الرغبة كما هو الحال في قضية البرنامج النووي الإيراني ومحاولات غول وأردوغان المرتبكة لإيجاد حل سلمي للقضية الكردية في كردستان تركيا واصطدامها بمعارضة الأوساط الشوفينية والعسكرتارية التركية بزعامة جنرالاتها .
أما على الساحة الداخلية فهي تعاني من تردي الأوضاع المعيشية للسواد الأعظم من أبناء شعبنا السوري بسبب تفشي البطالة والخلل المستمر في التوازن بين ارتفاع الأسعار وتدني الأجور والرواتب والأسعار غير المجزية للإنتاج الزراعي نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية بدورها وبشكل خاص القطاع العام منه ، حيث الفساد والتسيب والإهمال إلى جانب تردي الأوضاع في مجال الحريات العامة في ظل حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية منذ عقود من الزمن التي لا تتردد في إصدار الأحكام التعسفية القاسية بحق نشطاء القوى الوطنية والديمقراطية السياسية والمجتمعية والحقوقية في البلاد للحيلولة دون أي نشاط أو حراك نضالي من جانبهم .
نتيجة لما تقدم وانسجاماً مع روح الجلاء ومعانيه السامية فإن القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد على اختلاف انتماءاتها السياسية ومشاربها الفكرية ومجالات عملها المجتمعية والحقوقية تقف أمام استحقاقات ومهام نضالية لعل من أبرزها :
– العمل من أجل التعامل مع الأحداث والتطورات الجارية في المنطقة بما ينسجم مع مفاهيم العصر ومعادلاته على أرض الواقع ويضمن المصالح الوطنية العليا في البلاد .
– العمل الجاد من أجل تحقيق الانفتاح السياسي في الوضع الداخلي من خلال ( إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسائر معتقلي الرأي والضمير، وإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية في البلاد ، وإصدار قانون عصري للأحزاب والجمعيات يمهد لتعددية سياسية حقيقية ، وقانون يضمن حرية الصحافة والإعلام والمطبوعات ، وإصلاح القضاء وسيادة القانون) وكذلك إلغاء كافة المشاريع والتدابير والإجراءات الشوقينية والتمييزية المطبقة والمتبعة حيال الشعب الكردي في سوريا وفي مقدمتها (الإحصاء الاستثنائي الجائر عام 1962 ، ومشروع الحزام العربي والمرسوم /49/ لعام 2008 ، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا والتي هي قضية وطنية قبل أي اعتبار آخر .
وبقدر تحقيق ما تقدم يكون التمهيد للتغيير الوطني الديمقراطي السلمي المتدرج والاقتراب من مجتمع العدل والمساواة الذي تنتفي في ظله كل أشكال القهر والغبن القومي والاجتماعي ، المجتمع القادر على مواجهة كل التحديات في الداخل والخارج ، وتأمين الحياة الحرة والعيش الكريم لكل أطيافه دون تمييز ، وبذلك تتحقق للجلاء معانيه الوطنية والسامية والوفاء لأرواح شهداء الاستقلال .
– تحية للجلاء المجيد في يوم ذكراه
– الحياة الحرة الكريمة لشعبنا السوري المقدام
14 نيسان 2010
المجلس السياسي الكردي في سوريا
ولكن مما يحز في النفس ألماً وبالرغم من كل تلك المواقف الوطنية لأبناء شعبنا الكردي في سوريا فإنهم لم ينصفوا وسرعان ما قلب لهم ظهر المجن على مدى العهود والحكومات المتعاقبة منذ باكورة سني الاستقلال ، فبدلاً من الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا كأحد المكونات الرئيسية فيها وثاني قومية في البلاد ، وتأمين كافة حقوقهم القومية المشروعة ، فقد اعتبروا مواطنين من الدرجة الثانية ومورست بحقهم سياسة القهر والاضطهاد القومي ، وتعالت الأصوات من الأوساط الشوفينية مطالبة بتجويعهم وتجهيلهم وتشريدهم ، ثم تصاعدت وتيرة الاضطهاد والتفرقة والسياسات التمييزية منذ بداية الستينات من القرن المنصرم ، حيث طبقت بحقهم المشاريع العنصرية وكان من أخطرها وأكثرها وطأة مشروع الإحصاء الاستثنائي الجائر 1962 الذي بلغ عدد ضحاياه اليوم أكثر من ثلاثمائة ألف كردي مجرد من الجنسية السورية ، ثم المشروع الذي لا يقل عنه إيلاماً الحزام العربي الذي حرم الآلاف من العائلات الفلاحية الكردية من الانتفاع بأرض الآباء والأجداد ، وتتالت الإجراءات والتدابير الاستثنائية الجائرة بحق الكرد كتعريب أسماء القرى الكردية وعدم توظيفهم واستخدامهم لدى دوائر الدولة ومؤسساتها وسائر شركات ومؤسسات القطاع العام ، وعدم قبول أو فصل طلبتهم من المعاهد الدراسية ، وترك المناطق الكردية عرضة للتسيب والإهمال وشحة الخدمات العامة ، ثم توجت تلك الإجراءات والتدابير التعسفية أخراً وليس آخراً بالمرسوم /49/ تاريخ 1/9/2008 الذي حرم بموجبه المواطن الكردي وسائر مناطقه من التصرف بعقاراته بيعاً وشراء وإيجاراً واستثماراً … إلخ دون رخصة تحتاج إلى موافقات أمنية من شبه المستحيل على المواطن الكردي الحصول عليها وهذا ما أدى إلى إصابة الحياة الاقتصادية بالشلل شبه التام في المناطق الكردية ، وكذلك القرار الصادر عن مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بالحسكة مؤخراً القاضي بشطب أسماء الفلاحين الكرد من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار وقد شمل هذا التدبير التعسفي /78/ قرية في منطقة ديريك ناهيك عن اتساع دائرة حملات الاعتقال الكيفي والتعسفي في تلك المناطق في الآونة الأخيرة والتضييق على أي حراك أو نشاط جماهيري فيها من خلال منع المواطنين الكرد من الاحتفال بحرية في مناسباتهم القومية أو التجمهر للمطالبة برفع الغبن والاضطهاد عنهم بقساوة وصلت أحياناً إلى حد القتل كما هو الحال في نوروز 2008 في القامشلي ونوروز الرقة هذا العام ، وغني عن الذكر ضحايا مجزرة آذار 2004 في القامشلي وتداعياتها .
يا أبناء شعبنا السوري الأبي :
تمر ذكرى الجلاء هذا العام ونضال شعبنا السوري يمر بأدق المراحل وأكثرها حساسية على مختلف الصعد الدولية والإقليمية والداخلية ، فعلى عاتقه تقع مهمة صيانة الاستقلال الوطني واستعادة ما أحتل من أرضه منذ عقود ، وتقدم البلد وازدهاره وتأمين العيش الكريم والحياة الحرة لأبنائه ، في ظل تشابك المصالح الدولية وتعقيداتها في المنطقة ، وحيث تتسارع الأحداث والتطورات الإقليمية فيها في أجواء نظام عالمي غير مستقر ، على أطراف الوطن وبالقرب منه ، فالقضايا الأساسية التي يتوقف عليها إلى حد بعيد أمن واستقرار شعوب المنطقة مازالت دون حلول أو تسويات سلمية منصفة مثل قضية النزاع العربي الإسرائيلي والقضية الكردية وقضايا أخرى برزت على الساحة في الأعوام الأخيرة كانت في معظمها ناجمة عن استفحال القضايا الأساسية والمزمنة ، كقضية تعثر العملية السلمية في العراق وتقدمها ببطء شديد ، وقضية تحريك العملية السلمية على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي في إطار رغبة الإدارة الأمريكية بزعامة أوباما البحث عن الحلول والتسويات السلمية في منطقتنا بغض النظر عن الدوافع الكامنة وراء هذه الرغبة كما هو الحال في قضية البرنامج النووي الإيراني ومحاولات غول وأردوغان المرتبكة لإيجاد حل سلمي للقضية الكردية في كردستان تركيا واصطدامها بمعارضة الأوساط الشوفينية والعسكرتارية التركية بزعامة جنرالاتها .
أما على الساحة الداخلية فهي تعاني من تردي الأوضاع المعيشية للسواد الأعظم من أبناء شعبنا السوري بسبب تفشي البطالة والخلل المستمر في التوازن بين ارتفاع الأسعار وتدني الأجور والرواتب والأسعار غير المجزية للإنتاج الزراعي نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية بدورها وبشكل خاص القطاع العام منه ، حيث الفساد والتسيب والإهمال إلى جانب تردي الأوضاع في مجال الحريات العامة في ظل حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية منذ عقود من الزمن التي لا تتردد في إصدار الأحكام التعسفية القاسية بحق نشطاء القوى الوطنية والديمقراطية السياسية والمجتمعية والحقوقية في البلاد للحيلولة دون أي نشاط أو حراك نضالي من جانبهم .
نتيجة لما تقدم وانسجاماً مع روح الجلاء ومعانيه السامية فإن القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد على اختلاف انتماءاتها السياسية ومشاربها الفكرية ومجالات عملها المجتمعية والحقوقية تقف أمام استحقاقات ومهام نضالية لعل من أبرزها :
– العمل من أجل التعامل مع الأحداث والتطورات الجارية في المنطقة بما ينسجم مع مفاهيم العصر ومعادلاته على أرض الواقع ويضمن المصالح الوطنية العليا في البلاد .
– العمل الجاد من أجل تحقيق الانفتاح السياسي في الوضع الداخلي من خلال ( إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسائر معتقلي الرأي والضمير، وإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية في البلاد ، وإصدار قانون عصري للأحزاب والجمعيات يمهد لتعددية سياسية حقيقية ، وقانون يضمن حرية الصحافة والإعلام والمطبوعات ، وإصلاح القضاء وسيادة القانون) وكذلك إلغاء كافة المشاريع والتدابير والإجراءات الشوقينية والتمييزية المطبقة والمتبعة حيال الشعب الكردي في سوريا وفي مقدمتها (الإحصاء الاستثنائي الجائر عام 1962 ، ومشروع الحزام العربي والمرسوم /49/ لعام 2008 ، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا والتي هي قضية وطنية قبل أي اعتبار آخر .
وبقدر تحقيق ما تقدم يكون التمهيد للتغيير الوطني الديمقراطي السلمي المتدرج والاقتراب من مجتمع العدل والمساواة الذي تنتفي في ظله كل أشكال القهر والغبن القومي والاجتماعي ، المجتمع القادر على مواجهة كل التحديات في الداخل والخارج ، وتأمين الحياة الحرة والعيش الكريم لكل أطيافه دون تمييز ، وبذلك تتحقق للجلاء معانيه الوطنية والسامية والوفاء لأرواح شهداء الاستقلال .
– تحية للجلاء المجيد في يوم ذكراه
– الحياة الحرة الكريمة لشعبنا السوري المقدام
14 نيسان 2010
المجلس السياسي الكردي في سوريا